بددت أصوات انفجارات الصواريخ الناجمة عن استهداف الطائرات المقاتلة الإسرائيلية مواقع عسكرية تابعة لحركة حماس ليل قطاع غزة، وأحدثت محاولة حركة حماس في التصدي لهذه الغارات من طريق استخدام المضادات الأرضية حالاً من التوتر الأمني الذي من شأنه أن يقرب أيام القتال العسكري الصعبة بين الطرفين.
وبعد أكثر من ستة أشهر على آخر قصف إسرائيلي ضد القطاع، ومرور ما يزيد على عام ونصف العام على آخر قتال عسكري بين الفصائل الفلسطينية وجيش تل أبيب، عاد التوتر الأمني والعسكري إلى جبهة غزة من جديد إثر إطلاق قذائف صاروخية من القطاع صوب التجمعات السكانية الإسرائيلية المحاذية للحدود مع غزة.
وبحسب الجيش الإسرائيلي فإنه أطلق من القطاع في الساعات الأولى ليوم الأحد، الرابع من ديسمبر (كانون الأول)، خمس قذائف صاروخية اجتازت اثنتان منها السياج الحدودي وسقطتا بمنطقة مفتوحة، وعلى إثر ذلك جرى تفعل صفارات الإنذار في غلاف غزة، فيما لم يعلن أي فصيل فلسطيني مسؤوليته عن ذلك.
تثبيت معادلة الردع
نائبة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيلا واوية قالت إن المقاتلات الجوية شنت غارات على قطاع غزة رداً على إطلاق قذائف صاروخية نحو إسرائيل، وجاء ذلك لتثبيت معادلة الردع التي من شأنها عدم السماح للفصائل في غزة بتهديد استقرار تل أبيب وأمن مواطنيها.
وخلال قصف المقاتلات الجوية قطاع غزة أطلقت كتائب القسام الجناح العسكرية لحركة حماس صواريخ أرض جو بواسطة منصات قذائف مضادات أرضية صوب الطائرات الإسرائيلية في محاولة منها للتصدي لعملية القصف.
وأكدت واوية أن طائرات الجيش تعرضت لمحاولة استهداف أثناء تحليقها فوق قطاع غزة، مشيرة إلى أن هذا الأمر دفع قيادة الجيش إلى اتخاذ قرار بضرب أهداف مهمة لحركة حماس.
وأضافت، "لقد عادت الطائرات من جديد لغزة وقصفت قدرات بناء القوة والتسلح لدى حماس، وجرى استهداف ورشة تصنيع وسائل قتالية تعد موقعاً مركزياً لإنتاج معظم القذائف الصاروخية التابعة للحركة، إضافة إلى نفق تابع لها، ولم نلحظ أي تحرك من الفصيل أو محاولة الرد والتصدي".
مضادات أرضية
ووفقاً لحركة حماس فإنها فتحت نيران رشاشاتها الثقيلة صوب الطائرات الإسرائيلية وهي تحاول استهداف مواقع عسكرية في غزة، وأطلقت باتجاهها صواريخ مضادات أرضية وصواريخ أرض جو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال متحدث الحركة حازم قاسم إن مقاتليهم تصدوا بشكل مباشر للطائرات الحربية، لأن حماس اتخذت قاعدة أن القصف يقابل بالقصف، وترفض تغيير هذه المعادلة حتى لا تسمح لإسرائيل بالتغول في جرائمها، مؤكداً أن هذه الخطوة تحمل رسائل عسكرية وسياسية كبيرة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الطائرات المقاتلات الإسرائيلية إلى محاولة اعتراض أثناء تحليقها في سماء غزة، وجرى ذلك أكثر من مرة خلال العامين الماضيين، لكن محاولة التصدي الأخيرة أدت إلى توتر أمني وعسكري بين الطرفين.
توتر أمني
ومباشرة عاد التوتر الأمني والعسكري إلى حدود غزة، ورفع الجيش الإسرائيلي حال التأهب في محيط القطاع واستنفر جميع قواته، إذ لوحظ تحليق مكثف لطائرات استطلاع وحربية، بالتزامن مع وصول دبابات وآليات عسكرية مدرعة تمركزت خلف السياج الحدودي بشكل مباشر.
وبحسب المعلومات الواردة فإن إسرائيل عملت على إخفاء آلياتها العسكرية وجنودها عن الأنظار خلف الجدار الحدودي، واعتمدت بصورة كلية على أنظمة المراقبة وإطلاق النار من أبراج مراقبة ومركبات غير مأهولة، إضافة إلى طائرات الاستطلاع، تحسباً من القناصة ومضادة الدروع.
توقف الهدوء الهش
هذا التوتر الأمني الذي لا يزال مستمراً رصدته الأمم المتحدة في تقرير لها وعرضته على أعضاء مجلس الأمن،
وقال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند "إن الهدوء الهش في غزة تحول إلى وضع خطر ووصلت درجة التوتر إلى الغليان".
وأضاف، "لقد رصدنا توقف الهدوء الهش بشكل كامل، وبات الوضع يأخذ مستويات عالية من الحذر الذي يسبق التوتر الذي قد يكون قوياً ومدمراً هذه المرة، ونحن نعمل عن كثب إلى جانب شركاء إقليميين ودوليين للتوسط ودعم وقف إطلاق النار، ومحاولة تجنيب غزة دماراً وقتالاً جديداً".
مصالح متبادلة
ووفقاً لتقديرات المراقبين السياسيين فإن التصعيد العسكري على جبهة غزة المتبادل بين إسرائيل وحماس هذه المرة يعيد خلط الحسابات ويقرب الأيام الصعبة على القطاع.
وقال الباحث في الشؤون السياسية أكرم البرغوثي إن التوتر الذي بدأ في العودة لغزة قد يخلط الأوراق السياسية ببعضها، إذ إن جر المعركة إلى قطاع غزة لن يوقف اشتعال الضفة الغربية، كما أن فكرة القتال العسكري لن تنجح في استمرار تنفيذ تفاهمات الهدوء التي شأنها تحسين ظروف القطاع الإنسانية.
وأضاف، "لدى إسرائيل ثلاث نقاط تحاول الوصول إليها في غزة من خلال القتال العسكري حال وقوعه، الأولى تهدئة الأوضاع بالضفة الغربية والثانية تثبيت حكم الحكومة الجديدة والثالثة خلق ردع قوي للفصائل".
وبحسب البرغوثي فإن غزة أيضاً في حال نشوب قتال جديد لها أهداف، أبرزها تحسين ظروف الحياة وإجبار الحكومة الإسرائيلية الجديدة على عدم التراجع عن قرارات سابقة توصلت إليها الفصائل.
إلا أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي له رأي آخر، إذ قال إن حماس لن تجرؤ على القيام بأي نشاط ضد إسرائيل لأنه نجح في ردعها، ولن تستطيع حتى الرد أو المبادرة بأي هجوم لأنها تدرك أن طريقة تفعيل القوة العسكرية ضدها قد تخلق واقعاً جديداً.
وبحسب كوخافي فإن إسرائيل إذا استثنت صاروخ الليلة الماضية فإن العامين الماضيين يعتبران الأكثر هدوءاً واستقراراً على جبهة قطاع غزة.