Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملفات شائكة تنتظر القضاء السوداني خلال الفترة الانتقالية

القوانين والتشريعات المعمول بها كافية ورادعة إلا أن النظام السابق عطلها تماماً وقد تحتاج إلى تفعيل

سودانيون يلوحون بالأعلام في 5 يوليو 2019 احتفالاً بالاتفاق بين المجلس العسكري والمعارضة على تقاسم السلطة خلال فترة انتقالية (رويترز)

اتفق محامون سودانيون على ضرورة استقلال القضاء واختيار نائب عام مستقل لديه المقدرة على تحريك وتسريع الملفات القانونية كافة، وبتّها بالسرعة والعدالة المطلوبتين، مؤكدين لـ"اندبندنت عربية" أن "القوانين والتشريعات المعمول بها كافية ورادعة، إلا أن النظام السابق عطلها تماماً، ولهذا قد تحتاج إلى تفعيل". ودعوا إلى تشكيل هيئة وطنية "للحقيقة والإنصاف والمصالحة"، على غرار ما حدث في أكثر من 50 دولة في العالم، مثل الأرجنتين وتشيلي وجنوب أفريقيا ورواندا والمغرب وغيرها، وأثبتت جدارتها في تصفية التركة الثقيلة التي خلفتها الأنظمة، بعيداً من الأشكال التقليدية.

العدالة الانتقالية

 المحامي كمال الجزولي قال "من المعروف أنه في كل فترة انتقالية تكون هناك قضايا ضخمة ومعقدة، وقد يستغرق بتّها أزمنة طويلة بحكم هذه العوامل، وبحكم الفترة الزمنية للنظر في هذه القضايا"، مضيفاً أن "مثل هذه القضايا لا يمكن تصفيتها عن طريق القضاء الكلاسيكي (المحاكم والنيابات والشرطة والسجون إلخ)، موضحاً أن "تجربته الشخصية التي خاضها عقب انتفاضة عام 1985 والتي شهد فيها على كثير من القضايا المماثلة، جعلته مؤمناً بأن العدالة الكلاسيكية لا تساعد في تصفية الكم الهائل من القضايا، التي تشكل تركة الماضي المثقلة والتي تتفاوت بين قضايا سياسية تتعلق بالانقلاب على نظام حكم ديمقراطي منتخب، وبين الفصل التعسفي والتعذيب في بيوت الأشباح وممارسة القتل بأشكاله المختلفة واستغلال النفوذ والتعدي على الأموال العامة، فضلاً عن قضايا الاغتصاب والاعتقال التعسفي"، مؤكداً أنه لا يمكن عبور الفترة الانتقالية من دون معالجتها.

وشرح الجزولي أن "رؤيته للفترة الانتقالية المقبلة تتمثل في اعتماد ما يسمى بالعدالة الانتقالية، وهي شكل من أشكال الممارسات العدلية غير التقليدية، التي تعتمد في الأساس على أشكال حديثة من العدالة، وعملت عليها أكثر من 50 دولة في العالم مثل الأرجنتين وتشيلي وجنوب أفريقيا ورواندا والمغرب وغيرها وأثبتت جدارتها في تصفية تلك التركة بعيداً من الأشكال التقليدية"، مشيراً إلى أن هذه التجربة التي تُعرف بممارسة الحقيقة والإنصاف والمصالحة، تناسب تجربتنا السودانية خلال الفترة الانتقالية، وذلك من خلال تناول القضايا التي خلفها النظام السابق".

ودعا إلى تكوين هيئة وطنية للحقيقة والإنصاف والمصالحة، بحيث لا تكرر أو تستنسخ تجارب البلدان الأخرى، و"إنما تبتدع من داخل ثقافتنا السودانية في مختلف الأقاليم أشكال جديدة تصب في مصلحة العدالة الانتقالية". وأكد الجزولي أن "هذه التجربة ستسهم إلى ضرب عصفورين بحجر واحد، إذ تقوم بتصفية تركة الماضي".

وأوضح أنه من خلال هذه التجربة، ستُحصر الملفات المتعلقة بالقضايا المختلفة، ومن ثم تُعرض على المنتهكين. وإذا ما وافقوا أن يدلوا باعترافات على الملأ عليهم أن يطلبوا العفو، على أن يُعرض هذا الطلب على الضحايا، ولكن لا بد من العقوبة الاجتماعية التي تتفاوت حسب الانتهاك الذي مارسه النظام أو عناصره، وهي عقوبة تكون بمثابة رد اعتبار للضحايا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تطهير الأجهزة العدلية

 المحامي معز حضرة رأى من جهته أن "من أبرز القضايا التي سينظر فيها القضاء السوداني خلال الفترة المقبلة، هي قضية تعويض النظام الديمقراطي الدستوري الذي كان قائماً في 30 يونيو (حزيران) 1989، نتيجة انقلاب عسكري شارك فيه إلى جانب الرئيس السابق عمر البشير، عدد من العسكريين والمدنيين المنتمين لتنظيم الإخوان المسلمين أو ما يُسمى بـ "الجبهة الإسلامية القومية". وتُعد هذه القضية من أكبر الجرائم التي تصل فيها العقوبة، وفقاً للمادة 96، إلى الإعدام. كما أن هناك قضايا خاصة بجرائم الإبادة الجماعية التي مورست ضد أهالي دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، ويُتهم فيها رئيس النظام السابق البشير إلى جانب أكثر من 50 شخصية عسكرية ومدنية.

إضافة إلى ذلك، هناك قضايا تتعلق بالقتل والمفقودين والتعذيب في السجون والمعتقلات والفساد المالي وفساد الأراضي. ولفت حضرة في هذا الإطار، إلى "أن هذه القضايا تتطلب أن يكون هناك قضاء مستقل، ما يشير إلى ضرورة تطهير الأجهزة العدلية لأن النظام السابق شوّهها وبرمجها لصالحه، ما جعلها أجهزة غير عادلة". وأوضح أن معظم هذه القضايا تتراوح عقوبتها ما بين السجن المؤبد ومصادرة الأموال.

وكشف حضرة أنهم مجموعة من المحامين الوطنيين، "فتحوا بلاغاً ضد رئيس النظام السابق البشير وآخرين بتهمة غسل الأموال وحيازة أموال وعملات أجنبية بطريقة غير مشروعة، بعدما شعروا بمماطلة المجلس العسكري والنائب العام في فتح مثل هذا البلاغ، وهو أول بلاغ كان يفترض أن يفتحه النائب العام، ما جعلنا نسرع في هذا الإجراء، على الرغم من عدم ثقتنا بالقضاء الحالي، حتى لا يُهرّب البشير إلى أي جهة.

تحريك الملفات

أما المحامي مهدي بخيت، فأعرب عن اعتقاده بأنه "من الضروري أن يجري خلال الفترة المقبلة اختيار نائب عام مستقل لديه مقدرة على تحقيق العدالة وتحريك كل الملفات الخاصة بمختلف القضايا، خصوصاً قضايا الفساد لأنها قضايا كبيرة وخطيرة وشائكة"، مضيفاً "مطلوب بالدرجة الأولى التحرك السريع لوضع اليد على الوثائق والشهود حتى تكتمل كل المعلومات المطلوبة". كما أشار إلى "أهمية تكوين لجان تحقيق مثل ما حدث في الفترة الانتقالية عام 1985، من خلال الاستعانة بمحامين ذي خبرة، والعمل على تفريغ قضاة للنظر في هذه القضايا"، لافتاً أيضاً إلى أن "من بين القضايا الملحة قضايا القتل والاعتقالات، وهي تتطلب اهتماماً خاصاً لأن هناك كثيرين من الأسر فقدت أبناءها في إطار خارج القانون، إضافة إلى ذلك، هناك قضايا تتعلق باستغلال النفوذ، إذ لم يكن هناك تنافس شريف في فترة الحكم السابق، وكذلك لا بد من سن تشريعات وقوانين تعمل على التحول الديمقراطي". واختتم قائلاً إن "القوانين المعمول بها في السودان كافية ورادعة، لكن تحتاج إلى تفعيل".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي