Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإعلام الرسمي في تونس... جزيرة منعزلة وبلاغة مراوغة

موالون ومعارضون يؤكدون فشل العملية الاتصالية للرئاسة والحكومة: "عقبة أمام وضوح الرؤية"

لم يظهر قيس سعيد في أي حوار إعلامي وعلى الطريق نفسه سارت رئيسة الحكومة نجلاء بودن (أ ف ب)

يبقى الجانب الاتصالي الرسمي في تونس التحدي الأبرز أمام مسار "25 يوليو"، إذ يجمع مراقبون، معارضة كانوا أم موالين لقيس سعيد، على فشل العملية الاتصالية لرئاستي الجمهورية والحكومة، معتقدين أنها كانت في معظم الأحيان وراء عدم وضوح الرؤية أمام المواطن حيال برامج ومشاريع فشلت السلطة في إبراز محاورها الكبرى.

المقربون من قصر قرطاج يقولون إن قيس سعيد غير مقتنع بوجود خلية تتولى التواصل مع الشعب، وفي هذا الصدد يعتقد عضو مبادرة "ينتصر الشعب" صلاح الداودي أنه "قبل الاستفتاء كانت الدولة مضطرة إلى اتباع سياسة اتصالية دفاعية، فالسلطة وعلى رأسها رئيس الجمهورية كانت مجبرة على الحذر نوعاً ما من بعض الاختراقات الخارجية التي تحاول صناعة سياسات معادية لتونس".

معي أو ضدي

أما بالنسبة إلى ما بعد الاستفتاء فيرى الداودي أن "الأمر لم يعد مقبولاً ولا طبيعياً"، موضحاً "كنا دائماً نقول إن هناك عقماً اتصالياً رسمياً كبيراً على رغم التحسن الطفيف مع القمتين المنعقدتين في تونس وهما القمة الفرنكفونية وأيضاً ’تيكاد‘".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف الداودي، "طالبت سابقاً بأن يكون وزير الخارجية متحدثاً رسمياً باسم رئاسة الجمهورية في انتظار تأسيس ديوان خاص بالاتصال داخل قصر قرطاج يتولى تنفيذ خطة اتصالية ناجعة"، مستدركاً أن "هناك صعوبات لا يمكن إنكارها، وقرارات جيدة اتخذت من طرف رئيس الجمهورية أو من طرف رئاسة الحكومة، لكنها مرت مرور الكرام ولم يتم تثمينها اتصالياً على غرار قرار حذف تراخيص إدارية مطلوبة لمزاولة الأنشطة تغطي 12 مجالاً صناعياً وتجارياً، وأيضاً قرار منع التوريد العشوائي، وهو أمر مهم لحماية الاقتصاد الوطني، لكن للأسف ذهب كغيره من القرارات المهمة التي مرت من دون إبرازها والترويج لها".

من جانبه، يقر العربي السوسي المتخصص في الاتصال السياسي بأنهم "عجزوا عن توصيف الاتصال الذي تقوم به الرئاستان في تونس، لأن الاتصال الرسمي عادة تكون له ملامح واضحة عبر متحدث رسمي وخطة اتصالية محددة وعناوين اتصالية كبرى، لكن في الحال التونسية لا وجود لمثل هذه الأشياء نتيجة غياب مسؤولين على الاتصال في رئاسة الجمهورية".

ويواصل "السلطة في تونس برأسيها تعتبر الشعب التونسي كتلتين متمايزتين، إما معي أو ضدي، فهم لا يخاطبون كل فئة على حدة، وهذا المعنى الحقيقي للخطة الاتصالية، أي توجيه الخطاب إلى فئات مختلفة، فالرئيس في خطاباته يخاطب صنفين، فمن معه يقول لهم انتظروننا سنحقق لكم ما تريدون وسننجح، ومن ضده يقول لهم أنتم خونة".

طريقة ثابتة

من جهة أخرى يرى الناطق الرسمي للتيار الشعبي محسن النابتي، أن الطريقة الاتصالية لرئيس الجمهورية أوصلته لهذا المنصب. ويوضح في تصريح خاص أن "غيره من الشخصيات الوطنية والحزبية دفعت أموالاً طائلة بمساعدة لوبيات خارجية من أجل تحسين صورتهم وكسب وسائل الإعلام إلا انهم فشلوا في الانتخابات".

 ويقول النابتي إن قيس سعيد وفي لطريقه الاتصالية قبل الصعود إلى منصب الرئاسة"، مفسراً "فهو قليل الظهور في وسائل الإعلام قبل الرئاسة وبعدها، وهذه الطريقة أوصلته لكرسي الرئاسة، فيما فشل غيره من المرشحين الذين بالغوا في  الظهور عبر القنوات التلفزيونية وغيرها من وسائل الإعلام". والأهم هو الشعور بالمصداقية في خطابات الرئيس كما يعتقد النابتي. 

البلاغة المراوغة

من جانب آخر، يرى السوسي أن الإعلان عن الأنشطة في رئاستي الحكومة والجمهورية لا يحتوي على رسائل واضحة تبرز السياسات العمومية أو الأهداف المنشودة، ولا يدل على مجهود كبير يقوم به متخصصون في المجال".

أما في ما يخص خطابات الرئيس فيقول السوسي إن "سعيد يستعمل مفردات بلاغية مبهمة لا تعبر عن رسائل واضحة ومباشرة، وهو يتحدث بـ ’أنا وأنتم‘، بينما يجب على السياسي أن يتحدث بضمير الجمع ’نحن‘ لأنه يعبر عن الشعب"، مضيفاً أن "مصطلحاته غريبة عن المعجم السياسي وغالباً ما يفضل استعمال مصطلحات من معجم إما إسلامي أو تاريخي".

ومنذ توليه منصب رئاسة الجمهورية لم يظهر قيس سعيد في أي حوار صحافي أو إعلامي على رغم الدعوات المتعددة له من وسائل إعلام محلية ودولية، وسارت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن في الطريق نفسه رافضة الخروج بخطابات إلى الشعب، مما جعل الهياكل المهنية للصحافة والإعلام في تونس تندد بما اعتبرته تجاهلاً من جانب رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة لدور الإعلام من أجل توفير المعلومة للمواطن ومساءلة السلطة التنفيذية عن خياراتها السياسية والاقتصادية.

المزيد من تقارير