Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهجرة ملاذ التونسيين في وجه الأزمات

لم تسلم معظم الطبقات الاجتماعية من "هوس" مغادرة البلاد سواء بطريقة نظامية أو غير نظامية

سجلت تونس في الأشهر الثمانية الأولى من العام ارتفاعاً بنسبة تفوق الـ70 في المئة في عدد الكوادر المنتدبة للعمل في الخارج (أ ف ب)

سجلت تونس أرقاماً قياسية من المواطنين الذين اختاروا مغادرة البلاد بعد عقد من الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مما بدد الأمل في أن يتمكن شباب اليوم من بناء مستقبل أفضل من سلفه.

ولم تسلم معظم الطبقات الاجتماعية في تونس من هوس الهجرة، سواء كانت نظامية أو غير نظامية عن طريق "قوارب الموت" أو طرق أخرى محفوفة بالأخطار.

وشملت الهجرة أيضاً كل فئات المجتمع شباباً وشيباً وقاصرين وعائلات بأكملها تركت بلدها الأم خلفها للبحث عن حياة أفضل.

حالة احتقان

وأدت الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مزيد من تأزم الوضع في تونس فارتفعت أسعار المواد الغذائية والغاز، وتراجعت الحكومة عن دعم المواد الأساسية، ووصل معدل التضخم إلى ما يقرب من 10 في المئة هذا العام.

وأكد الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر في تصريح خاص أن "نحو 35 ألف تونسي هاجروا إلى أوروبا خلال هذه السنة عبر طرق غير نظامية، فيما نجحت السلطات في منع 35 ألفاً آخرين من الهجرة".

واعتبر بن عمر أن "الأرقام المسجلة هذه السنة هي الأكبر أيضاً، وهذه السنة هي الأكثر مأسوية، نظراً إلى تسجيل أكثر من 575 ضحية لقوارب الموت المتجهة نحو السواحل الإيطالية".

وقدر بن عمر أن "تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانسداد الأفق وضعف الأمل في مستقبل أفضل هي من العوامل التي أسهمت في تواصل حالة الاحتقان وعدم الرضاء واللجوء إلى الهجرة على رغم أخطارها، وهي العوامل ذاتها التي ستسهم في تصاعد وتيرة الاحتجاج والعنف خلال الأشهر المقبلة في حال لم تعرف الفترة المقبلة أي تغيير وبقيت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على حالها أو زادت تأزماً".

كما رأى بن عمر أنه "أمام تواصل غموض الخطاب السياسي الرسمي وتوجه جزء مهم من الحراك الاجتماعي إلى عدم التنظيم، أصبح من الصعب تقديم قراءة في المشهد الاجتماعي أو توقعات لشكل التطورات التي ستشهدها الأشهر المقبلة".

موجات متتالية

وعبر الناطق الرسمي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن اعتقاده أنه "بتواصل حالة عدم الاستقرار والضبابية وعدم وضوح مواعيد نهاية المرحلة الاستثنائية المرتبطة بموعد انتخابات 17 ديسمبر 2022، فإن الوضع سيتأزم أكثر وستعرف تونس موجات هجرة متتالية".

وبحسب آخر الإحصاءات التي سجلها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فإن السلطات التونسية نجحت في منع 5584 مهاجراً من الوصول إلى السواحل الإيطالية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم تقتصر الهجرة في تونس على الهجرة غير النظامية التي يلجأ إليها من تغلق أمامه كل أبواب الحصول على تأشيرات السفر، وتوسعت إلى زيادة الهجرة النظامية وبخاصة هجرة الكفاءات من الشباب الذي يطمح إلى حياة مهنية وشخصية أفضل، في ظل تفاقم ظاهرة البطالة وضعف الرواتب وارتفاع الأسعار.

وسجلت تونس في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة تفوق الـ70 في المئة في عدد الكوادر المنتدبة للعمل خارج البلاد، ضمن اتفاقيات التعاون الفني مع دول عربية وأوروبية وأفريقية، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وفق بيانات نشرتها الوكالة التونسية للتعاون الفني.

ضعف فرص العمل

تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 26 ألف شخص سجلوا لدى وكالة التعاون الفني خلال السنة الحالية، آملين بالحصول على عقود عمل ترحل بهم بعيداً من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالبلاد.

ويعتبر الأطباء والمهندسون بمختلف اختصاصاتهم من التونسيين الذين يتمتعون بقبول لدى الدول الأوروبية وبعض الدول العربية، مما جعل أغلبيتهم تفكر في تقديم ملف هجرة مباشرة بعد إنهاء الدراسة الجامعية، إما لمواصلة الدراسة وإما للعمل.

أميمة مناعي مهندسة تونسية شابة تعيش في إحدى المدن الألمانية أنهت دراستها الجامعية في تونس، واختارت فوراً الهجرة إلى ألمانيا لإتمام مرحلة الماجستير والدكتوراه، ومنها مباشرة إلى العمل في إحدى الشركات الألمانية. وتقول أميمة "للأسف لو بقيت في تونس لكنت الآن عاطلة عن العمل".

الأمر سيان بالنسبة إلى عمر توجاني، وهو طبيب تونسي شاب يعيش في العاصمة الفرنسية باريس، إذ يقول إن "ظروف العمل في فرنسا على رغم ضعف الأجور مقابل بلدان أخرى تبقى أفضل بكثير من تونس"، مضيفاً أن "الآفاق المهنية هنا أفضل وكلما طورت من نفسك تجد المقابل المادي والمعنوي"، مضيفاً "ولهذا اخترت الهجرة بعدما أتممت دراستي الجامعية في تونس".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير