Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سعيد يرد على دعوات معارضيه: المواجهة لا تحسم في شوط واحد

المشاركة الضعيفة بالانتخابات البرلمانية التونسية تمثل انتكاسة حقيقية لمسار 25 يوليو الانتقالي

كان منتظراً أن يرفض الرئيس سعيد دعوات التنحي التي صدرت عن المعارضة فور إصدار نسب المشاركة في الانتخابات (رويترز)

صعّد الرئيس التونسي قيس سعيد، كما كان متوقعاً، مساء الاثنين 19 ديسمبر (كانون الأول)، لهجته مع المعارضة في بلاده حيث ردّ ضمنياّ عليها برفض دعوات التنحي التي أطلقتها في أعقاب انتكاسة انتخابية تلقاها في الاستحقاق البرلماني الذي جرى في 17 من ديسمبر الجاري. وقال سعيد على هامش استقباله رئيسة الحكومة نجلاء بودن "هناك ردود فعل من قبل بعض الجهات المعروفة التي لم تجد هذه المرة شيئاً لتركز عليه سوى نسبة المشاركة في هذه الدورة الأولى (من الانتخابات) للتشكيك في تمثيل مجلس النواب المقبل في حين أن نسبة المشاركة لا تقاس فقط بالدور الأول بل بالدورتين"، وتابع بحسب بيان نشرته الرئاسة التونسية أن "مثل هذا الموقف القائم على التشكيك من جهات لا دأب لها إلا التشكيك فضلاً عن تورط البعض في قضايا لا تزال جارية أمام المحاكم مردود على أصحابه بكل المقاييس".

وأثار ردّ الرئيس التونسي جدلاً واسع النطاق في وقت حاولت هيئة الانتخابات حسم أمر الدور الثاني على إثر دعوات المعارضة إلى إلغاء الانتخابات البرلمانية، إذ قال نائب رئيسها ماهر الجديدي إن البرلمان المقبل سيتم تركيزه في مارس (آذار) المقبل ما يعني أن الدور الثاني سيتم إجراؤه.

دعوات التنحي

وكان منتظراً أن يرفض الرئيس سعيد دعوات التنحي التي صدرت عن المعارضة فور إصدار نسب المشاركة في الانتخابات، وهي الأدنى منذ اندلاع الانتفاضة على حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2011. وقال وزير التكوين المهني والتشغيل التونسي السابق فوزي بن عبد الرحمن إن "لدينا شخصية لرئيس دولة يمسك بيديه كل السلطة، وهو شخصية استبدادية تريد المسك بالسلطة من دون حسيب أو رقيب. وشدد على أنه "لا يمكن لهذه الشخصية أن تتراجع أو تستمع للنقد، هو سيذهب نحو الأقصى في برنامجه ما قد يقود البلاد إلى المجهول"، ولفت إلى أن "الرأي العام الدولي يرى أن تونس خرجت عن المسار الديمقراطي، ولا يمكن أن ينجح المسار الذي يقوده الرئيس سعيد ولا يمكن أن يتم حكم تونس الآن بالحديد والنار". وقال إن "نجلاء بودن تتحمل أيضاً مسؤولية في اغتصاب السلطة والإرادة الشعبية الحاصلة في تونس الآن، هناك 92 في المئة يتجاهلون المسار الذي يقوده الطرفان".

انتكاسة حقيقية

وعلى رغم الإجماع على أن المشاركة الضعيفة في الانتخابات البرلمانية تمثل انتكاسة حقيقية لمسار 25 يوليو (تموز) الانتقالي الذي يقوده سعيد إلا أن الموالين له يرون أن الرئيس التونسي له مقاربات خاصة به. وقال القيادي في "حركة الشعب" محمد بوشنيبة الموالية لسعيد "في الحقيقة رئيس الجمهورية له مقاربة أخرى، كل الأطراف المناوئة لـ 25 يوليو تسعدها الانتكاسات التي تحدث وبخاصة الانتكاسة الأخيرة التي عرفتها الانتخابات"، مضيفاً "هذا يسعدهم لأنه سيقرأ على أنه نجاح لدعواتهم للمقاطعة، لكن هذا غير صحيح إذ إن هناك عزوفاً بسبب وضع اقتصادي متدهور كان ينتظر التونسيون أن يتم الخروج منه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع بوشنيبة أن "الرئيس يرى أن ما حدث عادي باعتبار الأوضاع المحيطة بالاستحقاق البرلماني، لكن بالنسبة لنا النكسة موجودة، وهذا يهدد المسار، لكن هناك آمالاً معقودة في الدور الثاني لتحسين المشهد الانتخابي، وهناك حاجة لحلحلة حقيقية في السياق الحكومي لإصلاح وضع الناس اجتماعياً واقتصادياً". وأوضح القيادي في "حركة الشعب" أنه "إذا لم يتمّ تحقيق ذلك، فالأمور ستزداد سوءاً، وعلى رئيس الجمهورية التحدث مع الناس بلسان فيه كثير من الطمأنة والبوادر الإيجابية"، وخلص إلى أن "المواطن إن لم يشعر بتطور في مستوى حياته اليومية سواء بتوافر المواد الأساسية أو تحسن الوضع الأمني والصحي فإن هذه المحطات الانتخابية لن تعنيه".

وكانت هيئة الانتخابات قد أعلنت في مؤتمر صحافي أن الاستحقاق البرلماني شهد مشاركة أكثر من 11 في المئة من الناخبين المسجلين أي ما يعادل مليوناً من مجموع تسعة ملايين.

لحظة فارقة

ويرى مراقبون أن تونس دخلت منعرجاً حاسماً سيحدد بشكل كبير ملامح المشهد السياسي المقبل في البلاد بخاصة أن الاستحقاق الانتخابي الذي يهدف إلى إفراز برلمان جديد هو المحطة الأخيرة من خريطة طريق شاملة أطلقها سعيد.

وقال المحلل السياسي بوبكر الصغير "أعتقد أن الرئيس كان واضحاً منذ البداية، نحن نتذكر جيداً أنه قبل 25 يوليو 2021 لطالما كرر الجملة الشهيرة بأن الصواريخ على منصاتها وقد انطلقت فعلاً وقتها، وبالتالي لا أعتقد أن أحداً قادر على إيقاف انطلاق هذا المسار"، مضيفاً "اليوم ما أعلنه رئيس الدولة ينسجم مع قناعاته، واضح أنه يريد تونس أخرى بمختلف أوجهها سواء بمؤسساتها أو نظامها السياسي أو حتى نخبها". ورأى أن "المؤسف حقاً ما نراه أن هناك وجهين، أحدهما يجسده رئيس الدولة بمقارباته ومواقفه ومراسيمه، والآخر تونس العميقة التي تحاول أن تكون المعارضة صوتها وأن تكون رجع صداها". وتابع "نحن الآن في لحظة فارقة من مسار تونس، سيكون هناك ما قبل 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022 وما بعده، لأن أهم إجراءين قام بهما حلّ البرلمان وإقالة الحكومة، والحكومة تم تشكيلها أما البرلمان فقد انطلقت عملية تأسيسه وهذا الاستحقاق الأهم".

واستدرك الصغير قائلاً "لكن ما يمكن مقاربته أن الأطراف الدولية التي أصرت على أن يقوم رئيس الجمهورية بانتخابات كانت تريد نوعاً من الاختبار لأهم مكسب وضعه، لكن نتائج الانتخابات كانت مفاجئة بعد عزوف التونسيين عنها".

سيناريو مخيف

وتزيد التطورات المتسارعة التساؤلات بشأن مستقبل المعركة بين سعيد ومعارضيه الذين طالبوه، وفي مقدّمهم "جبهة الخلاص الوطني" التي تتألف من أحزاب مثل "حركة النهضة" الإسلامية و"الحزب الجمهوري"، بالتنحي عن الحكم. وقال الصغير إن "تونس تتجه لسيناريو مخيف، وقد تتأزم الأوضاع بشكل كبير بخاصة ألا شيء قادراً على إرضاء المواطنين في ظل الأزمات المالية والاقتصادية". وذكر أن "كل المؤشرات لا تبعث على الاطمئنان، لكن ما نخشاه أن تمتد تداعيات الاقتراع إلى الخارج حيث أظهرت الانتخابات التي كانت متسرعة أن الرئيس في حال شك وشعبيته على المحك". وأكد أن "هذا يجعله مطالباً بأن يؤكد أنه يحظى بالفعل بشعبية وأن يكون الجامع لكل التونسيين ليس بشعارات، ولا بدّ أن يقدم شيئاً ليس للشعب فقط ولكن للأطراف الخارجية التي تسعى لمساعدة تونس".

معارضة مشتتة

وعلى رغم الانتكاسة القوية التي تلقاها سعيد أخيراً، إلا أن من الواضح أن المعارضة لا تزال تواجه وضعاً صعباً، وقال الناشط السياسي فوزي بن عبد الرحمن إن "المشكلة أنه لا توجد معارضة واحدة بل معارضات صوتها ضعيف وليست مسموعة لأنها مشتتة ومنقسمة على نفسها". ولفت إلى أن "هناك حتى معارضات فردية لشخصيات لم تدخل في أي إطار سياسي لكنها تواصل المقاومة بهدف إيقاف العبث الحالي في تونس وهو عبث ستكون له تداعيات وخيمة على البلاد".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي