Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شتائم عنصرية بحق لاعبين فرنسيين بعد الخسارة أمام الأرجنتين

انتقادات طالت الاتحاد بعد تأخره في الرد على موجة الإهانات التي استهدفت بعض عناصر "الزرق"

انطلقت حملة الإهانات فور خسارة المنتخب الفرنسي أمام الأرجنتين بركلات الترجيح (صفحة المنتخب على فيسبوك)

حملة من الشتائم العنصرية، ووابل من رسائل العنف والقذف استهدفت بعض لاعبي المنتخب الفرنسي لكرة القدم، إثر خسارته أمام الأرجنتين في نهائيات كأس العالم في الدوحة، وحيال الانتقادات التي طالته وتحت وطأة الضغط ،غرّد رئيس اتحاد كرة القدم الفرنسي، نويل لو غراييه، أن الاتحاد سيتقدم بشكوى بدعوى العنصرية.

ويؤخذ على لوغراييه أنه لم يكترث لما كان تعرض له كيليان مبابي في العام 2021 خلال بطولة الدوري الأوروبي حين أضاع ركلة الترجيح أمام سويسرا، وعلى إثرها طالت الهداف الفرنسي حملة من الشتائم العنصرية. واليوم يتعرض 3 لاعبين من أصول أفريقية لحملة شتائم عنصرية مماثلة.

الجدل انتقل من فضاء الرياضة إلى السياسة، حيث حث الحزب الاشتراكي رئيس اتحاد كرة القدم الفرنسي لاتخاذ موقف صارم، وهذا ما تم حيث استنكر الرئيس الحملة التي استهدفت لاعبيه كيسنلي كومان، اوريليان تشواميني، وراندال كولو مواني، مؤكدا أنه سيتقدم بشكوى في هذا الموضوع.

عائلة اف سي بايرن تدعم الملك

استنكار الاتحاد الفرنسي لكرة القدم جاء متأخراً حسب البعض، كون نادي "اف سي بايرن"، النادي الذي ينتمي اليه كينسلي، عبّر مباشرة فور انطلاق حملة الشتائم، عن تضامنه مع لاعبه ووقوفه إلى جنبه مغرداً "نحن وراء الملك".

بدورها ردت وزيرة الرياضة أميلي اوديا-كاستيرا، على الحملة العنصرية التي استهدفت كينسلي كومان، وعبرت عن تأييدها الكامل له وكافة اللاعبين ضحايا التعليقات العنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وشم فخورون بالفريق الأزرق، معتبرة أن مثل هذه العبارات "لا مكان لها في كرة القدم ولا في أي مكان آخر".

وبعد  صور "ايموجي" القردة التي طالتهم والشتائم المغرضة وعبارات العنف، على مواقع التواصل الاجتماعي، عمد اللاعبون، كينسلي كومان، اورليان تشواميني وراندال كولو مواني،  إلى منع التعليقات على حسابهم في انستغرام.

 

 

 

في المقابل، طالبت جمعية محاربة العنصرية "اس اواس راسيزم" على لسان رئيسها هيرمان ايبوغ، الاتحاد باتخاذ الاجراءات اللازمة وتكثيف الشكاوى، كونها الوسيلة التي تسمح برفع السرية عن الحسابات تحت هوية مجهولة.

واشار رئيس الجمعية الى أن المغردين الذين يكيلون الشتائم يستترون وراء هويتهم المجهولة للتهرب من العقاب، وطبقاً للقانون الفرنسي تعتبر هذه الحملات التحريضية، جنحة يعاقب عليها بغرامة قدرها 45 الف يورو، وبالسجن لمدة عام، "على هؤلاء الذين ينشؤون حسابات تحت هوية مجهولة، أن يعلموا بوجود كل الأدوات التي تمكن من تحديد هوياتهم، وكذلك على المسؤولين عدم الاكتفاء بالانفعال واتخاذ إجراءات على المدى الطويل".

هذه الحملة ليست سابقة في عالم الرياضة، وهذا الأمر لا ينسحب فقط على بطولات أو منافسات فرق كرة القدم. لويس هاملتون بطل الفورميلا وان، تعرض في العام 2021 لحملة عنصرية على غرار تلك التي طالت لاعبي فريق المنتخب الفرنسي اليوم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإن كانت الرياضة هي مرآة المجتمع هل يمكن اعتبار الظاهرة، أمراً مستجداً أم أن ذلك يعني أن المجتمع الفرنسي أو سواه عنصرياً؟ الواقع أن المشاكل العنصرية ليست حكراً على مجتمع ما، وما شهدته الساحة الفرنسية لا يجعل من المجتمع الفرنسي عنصرياً. فهو ليس أكثر أو أقل عنصرية من أي وقت مضى، ولا أكثر أو أقل عنصرية من أي مجتمع آخر.

ونظرة سريعة على تاريخ الرياضة نجد أنها دوماً حملت رسائل سياسية، أو مجتمعية، على سبيل المثال حركة "بلاك لايف ماترز"، اذ لا يمكن فصل فضاء الرياضة عن القضايا التي تعصف بالمجتمعات.

ولكن كيف يمكن تصنيف ما تعرض له فريق الزرق أخيراً؟ على مر العصور كانت الفرق التي تشارك في البطولات تعود أما لتتوج بأكاليل الغار لدى عودتها إلى بلادها، وإما لتلقى الشتائم، كذلك فإن التفرقة والعنصرية قد تكون ما بين أندية البلد الواحد من مناطق مختلفة، وتكون مصدر أعمال شغب وقتال بين مشجعي الأندية المختلفة.

ولنذكر في ذلك ما صرح به مارادونا أثناء بطولة كأس العالم في روما، والمباراة التي تواجهت فيها الأرجنتين والكاميرون، وكيف لاقى عدائية مشجعي نادي ميلانو، بتصريحه الشهير "سعادتي هذا اليوم بأن اكتشف أن ايطاليي ميلانو تخلوا عن عنصريتهم: اليوم ولأول مرة، شجعوا الأفارقة". في ذلك اليوم صب مشجعو ميلانو جام كراهيتهم نحو الأرجنتين.

واليوم يمكن اعتبار مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة الصندوق الرنان الذي يردد ما صدى ضجيج ومواويل المجتمع، أو كغرفة تنفيس لجمهور الباحثين عن مكان لتفريغ عقدهم وشحناتهم العنصرية، على غرار ما شهدته مدينة نيس قبيل مباريات نيس- وكولن.

هل العنف صفة ملازمة للرياضة؟

ظاهرة العنف المصاحب للمباريات الرياضية ليست وليدة اليوم. فمدرجات المدن الرياضية تستعيد من حيث التصميم والتنظيم، والسينوغرافيا مشاهد مباريات الغلادياتور في التاريخ القديم. ومدينة بومبييي نقلت لنا أولى مشاهد العنف بين المشجعين. على غرار ما يحصل في يومنا.

المؤرخ تاسيت، نقل وقائع أعمال العنف التي دارت بين مشجعي مدينة بومبييي والبلدة المجاورة نوسيريان حيث انتقل القتال إلى المدرجات وشوارع المدينة.

وقد تناولت الموضوع المؤرخة فاليرى هوييه، أستاذة التاريخ القديم في جامعة بروتاني الغربية، "أحداث تلك الليلة العنيفة وصلتنا عبر الكتاب 14 من تدوينات المؤرخ تاسيت (58-120) والجدارية التي يحتفظ بها المتحف الوطني للآثار في نابولي".

وهذا ربما ما قد يفسر تصريح رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم الفرنسي نويل لو غراييه، عندما توجه اليه كيليان مبابي، معتبراً أن "لا عنصرية في الرياضة وما يحصل هو تعبير عن غضب المشجعين".

وما يمكن قوله إن "الرياضة الجماعية التي تستند الى منافسة الفرق، قابلة للاختراق من الأفكار العنصرية لأنها ترتكز على مبدأ "نحن" ضد "الآخرين". وتترك فيها حشود المشاهدين وتبني مقولات الانتماء لمفاهيم الامة، الدين، والوطن،  أثراً مضاعفاً" كما تقول ماندا بيك، في دراسة لها نشرتها المنصة السويسرية سويس سبورت هيستوري.

ونشرت أخيراً رابطة كرة القدم، فيلما تنشيطياً، سيعرض في أندية الدوري الأول والثاني، للتوعية حول موضوع العنصرية في الملاعبـ مع رسالة واضحة:" اللون الأهم هو لون فريقك، ولا لون سواه".

ما يمكن استخلاصه حيال ذلك، أن ردود الفعل غالباً ما تصدر عن فئة محدودة، لكنها بوضعيتها تترك الانطباع أن فئة كبيرة تؤيد مثل هذه التصرفات. وشتان ما بين فرنسا تسعينيات القرن الماضي التي كرست زين الدين زيدان، الجزائري كأيقونة وطنية، مطالبة به رئيساً لها، وبين ردود الأفعال المحبطة التي انصبت على لاعبي النادي الباريسي من أصول أفريقية.

العنف لا يقتصر على المشجعين بل يطال اللاعبين أنفسهم

في 13 سبتمبر (ايلول الماضي)، تم توجيه الاتهامات لكل من البرازيلي نيمار لاعب نادي باريس سان جيرمان، والاسباني الفارو غونزاليس في اولمبيك مرسيليا، لتبادلهما الشتائم العنصرية، خلال لقاء الفريقين، واتخذت بحقهما تدابير عقابية.

والتسلسل قد يطال أيضاً الأندية على غرار ما حصل في نادي الروغبي الايطالي "بينتون روغبي" الذي نظم بمناسبة حلول أعياد الميلاد، حفلة تخللتها لعبة برائحة عفنة، تقوم على مبدأ تقديم هدية لشخص يجري اختياره بالقرعة.

ووقع الاختيار على شريف تراوريه، اللاعب من أصول غينية، الذي انضم إلى النادي في 2015، وتلقى، هدية مثيرة للجدل، عبارة عن موزة مهترئة في كيس رطب. تراوريه، الذي لم يعتد على مشاركة معاناته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتردد هذه المرة عن التعبير عن ألمه عبر حسابه على انستغرام بالقول "اليوم سأقول كلمتي. لم أنم طوال الليل".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات