Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرار لندن بتشغيل منجم فحم جديد في مرمى سهام الخبراء

نشطاء يحذرون من أن المملكة المتحدة في طريقها لتصبح "قوة عظمى في النفاق المناخي"

من المتوقع أن يزيد المنجم الجديد انبعاثات غازات الدفيئة في المملكة المتحدة بمقدار 0.4 مليون طن سنوياً (رويترز)

أثار قرار السماح ببناء منجم مثير للجدل في بلدة كمبريا موجة غضب هائلة ومزيداً من المخاوف بشأن قدرة الحكومة على وضع معايير جديدة للاستثمار الصناعي وسط حال الطوارئ المناخية.

ودان السياسيون والعلماء والسكان المحليون ونشطاء البيئة المعارضون وحتى مستشارو الحكومة قرار منح منجم "وودهاوس كوليري" Woodhouse Colliery الضوء الأخضر، وهي خطوة يقولون إنها ستسبب أضراراً بيئية هائلة وتقوض أي دور ريادي قامت به المملكة المتحدة سابقاً لمعالجة أزمة المناخ المتفاقمة.

وتشير التوقعات إلى أن المنجم الكائن تحت سطح البحر، الذي يعد أول منجم فحم عميق للمملكة المتحدة منذ 30 عاماً، سينتج الفحم الحجري للتصدير إلى شركات الصلب الأجنبية حتى عام 2049، أي قبل عام من الموعد الذي التزمت به المملكة المتحدة بموجب القوانين لتحقيق صفر انبعاثات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خلال هذه الفترة، من المتوقع أن يزيد المنجم انبعاثات غازات الدفيئة في المملكة المتحدة بمقدار 0.4 مليون طن سنوياً، أي ما يعادل 200000 سيارة إضافية على الطريق.

وقالت الشركة التي تقف وراء المنجم المقترح، "ويست كمبريا للتعدين" West Cumbria Mining، إنها تتوقع توفير 530 وظيفة، إلا أنها "لم تقدم أي التزام مؤكد بذلك".

ووصف كبير المستشارين العلميين السابق للحكومة، السير ديفيد كينغ، الموافقة بأنها "فعل غير مفهوم للإضرار بالنفس"، بينما قال الوزير السابق المحافظ اللورد ديبن، رئيس لجنة تغير المناخ، إنها ستقوض جهود المملكة المتحدة للوصول إلى صفر انبعاثات و"الحد" من التأثير العالمي للبلاد على جهود تقليل الكربون.

وذكرت جمعية "أصدقاء الأرض" Friends of the Earth إنه "خطأ مضلل ومدمر للغاية يتعارض مع كل الأدلة" بشأن معالجة أزمة المناخ، في حين قالت منظمة "غريبيس" Greenpeace إن حكومة المملكة المتحدة "تخاطر بأن تصبح قوة عظمى في النفاق بكل ما يخص المناخ بدلاً من قيادة جهود الحد من تغيرات المناخ".

وحول الموضوع، أوضح دوغ بار، مدير السياسة في منظمة غرينبيس في المملكة المتحدة، قائلاً، "هناك ثورة تكنولوجية في صناعة الصلب، لكن هذا النهج يمكن أن يجعل المملكة المتحدة منعزلة في سباق التكنولوجيا النظيفة في القرن الـ21"، مضيفاً "كيف يمكننا أن نتوقع من الدول الأخرى السيطرة على استخراج الوقود الأحفوري عندما نبني مناجم فحم جديدة هنا؟".

وقالت ماريان بيركبي، مؤسسة مجموعة الحملة المحلية "اتركوا فحم كمبريا في مكانه بالحفرة" Keep Cumbrian Coal in the Hole، لـ"اندبندنت" إنها "شعرت بخيبة أمل كبيرة وإحباط" عندما علمت بالخبر.

وأضافت إنها قلقة من أن منجم الفحم قد يتسبب في حدوث زلازل حيث كانت الزلازل الصغيرة - التي تصل قوتها إلى 3 درجات على مقياس ريختر – شائعة الحدوث نسبياً نتيجة تعدين الفحم في المملكة المتحدة.

وأشارت "إذا استمر منجم الفحم في العمل، فيجب أن يكون هناك نظام إشارات مرور شبيه بما تطبيقه على التكسير الهيدروليكي"، وذلك في إشارة إلى نظام يقيس الزلازل ويبلغ شركات الغاز الصخري بالوقت الذي يتعين عليها فيه إيقاف أعمال الحفر.

وقال ريتشارد ديفيز، عالم الجيولوجيا في جامعة نيوكاسل، إن ما لا يقل عن 21 في المئة من الزلازل في المملكة المتحدة منذ السبعينيات نتجت من تعدين الفحم، لكنها كانت جميعها "صغيرة" إذ سجلت أكبرها حوالى ثلاث درجات على مقياس ريختر، مضيفاً أنه "يمكن الشعور بالزلزال لكنه لا يسبب أي ضرر".

ووصفت روث بالوغ، مسؤولة التنسيق في المجموعة التطوعية الخاصة بكمبريا الغربية ونورث لايكس في منظمة "أصدقاء الأرض" القرار بأنه "كارثة" ستضخ ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

وقالت لـ"اندبندنت"، "سيؤثر ذلك في الجميع، فالأضرار ليست مقتصرة فقط على بلدة وايتهافن. إنها خطوة إلى الوراء، يجب أن نتطلع إلى الأمام... هذه الحكومة ضلت طريقها".

وأوضحت الدكتورة بالوغ إن هناك عديداً من الأشخاص في غرب كمبريا يعارضون المنجم. وقالت، "إنني أختلف مع سكان غرب كمبريا الذين يقولون إن الجميع استسلم للأمر الواقع، ولكن ذلك غير صحيح"، مضيفة أن محاميي أصدقاء الأرض يدرسون الآن تفاصيل قرار الموافقة على المنجم "بدقة وتمعن".

وقالت ليندسي والش، مستشارة سياسة تغير المناخ في منظمة أوكسفام، إن القرار "خيانة كاملة لالتزام الحكومة بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وإبقاء ارتفاع درجة الحرارة عند نسبة 1.5 درجة مئوية".

وأضافت "زيادة إنتاج أقذر وقود أحفوري فيما تتصاعد حال الطوارئ المناخية من شأنه أن يفاقم من الجوع والفقر الذي لا يمكن تبريرهما لملايين الأشخاص".

وتأتي موجة الانتقادات بعد أن أكدت شخصيات بارزة في صناعة الصلب في المملكة المتحدة إنهم لا يحتاجون إلى الفحم الحجري من المنجم على أية حال - حتى بعد التوقف على الاعتماد على الفحم المنتج في روسيا في أعقاب غزو أوكرانيا.

وقال الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث "معهد معالجة المواد" Materials Processing Institute إن شركة تاتا ستيل Tata Steel، التي تنهي بالفعل شرائها للفحم الروسي، قد تشتريه ولن تحتاج إلى كميات كبيرة.

وقالت شركة بريتيش ستيل British Steel، مشغلو مصنع سكونثورب للصلب، إن محتوى الفحم من الكبريت سيكون "مشكلة" وقالوا إنهم لن يتمكنوا من استخدامه حتى لو تم استخراجه.

كما شكك الأكاديميون في الجدوى الاقتصادية للمنجم، مشيرين "أنه لا يوجد دليل على أن الفحم المستخرج من منجم في وايتهافن سيقلل من كمية الفحم المستخرج في الخارج".

وقال البروفيسور بيتر نيويل، خبير المناخ وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة ساسكس، "الموافقة على منجم فحم جديد في المملكة المتحدة بعد أسابيع فقط من تعهد ريشي سوناك في قمة المناخ في مصر بقيادة العالم في جهود إزالة الكربون من الاقتصاد ترقى إلى التقصير التام في أداء الواجب. هذا المنجم لا يحتاج إليه قطاع الحديد الصلب كما أنه لن يكون له أية فائدة في معالجة أزمة كلفة المعيشة. إنه قرار متهور إلى أقصى حد. ليس هناك أي مبررات اجتماعية أو اقتصادية أو بيئية للفحم الجديد في ظل حال الطوارئ المناخية".

وقال وزير تغير المناخ في حكومة الظل، إد ميليباند، إن ريشي سوناك أصبح "رئيس وزراء الوقود الأحفوري في عصر متجدد"، كما أنه "تخلى عن كل ادعاءات لأداء دور ريادي في قضية المناخ".

ووصف زعيم حزب الخضر، أدريان رامزي، القرار بأنه "وصمة عار" وقال إن حكومة سوناك "أخرته بشكل ساخر" حتى انتهاء رئاسة المملكة المتحدة لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب26 عقب الانتهاء من كوب27 في مصر.

وقال "هذه الحكومة سيئة حقاً. تتمتع إنجلترا وويلز بمزايا طبيعية هائلة وقوة اقتصادية لتسخير الرياح المتجددة والأمواج والطاقة الشمسية. يجب أن تقود الحكومة العالم نحو أشكال الطاقة المتجددة وليس تشجيعها على التقهقهر إلى الوراء. السجل البيئي للحكومة في حال يرثى لها. في جميع أنحاء العالم، تسعى الدول جاهدة إلى معالجة أزمة المناخ من خلال إغلاق مناجم الفحم، ولكن هنا تفتح الحكومة منجماً".

وقال "أصدقاء الأرض" إن معارضي المنجم سينظمون احتجاجاً على القرار في موقع المنجم المقترح يوم السبت 10 ديسمبر (كانون الأول).

وقال متحدث باسم وزارة التحسين الاجتماعي والإسكان والمجتمعات لـ"اندبندنت"، "وافق وزير الدولة على منح تصريح لتخطيط لمنجم فحم حجري جديد في كمبريا على النحو الذي أوصى به مفتش التخطيط المستقل. سيتم استخدام هذا الفحم لإنتاج الصلب وإلا سيكون هناك حاجة إلى استيراده وبخلاف ذلك لن يتم استخدامه لتوليد الطاقة".

وأوضح "المنجم يسعى أن يلتزم بصفر انبعاثات في عملياته ومن المتوقع أن يساهم في التوظيف المحلي والاقتصاد على نطاق أوسع. دوافع قرار وزير الدولة مذكورة بالكامل في رسالته المنشورة، إلى جانب تقرير مفتش التخطيط المستقل الذي أشرف على التحقيق في العرض".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة