Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطفال تونس في مرمى الانتحار والأسباب متعددة

يلجأون إلى الأدوية وقطع الشرايين والحرق والشنق وبعض الألعاب الإلكترونية تستدرجهم

إقدام الأطفال على إنهاء حياتهم يثير فزع وحيرة المجتمع التونسي (أ ف ب)

تزايدت حالات الانتحار بشكل لافت بين صفوف الأطفال والمراهقين في المنطقة العربية خلال الأعوام الأخيرة، وتونس ليست بمعزل عما يصيب العالم من تحولات اقتصادية واجتماعية أسهمت في بروز ظواهر ربما تهدد سلامة المجتمع.

وبحسب تقرير إحصائي خاص بالإشعارات حول وضعيات الطفولة المهددة والطفولة في خلاف مع القانون لعامي 2020 و2021، تلقت مصالح وزارة المرأة والطفولة وكبار السن في تونس، 194 إشعاراً بمحاولة انتحار عام 2021 و269 إشعاراً حتى بداية نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، كما سجل التقرير نفسه 21 إشعاراً بحالات انتحار لأطفال.

مؤشر سلبي

واعتبر مهتمون بالشأن العام أن هذه الأرقام "مفزعة"، وتدل على أن تأزم الوضعين الاجتماعي والنفسي للتونسيين عموماً والأطفال خصوصاً خلال العقد الأخير من الزمن، أسهم في بروز هذه الظاهرة التي تشمل كل فئات المجتمع.

ووفق تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، شهدت نسب الانتحار المسجلة خلال عام 2021 والمتعلقة بالفئة العمرية الأقل من 15 سنة تراجعاً مقارنة بعام 2020، إذ انخفضت من 26 إلى 12 حالة مقسمة بالتساوي بين الجنسين.

غير أن ذلك يبقى بحسب الباحثة في علم الاجتماع لمياء هريشي، "مؤشراً سلبياً في مجتمع من الضروري أن يعول على رأسماله البشري".

وأضافت في تصريح خاص أن "إقدام هذا العدد من الأطفال على إنهاء حياتهم يثير الفزع والحيرة والريبة ومؤشر إلى وجود خلل بنيوي، لا سيما أنه لا يعكس العدد الفعلي لحالات أو محاولات الانتحار في ظل تعمد عائلات كثيرة التكتم عن مثل هذا الفعل".

وترى هريشي أن الأسرة اليوم لم تعد تلك التقليدية المترابطة، وقالت "أصبح بعض الأطفال يشعرون بالانزواء، خصوصاً مع انتشار الشاشات الإلكترونية التي فاقمت من تعزيز عزلتهم مع تقلص طرق التواصل المباشر، لا سيما أن الأم ومع صعوبة الوضع المادي، خرجت إلى العمل وأصبحت تقضي معظم وقتها خارج المنزل".

كما أكدت هريشي أنه "من خلال فعل الانتحار، صار الجسد أداة تعبيرية عن الواقع المأزوم وحال القهر والضيم اللتين تعانيهما شرائح مختلفة من المجتمع التونسي"، مشددة على أن انتحار الأطفال في البلاد لم يعد يقتصر فقط على فئات اجتماعية معينة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت "خلال الأعوام السابقة، كانت حالات الانتحار موجودة أكثر في المناطق الريفية المهمشة، اليوم اتسع انتشارها إلى المدن الكبرى ووسط كل الطبقات الاجتماعية".

وحول ظاهرة الانتحار عموماً في تونس، تقول لمياء هريشي "هذه النسب تجعلنا نتراجع قليلاً في تأكيدنا على ارتباط فعل الانتحار بجغرافية التهميش وخريطة المناطق الداخلية"، وواصلت "ننطلق من فكرة أنه لا يمكننا فصل مشكلات الفرد عن التحولات الاجتماعية التي تمر بها كل المجتمعات. فما فرضته التحولات العالمية على الأفراد وما شهدته المجتمعات من تغيرات عميقة كالثورة التكنولوجية والعولمة، والمجتمع التونسي هنا، ليس استثناء"،

وترى هريشي أن "الدولة لم تفلح في التصدي إلى تزايد حالات الانتحار"، داعية إلى "ضرورة الاعتناء بالحالتين الاجتماعية والنفسية للأطفال في المدارس من خلال توفير متخصصين".

استدراج الأطفال

وتفيد هريشي بأن وسائل الانتحار تنوعت في صفوف الأطفال منها شرب الدواء وقطع الشرايين والحرق والشنق، وأيضاً بعض الألعاب الإلكترونية التي تستدرج الأطفال وتغرر بهم، بحيث تبدو ظاهرياً بسيطة إلا أنها في الواقع تعتمد أسلوب التحديات لإنجاز مهمات معينة، وذلك تحت التهديد والإكراه في حال رفض مواصلة التحدي، وتسببت هذه الألعاب في وفاة مئات الأطفال في العالم خلال الأعوام الأخيرة.

وعلى إثر تكرار وقوع أطفال ضحايا لاستخدام الألعاب الإلكترونية الخطرة على شبكة الإنترنت، يهم وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن في بلاغ لها، تأكيد ما تمثله هذه الألعاب من تهديد لمصلحة الطفل، وما لها من تداعيات سلبية على نفسية الطفل وسلوكه وسلامته الجسدية، ودفعه نحو سلوكات محفوفة بالأخطار وتؤدي أحياناً إلى الانتحار.

وخلال الأيام الأخيرة، أقدمت طفلة قاصرة على تعنيف نفسها حتى يتسنى لها العبور إلى المستوى التالي من إحدى الألعاب الإلكترونية.

ولمجابهة هذه الظاهرة، أفادت الوزارة في البلاغ نفسه الذي صدر قبل أيام، بأن المركز الوطني للإعلامية الموجهة للطفل، يستعد لنشر كراس الأمن السيبراني الذي تولى إعداده ويتضمن جملة من النصائح والتوجيهات الإرشادية الموجهة للأطفال والأولياء في مجال الاستخدام الآمن للفضاء السيبراني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير