على قمة تلة صخرية في الضفة الغربية، استكشف مستوطنون إسرائيليون تغمرهم السعادة بالانتصار الانتخابي المدوي الذي حققه اليمين، أرضاً تنتشر فيها القرى الفلسطينية، بحثاً عن مواقع جديدة لاستيطانها.
وشهد الاقتراع في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) صعود حزب "الصهيونية الدينية" الاستيطاني المتطرف، ليحتل المركز الثالث في البرلمان، مما جعله شريكاً قوياً محتملاً في الائتلاف المرتقب لبنيامين نتنياهو، وبدأت المفاوضات أمس الأحد، ومن الممكن أن تستغرق أسابيع.
لكن بالنسبة إلى المستوطنين الذين يعتبرون أنفسهم رواداً في استعادة الأرض التي وعدهم بها الرب، هناك آمال كبيرة بالفعل في الحصول على ميزانيات، وفي البناء وتشييد البنية التحتية للحفاظ على ازدهار مستوطناتهم.
وقالت دانييلا فايس، وهي مستوطنة مخضرمة قادت المهمة الاستكشافية الصغيرة، "توقعاتنا ضخمة، هذه الحكومة أفضل لليهود منها للعرب، هذا هو أهم شيء".
ووصفت فايس نتائج الانتخابات بأنها "ثورة"، وقالت "بصفتي قائدة لحركة استيطانية، هذا نصر، ليس لديّ شك في أنه سيكون هناك تسريع في تطوير المستوطنات".
وتعتبر معظم القوى العالمية المستوطنات التي أقيمت في الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل في حرب سنة 1967 غير قانونية بموجب القانون الدولي، وكذلك تعتبر توسعها عقبة أمام السلام، نظراً لأنه يحدث على حساب الأراضي التي يأمل الفلسطينيون في إقامة دولتهم المستقبلية عليها.
تشاؤم الفلسطينيين
مع توقف محادثات السلام، التي تهدف لإقامة هذه الدولة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية منذ عام 2014، ومع عدم وجود أي مؤشر على إحيائها، فإن حكومة نتنياهو المنتظرة تزيد الشعور بالتشاؤم الموجود بالفعل على الجانب الفلسطيني.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، لـ"رويترز"، "بالتأكيد سيكون هناك تصعيد في النشاطات الاستيطانية، وإغلاق أي أفق أمام أي عملية سياسية".
وتنفي إسرائيل عدم شرعية المستوطنات، وتستشهد بروابط توراتية وتاريخية بالضفة الغربية، التي تسميها باسمها التوراتي "يهودا والسامرة".
سعادة المستوطنين
وقال باروخ جوردون من مستوطنة بيت إيل، حيث تنتشر لافتات حزب الصهيونية الدينية الانتخابية في الشوارع، "أشعر بإثارة بالغة لعودتي إلى الأماكن نفسها التي عاش فيها أجدادي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف جوردون "أنه وطننا الشرعي الذي ورثناه عن أجدادنا"، وعبر عن أمله في رؤية إسرائيل تبسط سيادتها على المنطقة في ما سيكون ضماً فعلياً للأراضي.
وأكثر من 450 ألف شخص يمثلون أقل من خمسة في المئة من سكان إسرائيل هم من المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين فلسطيني يمارسون حكماً ذاتياً محدوداً هناك.
ويمثل المستوطنون الذين جرى دفعهم بدوافع أيديولوجية إلى الجيوب الأصغر حجماً في عمق المنطقة، أقلية بين السكان المستوطنين، لكنهم مع ذلك قوة سياسية قوية في حزب نتنياهو "ليكود".
رقص وغناء
وفي مدرسة بيت إيل الدينية، حيث يعمل جوردون مديراً للتنمية، انطلق الطلاب في الغناء والرقص ليلة الانتخابات عندما ظهرت النتائج.
وذهب نحو 80 في المئة من أصوات بيت إيل إلى "الصهيونية الدينية"، بحسب ما أظهرت بيانات لجنة الانتخابات في "الكنيست"، ونحو عشرة في المئة لحزب "ليكود".
وتحالف نتنياهو، الذي أصبح في طريقه لولاية سادسة كرئيس للوزراء (وهو عدد قياسي) مع "الصهيونية الدينية" والذي يدعو إلى ضم المستوطنات، وهو وعد قطعه نتنياهو في عام 2020 قبل أن يتخلى عنه مقابل اتفاق السلام مع الإمارات.
وجرى تمديد اتفاق التطبيع بعد فترة وجيزة ليشمل البحرين، بعد إبرامه بوساطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بعد أن رأت إدارته أن حكومة نتنياهو اليمينية القوية، من 2015 إلى 2019، تزيد الاستثمار في تطوير المستوطنات.
موازنة الأمور مع البيت الأبيض
وفي ظل إدارة بايدن، الأكثر تشدداً في موقفها ضد المستوطنات، سيتعين على نتنياهو موازنة الأمور بدقة بين ائتلافه الناشئ والبيت الأبيض.
لكن المستوطنين لا يشعرون بالانزعاج، وقال إيجال دلموني الرئيس التنفيذي للمنظمة الرئيسة الجامعة للمستوطنين، إنه يتوقع أن يكثف نتنياهو أعمال التطوير في المستوطنات، بينما يقوم بقمع أعمال البناء الفلسطينية التي تتم من دون تصاريح إسرائيلية.
ووصف دلموني نتنياهو بأنه رجل دولة ذكي وقادر على حل أي خلاف دبلوماسي حول هذا الموضوع، مضيفاً أن الضم "مسألة وقت فقط". موضحاً "إذا لم يحدث ذلك في القريب العاجل، فسيحدث خلال 10 أو 15 عاماً، لسنا في عجلة من أمرنا".