Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

آثار إغلاق أنبوب نفط "كي ستون" على أسواق النفط

يعتمد التأثير على المدة التي يظل خط الأنابيب مغلقاً فيها والشروط التي ستضعها الحكومة لإعادة تشغيله بكامل طاقته الإنتاجية

تتمتع كندا بخاصة ولاية ألبرتا باحتياطات هائلة من النفط تقدر بـ 171 مليار برميل (أ ف ب)

في مساء الأربعاء الماضي، السابع من ديسمبر (كانون الأول) 2022، انخفض الضغط في أنبوب "كي ستون" الذي ينقل نحو 622 ألف برميل يومياً من ولاية ألبرتا الكندية إلى الولايات المتحدة، وعندما قامت شركة "تي سي إنيرجي" بالتحري عن سبب انخفاض الضغط اكتشفت انسياباً نفطياً كبيراً في المنطقة الحدودية بين ولايتي نبراسكا وكنساس، وتدفق النفط إلى أحد الجداول في المنطقة، فاضطرت الشركة إلى إغلاق الأنبوب موقتاً حتى يتم إصلاحه.

وبناء على بيانات إدارة سلامة خطوط الأنابيب والمواد الخطرة الأميركية فإن هذه هي الحادثة السابعة منذ بداية الأنبوب الضخ في مايو (أيار) 2010، ويقدّر حجم التسرب بنحو 14 ألف برميل من النفط الخام، وسبب التسرب غير معروف حتى الآن، إلا أن بعض التسربات في الماضي كان سببها سوء الأحوال الجوية.

أثر إغلاق الأنبوب في أسواق النفط

يعتمد التأثير على المدة التي يظل خط الأنابيب مغلقاً، والشروط التي ستضعها الحكومة لإعادة تشغيل الأنبوب بكامل طاقته الإنتاجية، وحتى إذا جرى إصلاح خط الأنابيب في غضون أيام، فقد لا تسمح الحكومة الفيدرالية والسلطات المحلية بتدفق النفط مرة أخرى حتى يجري إجراء تحقيقات معينة واستيفاء شروط تقنية صارمة، وحتى عندما تسمح باستئناف تدفق النفط فقد لا تسمح السلطات المتخصصة للشركة بالضخ بالمعدلات الطبيعية، وبالضغط الذي كان قبل الحادثة. وحتى من دون التدخل الحكومي فإن المتعارف عليه في الصناعة أن تتم زيادة الضخ والضغط تدريجياً للتأكد من صحة الإصلاحات التي تمت، وباختصار فالموضوع سيستغرق بعض الوقت حتى من دون تدخل حكومي.

ومن أهم آثار إغلاق الأنبوب انخفاض مخزون النفط الخام بمنطقة كوشينغ في ولاية أوكلاهوما، بخاصة إذا استمر الإغلاق فترة طويلة، ومنطقة كوشينغ هي التي يسعّر فيها "خام غرب تكساس الوسيط".

ويتوقع أن تنخفض المخزونات إلى مستويات صيف 2014 عندما انخفض المخزون إلى أقل من 20 مليون برميل، أما إذا استمر الإغلاق فترة تتجاوز الشهر فإن مستوى المخزون قد ينخفض إلى مستويات ما كان عليه خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2008، بعد بداية الأزمة المالية وقتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا الانخفاض في المخزون وعدم وصول النفط إلى المصافي في تكساس القريبة من مواني التصدير المطلة على خليج المكسيك سيدعم أسعار "خام غرب تكساس"، لكنه سيؤدي أيضاً إلى زيادة الفروق السعرية، إذ إن سعر "خام غرب كندا" سينخفض بشكل ملحوظ، كما سيؤدي إلى انخفاض أسعار أسهم شركات النفط الكندية في المنطقة والتي تصدّر نفطها إلى الولايات المتحدة.

وهنا لا بد من التوضيح أن دعم أسعار "خام غرب تكساس" لا يعني بالضرورة ارتفاعها، لكن قد يعني أيضاً انخفاضها بشكل أقل مما لو لم يتم إغلاق الأنبوب، إلا أن أهم أثر لوقف ضخ الخام الكندي في الأنبوب يتعلق بنوعية النفط، لأن هناك حاجة إلى تغطية العجز في الإمدادات من نوعية النفط نفسه المتدفق في الأنبوب، فمن أين ستأتي هذه الإمدادات؟

النوعية المماثلة تأتي عادة من أميركا اللاتينية، لكن ليس هناك طاقة إنتاجية فائضة للتعويض، ولهذا فإن أسعار هذه الأنواع من النفط سترتفع إذا طالت مدة إغلاق الأنبوب، وارتفاع أسعار الخام المماثل في النوعية من أميركا اللاتينية سيجبر الشركات على استيراد مزيد من العراق والسعودية وربما الكويت.

هنا تتضح أهمية النفط الفنزويلي الذي يعاني حظراً أميركياً، وتحاول إدارة بايدن استخدام الاستثناءات لضخ مزيد من النفط الفنزويلي في الأسواق الأميركية، كما يتوقع أن يزيد شحن النفط الكندي في صهاريج القطارات فإن الطاقة الاستيعابية للشحن محدودة وأقل بكثير من الكمية التي توقفت بسبب التسرب.

وتاريخياً تراوحت كميات النفط المشحونة في صهاريج القطارات بين 120 ألف برميل يومياً و175 ألف برميل يومياً، وفي حال تأخر عودة الأنبوب للعمل وارتفعت أسعار النفط عما هي عليه حالياً بشكل ملحوظ، فإنه يتوقع أيضاً قيام إدارة بايدن بسحب كميات إضافية من المخزون الاستراتيجي الذي قرر الكونغرس بيعها منذ سنوات، كما يمكن استخدام قانون الطوارئ لسحب كميات إضافية من المخزون الاستراتيجي أيضاً، والمشكلة هنا هي نوعية النفط، وعما إذا كانت بديلاً فعلياً عن النفط الكندي أم لا.

أنبوب "كي ستون"

تتمتع كندا، بخاصة ولاية ألبرتا، باحتياطات هائلة من النفط تقدر بـ 171 مليار برميل، إلا أن مشكلة صناعة النفط الكندية أنها محصورة وليس لها ميناء بحري للتصدير، ولهذا يجري نقله للولايات المتحدة عبر أنابيب أو محملاً في صهاريج تجرها القطارات وبيعه بأسعار مخفضة، ورغم محاولات كندية عدة لتصدير النفط مباشرة عبر موانئ كندية، فإن تدخل الحكومة الأميركية غير المباشر والمتكرر أفشل بناء أنابيب نفط داخل كندا.

ويبدأ الأنبوب من ولاية ألبرتا الكندية، ويتجه شرقاً ليخترق ولايتي سسكاتشوان ومانيتوبا، ثم يتجه جنوباً ليعبر الحدود الأميركية في ولاية داكوتا الشمالية، ومنها يمر في ولاية داكوتا الجنوبية ثم نبراسكا حتى يصل "ستيل سيتي" على الحدود مع كنساس، حيث يتفرع منه أنبوب يتجه شرقاً إلى مصفاتين في ولاية ألينويز بعد عبور هذا الفرع ولاية ميسوري.

أما الخط الرئيس فيستمر عبر كنساس حتى يصل مدينة كوشينغ في ولاية أوكلاهوما ومنها إلى المصافي قرب هيوستن في ولاية تكساس.

كوشينغ المدينة الصغيرة لعبت دوراً كبيراً في تاريخ صناعة النفط المحلية والعالمية، ففيها تتقاطع أنابيب النفط من أماكن مختلفة، ومنها يوزع النفط على الولايات الأخرى، كما أنها تحوي خزانات لتخزين النفط وفيها يسعر "خام غرب تكساس"، ورغم الأهمية الكبيرة لكوشينغ في صناعة النفط فإنها بدأت تفقد أهميتها مع نمو إنتاج النفط الصخري، وبناء أنابيب تنقل النفط مباشرة من "غرب تكساس" إلى المصافي قرب هيوستن. ولهذا انخفضت مستويات المخزون فيها خلال السنوات الأخيرة من دون التأثير في أسعار النفط.

وهنا لا بد من ذكر أمر بالغ الأهمية، وهو أن خط أنابيب "كي ستون" الذي جرى إغلاقه الأربعاء الماضي بسبب التسرب ليس أنبوب "كي ستون إكس إل" المشهور إعلامياً الذي أوقفه الرئيس بايدن رسمياً بعد ساعات من توليه الرئاسة، فالأنبوب الذي أوقفه بايدن أنبوب آخر تملكه الشركة نفسها التي تملك "كي ستون"، وكان من المفروض أن ينقل 800 ألف برميل إضافية يومياً من ألبرتا إلى منطقة هيوستن في تكساس إما لتكريره في المصافي المحلية أو لتصديره من الموانئ هناك، ويتوقع أن يتم إحياء المشروع مستقبلاً في حال ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير أثناء وجود إدارة جمهورية.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء