Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صور فوتوغرافية تزيح الغبار عن قصور مصر التاريخية

عملت المصورة الروسية على أكثر من 30 موقعاً في القاهرة وخارجها

تنقلت المصورة في رحلتها لتصوير القصور والمباني القديمة بين مدن مصرية عدة (زينيا نيكولوسكايا)

جاءت المصورة الفوتوغرافية الروسية زينيا نيكولوسكايا إلى القاهرة لأول مرة ضمن بعثة روسية للتنقيب عن الآثار، فكانت مهمتها الأساسية هي توثيق ما يعثر عليه من قطع أثرية مكتشفة. بعد هذه الزيارة ترددت المصورة الروسية على القاهرة مرات عدة، غير أن الآثار الفرعونية لم تكن مبعث اهتمامها الأول. وفي أثناء إقامتها المتقطعة بمصر تنبهت نيكولوسكايا إلى هذه المناطق والمساحات المهمشة للمدينة على رغم أهميتها التاريخية والمعمارية، فانطلقت مدفوعةً بالشغف في رحلة ممتدة وشيقة بين هذه الأماكن والمساحات كي تعيد اكتشافها من خلال الكاميرا.

نقطة الانطلاق

كانت نقطة انطلاقها الأولى في منطقة وسط القاهرة حين سنحت لها فرصة الدخول إلى قصر سراج الدين، وهو أحد القصور القاهرية التي يعود تاريخ بنائها إلى بداية القرن الماضي. شيد القصر في حي "غاردن سيتي" في وسط العاصمة المصرية، وكان أحد الأحياء المفضلة للطبقة الأرستقراطية المصرية والأجانب المقيمين في مصر خلال النصف الأول من القرن الـ20. تحول هذا القصر بعد حقبة الخمسينيات إلى مدرسة حكومية، وتعرض على مدار عقود للإهمال والتخريب، كغيره من القصور الأخرى التي تعود إلى تلك الحقبة.


الإهمال والغياب

حين وطئت قدما نيكولوسكايا داخل القصر هالها ما آلت إليه حاله من إهمال، غير أن ما لفت انتباهها أكثر كما تقول هو "هذا الشعور الطاغي بالغياب الذي يسكن أروقته وحجراته"، هذه الأروقة والحجرات التي لا تزال تحتفظ بأثر من الفخامة، على رغم هذا الغبار الذي يغطيها، والتفاصيل المقحمة التي فرضت عليها لتتناسب مع الوظيفة الجديدة للقصر كمدرسة.
الصور التي التقطتها نيكولوسكايا لقصر سراج الدين كانت مجرد بداية لرحلتها الممتدة مع العمارة التي تعود إلى الحقبة الملكية في مصر. وتنقلت المصورة في رحلتها لتصوير القصور والمباني القديمة التي أنشئت خلال القرن الماضي بين مدن مصرية عدة لترصد ما تبقى منها وتسلط الضوء على ما آلت إليه. عشرات الصور الفوتوغرافية التقطتها المصورة الروسية لأكثر من 30 موقعاً في القاهرة وخارجها، من مدينة الإسكندرية شمالاً إلى الأقصر جنوباً، مروراً بمدن الصعيد والدلتا والقناة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


صور وملامح

تظهر لنا الصور ملامح التصميمات الداخلية لهذه المباني والقصور التي يعود بعضها إلى منتصف القرن الـ19، وما طرأ عليها من تردٍ نتيجة للإهمال. واللافت هنا أن الصور جميعها خالية من الأشخاص أو ما يدل حتى على وجودهم، فقد كان كل اهتمام المصورة هو التعبير عن روح المكان وما تخبئه الجدران من حكايات احتفظت بها بصمت عبر السنوات. في هذه الصور تكاد تبرز ملامس الأسطح تحت تأثير الضوء الطبيعي الخافت. إلى جوار كل صورة كتبت تفاصيل وافية عن كل مبنى وتاريخ إنشائه، مما يوفر سجلاً فريداً لهذه القصور والمباني التي تهدم بعضها أو طمست معالمه تماماً بعد وقت قصير من التقاط هذه الصور.


مبانٍ شهيرة

بين المباني الشهيرة التي صورتها نيكولوسكايا يأتي مبنى "سينما راديو" في وسط القاهرة، والذي يعود تاريخ إنشائه إلى ثلاثينيات القرن الماضي، واحتوى على قاعة مسرح، وأكبر شاشة عرض سينمائي في العاصمة المصرية وقتها. وفي إحدى هذه الصور التي التقطت للمبنى تظهر غرفة تحتوي على مرآة كبيرة مع كرسي فارغ أمامها، ويبدو أنها كانت مخصصة لارتداء الملابس. ويمكنك وأنت تطالع المشهد تخيل عديد من الفنانين الذين مروا على هذا المكان قبل توجههم للصعود على خشبة المسرح. واستضاف مسرح راديو عديداً من الفرق منذ إنشائه، كما نظمت على خشبته حفلات غنائية عدة لنجوم الطرب البارزين، ومن بينهم على سبيل المثال "كوكب الشرق" أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وأسمهان، وغيرهم.
من بين الصور أيضاً يبرز مبنى "تيرينغ" الشهير المطل على ميدان العتبة في القاهرة، وهو مبنى مكون من خمسة طوابق، وتعلوه قبة يحملها أربعة تماثيل، وتم إنشاؤه في عام 1913 كمجمع لمحال بيع التجزئة، وكان يمثل أحد معالم القاهرة الحديثة خلال النصف الأول من القرن الماضي. صور أخرى كثيرة تم التقاطها لقصور وفنادق ودور سينما كانت تزدحم بساكنيها وروادها ذات يوم، هذا قبل أن تتحول إلى أطلال وخرائب تعكس التحولات التي مرت بها المدينة عبر ما يزيد على مئة عام تقريباً.
الصور التي التقطتها المصورة الروسية لهذه القصور تم عرضها في مدن ومؤسسات فنية عدة حول العالم، بينها متحف الأرميتاغ في روسيا عام 2015، ومعهد العالم العربي في باريس عام 2017، وقاعة تنتيرا في القاهرة عام 2021، كما جمعت أخيراً في  كتاب بعنوان "غبار: العمارة المصرية المنسية". تخرجت زينيا نيكولوسكايا في أكاديمية الفنون بمدينة سان بطرسبورغ الروسية، ثم اتجهت للدراسة في الأكاديمية الدنماركية للفنون الجميلة في كوبنهاغن. وعملت مصورة محترفة بدايةً من عام 1995، وأصبحت عضواً في اتحاد الفن الروسي، وجاءت إلى مصر لأول مرة في عام 2003 كعضو في إحدى البعثات الأثرية الروسية.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة