Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل من أمل للاقتصاد البريطاني عام 2023؟

إن العام المقبل سيكون وعراً وسيظل على الفسائل الخضراء للتعافي المحتمل شق طريقها عبر الثلوج، لكنها موجودة حيث يمكن العثور عليها

نهاية العام كانت سيئة للمقترضين، فقد رفع بنك إنجلترا المعدات نصف نقطة مئوية أخرى إلى 3.5 في المئة (غيتي)

إذ نقترب من نهاية عام 2022، يتمثل أحد الأسئلة التي ستظل تدور في رؤوس كثر في ما يلي: ما احتمالاتنا المالية للعام الجديد؟

بعد أن أمضينا عاماً نسبح في مستنقع من الأرقام الاقتصادية القاتمة، آن الأوان للنظر في الجانب المشرق، لذلك سأحاول تحديد الحجة الإيجابية هنا. تشعرنا بضعة أسباب إن لم يكن بالبهجة فبتشاؤم أقل في الأقل.

فلنرى إذاً إن كنا نستطيع العثور على زهرة زعفران أو اثنتين وسط الثلوج الاقتصادية. صحيح أن البحث لن يكون سهلاً. وستبين السبب مراجعة مختصرة للعام الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كثرت الرسائل الصارمة الصادرة عن المؤسسات البحثية والمصارف وأي طرف آخر، حتى قبل أن توقع ليز تراس وكواسي كوارتنغ الاقتصاد في انهيار مخيف حقاً لا تزال تداعياته مستمرة.

لقد أدى التسرع على الطريقة الريغانية – إقرار تخفيضات ضريبية غير ممولة بقيمة 40 مليار جنيه استرليني (نحو 48 مليار دولار) تستهدف الأثرياء إضافة إلى زيادة كبيرة في الاقتراض المطلوب لتمويل برنامج دعم الطاقة الحكومي – إلى انهيار رئاسة تراس للوزراء بعد أيام قليلة فقط من إقالة كوارتنغ.

وجيء بجيريمي هانت بغرض المعالجة وأبقاه في منصبه ريشي سوناك، الذي حل في مقر رئاسة الوزراء في شكل لم يمنح تراس الوقت الكافي للتعامل مع ورق الجدران العديم الذوق والمكلف الذي أمر بوضعه بوريس جونسون.

وتمكن سوناك وهانت من تهدئة الأسواق. وقلص ذلك كلفة الاقتراض الحكومي، الذي خرج عن السيطرة في عهد تراس – دفعت صناديق التقاعد إلى حافة الانهيار وسجلت معدلات الرهون العقارية ارتفاعات ضخمة.

وتراجعت معدلات الرهون العقارية قليلاً أيضاً، على رغم استمرار معدلات الفائدة الأساسية في الارتفاع ما سيدفع معدلات الرهون العقارية صعوداً من جديد.

ومن ناحية أخرى، لم يقم فريق المحافظين الجديد بأي شيء مذهل. يمكن تصنيفه بأنه "مريع أقل بقليل من سلفه". أقله قبل أن يكشف هانت عن خططه المجنونة للتخلي عن كثير من الدعامات التنظيمية المطبقة لجعل القلب التجاري للندن أكثر أماناً في أعقاب الأزمة المالية عام 2008.

ولم يتخذ سوناك وحكومته المؤسفة أي إجراء مع تنفيذ العاملين، الشاعرين بغضب مبرر إزاء أزمة كلفة المعيشة، إضرابات بأعداد غير مشهودة منذ سبعينيات القرن العشرين، في حين يعد سوناك بقوانين قمعية معادية للنقابات. ولا تدعوني أبداً حتى بالحديث عن مساوئ بريكست.

ماذا عن معدلات الفائدة تلك؟ لقد رفعت تسع مرات متتالية في محاولة لمعالجة التضخم.

لكن كفى حديثاً عن العام الماضي.

 لقد وعدت بالتفاؤل بالعام المقبل وسأفي بوعدي.

فلنبدأ بالتضخم، الذي هبط معدله من مستوى مرتفع يساوي 11.1 في المئة إلى 10.7 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني)، أي بأكثر مما كان القلب التجاري للندن يتوقعه وبما يكفي ليقول البعض إن الذروة تحققت.

كانت نهاية العام سيئة للمقترضين، فقد رفع بنك إنجلترا المعدات نصف نقطة مئوية أخرى إلى 3.5 في المئة، وهي أعلى نسبة في 14 سنة، لكن ثمة تفاؤل! توجه لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك توقعات القلب التجاري للندن نزولاً في ما يخص الذروة التي ستبلغها معدلات الفائدة. وحقق ذلك نجاحاً، فقد حدد أحدث استطلاع أجرته "رويترز" إجماعاً على أن الذروة ستساوي 4.25 في المئة. وهكذا قد لا تحصل سوى زيادة أخرى أو زيادتين أخريين.

وتبدو التوقعات الخاصة بالمقترضين في النصف الثاني من عام 2023 أكثر بهجة. يشرح فيليب شو، الاقتصادي الأول لدى "إنفستك"، قائلاً، "سيكون العام صعباً بالتأكيد، لكن ما إن تقتنع البنوك المركزية بأن الضغوط التضخمية انحسرت، ستتمكن من خفض معدلات الفائدة وإطلاق تعاف عام 2023".

"نحن نتوقع أن يخفض بنك إنجلترا ومجلس الاحتياطي الفيدرالي [الأميركي] معدلات الفائدة بلطف خلال النصف الثاني من العام المقبل. لا أظن بأن الوضع سيكون سيئاً إلى درجة مثيرة للذعر، لكنه سيثير بالتأكيد قلقاً إلى حد ما".

في هذه الأثناء، تنفذ سوق الإسكان نوعاً من أنواع التراجع، فقد سجل مؤشر "هاليفاكس" لأسعار البيوت في نوفمبر تراجعاً قدره 2.3 في المئة، وهو أكثر تراجعاته حدة منذ عام 2008 حين كانت المملكة المتحدة (كما تخمنون) تعاني الأزمة المالية.

هذا مؤلم للبعض لكنه تصحيح تأخر كثيراً. تتوقع بعض الترجيحات أن تتراجع الأسعار بواقع 10 في المئة بحلول نهاية هذا التصحيح، ما يبطل بعض المكاسب السريعة التي تلت جائحة كوفيد-19 (لكن ليس كلها).

ربما تكون نتيجة ذلك نشوء "منطقة قابلة للحياة" سيستفيد فيها المشترون الذين يتمكنون من استكمال المعاملات من اتفاقات الرهون العقارية ذات المعدلات الأدنى وذات المعدلات الثابتة التنافسية – في ضوء التوقع بأن تبدأ معدلات الفائدة بالاتجاه نزولاً.

قد يمثل الوصول إلى هذه المنطقة تحدياً، وقد يكون المعروض من المنازل المتوافرة ضيقاً. فمن سيرغب في بيع منزله في سوق تتراجع؟ لكن المشترين للمرة الأولى من الشباب، العالقين في دفع إيجارات مرتفعة إلى أشخاص من جيلي آبائهم وأجدادهم، في حاجة إلى استراحة تأخرت كثيراً. ولا يمكن للمرء إلا أن يتمنى لهم الحظ في العثور على منزل يكون "مناسباً تماماً" وعلى رهن عقاري ذي كلفة قابلة للتحمل ليشتروه به.

لا يبدو أن هناك كثيراً من الجوانب المثيرة للبهجة في الاقتصاد الأوسع. لا يزال معدل التضخم مرتفعاً، ولن تؤدي زيادات هانت الضريبية، التي تستهدف سد الثقب الأسود في المالية العامة الناجم عن الثنائي الشنيع كوارتنغ وتراس، إلا إلى زيادة الضغط المترتب على أزمة كلفة المعيشة التي تواجه البريطانيين.

وسيصبح الدعم الحكومي لأسعار الطاقة أقل كرماً في الربيع، على رغم أن ذلك الوقت في الأقل يشهد تراجعاً في استخدام الطاقة.

وتشعر الشركات في شكل خاص بخوف. كشف استطلاع أجراه اتحاد الصناعة البريطاني عن أن عدداً كبيراً من الشركات تعتقد أن فواتيرها قد تتضاعف. وليس أمامها كثير من الخيارات غير تمرير الكلفة إلى العملاء، ويحذر قادة قطاع الضيافة من أن مقاصف كثيرة ستتوقف عن العمل ببساطة.

من ناحية أخرى، ربما تتوفر بضعة أسباب للشعور بتفاؤل حذر باقتصاد المستهلكين.

يشير سيمون فرنش، الخبير الاقتصادي الذي يرأس إدارة البحوث لدى شركة "بانميور غوردون" للوساطة في البورصة، إلى أن المدخرات التي راكمها الناس خلال الجائحة لم تنفق إلى حد كبير بعد.

وكتب يقول في مقالة أخيرة: "تبقى أرصدة المدخرات المجمعة خلال هذه الفترة [الجائحة] من دون أن تمس إلى حد كبير". ويتابع قائلاً إن البعض قد يواجهون مسائل "في توظيف هذه الأصول" لكنهم "موجودون حقاً كقوة إنفاق كامنة".

وتعد أزمة كلف المعيشة وحشية. يصفها مؤتمر الاتحادات المهنية بأنها "أطول ضغوط على الأجور في التاريخ الحديث وأقساها"، فقد تراجع الأجر الشهري للعامل البريطاني بالقيمة الحقيقية بواقع 88 جنيهاً في المتوسط مقارنة به عام 2008.

إنها سحابة قاتمة حقاً، لكن ثمة جانب إيجابي. يظل معدل البطالة البالغ 3.7 في المئة منخفضاً جداً. صحيح أن الناس العاملين أنفسهم يعانون لتسديد فواتيرهم، وصحيح أن بريطانيا مبتلاة بعدد أكبر مما ينبغي من الوظائف ذات الأجور المتدنية وغير المتمتعة بالأمن الوظيفي، لكن المعاناة تكون حتماً أقسى بكثير بالنسبة إلى أولئك غير العاملين.

ويستعد بنك إنجلترا لارتفاع كبير في معدل البطالة إذ يعمل على خفض معدل التضخم من مستوى يقترب من 11 في المئة الآن إلى 5.9 في المئة بحلول الفترة المقابلة من العام المقبل. ويبين أحدث استطلاع لسوق العمل أجراه مكتب الإحصاءات الوطنية أولى الإشارات إلى تحول نحو الأسوأ. مثلت نسبة الـ3.7 في المئة الخاصة بمعدل البطالة زيادة بسيطة، في حين تراجعت الوظائف الشاغرة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية آخر أكتوبر (تشرين الأول) بواقع 65 ألف وظيفة.

لكن فرنش، الاقتصادي في "بانميور غوردون"، وجد في تحليله شيئاً مثيراً للاهتمام. أشار إلى ما سماه "القوة المستمرة لخطط التوظيف".

"يتمثل التحدي على الأرجح في أن مؤشرات سوق العمل عبارة عن مؤشر متأخر... في اقتصادات مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، نكون بالفعل قد تجاوزنا تلك المرحلة [الخاصة بالمؤشر المتأخر] وتكون أسواق العمل لا تزال تبدي مرونة مثيرة للإعجاب".

هذه فكرة تنبه إليها توماس بو، الاقتصادي لدى شركة "آر أس أم يو كاي" للمحاسبة: "لا نتوقع قفزة في معدل البطالة، ولا سيما في القطاعات التي تشهد نقصاً في المواهب. وسوق العمل ضيقة في شكل لا يصدق بسبب غياب العمالة المتوافرة وليس بسبب طلب فائض على العاملين. وفي ضوء التحديات الأخيرة التي تواجهها الشركات في تنسيب الموظفين والركود القصير نسبياً، ستملك الشركات حافزاً كبيراً للاحتفاظ بالعمالة مقارنة بما كان يحصل في مراحل سابقة من الضعف الاقتصادي".

ويخلص فرنش إلى التساؤل: "هل هناك نمو مفاجئ كامن سيتبلور عام 2023؟"

سيكون ذلك من دواعي الاحتفال.

يقول مدير الاستثمار لدى شركة "أي جاي بل" [للخدمات الاستثمارية] روس مولد عن الصورة التي تواجه المستثمرين: "أحلك ساعة تكون تلك التي تسبق الفجر، نعم. "أفضل سبب للتفاؤل هو التشاؤم الحالي فهذا يعني أن الأسهم قد تكون رخيصة وأن شراء الأسهم الرخيصة هو أفضل طريقة للحصول على عوائد جيدة في الأجل البعيد.

"كما قال أحدهم ذات يوم (ربما وارن بافيت)، يمكن للمرء الحصول على أنباء طيبة وأسهم رخيصة، لكن ليس على الاثنين في الوقت نفسه.

"تبدو أسهم كثيرة رخيصة في المملكة المتحدة، على صعيد عوائد الشركات أو قيمة الأصول أو الأرباح السهمية، مع امتلاك الشركات ميزانيات عمومية لائقة. وسيكون على المرء الصبر وانتظار الحافز، لكن مع تزايد القتامة التي تسود الناس، يسهل حدوث مفاجآت إيجابية، وإذا كانت التقييمات رخيصة، يكون المزيج الماثل جذاباً على الأرجح".

بالطبع، تخفض أزمة كلفة المعيشة في شكل حتمي عدد الناس القادرين على الاستثمار بالتالي الاستفادة من هذا الوضع.

وستصبح الأمور أسهل بكثير للجميع إذا ثبت صواب رأي الاقتصاديين الذين اعتبروا معدل التضخم البالغ 11.1 في المئة في أكتوبر ذروة هذا المعدل التي يمكننا توقعها. وهنا يكمن الأمل في استمرار تخفيف الضغوط على الأسعار ومواصلة وتيرة الزيادة في التباطؤ مثلما حصل في نوفمبر.

وعلى غرار شو، يتوقع بنك إنجلترا أيضاً أن تبدأ الزيادات في الأسعار في التباطؤ بسرعة كبيرة العام المقبل مع انحسار صدمة أسعار الطاقة داخل النظام. سيظل معدل التضخم مرتفعاً نسبياً في الفترة المقابلة من العام المقبل، لكن الـ5.9 في المئة المتوقعة تبدو على رغم ذلك وردية في شكل إيجابي مقارنة بما هي الحال اليوم. وإذا هبط معدل التضخم بوتيرة أسرع ستكون الأمور أكثر وردية حتى.

تحدث جيريمي هانت عن "طريق صعبة" أمامنا، لكن هانت سياسي أذكى من سلفه، سياسي إذ يبدو أنه يفهم فضيلة الإقلال من الوعود. تجدر الإشارة أيضاً إلى أن المولجين بالتوقعات لدى مكتب مسؤولية الميزانية الذين أحيا هانت دورهم لديهم نظرة أكثر بهجة إلى الأشياء مقارنة ببنك إنجلترا.

إن مكتب مسؤولية الميزانية أكثر تفاؤلاً عموماً، لكن ماذا لو تبين أنه هذه المرة على حق؟

العام المقبل سيكون وعراً والفسائل الخضراء للتعافي المحتمل لا يزال عليها شق طريقها عبر الثلوج، لكنها موجودة حيث يمكن العثور عليها.

© The Independent