تخضع الأسلحة الإيرانية التي يزعم أن روسيا استخدمتها ضد أوكرانيا لتدقيق جديد بعد أن كشفت كييف النقاب عن تفاصيل حول مكونات من مصادر غربية لمسيرات استولت عليها في ساحة المعركة.
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن طائرة مسيرة إيرانية الصنع من طراز "مهاجر-6" استخدمتها القوات الروسية في سماء شرق أوروبا تحمل تواريخ تشير إلى أنها صنعت في فبراير (شباط)، وهو الشهر الذي شنت فيه موسكو هجومها، مما قد يتعارض مع مزاعم طهران بأنها باعت الأسلحة قبل بداية الحرب.
وتقول كييف إن المسيرات استخدمت أجزاءً مصنوعة في الولايات المتحدة والنمسا واليابان، بينما أقرت كندا بأن المحركات التي باعتها لإيران ربما استخدمت للمسيرات.
وقالت وزارة الدفاع، "يدرس المتخصصون الأوكرانيون كيف انتهى المطاف بالمكونات الأجنبية في المسيرات الإيرانية. لقد تم بالفعل تسليم الأرقام التسلسلية والبيانات حول المكونات إلى البلدان الشريكة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذا وأدت حرب روسيا ضد أوكرانيا التي تستمر منذ تسعة أشهر إلى تقريب موسكو وطهران من بعضهما بعضاً أكثر من أي وقت مضى.
وزعم مسؤولون غربيون أن إيران تستعد لتزويد روسيا بصواريخ باليستية يمكن أن تستخدمها لإعادة تخزين ترسانتها المتناقصة وشن هجمات على أهداف أوكرانية. ونقل تقرير لشبكة سكاي نيوز عن مصدر لم يذكر اسمه زعم أن موسكو دفعت لإيران ما يعادل 140 مليون يورو (145 مليون دولار) نقداً وسلمت أسلحة بريطانية وأميركية تم الاستيلاء عليها مقابل المسيرات المقاتلة. ورفض موقع إخباري إيراني مقرب من القيادة هذه المزاعم.
والتقى مستشار الأمن القومي الروسي، نيكولاي باتروشيف، يوم الأربعاء، في طهران نظيره الإيراني علي شمخاني، وذلك لمناقشة المشاريع الاقتصادية المشتركة، والتهرب من العقوبات الغربية، والحرب في أوكرانيا، بحسب تصريحات عامة وتقارير إخبارية.
وقال شمخاني، "إيران تدعم أي مبادرة تقوم على الحوار الذي يؤدي إلى وقف إطلاق النار والسلام بين روسيا وأوكرانيا".
ونفت إيران لعدة أشهر أنها كانت تزود روسيا بمسيرات قبل أن تعترف قبل عدة أيام ببيعها، لكن مع التأكيد بأن الأسلحة سلمت قبل 24 فبراير، موعد بداية الحرب.
واستخدمت روسيا المسيرات الإيرانية لتدمير البنية التحتية الصناعية في أوكرانيا وإرهاب المدنيين.
على رغم أن هذه الأسلحة لا تبدو حاسمة في ساحة المعركة، فإن المسيرات تستنفد موارد كييف، وتستهدف أهدافاً سهلة يكاد يكون من المستحيل الدفاع عنها بالعدد المحدود من وسائل الدفاع الجوي في البلاد. وفرضت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الشهر الماضي عقوبات على إيران بعد أن ضربت مسيراتها الانتحارية أهدافاً مدنية في أوكرانيا، بما في ذلك المباني السكنية.
قالت آنا رايسكايا، الصحافية الأوكرانية المتخصصة في شؤون إيران، "إنهم يستخدمونها ضد المنشآت الكهربائية ويسفرون عن انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء أوكرانيا. إنه يؤثر في جميع المدن الرئيسة، بما في ذلك كييف، حيث يوجد انقطاع لأكثر من 10 ساعات في اليوم".
تورط طهران في حرب أوكرانيا جعلها تحت أنظار كييف وتحالف الدول الغربية الداعم لجهود الدولة الدفاعية في وقت تواجه فيه إيران اضطرابات داخلية غير مسبوقة. وأسفرت حركة احتجاجية استمرت سبعة أسابيع على مستوى البلاد، والتي اندلعت على أثر مقتل مهسا أميني، وهي شابة اختطفتها شرطة الأخلاق المسؤولة عن تطبيق النظام في الشوارع، عن مقتل 328 شخصاً في الأقل على أيدي قوات الأمن، وألحقت أضراراً بالغة بالاقتصاد الإيراني وزادت من توتر العلاقات مع الغرب.
كما أطلقت عمليات نقل الأسلحة إلى روسيا انتقادات محلية نادرة. وشككت صحيفة بارزة ورجل دين ومبعوث سابق إلى موسكو في مبيعات الأسلحة واتهمت الحكومة بالعمل ضد مصالح طهران.
وكتب مسيح مهاجري، وهو مدير تحرير صحيفة "جمهوري إسلامي"، "يجب ألا تضع كل بيضك في سلة روسيا".
وجادل مسؤولون أميركيون وبريطانيون بأن شراء موسكو المسيرات الإيرانية قد يعد انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تفرض قيوداً على صناعة الأسلحة الإيرانية.
وبينما تحفظ الدبلوماسيون الإيرانيون في الإسهاب بالحديث عن مبيعات الأسلحة لروسيا، كانت وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري الإسلامي تتفاخر بها، مما يشير إلى أن الصفقات التجارية كانت تملأ خزائن النظام. وتقول أصوات إيرانية أخرى مقربة من النظام إن طهران ليس لديها خيار آخر.
وكتب دياكو حسيني، الباحث الإيراني الذي يقدم المشورة للحكومة أحياناً، في تغريدة، "سبب العلاقة الوثيقة بين إيران وروسيا ليس رغبة طهران المفرطة في موسكو. السبب الحقيقي هو الضغوط السياسية والاقتصادية المستمرة من قبل الولايات المتحدة، والتي لم تترك لإيران أي خيار سوى التقرب من روسيا والصين".
من جهتها، ترى السيدة رايسكايا أن القوة وليس الربح المادي دفعت القيادة الإيرانية، بما في ذلك المرشد الأعلى علي خامنئي، إلى منح الضوء الأخضر لمبيعات الأسلحة لروسيا مع المعرفة الكاملة بإمكانية استخدامها في أوكرانيا. على رغم أن إيران ليس لديها مصلحة في العمل ضد كييف، ربما تكون طهران قد خلصت إلى أنها لا تستطيع السماح لروسيا، من بين شركائها القلائل، بخسارة الحرب، أو أن السماح لسلطة السيد بوتين في الانهيار التام.
وقالت، "خامنئي وكبار مسؤوليه الذين اتخذوا هذا القرار لا يهمهم إذا كانت [المسيرات ستستخدم] في أوكرانيا أو أي مكان آخر. إنهم يقاتلون الغرب على مستوى آخر. لا أعتقد أن الأمر يتعلق بالمال، هذا يتعلق بإظهار القوة. أو قد يكون مجرد أن إيران لم تستطع رفض الطلب الروسي".
وتسببت الاضطرابات السياسية في إيران والخلافات بين واشنطن وطهران في توقف المحادثات التي تهدف إلى تقييد برنامج إيران النووي. وروسيا هي طرف في الاتفاق النووي لعام 2015 المحتضر الآن والذي ألغى العقوبات المفروضة على إيران مقابل قيود صارمة على برنامجها النووي.
لربما تغيرت حسابات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الآن، وأصبح يرى أنه من مصلحة موسكو السماح لإيران بتطوير برنامجها النووي.
وقال يوري فلشتنسكي، مؤلف كتاب "تفجير أوكرانيا: عودة الإرهاب الروسي" Blowing up Ukraine: The Return of Russian Terror، "بوتين يحاول زعزعة استقرار العالم الغربي. وأفضل طريقة للقيام بذلك، أو أسهل طريقة للقيام بذلك، هي مساعدة الإيرانيين على صنع القنبلة، أو إعطائهم القنبلة".
© The Independent