Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يفتح المغرب أحضانه لنسائه العائدات من "داعش"؟

عودة 3 سيدات تمنح الأمل لبقية عائلات العالقين وحقوقيون يدعون لـ"نظرة إنسانية" ويطالبون بقرارات ترحيل اقتداء بدول أخرى

مبادرات حقوقية لترحيل نساء رفقة أبنائهن من مخيمات "داعش" (أ ف ب)

هل تفتح عودة ثلاث سيدات مغربيات قبل أيام قليلة من مخيمات يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا إلى البلاد، باب الأمل في قبول وترحيل سلطات المملكة للنساء المغربيات المحتجزات عند "الدواعش" في بؤر التوتر برفقة أبنائهن، إلى أرض الوطن؟

سؤال يطرحه مراقبون مهتمون بملف أوضاع عائلات المغاربة العالقين والمحتجزين في سوريا والعراق، حيث يترقبون أن يشكل هذا الحدث "فاتحة خير" لطي الملف بشكل نهائي، وترحيل النساء وأطفالهن من بؤر التوتر إلى البلاد مثل ما فعلته دول أخرى.

قصة عائدة

وتحكي سيدة مغربية عادت قبل أيام إلى المغرب من مخيم "عين البيضا" الواقع قرب الحدود السورية التركية شمال إدلب، بمعية ابنتيها، عن فترة من حياتها دامت زهاء خمس سنوات، اتسمت بكثير من "العذاب" النفسي والجسدي.

وأوضحت السيدة المنحدرة من مدينة تازة، في تسجيل صوتي حصلت عليه "اندبندنت عربية"، أنها عادت قادمة من تركيا، رفقة طفلتيها، بطريقة نظامية بعد حصولها على الأوراق القانونية لابنتها الصغيرة على وجه الخصوص.

وسمحت السلطات المغربية للسيدة المذكورة بدخول البلاد بعد إتمام جميع التدابير والإجراءات الإدارية، وأيضاً سمحت لها بالاستقرار في بيت أسرتها بمدينة تازة، بعد أن خضعت لتحقيقات أمنية لدى أجهزة الشرطة المكلفة هذا الملف.

وتسرد السيدة كيف أنها تزوجت برجل سوري لتبدأ معاناتها في 2018 عندما طلب منها مرافقته لزيارة عائلته في منطقة الرقة بسوريا، حيث عاشت شهوراً من التعنيف داخل بيت زوجها، وتهديدها بأنها إذا ما غادرت البيت ستتعرض للاعتقال واعتبارها داعشية.

ووفق رواية المرأة ذاتها، فإنها أنجبت طفلتها الثانية هناك، لكن لم يتم تسجيلها في الأوراق القانونية الخاصة بالولادات، قبل أن تقرر الهرب لتصل إلى القوات الكردية، وبعد ذلك بلغت منطقة "الجيش الحر"، ثم استقرت في بيوت عدد من أفراد الشرطة العسكرية، ثم أحيلت إلى مخيم "عين البيضا" العشوائي المعد لترحيل "الدواعش" من جنسيات مختلفة.

أمل في الأفق

من جهتها تقول مريم زبرون الكاتبة العامة للتنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، إن حالة النساء اللاتي عدن أخيراً إلى البلاد استثنائية تتعلق بعودة قانونية.

وأفادت زبرون بأنها أجرت اتصالات مع سفارة المغرب في العاصمة اللبنانية بيروت حتى يتم تسجيل ابنة السيدة المنحدرة من تازة في سوريا، وبهدف استكمال جميع أوراقها الثبوتية والقانونية، حتى تكون العودة نظامية لا إشكال فيها.

وفي السياق ذاته أكدت الناشطة الحقوقية أن تلك العودة تخلق الأمل في أن تبدأ السلطات المغربية خطوات لترحيل النساء العالقات أو المحتجزات رفقة أبنائهن إلى أرض الوطن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأبرزت زبرون أن تنسيقية عائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق أجرت اتصالات مع السلطات المغربية المعنية بهذا الملف، كما التقت 17 برلمانياً من مختلف التوجهات السياسية، أغلبية ومعارضة، استمعوا بإمعان إلى كثير من تفاصيل هذا الملف الشائك.

واستطردت المتحدثة عينها بأن هذه المبادرات تعطي الأمل في أن توافق الدولة على ترحيل هؤلاء النساء رفقة أبنائهن من مخيمات "داعش" إلى أرض الوطن، متابعة بأن العائلات المعنية تعلم مدى صعوبة وتعقد هذا الملف من عديد النواحي.

وخلصت زبرون إلى أن عائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق ليس لديها مانع في أن تجري السلطات محاكمات عادلة من طرف قضاء المملكة بخصوص العائدين والعائدات، مضيفة أن الجميع يعي أن الحل يتطلب بعض الوقت نظراً إلى صعوبته، لكن الأمل معقود في شأن إصدار قرار بترحيل هؤلاء المغاربة اقتداء بما فعلته دول أخرى لمعتقلين ومحتجزين من جنسيات مختلفة.

قضية إنسانية

ويعلق الناشط الحقوقي عبد الإله الخضري مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، قائلاً لـ"اندبندنت عربية"، إن عودة النساء المحتجزات أو العالقات في مخيمات "داعش" تبقى في المحصلة قضية إنسانية بامتياز.

وتابع الخضري بالقول، إن بقاء هؤلاء النساء في بؤر التوتر، سواء في العراق أو سوريا، بعد هزيمة تنظيم "داعش"، يعرضهن للتنكيل والمحاكمات الجائرة، مورداً أن "أغلبيتهن مرضعات ويحملن معهن أبناءهن، كما أن معظمهن غُرر بهن وزج بهن في أجواء قتالية لا قبل لهن بها، وكثير منهن كن مجرد زوجات لداعشيين، ولم يشاركن في أعمال قتالية".

ولفت الحقوقي ذاته إلى أن عديداً من الدول استقبلت مواطناتها بعد هزيمة "داعش"، بالتالي من الإنصاف أن تتم محاكمتهن وفق القانون في محاكم بلدانهن، مع مراعاة قواعد المحاكمة العادلة وعدم تعريضهن للتعذيب أو التعنيف النفسي".

وذهب مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان إلى أنه "يكفي ما عانته هؤلاء النساء وأطفالهن من مآس وتعذيب داخل غياهب السجون والمعاقل في سوريا وغيرها، بل منهن من تعرضن للاعتداء على يد الدواعش أنفسهم، بالتالي فترحيلهن إلى البلاد صار ضرورة إنسانية ملحة".

يذكر أن عديداً من النساء المغربيات محتجزات أو عالقات في مخيمات الهول والروج شمال سوريا، زوجات مقاتلين سابقين في تنظيم "داعش"، يأملن في سماح السلطات المغربية لهن بالعودة إلى أرض الوطن برفقة أبنائهن.

وسبق للجنة برلمانية أن قدمت في عام 2021 تقريراً رسمياً يشدد على أن "معالجة هذا الملف يحتاج إلى مقاربة تستوعب الأبعاد الأمنية في الموضوع، وتستحضر الأبعاد الاقتصادية والنفسية والسلوكية"، مبرزاً في الآن نفسه أن هناك عدداً كبيراً من الأطفال، ولدوا وليست لديهم وثائق ثبوتية أو لهم وثائق غير معتمدة أو فقد أحد والديه في السجن أو غيبه الموت.

المزيد من تقارير