Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفول المدمس... لهيب الغلاء يلفح "وجبة الغلابة" في مصر

شح العملة يرفع سعر الطن لـ1020 دولاراً والسلطات تؤكد عدم وجود أزمة

الطلب يزيد على الفول باعتباره أحد أبرز الوجبات الرئيسة في فصل الشتاء (أ ف ب)

تواصل أسعار السلع الأساس في الأسواق المصرية الارتفاع تباعاً، فبعد الزيادات التي طالت الرز ثم السكر يشهد حالياً الفول الذي يعتبر "وجبة الغلابة" ارتفاعات متتالية.

وظهرت تلك الارتفاعات مع ارتفاع سعر الدولار في مقابل الجنيه المصري، وتعثر وصول الإمدادات الخارجية بسبب أزمة النقد الأجنبي، إذ تستورد القاهرة أكثر من 80 في المئة من حاجاتها من الفول من خارج البلاد.

1020 دولاراً للطن 

وأرجع متخصصون ارتفاع سعر طن فول "التدميس" بمقدار 1100 جنيه (44.88 دولار أميركي) إلى أسباب داخلية وخارجية، وقال سكرتير شعبة العطارة باتحاد الغرف التجارية المصرية محمد الشيخ إن "ارتفاع سعر طن فول التدميس إلى 25 ألف جنيه (1020 دولاراً) للطن يعود لارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية على المستوى العالمي مع استمرار التداعيات السلبية للحرب الروسية في أوكرانيا وتعثر الإمداد من الصين". 

وأضاف أن "سعر طن الفول المستورد ارتفع من 23900 جنيه (975 دولار) إلى نحو 25 ألف جنيه (1020 دولاراً) حالياً"، مشيراً إلى أن "القاهرة تستورد أكثر من 80 في المئة من الفول من دول عدة أبرزها بريطانيا والصين وليتوانيا".

وأشار إلى أن "سبب التأخير يعود للإجراءات الاحترازية والإغلاق التي أعادت الصين فرضها بسبب زيادة أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد". 

من جانبه، قال رئيس شعبة الحبوب باتحاد الغرف التجارية مصطفى النجاري إن "أزمة الفول لا تختلف كثيراً عن أزمة معظم السلع المستوردة"، موضحاً أن "نسبة كبيرة من السلع المستوردة لا تزال عالقة في الموانئ المصرية بانتظار الإفراج الجمركي نتيجة عدم توافر العملة الصعبة بالشكل الكافي".

ولفت إلى أن "متوسط سعر طن الفول المستورد حتى مايو (أيار) الماضي لم يتخط حاجز الـ 17 ألف جنيه (694 دولاراً) حتى مطلع الشهر الحالي". 

أزمة العملة

وأرجع النجاري "الزيادات الحالية إلى تراجع الإفراج الجمركي عن البضائع المحتجزة بالجمارك المصرية لشح الدولار"، مضيفاً أن "الطلب يزيد على الفول باعتباره أحد أبرز الوجبات الرئيسة في فصل الشتاء، خصوصاً وجبة الإفطار، علاوة على قرب حلول شهر رمضان في مارس (آذار) المقبل وتكالب المصريين وربات البيوت على تخزين الفول باعتباره وجبة رئيسة في سحور رمضان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد على أن "تأخر الإفراج عن الشحنات العالقة بالجمارك جعل العرض أقل من الطلب، مما دفع أسعار الفول إلى الزيادة". 

وكانت الحكومة المصرية أوقفت في مارس الماضي تصدير عدد من السلع الاستراتيجية إلى خارج البلاد للحفاظ على مخزون السلع الأساس في ظل الأزمة العالمية الطاحنة التي تتعلق بسلاسل الإمداد على المستوى العالمي بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية. 

ووفقاً للقرار الرسمي فقد أعلنت القاهرة وقف تصدير الفول الحصى والمدشوش والعدس والقمح والدقيق بأنواعه كافة والمعكرونة مدة ثلاثة أشهر من تاريخ إصدار القرار، قبل أن تجدده لفترات متتالية.

المخزون الاستراتيجي

بدوره، نفى رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التموين المصرية عبدالمنعم خليل وجود أزمة، وقال "لا توجد أزمة على الإطلاق في وفرة الفول البلدي أو المدمس أو حتى المستورد".

وقال إن "المخزون الحالي يصل إلى أكثر من 200 ألف طن شهرياً، وهو ما يكفي استهلاك البلاد لمدة لا تقل عن أربعة أشهر ونصف الشهر، إذ إن حجم الاستهلاك الشهري من الفول لا يزيد على 50 ألف طن، بينما تنتج القاهرة ما يكفي الاستهلاك لمدة شهرين على الأكثر".

وأضاف خليل أن "مصر تستورد نحو 85 في المئة من الفول، بينما تعتمد على الزراعة المحلية فيما لا يزيد على 15 في المئة".

ويشار إلى أن موسم حصاد محصول الفول البلدي في مصر يبدأ مطلع مايو ويستمر حتى أغسطس (آب) من كل عام، لكن الإقبال بشكل كبير يكون على الفول المستورد، إذ يبحث معظم المصريين من أصحاب المطاعم وغيرهم عن الفول المستورد، نظراً إلى سرعة الطهي وتراجع أسعاره مقارنة بمثيله البلدي، وهو ما يقلل كلفة استخدام الغاز باعتباره أحد أبرز عوامل الكلفة مع زيادة أسعاره أخيراً. 

وجبة الفول بـ 0.81 دولار

ويعد الفول من أكثر السلع الأساس التي تتأثر بها شريحة ليست قليلة من المصريين، خصوصاً من شرائح الطبقة العاملة باعتبارها الوجبة الأسرع والأقل سعراً بما يتناسب مع المرحلة الحالية التي تشهد موجات من التضخم والغلاء.

وتنعكس كل زيادة في سعر طن الفول على جيوب المصريين، إذ تباع وجبة الفول على العربات بما لا يقل عن 15 جنيهاً (0.61 دولار) وتصل في بعض المناطق إلى نحو 20 جنيهاً (0.81 دولار)، بينما وصل سعر سندويتش الفول إلى أربعة جنيهات (0.16 دولار). 

وإلى جانب عربة فول في إحدى أحياء الجيزة يقف سليمان عبدالملك ليتناول وجبته المفضلة في الصباح، قائلاً إن "أجرتي اليومية لا تتخطى 150 جنيهاً (6.12 دولار) أخصص منها 20 في المئة في مقابل وجبة الإفطار وتناول كوب من الشاي أو فنجان القهوة".

وأضاف أن "تلك الكلفة في المتناول"، مستدركاً "لو زادت عن هذا الحد فسيكون الأمر صعباً، خصوصاً أن لدي عائلة مكونة من خمسة أفراد".

بينما يجهز عم أحمد صاحب العربة، كما يناديه زبائنه، مجموعة من السندويتشات ليجيب عن احتمال رفع أسعار منتجاته، قائلاً إن "ارتفاع سعر الفول في الوقت الحالي قد يكون موقتاً، ولذلك لن أتسرع في رفع الأسعار".

وأضاف أن "كلفة تجهيز وإعداد وجبات وسندويتشات الفول أصبحت مرتفعة للغاية خلال العام الحالي"، موضحاً أن "كل شيء ارتفع بداية من زيت الطهي وأنبوبة الغاز وكذلك المادة الخام وهي الفول".

وأشار إلى أن "أصعب قرار اتخذه هو رفع الأسعار، لكن هذا يخرج عن إرادتي، ولو سألت الزبائن فسيقولون لك أنني آخر بائع يرفع الأسعار بعد أن أتأكد من صعوبة الاستمرار بالأسعار نفسها نظراً لارتفاع الكلفة". 

في غضون ذلك وصلت معدلات التضخم في مصر إلى 16.2 في المئة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفقاً لما أظهرته بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، مسجلاً أعلى مستوى خلال أربع سنوات. 

وفي سياق ذاته طالب الاتحاد العام لمنتجي الدواجن مجلس الوزراء المصري باتخاذ قرارات تدفع بتدبير العملة الأجنبية، بخاصة الدولار الأميركي، لمستندات فول الصويا والذرة العالقة بالمنافذ الجمركية علاوة على الإلغاء، شرط أن تكون الصفقات أو المستندات أقل من 500 ألف دولار أميركي، أو استثناء مستندات تلك السلع ورفع الحد الأدنى لمستندات الصرف ليكون 750 ألف دولار. 

أزمة الدواجن مستمرة 

وأضاف اتحاد الدواجن في بيان رسمي أن "هناك زيادات قياسية بأسعار الذرة وفول الصويا المستخدمة كأعلاف لتسمين الدواجن نتيجة الضعف الشديد في تدبير البنوك المحلية للعملة الأجنبية لمستندات الإفراج الجمركي عن فول الصويا والذرة التي عادة تكون قيمتها أكثر من 700 ألف دولار".

ونهاية أكتوبر الماضي أعلن البنك المركزي رفع الحد الأدنى للواردات المعفاة من الاستيراد عبر نظام الاعتمادات المستندية من 5 آلاف دولار لتصل إلى 500 ألف دولار تمهيداً لإلغاء نظام تنفيذ العمليات الاستيرادية عبر الاعتمادات المستندية قبل نهاية 2022.

وفي عهد محافظ البنك المركزي السابق طارق عامر أعلن البنك في مارس 2022 وقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كل العمليات الاستيرادية، ليقر العمل بنظام الاعتمادات المستندية فقط، مرجعاً قراره إلى تسهيل عملية شراء البضائع من الخارج وحماية المستوردين والمصدرين المصريين من طريق فتح الاعتمادات المستندية الأكثر ضماناً، قبل أن يتضرر مجتمع المال والأعمال ويبدأ البنك المركزي أخيراً في تخفيف القيود بشكل تدريجي حتى وقفها تماماً قبل نهاية 2022. 

اقرأ المزيد