Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إندونيسيا... رؤية طموحة واقتصاد مزدهر

ستعمل رئاسة مجموعة الـ20 كقوة دفع لإظهار أن جاكرتا منفتحة على الأعمال التجارية

تحتل إندونيسيا المرتبة الـ16 كأكبر اقتصاد عالمياً، ووصل ناتجها الإجمالي المحلي في العام الماضي إلى 1.9 تريليون دولار (أ ف ب)

مرت إندونيسيا بمرحلة تباطؤ اقتصادي وارتفاع في مستويات الفقر وتراجع معدلات النمو لديها منذ استقلالها، إلا أن فترة تسعينيات القرن الماضي مكنت جاكرتا من تنفيذ خطط إصلاح قاسية واستهداف الفاسدين في الحكومة وتدشين برامج اقتصادية طموحة لتحقيق نمو متسارع واستكشاف فرص جديدة للاستثمار المحلي والاهتمام بالتكتلات الإقليمية والدولية، فأضحت الاقتصاد الأكبر في جنوب شرقي آسيا وعضواً في مجموعة الـ20 التي تضم أقوى 20 اقتصاداً في العالم. وتأمل إندونيسيا خلال السنوات المقبلة الحفاظ على معدلات النمو التي تراجعت فقط خلال فترة الجائحة لتتمكن من الوصول إلى رؤيتها لعام 2045 كخامس أكبر اقتصاد عالمي.

أكبر اقتصاد في "آسيان"

تعد إندونيسيا من البلدان الغنية بالموارد الطبيعية، كما أن اقتصادها من بين أكبر الاقتصادات في العالم، كما تعد أكبر بلد إسلامي، حيث يشكل المسلمون فيها 85 في المئة من إجمالي السكان، كما تعد رابع دولة من حيث الكثافة السكانية عالمياً، إذ يصل عدد السكان إلى 275 مليون نسمة. وتبلغ مساحة إندونيسيا نحو مليون و919 كيلومتراً، وهي صاحبة أكبر أرخبيل وعدد من الجزر في العالم، حيث تمتلك 17500 جزيرة من بينها 600 جزيرة غير مأهولة بالسكان، وتتميز إندونيسيا بالتعددية الثقافية والدينية والعرقية، إذ يسكن الأرخبيل ما يصل إلى 300 جماعة عرقية ومختلف الديانات، ولكنها تعيش بانسجام بفضل "مبدأ بانكسيلا"، أحد ركائز الدستور الإندونيسي.

وتحتل إندونيسيا المرتبة الـ16 كأكبر اقتصاد عالمياً، ووصل ناتجها الإجمالي المحلي في العام الماضي إلى 1.9 تريليون دولار، كما تعد عاشر أكبر اقتصاد من ناحية القوة الشرائية، وإقليمياً هي أكبر اقتصاد في منطقة جنوب شرقي آسيا.

اهتمت إندونيسيا بإبرام اتفاقيات تجارية متعددة مع أطراف دولية وإقليمية، فهي عضو في الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، أكبر اتفاق تجاري دولي، كما أنها عضو في اتفاقية التجارة الحرة بين بلدان مجوعة "آسيان". ولدى إندونيسيا اتفاقية للشراكة الاقتصادية مع اليابان، وبصفتها عضواً في "آسيان" ترتبط باتفاقيات للتجارة الحرة مع الهند وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية.

ويعتمد الاقتصاد الإندونيسي في الغالب على السوق المحلية والإنفاق الحكومي، إلى جانب الشركات المملوكة للدولة. وتتعدد القطاعات المكونة لاقتصاد الأرخبيل، وأبرزها قطاع الخدمات والسياحة. ويمثل قطاع الخدمات 44 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي، ويعمل به ما يقرب من 50 في المئة من العمال، وتحديداً في مجالات البنوك والسياحة. أما القطاع الصناعي فيسهم بنحو 38 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي ويشغل 22 في المئة من القوة العاملة، ومن بين المنتجات التي تشتهر إندونيسيا بإنتاجها وتصديرها، المنسوجات والأسمنت والأسمدة الكيماوية والمنتجات الإلكترونية. ويشكل القطاع الزراعي في إندونيسيا أهمية كبرى، بخاصة أن إندونيسيا أكبر مصدر لزيت النخيل عالمياً وتنتج ما يقرب من 43 مليون طن سنوياً، كما أنها ثاني أكبر مصدر للمطاط. ويكون القطاع الزراعي نحو 13 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي للبلاد، ويوفر عمالة لما يقرب من 27 في المئة من السكان.

إندونيسيا هي القوة المحركة الكبرى في تكتل "آسيان" الذي يجمع دول جنوب شرقي آسيا الـ10، ويصفها خبراء بكونها عضواً نشطاً في فض النزاعات الإقليمية مثل نزاع بحر الصين الجنوبي. وكعضو في مجموعة الـ20 كذلك فإن دورها يتخطى حدود آسيا ومنطقتها الإقليمية، حيث تسعى لأن تكون لاعباً رئيساً إلى جانب أوروبا والولايات المتحدة في قضايا الأمن البحري. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


نهضة اقتصادية

خلال الفترة بين ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي كانت إندونيسيا تحقق معدلات نمو سريعة، ولكن سرعان ما واجهت تراجعاً حين ضربت الأزمة الاقتصادية آسيا، ولكن منذ عام 1999، شهد الاقتصاد الإندونيسي نمواً يتراوح بين 4 و6 في المئة عقب إجراء عدد من الإصلاحات الاقتصادية، مما جعل إندونيسيا تحقق طفرة، وتطوراً اقتصادياً ملحوظاً، دفع بها بين الاقتصادات التي عرفت باسم "أشبال النمور" ملتحقة بالنمور الآسيوية الأربعة التي مرت اقتصاداتها بقفزة اقتصادية من الستينيات وحتى التسعينيات، كما نجحت جاكرتا في تقليص معدلات الفقر في البلاد التي زادت على النصف في عام 1999 حتى وصلت إلى أقل من 10 في المئة في عام 2019.

وفي عام 2012، تخطت إندونيسيا الهند لتصبح ثاني أسرع اقتصاد بين دول مجموعة الـ20 بعد الصين، ولكن نتيجة لجائحة كورونا سجلت البلاد أول كساد لها عام 2020 عقب عقدين من تحقيق النمو الاقتصادي، حيث تباطأ النمو ليصل إلى اثنين في المئة خلال عام الجائحة. وتشير البيانات الدولية إلى أن الاقتصاد الإندونيسي يتوقع أن يسجل معدلاً للنمو بنسبة 5.4 في المئة في العام الحالي، و5 في المئة خلال العام المقبل. 

ومن المتوقع أن تصبح إندونيسيا سابع أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030 بعد المملكة المتحدة وألمانيا. وتصنف إندونيسيا بصفتها بلداً ذا دخل منخفض ومتوسط ودولة صناعية جديدة.

الاقتصاد والخليج

ترتبط إندونيسيا بعلاقات سياسية واقتصادية قوية مع دول الخليج العربية، إذ ركزت الحكومة الإندونيسية على مد جسور تواصلها مع تلك الدول. فمن الناحية السياسية شهدت العلاقات أخيراً تطوراً من خلال زيارات متبادلة بين قادة إندونيسيا وقادة دول الخليج، وبشكل خاص السعودية، إلى جانب دولة الإمارات. وخلال العام الحالي التقى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في إندونيسيا أخيراً، فيما زار نائب الرئيس الإندونيسي، معروف أمين، دولة الإمارات في أوائل شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، والتقى رئيسها الشيخ محمد بن زايد لمناقشة التعاون في مجالات عدة بين البلدين. 

اقتصادياً، تشير إحصائيات تعود إلى عام 2020 إلى أن قيمة التبادل التجاري بين إندونيسيا ودول مجلس التعاون الخليجي اقتربت من 8.7 مليار دولار، فيما تقدر إحصائيات سعودية قيمة التبادل التجاري بين إندونيسيا والسعودية بـ20 مليوناً و679 ألف ريال سعودي خلال عام 2019.

رؤية مستقبلية

في الوقت الحالي تعمل إندونيسيا على تعزيز نموها الاقتصادي من خلال تبني الحكومة الإندونيسية استراتيجية اقتصادية ذات ثلاث جوانب لدعم مكانتها في الاقتصاد العالمي. وتعتمد الجوانب الثلاثة على الاقتصاد الأخضر ورقمنة الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وتطوير الصناعات التحويلية في البلاد. وفي الصناعات التحويلية تركز إندونيسيا بشكل خاص على الصناعات المعدنية والفحم والوقود، بحيث ترتفع قدرة البلاد على التصدير والتنافسية مع الأسواق العالمية. ويتوقع أن يصل حجم الاقتصاد الرقمي في إندونيسيا بحلول عام 2030 إلى 300 مليار دولار ليصبح أكبر اقتصاد رقمي في منطقة جنوب شرقي آسيا. وبحسب الرؤية الإندونيسية لعام 2045، تعمل هذه الاستراتيجية على تحويل إندونيسيا إلى واحدة من بين أكبر خمسة اقتصادات عالمياً، كما تبنت وزارة الصناعة الإندونيسية دخول إندونيسيا إلى عصر الثورة الصناعية الرابعة من خلال تصميم خريطة طريق تهدف لتحقيق عدد من الاستراتيجيات التي تدخلها هذا العصر. وتشمل الخطة أنشطة تعاونية بين مختلف أصحاب المصالح من الحكومات والمؤسسات والمصنعين. وتتضمن الثورة الصناعية الرابعة الاعتماد على تقنية المعلومات والاتصال في مختلف عمليات الصناعة وسلاسل الإمداد والأعمال. ويذكر وزير الصناعة الإندونيسية أن الأرخبيل وضع خطاه الأولى في عصر الثورة الصناعية الرابعة من خلال زيادة التفاعلية والتواصل في الأعمال والشركات بالبلاد، فيما تدعم خطة الوزارة خمس تقنيات رئيسة في تطوير الصناعات وفق الثورة الصناعية الرابعة، وهي إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وواجهة الإنسان والآلة وتكنولوجيا الروبوتات وأجهزة الاستشعار والطباعة ثلاثية الأبعاد.

وتأمل إندونيسيا من خلال قمة الـ20 الاستفادة اقتصادياً من خلال زيادة عائدات البلاد من النقد الأجنبي من خلال الوفود الأجنبية المشاركة في قمة الـ20 وما يسبقها من مؤتمرات، حيث تشير تقديرات اقتصادية إلى أن كل قمة لمجموعة الـ20 تولد أكثر من 100 مليون دولار أميركي (نحو 1.4 تريليون روبية إندونيسية) من الإيرادات للبلد المضيف.

ومن الناحية السياسية من المتوقع أن تكسب رئاسة إندونيسيا لمجموعة الـ20 الصدقية والثقة العالمية في قيادة جهود التعافي العالمي، وثقل في الدبلوماسية والسياسة الخارجية. وفي مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، ستعمل رئاسة مجموعة الـ20 كقوة دفع لإظهار أن جاكرتا منفتحة على الأعمال التجارية. ويتيح الحدث عرض إمكانات التنمية والاستثمار في إندونيسيا، ويخلق تأثيراً كبيراً للاقتصاد الوطني، بخاصة في السياحة وجعل إندونيسيا كموطن بديل من خلال الإقامة الدائمة والنقل والاقتصاد الإبداعي، وكذلك بالنسبة للشركات المحلية متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.

المزيد من متابعات