أظهر استطلاع جديد للرأي في المملكة المتحدة، أن أكثر من سبعة أشخاص من كل 10، يرون أن شروع الممرضات في إضراب لتحسين أجورهن وتقديم رعاية أفضل للمرضى هو أمر مبرر.
البحث الاستقصائي الذي أجرته مؤسسة "إيبسوس" Ipsos لأبحاث السوق بطلب من "وكالة برس أسوسييشن" PA، توصل إلى أن 74 في المئة من البالغين في بريطانيا، يشعرون بأنه من المقبول أن تلجأ الممرضات إلى الإضراب من أجل رعاية أفضل للمرضى، فيما رأى 71 في المئة من الذين استطلعت آراؤهم أن من المقبول بالنسبة إليهم القيام بتحرك جماعي للمطالبة بزيادة الأجور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذا وقد اعتبر 13 في المئة فقط من الذين شملهم البحث، أنه من غير المقبول أن تلجأ الممرضات إلى الإضراب للمطالبة بتحسين معايير الرعاية، فيما اعتبر 16 في المئة أنه من غير المقبول القيام بذلك لزيادة الأجور.
وكانت نسبة الأفراد المحايدين حيال هذه المسألة في حدود فرد من كل 10 أشخاص، تم استجوابهم في الدراسة.
إلا أن الاستطلاع الذي شمل 1083 شخصاً بالغاً، وجد أن 47 في المئة من الناس شعروا بأن مستوى زيادة الأجور الذي تطالب به نقابات التمريض هو مرتفع للغاية، مقارنة بنسبة 38 في المئة التي رأت أنها صحيحة، وتسعة في المئة فقط قالوا إنها منخفضة للغاية.
أما الفئة العمرية التي اعتبرت أن نسبة زيادة الأجور المطالب بها هي صحيحة تقريباً، فكانت للأشخاص الأصغر سناً، مقارنة بالأفراد الذين تبلغ أعمارهم 55 سنة وما فوق.
وفي هذا الإطار، بين استطلاع "إيبسوس" أن الكبار في السن وناخبي حزب "المحافظين"، كانوا أكثر ميلاً إلى اعتبار أن زيادة الرواتب التي تطالب بها "الكلية الملكية للتمريض" The Royal College of Nursing (RCN) (نقابة العاملين في المهنة)، هي مرتفعة للغاية. وأكد ذلك أيضاً 57 في المئة من الأشخاص الذي تتفاوت أعمارهم ما بين 55 و75 سنة، و64 في المئة من ناخبي حزب "المحافظين".
في المقابل، قال 37 في المئة من ناخبي حزب "العمال"، و38 في المئة من الأشخاص المصنفين ضمن الفئة العمرية ما بين 18 و34 سنة، إن مطالب النقابة في شأن الرواتب هي مرتفعة للغاية. وأعرب نحو نصف ناخبي الحزب المعارض عن اعتقادهم بأن مطالب تحسين الأجور هي في المستوى الصحيح.
الأرقام الجديدة تأتي غداة إعلان "الكلية الملكية للتمريض" الأسبوع الماضي، أن طواقم التمريض التي تعمل لدى غالبية مؤسسات هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" NHS في جميع أنحاء المملكة المتحدة، قد صوتت من أجل تنفيذ الإضراب، وكذلك من أجل تصحيح الأجور وضمان سلامة المرضى.
وتبين بشكل عام أن 59 في المئة من الذين شاركوا في الاستطلاع، يؤيدون بقوة، أو يميلون إلى دعم الإضرابات التي تعتزم الممرضات القيام بها، فيما قال 14 في المئة إنهم لا يعارضونها ولا يؤيدونها، أما نسبة المعترضين على القيام بها فكانت 24 في المئة.
الدعم الأعلى جاء من الأشخاص البالغين الأصغر سناً، حيث أيد الإضراب 67 في المئة من الذين تتفاوت أعمارهم ما بين 18 و34 سنة على نطاق واسع. وتراجع هذا التأييد وسط كل فئة عمرية لاحقة ليصل إلى 49 في المئة من الأفراد الذين تتراوح أعمارهم ما بين 55 و75 سنة.
كما أظهر الاستطلاع أن ثلاثة أرباع عدد الأشخاص الذين صوتوا لحزب "العمال" في انتخابات عام 2019 (75 في المئة)، أكدوا بقوة أو أعربوا عن ميلهم إلى دعم إضرابات قطاع التمريض، مقارنة بـ45 في المئة من ناخبي حزب "المحافظين".
أما في شأن الأجور، فتطالب "الكلية الملكية للتمريض" بزيادة تصل نسبتها إلى خمسة في المئة فوق معدل التضخم، معتبرة أنه على رغم زيادة الرواتب في وقت سابق من هذه السنة، فإن الممرضات المتمرسات كن في وضع أسوأ بنسبة 20 في المئة، بسبب الزيادات المتتالية منذ عام 2010 والتي كانت تقل عن معدلات التضخم في بريطانيا.
ويطالب هذا الجسم النقابي (الذي يضم أكثر من 435 ألف ممرضة وقابلة ومساعدة رعاية صحية وطلاب تمريض) بإجراء "مفاوضات مفصلة" مع الحكومة في شأن الأجور في الأيام الخمسة المقبلة، أو سيعلن عن مواعيد الإضراب لشهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
بات كولين، الرئيسة التنفيذية لـ"الكلية الملكية للتمريض" قالت إن "الرأي العام يدرك أن الممرضات يمثلن صوت المرضى وسط هذه المأساة القائمة. فالمعاملة اللائقة بموظفي التمريض - بمعنى توفير الأجر العادل لأفراده والظروف الآمنة للعمل - تعد جزءاً لا يتجزأ من الرعاية الآمنة وعالية الجودة للمرضى".
وأوضحت أن النقابة "أعطت وزير الصحة البريطاني مهلة زمنية حتى الأسبوع المقبل، لإجراء مفاوضات رسمية ومفصلة في شأن تحسين الأجور وسلامة المرضى، وإلا فسنقوم بالإعلان عن المواعيد الأولى للإضراب والأمكنة التي سيجرى فيها خلال شهر ديسمبر".
وترى المسؤولة النقابية أن "قطاع التمريض عانى بما يكفي، ولا سيما لجهة الوضع المالي المؤذي، والمعاملة غير المنصفة في نطاق العمل. ولن يقف أفراده مكتوفين عندما يتعرض مرضاهم للخطر بسبب انخفاض الأجور والنقص في عدد العاملين. إن السياسيين في مختلف أنحاء البلاد، لديهم من السلطة ما يكفي لتفادي الإضراب، لكن الوقت للقيام بذلك، ينفد بسرعة".
اتحاد "يونيسون" Unison (هيئة نقابية في المملكة المتحدة، تتبع لـ"مؤتمر اتحاد العمال") يجري هو الآخر في الوقت الراهن اقتراعاً لأكثر من 300 ألف من أعضائه، على مسألة القيام بحراك تصعيدي جماعي، على أن ينتهي التصويت في الخامس والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وزير الصحة والرعاية الاجتماعية ستيف باركلي علق على ما تقدم بالقول: "نحن جميعاً ممتنون للغاية للعمل الجاد والتفاني من جانب طاقم الرعاية الصحية، بمن فيه الممرضات، وقد أعطينا الأولوية لمرافق "الخدمات الصحية" في بيان الخريف (لوزير الخزانة)، من خلال تخصيص مبلغ إضافي بقيمة ستة مليارات و600 مليون جنيه استرليني (7.9 مليار دولار أميركي) لدعم قطاع الصحة في السنتين المقبلتين، إلى جانب التزامنا وضع استراتيجية شاملة للقوى العاملة في السنة المقبلة، مع توقعات تم التحقق منها بشكل مستقل".
وأعرب عن "الأسف الشديد لواقع أن بعض أعضاء النقابات صوتوا لمصلحة القيام بحراك تصعيدي جماعي".
ووصف باركلي هذه الأوقات بأنها "عصيبة"، مشيراً إلى أن "هذا هو السبب الذي دفعنا إلى قبول جميع توصيات "هيئة مراجعة أجور موظفي الخدمات الصحية الوطنية" NHS Pay Review Body المستقلة، وقدمنا زيادات على الرواتب لأكثر من مليون عامل في "الخدمات الصحية"، لا تقل عن 1400 جنيه استرليني للموظف هذه السنة، هذا إضافة إلى زيادة الأجور بنسبة ثلاثة في المئة العام الماضي، عندما تم تجميد رواتب القطاع العام وتقديم الحكومة دعماً أوسع لتكاليف المعيشة".
وأضاف باركلي: "تتمثل أولويتنا في الحفاظ على سلامة المرضى أثناء أي إضرابات. لقد اختبرت هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" الخطط الموضوعة للتخفيف من أي اضطرابات، إن لجهة توفير الرعاية الطبية المناسبة، أو لناحية ضمان مواصلة وحدات الطوارئ عملها".
ميريام ديكين، مديرة السياسات والاستراتيجية في "أن أتش أس بروفايدرز" NHS Providers (هيئة تمثل جميع مؤسسات الاستشفاء والإسعاف التابعة لـ"الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا")، أكدت أنه فيما يخطط قادة المستشفيات للقيام بإجراءات تصعيدية، فإنهم يحرصون في المقابل على الحفاظ على سلامة المرضى أثناء الإضرابات، إضافة إلى ضمان مصلحة جميع موظفيهم".
وأضافت أن "القيمين على المؤسسات الاستشفائية يتفهمون حقاً السبب الذي دفع بكثير من الممرضات إلى التصويت على القيام بإضرابات، كما أن هذا الاستطلاع يظهر أن الرأي العام يتفهم هو أيضاً أن الأجور المتدنية غير المواكبة لوتيرة التضخم المتفاقم وسط الارتفاع الهائل لتكاليف المعيشة، إضافة إلى النقص الحاد في عدد الموظفين، والضغوط المتزايدة في نطاق العمل، كلها عوامل تشكل معاً عبئاً ثقيلاً على كاهل طاقم التمريض".
وختمت ديكين بالقول: "إننا نحض بقوة كلا الطرفين في هذه المحادثات، على التعاون من أجل التوصل إلى اتفاق، وتجنب التداعيات طويلة الأمد التي سيخلفها الحراك التصعيدي لطواقم التمريض".