Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جازان السعودية" من أقدم مناطق زراعة "القهوة"... و"أرامكو" تلتفت إلى محاصيلها

تواجه زراعتها مشاكل عدة في مقدمها قلة الماء وضعف التسويق

يعتبر البن الذي يزرع في جازان من أجود أنواع القهوة عالمياً (واس)

القهوة، عشيقة الشعراء الذين لا يتزنّ مزاجهم، ولا يستقيم حرفهم إلا بفنجان قهوةٍ يعْدل مزاج الصباح، القهوة التي لطالما كانت رفيق العاميِّ البسيط الذي يهرب من أسئلة الوجود، ليجد الراحة بين أحبّائه الذين يشاطرونه كوبا من القهوة، استوت فيه بذور البن المحمّصة.

في جازان جنوب غربي السعودية تبرز حكاية فريدة بطلها البنّ الجازاني، وينسج تفاصيلها مزارعون آمنوا بجمال حرْفتهم، رغم كل الصعوبات التي تواجههم إلا أنهم يستمرون في إكمال مسيرة آبائهم وأجدادهم. في صباح كل يوم يستيقظ المزارع جبران المالكي الذي يقطن في منزله في أعالي جبال بني مالك، ليتفقد أشجار البن المخضرّة، فحينما يحلّ موسم الجني تكون المهمة الأساسية هي جني حبات البن الناضجة، لتجهيزها، وتجفيفها، ثم تحميصها، حيث يتم التحميص بدرجات متفاوتة، اعتماداً على النكهة المطلوبة، انتهاءً بطحنها وغليها لإعداد القهوة، ويمكن إعدادها وتقديمها بطرق متنوعة.

يزاول المزارع جبران المالكي فجرَ كل يوم عمله بالمزرعة، وتنقضي هذه الفترة في تمام التاسعة صباحا، ومرة أخرى عصرا إلى أن يحين الغروب، حيث يقضي معظم وقته في الإشراف على مرزعته، والتأكد من غزارة الإنتاج.

يقول المالكي: "ورثت هذه المهنة عن أبائي وأجدادي، وبحكم عملي معلما، لم أتمكن من مزاولتها بشكل كافٍ إلا بعد التقاعد".

ويبرز أن من أهم المعايير التي ينبغي اتباعها لزراعة البن هي اختيار المكان المناسب من حيث الارتفاع عن سطح البحر، بحيث يُفضّل بأن يتراوح ما بين 800 إلى 2000 متر؛ بالإضافة إلى التأكد من جودة التربة، وتوفر العناصر الملائمة لزراعة البن، كما أن اختيار البذور الجيدة، واختبار جودتها قبل تبذيرها، ومراعاة اختيار الموعد الملائم التبذير من العوامل المساعدة على جودة الإنتاج.

وعن مواسم جني البن يشير المالكي إلى أن مواسم الجني تختلف من مكان لآخر تبعا لمراحل الإزهار في كل منطقة، ويجنى يدويا كرزةً تتبع أخرى؛ عندما تكون ناضجة نضجا تاما.

ويقول المالكي: رغم ارتباط أفراد عائلتي بأعمال مختلفة إلا أنهم يقومون بمساعدتي بشكل كبير في الاعتناء بزراعة البن، والحرص على المتابعة بشكل مستمر، حيث تشكّل المزرعة بيئةً جاذبة للجميع، لاسيّما في ظل الأجواء الباردة التي تنعم بها جبال بني مالك في منطقة جازان.

وعن إنتاج مزرعته، يشير المزارع جبران بأنه توسَّع في الزراعة، حيث قام مؤخرا بزراعة 6000 شتلة بن، لذا فإن المحصول سوف يكون ضخما في السنوات القادمة. ويقدر عدد أشجار البن في القطاع الجبلي بأكثر من 110 آلاف شجرة بن، وما يقارب 800 مزراع، طبقا للمسح الميداني الذي أجرته شركة أرامكو السعودية ضمن مبادرتها التي تهدف من خلالها  لاستزراع وإنتاج القهوة و زراعة أكثر من 300 ألف شتلة قهوة وتدريب ودعم أكثر من 1000 مزارع خلال السنوات الثلاث القادمة.

وتأتي هذه المبادرة ضمن الاهتمام المستمر بزراعة البن في جبال جازان، حيث يحظى البن " الخولاني" الذي تشتهر به جبال جازان باهتمام متزايد، وقد انطلقت المبادرة بأهداف متعددة تتمثل في دراسة إحصائية لواقع زراعة البن في جبال جازان، ورفع مستوى الوعى للمزارعين وكفاءتهم في التعامل مع البن أثناء زراعته والعناية به وحصاده وتسويقه وزيادة نسبة إنتاج البن. كما تم تزويد المزارعين بخزانات المياه اللازمة للزراعة، وهي العقبة التي كانت تمنع الزراعة خلال السنوات الماضية، نظرًا لشح المياه وصعوبة وصولها للمناطق الجبلية المرتفعة.

البن الجازاني يتفوق 

البن الذي يزرع في جازان هو البن العربي الذي يعتبر من أجود أنواع القهوة عالمياً، حيث يتميز لعدة أسباب من أهمها، توفر جميع الظروف المناسبة لزراعته، والتربة الجبلية الغنية بالعناصر الغذائية اللازمة؛ حيث يضفي لها ذلك نكهة مميزة، ومذاقا أصيلا لا يملّ منه المتذوق. وللبن في جازان اسمان دارجان، الأول هو البن الخولاني، وأمّا الأخر فهو البن العديني، طبقا لأسماء السكان والقبائل التي بادرت بزراعة البن في تلك المناطق.

وعن الصعوبات التي تواجه المزارعين؛ يشير المالكي إلى ثلاث مشكلات رئيسة تقف أمامهم حجر عثرة في سبيل الارتقاء بكميات الإنتاج؛ وهي قلة الماء، وصعوبة الحصول عليه لوعورة المناطق الجبلية، بالإضافة إلى العمالة المتقنة للتعامل مع البن، وعدم وجود أماكن خاصة لتسويق وبيع البن على مدار العام لاسيّما مع زيادة الطلب عليه عالميا.

المزيد من