Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"عالم صغار"... تشكيلي مصري يدعو الأطفال لقاعات الفن

تجربة غير مسبوقة ويأمل الفنان حلمي التوني في أن تكون انطلاقة لتجارب مماثلة

الألوان المشرقة والخطوط الانسيابية من سمات أعمال حلمي التوني حتى في أعماله الموجهة للكبار  (اندبندنت عربية)

"يُسمح للبنات والصبيان باصطحاب أمهاتهم وآبائهم على أن تكون أعمارهم فوق الثلاثين"، هكذا جاءت دعوة الفنان التشكيلي حلمي التوني لمعرضه الجديد "عالم الصغار"، الذي يعد تجربة فريدة من نوعها، إذ تفرغ الفنان لرسم لوحات زيتية تستهدف الأطفال الذين سيتوافدون لزيارة المعرض مصطحبين آباءهم في حالة فنية وإنسانية ستبقى عالقة في ذكرياتهم للأبد.

المعرض المقام بغاليري موشن بمنطقة الزمالك بالقاهرة يضم 30 لوحة زيتية تقدم سيمفونية لونية بألوان مشرقة اعتادتها ريشة الفنان حتى في أعماله الموجهة للكبار، وبراءة وعفوية في الخطوط الانسيابية التي تحمل مشاهد من حياة الأطفال مغلفة بطابع من الأصالة وبمفردات من قلب التراث الثقافي والشعبي، الذي يمثل ركيزة أساسية في المشروع الفني لحلمي التوني على مدار عشرات السنين، جعلت له مدرسة فنية وطابعاً مميزاً لأعماله تمكن المتلقي من التعرف إلى لوحاته حتى قبل أن تلمح عيناه توقيعه عليها.

المشهد في معرض عالم صغار يجعل الأطفال يتخيلون أنفسهم كباراً وهم يصطحبون آباءهم إلى معرض هم المدعوون الأساسيون فيه، ويعود بالكبار لطفولتهم وهم يتأملون اللوحات التي تأخذهم إلى سنوات مضت عندما كانوا صغاراً.

 

 

عن فكرة المعرض يقول التوني لـ"اندبندنت عربية"، "فكرة تقديم معرض موجه للأطفال مطروحة لديّ، وتراودني منذ فترة طويلة حتى خرج للنور معرض عالم صغار، وهو أول معرض من نوعه يقدم لوحات زيتية مرسومة خصيصاً للأطفال، فيأتي الطفل لمشاهدة اللوحات في الغاليري بصحبة والديه أو جدوده، فتكون زيارة عائلية لكل أفراد الأسرة من كل الأعمار، ما يجعلها تمثل حالة إنسانية وعائلية فريدة، إضافة إلى الجانب الفني، وستمثل ذكرى دائمة للطفل تظل معه طوال حياته".

يضيف، "عملت لمدة عام كامل على الفكرة لينتج منها 30 لوحة، تمثل مشاهد مختلفة من حياة الصغار عنوانها المرح والفرح واللعب، وعندما بدأت في عرض هذا الاقتراح وجدت حماسة له، وأتمنى أن يكون هذا المعرض شرارة انطلاقة لمثل هذا النوع من المعارض داخل مصر وخارجها، وأن تكون بداية نهضة تثقيفية وتنويرية تزيد الوعي بالفنون، فكما هناك أمية القراءة والكتابة هناك أيضاً أمية فنية وثقافية ينبغي العمل على محوها منذ الطفولة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دور الفنان وذائقة المجتمع

تجربة حلمي التوني في الرسوم الموجهة للطفل طويلة وممتدة، نتج منها على مدار السنوات مجموعة كبيرة من رسوم قصص الأطفال، إلى جانب مجموعة كتب التلوين التي دائماً ما كان يميزها أنها تحمل ملمحاً من التراث المصري وتقدمه للصغار ليلونوه برؤيتهم الفنية الصغيرة ليتحول إلى جزء من تكوينهم الفني والثقافي في المستقبل.

يقول التوني "بدأت هذه التجربة منذ أكثر من نصف قرن، وما زالت أحد همومي الفنية التي أحملها دائماً. على مدار عشرات السنين كان لي باع طويلة في التعامل مع الرسوم الموجهة للطفل، ففي حقبة الستينيات كانت هناك نهضة ثقافية كبيرة في مصر، واكتشفت ومجموعة من الفنانين أنه على رغم ذلك لا يوجد جمهور حقيقي للفنون التشكيلية بسبب عدم الوعي بأهميتها، فتوجهنا للرسم للأطفال في المجلات الخاصة بهم لنرفع ذائقتهم الفنية ونعلي من قيمة الفن ونربي جيلاً يتوجه في المستقبل للمعارض الفنية والمتاحف".

يضيف، "يتردد الناس أحياناً في التوجه للمعارض الفنية بسبب فكرة الأمية الفنية، وجزء من هذه الإشكالية سببه الفنانون أنفسهم إذ يجب أن يكون لهم دور في تقريب الفنون للناس والتوجه بأعمالهم إلى كل فئات المجتمع، وليس إلى الفئة المتذوقة والمهتمة بالفنون بالفعل، وهذا ما أفعله وأسعى إليه عندما أقدم معرضاً موجهاً للأطفال ومخصصاً لهم، فهو وجبة فنية تشكيلية مناسبة لأعمارهم، ولها مردود كبير عليهم في المستقبل".

 

 

ريشة تعزف بألوان زاهية

المتأمل في لوحات حلمي التوني وتجربته الفنية الممتدة سواء في معارضه التشكيلية المتعددة أو في رؤيته الفنية لتقديم أغلفة الكتب، التي كان أبرزها تجربته لرسم أغلفة روايات نجيب محفوظ، إلى جانب أعماله الموجهة للأطفال، يلاحظ أن لوحاته كانت دائماً زاهية الألوان تنقل المتلقي لعالم مشرق، يشير التوني "حتى في أعمالي للكبار على مدار السنوات أحاول دائماً إشاعة البهجة في نفوس الناس عن طريق الفن، فالمجتمع يعاني ضغوطاً كثيرة ويمكن أن تكون اللوحة التشكيلية متنفساً للشخص عندما يشاهدها فتنقله لعالم آخر مليء بالسعادة والألوان، وتكون حالة إيجابية مشرقة وسط المشكلات التي يعانيها الناس، فالعين تطرب وتستمتع برؤية الفن مما ينعكس على الحالة العامة للشخص".

يضيف، "الفنان لا بد أن يكون مهتماً بالشأن العام وغير منفصل عنه، ويكون له دور في المجتمع، ويحاول أن يكرس جهده دائماً لهذا الأمر إلى جانب سعيه لنجاحه الشخصي، لأنه في النهاية سيمثل هذا جزءاً من نجاحه أيضاً، فالفنون مرتبطة بالناس ومنهم وإليهم في الأساس وأحد أدوار الفنان أن يعبر عن الناس من خلال لوحاته".

 

 

أطفال عصر التكنولوجيا

تجربة فنية ممتدة على مدار 60 عاماً تعاقب فيها أجيال، واختلفت حال الدنيا فطفل اليوم يعيش في عالم يختلف كلياً عن آخر عاش من 20 أو 30 عاماً، فهل ما يبهر طفل الأمس لا يزال قادراً على التأثير ذاته في أطفال اليوم، الذين أصبحت التكنولوجيا جزءاً رئيساً من حياته. يوضح التوني "الطفل هو الطفل في كل زمان ومكان، والعمل الذي يستهدفه لا بد أن تتوافر فيه شروط معينة هي التي ستؤدي إلى نجاح أو فشل العمل الفني في الوصول إليه، بينها أن يخاطب عقله ومشاعره معاً، وأن يكون من بيئته وعالمه حتى يستطيع أن يتفاعل معه، فالطفل في مصر سيتفاعل بشكل أكبر مع مفردات بيئتنا بينها الحقول الممتدة الموجودة في بلادنا أكثر من تفاعله مع رسوم تضم جبالاً ثلجية أو غابات على سبيل المثال، فعندما يرى اللوحة تعبر عنه ستلمس شعوره ووجدانه وتنجح في الوصول إليه".

يضيف، "التكنولوجيا أصبحت واقعاً في حياة الأطفال، ولا مفر من التفاعل مع هذه الفكرة، ولكن عقلية الطفل ومشاعره تحتاج دائماً إلى إثرائها بالفنون المختلفة بكافة الوسائل والاهتمام بهذا الأمر، لأنه سينعكس على المجتمع بكامله، وسيرفع ذائقته الفنية وسيكون له مردود كبير على مستقبله".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات