Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاحتباس الحراري يذوّب القمم الجليدية وهناك مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى حرب باردة جديدة

أوقات الشحن من الصين وروسيا إلى أوروبا من الممكن أن تتقلص بمقدار الثلث إذا سارت السفن عبر القطب الشمالي

صورة أرشيفية تُظهر سفينة "كريستوف دو مارجري" وهي ناقلة تستطيع الملاحة في الجليد، مزودة لنقل الغاز الطبيعي المسيل، ترسو في ميناء سابيتا في القطب الشمالي، في إقليم يامالو نينيتس، روسيا (رويترز)

إن المخاطر التي يُشكّلها الاحتباس الحراري لها تداعيات أيضاًعلى الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، حيث أن ارتفاع مستويات البحار والطقس المتطرف يشكّلان خطراً على الصناعات.

وتؤدي مخاطر الفيضانات إلى خلق مشاكل بالنسبة إلى شركات بناء المنازل ومالكي البيوت وشركات التأمين على حد سواء، في حين تواجه سلاسل التوريد خللاً كبيراً في الوقت الذي تؤثر أنماط الطقس الجديدة على المحاصيل الزراعية واستقرار البنية التحتية والطلب.

لكن هناك طريقة واحدة على الأقل سيكون فيها التغيير المناخي جذاباً للأعمال: فمع ذوبان القمم الجليدية، سيُصبح قسم جديد بالكامل من الكرة الأرضية مُتاحاً. وتُمثل اليوم مناطق في القطب الشمالي، لم تكن سالكة أبداً في السابق، بوابة لتجارة أوسع وفي بعض الحالات، ستضع أسواقاً جديدة في متناول اليد.

وقد يُصبح ممكناً خفض أوقات الشحن من الصين وروسيا إلى أوروبا بمقدار الثلث إذا ما سافرت السفن عبر المحيط المتجمد الشمالي  بدلاً من الطرق التقليدية في المحيطين الأطلسي والهندي والمحيط الهادئ.

وقد تكون التجارة عبر الجزء الشمالي الأقصى من العالم بعيدة بعض الشيء - فرحلة اختبار نفّذتها شركة مايرسك أثبتت انها مكلفة حيث أن السفينة تتطلبت كسارة جليد نووية لفتح طريقها - لكن الأطراف المعنيين يستعدون بالفعل للدفاع عن حقهم في استخدام الطريق.

يُشار إلى ان النشاط العسكري في منطقة القطب الشمالي قد تزايد في السنوات الأخيرة، مقترباً من مستويات الحرب الباردة، وفقاً للجنرال جيف آر ماك موتري، مدير العمليات في البحرية الملكية الهولندية والقائد العام لمشاة البحرية الملكية الهولندية. وقال "إنها الحرب الباردة رقم 3، وهي أكثر تعقيداً بكثير مما كانت عليه من قبل."

وخلال أول تجسيد للحرب الباردة، عملت البحرية الهولندية مع الجيش البريطاني في شمال المحيط الأطلسي. وكان يتعين على السفن الروسية عبور المنطقة للوصول من مورمانسك - وهي القاعدة البحرية الوحيدة الخالية من الجليد في البلاد - إلى الجنوب.

وقال الجنرال ماك موتري إن القوات المتحالفة عادت إلى المواقع نفسها التي كانت موجودة فيها خلال الحرب الباردة، وان الوجود الروسي في المنطقة آخذ في التزايد. وأضاف "بما أن القمم الجليدية تذوب، فإننا نتوقع أن تدور طرق الشحن من روسيا والصين حول القطب الشمالي في المستقبل - مما سيجعل موقفنا في القطب الشمالي أكثر أهمية."

"وسيؤدي ذلك إلى تقليص المسافة من آسيا إلى أوروبا بنحو الثلث." 

وبالفعل، فقد مرت سفينة العام الماضي عبر القطب الشمالي في فصل الشتاء من دون كاسرة جليد وذلك للمرة الاولى. وكانت السفينة تحتوي على غاز طبيعي مسيل.

وقالت سارة نورث، كبيرة محللي النفط في منظمة غرينبيس إنترناشيونال آنذاك: "إن القطب الشمالي قد تجاوز بالفعل طموح اتفاق باريس بألا يتخطى ارتفاع درجات الحرارة 1.5 درجة، والهدف المتفق عليه وهو 2 درجة. وفي بعض المناطق، ارتفعت درجات الحرارة بمقدار 4 درجات.

 "وحتماً، لقد تسبّب هذا في حدوث تغييرات هائلة، حيث اختفى بالفعل معظم الجليد في القطب الشمالي. لذلك الآن، ومن السخرية بمكان، يمكننا تسليم الوقود الأحفوري بسرعة أكبر. ويُشبه ذلك قيام مُدخن كبير باستخدام قصبته الهوائية لتدخين سيجارتين في وقت واحد."

إن سبب الوجود العسكري المتزايد لا يتمثل فقط بإمكانات طرق تجارة أسرع، ولكن أيضاً المخزونات الضخمة من الموارد الطبيعية التي تقع تحت السطح المتجمد حالياً. وقد زرعت روسيا بالفعل علماً في قاع البحر تحت القطب الشمالي، مطالبةً بملكية، هي موضع شك كبير لما قيمته بلايين الدولارات من النفط والغاز تحت السطح، والتي سوف يصبح الوصول إليها أكثر سهولة فيما يذوب الغطاء الجليدي.

وقال متحدث باسم غرينبيس: "إن ذوبان جليد البحر القطبي الشمالي هو واحد من أكثر الآثار المرئية لتغير المناخ. يجب أن يكون حقاً تحذيراً عميقاً للبشرية، وليس دعوة لشركات النفط."

في الوقت نفسه، يقول الجنرال ماك موتري إن هناك "اهتماماً متزايداً" من القوات البحرية الروسية في المنطقة "كما كان الحال منذ 30 عاماً." وأضاف: "إننا نرى المزيد من السفن الروسية أكثر من قبل، كما أنها تقترب أكثر مما كانت تفعل في السابق."

وفي الوقت الذي تبدي الاقتصادات الكبرى في العالم استعداداً وحرصاً للاستفادة من هذه الآثار الجانبية، الجذابة تجارياً، لظاهرة الاحتباس الحراري، بات الضوء مسلطاً أكثر على جزء كبير من التردد والتراجع في شأن التعهدات حول تغير المناخ. إن المعركة الشاقة للناشطين الذين يعارضون انسحاب دونالد ترامب من اتفاقية باريس وعدم مصادقة روسيا على المعاهدة تبدو أشبه بصعود عامودي.

لكن بريطانيا لديها الفرصة للدفاع بقوة عن مسألة السعي للهدف الطويل الأمد  وهو حماية الكوكب. فالقوات البريطانية تُعتبرعنصراً رئيسياً في المعقل ضد الانتهاك الروسي في شمال الأطلسي، وعلى هذا النحو، فإن لها نفوذاً على الحكومات الاخرى التي تريد قطعة من فطيرة القطب الشمالي.

ويُمكن استخدام هذا التأثير للمطالبة بالمزيد من الالتزامات للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

© The Independent

المزيد من اقتصاد