Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدل تونسي بسبب إجبارية ممارسة الرياضة في أماكن العمل

83.2 في المئة لا يمارسون الأنشطة البدنية ومتخصصون يتحدثون عن العقبات التي تواجه الخطوة

البعض سخر من القرار ورأى أنه لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع (الحكومة التونسية)

جدل واسع شهدته تونس أخيراً بسبب تصريح وزير الشباب والرياضة بخصوص إجبارية ممارسة الرياضة في أماكن العمل.

فبين ساخر يرى أنه لا يمكن تطبيق هذا القرار على أرض الواقع، وبين مؤيد يعتقد أنه قرار صائب يسهم في نشر ثقافة ممارسة الرياضة للقضاء على الخمول، تباينت الآراء.

في هذا الإطار، وتطبيقاً لقرار الوزير، انتظمت في مقر رئاسة الحكومة تحت شعار "الرياضة في الإدارة" أولى الحصص الرياضية لفائدة عدد من الأعوان والموظفين.

وحسب إعلان صفحة الجمعية الرياضية برئاسة الحكومة جاء ذلك في إطار "استراتيجية تدعم نشر ثقافة ممارسة الرياضة في الأوساط الإدارية، وللحفاظ على صحة الموظفين والتقليص من الضغط النفسي والروتين".

سنيا إحدى الموظفات في رئاسة الحكومة قالت لـ"اندبندنت عربية" إن "المبادرة جيدة وانطلقوا فعلاً في تنفيذها من خلال يوم مفتوح في مقر العمل للتعريف بالأنشطة الرياضية المبرمجة، وسيتولى عدد من المدربين تنشيط رياضات مختلفة كاليوغا والزومبا".

لكن بحسب ما صرحت به سنيا، فإن "الجمعية الرياضية برئاسة الحكومة لم تحدد بعد توقيت ممارسة هذه الأنشطة الرياضة"، وتعتقد أنه سيكون خارج أوقات العمل، وربما في أيام العطل وستكون بصفة اختيارية.

تقليد الدول المتقدمة

أثارت الصور التي نشرتها الجمعية الرياضية خلال ممارسة موظفي رئاسة الحكومة للرياضة موجة من السخرية والتندر، وقال أحدهم "بعد ممارسة الرياضة نسيت أزمة فقدان بعض المواد الأساسية".

وقال آخرون إن تقليد الدول المتقدمة يجب أن يكون من خلال تحسين الخدمات في الإدارات العمومية، وليس فقط بممارسة الرياضة وسط مقار العمل.

وكان وزير الشباب والرياضة كمال دقيش أكد سعي الوزارة إلى تعميم ممارسة الرياضة داخل أماكن العمل، خصوصاً المؤسسات الصناعية التي تشغل أكثر من 50 عاملاً، وانتداب متخصص في هذا المجال.

 

وأضاف إثر إشرافه على يوم دراسي نظمه المرصد الوطني للرياضة حول نتائج المسح الوطني حول "الممارسات الرياضية والبدنية لدى التونسيين"، أن الوزارة وضعت استراتيجية تهدف إلى تعميم ممارسة الرياضة من خلال التوعية بأهميتها، خصوصاً على المستوى الصحي".

وأوضح الوزير أن "ممارسة الرياضة هي مسألة حياتية، لذلك تم التنسيق مع وزارتي الداخلية والبيئة من أجل توفير الظروف الملائمة وتأمين الأماكن الطبيعية من أجل ممارسة العائلات التونسية للرياضة".

وحسب بيان وزارة الشباب والرياضة، فإن "الخمول هو السبب الرابع للوفيات في العالم، وأن عديد الأمراض يمكن الوقاية منها أو علاجها بممارسة الأنشطة البدنية والرياضية لأهميتها في الحفاظ على صحة الموظفين ودورها في تحقيق الاندماج الاجتماعي".

مبادرة ضرورية

تسعى مختلف الهياكل المعنية إلى زيادة نسبة مشاركة التونسيين في مختلف المجالات بممارسة الرياضة والتربية البدنية، حيث تبين من خلال مسح وطني نظمه المرصد الوطني للرياضة، أن نسبة 83.2 في المئة من التونسيين لا يمارسون الأنشطة البدنية والرياضية.

ويرى مراقبون أن تطبيق هذا القرار على أرض الواقع يتطلب عديداً من التحضيرات، منها ما يتعلق بفضاءات مناسبة وتوفير المعدين الرياضيين، وأخرى تتعلق بملاءمة توقيت الحصص الرياضة مع التوقيت الإداري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذا الصدد يقول عضو المكتب التنفيذي لمنظمة الأعراف شكيب بن مصطفى إن "القرار جيد ونشجعه، خصوصاً أن ممارسة الرياضة لدى العمال والموظفين تسهم في رفع الإنتاجية".

لكن بن مصطفى يعتقد أنه "على وزارة الشباب والرياضة أن تشرك أصحاب المؤسسات الخاصة في أخذ القرار، وأن تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل قطاع".

وأوضح "توجد قطاعات يمكنها تطبيق الفكرة، وأخرى لا يمكنها لأسباب عدة"، كما تساءل عن إمكانية دعم الدولة للمؤسسات الخاصة من أجل توفير المعد البدني أو القاعات اللازمة.

من جانبه، يرى الخبير الدولي في السلامة المهنية من معهد الصحة والسلامة المهنية ومنظمة العمل الدولية حسن البكوش أن ممارسة الرياضة في أماكن العمل "مبادرة ضرورية، ولا يجب تمييع أهدافها".

وقال البكوش لـ"اندبندنت عربية"، "زرت عديداً من المؤسسات في تونس تضم قاعات رياضة وشاشات معلقة وسط المصانع لتوعية العمال بأهمية ممارسة الرياضة من خلال بث فيديو قصير لحركات رياضية مدروسة حسب طبيعة العمل".

وأوضح "توجد أعمال تتطلب الوقوف بالتالي يجب القيام حركات محددة لتفادي بعض المشكلات الجسدية، وأعمال أخرى تتطلب الجلوس بالتالي يجب القيام بحركات أخرى لتفادي أمراض الظهر وغيرها".

قواعد وشروط

وأشار البكوش إلى أنهم سجلوا سنة 2021 نحو 1788 حالة مرض مصرح بها لعمال لدى الصندوق الوطني للتأمين على المرض من دون احتساب الحالات غير المصرح بها، ما اعتبره خسارة كبيرة للمجتمع وللعائلة.

لكن حسب الخبير في السلامة المهنية، فإن إجبارية ممارسة الرياضة في أماكن العمل تتطلب قواعد وشروطاً، منها وفق تصريحه "الأهلية الطبية، وذلك حسب الفصل 153 من مجلة الشغل الذي يجبر توفير طبيب شغل في مؤسسة تضم أكثر من 50 عاملاً، لأنه المخول الوحيد لإعطاء رخصة ممارسة الرياضة من عدمها".

وأضاف "على سبيل المثال أصحاب أمراض القلب لا يمكنهم ممارسة الرياضة"، مفيداً بأنه في سنة 2021 توفي 15 عاملاً بسكتات قلبية"، وشدد على ضرورة توفير عناصر حفظ الصحة، التهوية وبيوت استحمام.

كما يرى البكوش أن وزارة الشؤون الاجتماعية هي المخولة لأخذ قرار إجبارية الرياضة في أماكن العمل، وهي المسؤولة عن صحة وسلامة العامل بالتنسيق مع بقية الوزارات.

واعتبر أن وزارة الرياضة أرادت بهذا القرار تقليص البطالة من خريجي الرياضة، لكن حسب تقديره فإن القرار من مهمات طبيب الشغل المسؤول عن سلامة العمال والموظفين، مفسراً "ممارسة الرياضة لا تحتاج في غالب الأحيان إلى مدرب وقاعات، بل فقط توفير شاشة تبين للعامل أو الموظفين الحركات التي يمكن القيام بها في مدة قصيرة، لأن الإنتاجية مبنية على ربح الوقت".

المزيد من منوعات