Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يفتح الرئيس التونسي حوارا وطنيا للخروج من مأزق الانتخابات؟

ربط مراقبون نسبة المشاركة الضعيفة باهتزاز ثقة المواطنين بالنخبة السياسية مستبعدين إجراء استحقاق رئاسي مبكر

يرفض الرئيس التونسي التشكيك في نتائج الانتخابات ويقول إن نسبة المشاركة تحسم على دورتين (مواقع التواصل)

لم ينجح المسار الجديد الذي رسمه الرئيس التونسي قيس سعيد على أنقاض المنظومة السياسية السابقة التي حكمت البلاد طوال عشر سنوات، في سد الهوة بين التونسيين والنخبة السياسية، وكشفت النسبة العامة للمشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة عن أزمة عميقة تتجلى مظاهرها في الثقة المهتزة في تلك النخبة بكل أطيافها، إذ لم تنجح في بلورة مشروع سياسي واقتصادي جامع منتج للثروة ومحقق للرفاه.

ولم يخرج الخطاب السياسي الحزبي إثر إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، عن فكرة الصراع من أجل التموقع، فبينما دعت أحزاب معارضة ومقاطعة لمسار 25 يوليو إلى تنحي قيس سعيد عن السلطة، وتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، عبر الاتفاق على خريطة طريق جديدة، أكدت الأحزاب المساندة للمسار، ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق تونس من المنظومة السياسية السابقة، التي أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة، من دون أن يحملوا سعيد مسؤولية هذا الوضع المتأزم.

مبادرة رئاسية ممكنة

وبين من يتمسك بإجراء حوار وطني، وتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، ومن يدعو إلى المحاسبة، يرى كمال بن يونس الكاتب الصحافي ورئيس منتدى بن رشد للدراسات العربية والأفريقية، أن "الأزمة في تونس معقدة، والحوارات الوطنية فشلت منذ انتخابات 2019، وصولاً إلى ما بعد 25 يوليو".

ودعا بن يونس في حديثه لــ"اندبندنت عربية" إلى "تشكيل حكومة جديدة قوية، تشرف على مرحلة انتقالية محددة في الزمن، وتعود إلى القانون الانتخابي القديم، ودستور 2014، بهيئة انتخابية جديدة، يتم خلالها تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، لأن 90 في المئة من الناخبين التونسيين رفضوا المشاركة في الانتخابات الأخيرة، بينما يبقى رئيس الجمهورية في منصبه إلى حين نهاية عهدته الرئاسية".

ويعول بن يونس على "قدرة رئيس الجمهورية، على إنقاذ البلاد من خلال مبادرة رئاسية وطنية منقذة من شبح الفوضى الذي بات يتهدد تونس، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وانسداد الأفق السياسي في البلاد".

ويعتبر رئيس منتدى بن رشد للدراسات العربية والأفريقية، أن "رئيس الدولة بات ضحية لوبيات (مجموعات ضغط) قوية ومتمكنة من أجهزة الدولة وهي التي تتحكم في مفاصلها، وما عليه إلا مواجهتها، ومصارحة التونسيين بحقيقة الأوضاع، وتقديم مبادرة ناجعة تنقذ ما يمكن إنقاذه".

انتخابات رئاسية مبكرة

وكانت أحزاب تونسية معارضة دعت إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ورحيل قيس سعيد عن السلطة، إثر إعلان نسبة المشاركة في الانتخابات التي وصفتها بـ"الضعيفة"، وذهب الحزب الدستوري الحر، إلى "إعلان الشغور في منصب رئاسة الجمهورية، والدعوة إلى انتخابات رئاسية سابقة لأوانها طبق المعايير الدولية".

ويغض المجتمع السياسي في تونس الطرف عن حقيقة ملموسة، وهي أن التونسيين سئموا الصراعات السياسية، وباتوا في قطيعة مع الطبقة السياسية، بينما تلوك الأحزاب السردية ذاتها، كلما تأزم الوضع في البلاد، من قبيل تنظيم حوار وطني، أو المرور إلى انتخابات تشريعية أو رئاسية سابقة لأوانها، وكأن هذه الانتخابات ستفرز مشهداً سياسياً مغايراً عما شهدته تونس.

وفي هذا السياق يؤكد محسن النابتي المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي، أن "العقل السياسي في تونس بات في شبه عطالة، والنخب السياسية تجتر الخطاب نفسه، على غرار تنظيم حوار وطني، من دون التساؤل عن أطرافه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتساءل النابتي "هل سيجمع هذا الحوار الطبقة السياسية الجديدة، بتلك المتهمة بالخيانة العظمى، والمتورطة في الإرهاب وتسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر؟". 

وجدد المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي، مطالبته القضاء التونسي والدولة التونسية "بمحاسبة الأحزاب السياسة، التي تورطت في الجرائم السياسية والإرهابية وبقيت من دون محاسبة إلى اليوم".

ودعا النابتي إلى "صياغة مشروع اقتصادي واجتماعي، لإنقاذ تونس من هذا الوضع"، معتبراً أن "أي نظام سياسي سيفشل مهما كانت مؤسساته في حال لم يتحقق الرفاه للتونسيين"، داعياً إلى المحاسبة، ثم فتح أفق واضح لجميع التونسيين من خلال تحسين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية".

ودعا رئيس الجمهورية للتوجه إلى التونسيين والمنظمات الوطنية، و"طرح كل ما يهم الخيارات الكبرى الاقتصادية والاجتماعية، من أجل رسم ملامح مشروع اقتصادي واجتماعي تشاركي، يخدم مصلحة التونسيين لا مصلحة المجموعات النافذة الاقتصادية والمالية".

ويرفض محسن النابتي فكرة الذهاب إلى انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، لأن رئيس الجمهورية قيس سعيد، في آخر عهدته التي تنتهي في عام 2024".

يذكر أن سعيد أكد في لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن، أن "نسبة المشاركة في الانتخابات لا تقاس فقط بالدور الأول بل بالدورتين"، مذكراً بأن "بعض المشككين متورطون في قضايا لا تزال جارية أمام المحاكم".

بحسب مراقبين لم تلتقط المعارضة السياسية في تونس التي تشقها الخلافات، اللحظة المناسبة لتجتمع حول مشروع كبير يوحدها، وبقيت تدور في فلك الصراعات حول المكاسب السياسية، من دون أن تنتبه إلى ظاهرة تنامي عزوف التونسيين عن المشاركة السياسية، أو إلى موقف الاتحاد العام التونسي للشغل وبقية المنظمات التي لا تتقاطع معها في التفاصيل، لذلك تبدو فكرة الحوار الوطني أو الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها مجرد مطالب حزبية، قد لا يلتفت إليها رئيس الجمهورية ويستمر في مشروعه السياسي مهما كانت كلفته الاقتصادية والاجتماعية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير