Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تحديات طويلة الأمد" تعصف بالاقتصاد البريطاني... والركود حتى عام 2024

"الجميع سيتأثرون": قفزة في تكاليف الإسكان وزيادة في معدل التضخم ستضربان بشدة

أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا يقول أن زيادة أسعار الفائدة ضروري لكبح جماح التضخم (رويترز)

يحذر نشطاء في مجال مكافحة الفقر من "فترة طويلة الأمد من التحديات" بعدما حذر بنك إنجلترا من أن بريطانيا تواجه أطول فترة ركود منذ بدأت السجلات، التي ستمتد حتى فترة متقدمة من عام 2024.

ورفع البنك معدلات الفائدة بواقع 0.75 في المئة لتصبح ثلاثة في المئة الخميس الفائت، ما ترك أصحاب المنازل أمام أكبر صدمة على صعيد سندات الرهن العقاري الخاصة بهم في أكثر من ثلاثة عقود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مارتن لويس، مؤسس موقع "خبير توفير الأموال" Money Saving Expert، إن أصحاب الرهون العقارية ذات المعدلات المتغيرة يواجهون دفع مبلغ إضافي قدره 480 جنيهاً استرلينياً (545 دولاراً) في السنة مقابل كل 100 ألف جنيه من قروضهم.

وتعني الزيادات الإضافية في المعدلات التي تشير إليها التوقعات الاقتصادية للبنك المركزي أن نحو خمسة ملايين أسرة قد تدفع في المتوسط ثلاثة آلاف و900 جنيه إضافية في مقابل سندات الرهن العقاري بحلول نهاية عام 2024، وفق حسابات "مؤسسة القرار" البحثية Resolution Foundation.

لكن المحنة المالية ستمتد إلى ما هو أبعد من أصحاب المساكن، إذ يواجه المستأجرون أيضاً تكاليف متصاعدة في مساكنهم في الوقت الذي يسعى فيه مالكوها إلى تغطية قروض الرهن العقاري الخاصة بهم. كما تضاءلت أيضاً قيمة مداخيل الفقراء بعدما فاق معدل التضخم 10 في المئة.

وأشار وزير الخزانة جيريمي هانت إلى تحديات إضافية سيتضمنها بيانه المالي يوم 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري إذ قال إن "قرارات صعبة" ستتخذ في شأن كل من الزيادات في الضرائب والتخفيضات في الإنفاق العام.

وحاول السيد هانت إلقاء اللوم بسبب الموقف المالي البريطاني المحفوف بالمخاطر على أحداث خارجة عن سيطرة الحكومة، مثل جائحة "كوفيد" والحرب في أوكرانيا.

لكن السير كير ستارمر [زعيم حزب العمال المعارض] أشار إلى أن الناخبين يواجهون "ارتفاعات فرضها المحافظون على الرهون العقارية" بسبب 12 عاماً من التقشف والنمو البطيء التي جعلت المملكة المتحدة أكثر عرضة من غيرها من البلدان إلى التحديات العالمية. وأضاف: "أخشى أن المسؤولية عن هذا الوضع تتحملها رئاسة الوزراء".

هذا في الوقت الذي جدد مؤتمر الاتحادات المهنية دعواته إلى إجراء انتخابات عامة فورية بالتالي تمكن رئيس الوزراء ريشي سوناك [في حال إعادة انتخابه] من الحصول على تفويض شعبي بتطبيق حزمة التقشف المتوقع أن يطلقها في وقت لاحق من هذا الشهر.

كذلك طالب اتحاد الصناعة البريطاني السيد هانت أن "يتعلم الدروس" من أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما قوض وزير الخزانة جورج أوزبورن النمو من خلال إبطال برنامج الحكومة للإنفاق.

وكانت الزيادة بمقدار 75 نقطة أساس في معدل الفائدة الأساس هي الزيادة الثامنة على التوالي التي أقرتها لجنة السياسة النقدية التابعة لبنك إنجلترا التي رفعت المعدل من المستوى المتدني التاريخي الذي بلغ 0.1 في المئة قبل سنة، كما كانت أكبر زيادة [يقرها البنك دفعةً واحدة] منذ عام 1989.

وقال محافظ البنك أندرو بيلي: "سيكون الطريق أمامنا صعباً"، إذ توقع أطول فترة من التراجع الاقتصادي المتواصل الذي تشهده الأمة منذ نحو قرن. ولفت إلى أن المملكة المتحدة قد تواجه ثمانية فصول [أرباع] سنوية متتالية من النمو السلبي إذا ثبتت التوقعات السوقية الحالية، ستمتد طوال عام 2023 وحتى الانتخابات المتوقعة عام 2024.

لكن السيد بيلي أطلق بعض العبارات التي حملت بعض الأمل لأصحاب المساكن، إذ قال إنه يتوقع أن تكون الارتفاعات في المستقبل أقل من تلك المرجحة من قبل الأسواق المالية، وهذا يعني أن معدلات الرهون العقارية الجديدة ذات الآجال الثابتة "لا ينبغي أن ترتفع كما حدث أخيراً ".

وأفادت "مؤسسة القرار"، وهي منظمة تركز على تحسين مستويات المعيشة، بأن 1.2 مليون أسرة تحمل رهوناً عقارية ذات معدلات متغيرة يمكن أن تتوقع زيادة في تكاليف الإسكان في المستقبل القريب نتيجة لزيادة أسعار الفائدة التي قررت الخميس. لكن هذه الأسر ستنضم إليها 400 ألف إلى 500 ألف أسرة جديدة سينتهي العمل باتفاقاتها ذات المعدلات الثابتة كل فصل سنوي، ما سيرفع عدد إجمالي الأسر التي ستواجه فواتير شهرية أعلى بنحو 5.1 مليون أسرة بحلول نهاية عام 2024.

مدير البحوث في المؤسسة سالفة الذكر، جيمس سميث، وصف الزيادة بأنها "تاريخية في حجمها الهائل"، مضيفاً: "أوضح بنك إنجلترا أن أزمة تكاليف المعيشة ستزداد عمقاً، ليس فقط بالنسبة إلى هؤلاء الذين يحملون رهناً عقارياً. سيتأثر الجميع بالتضخم طويل الأمد الذي يتجاوز معدله 10 في المئة، لكن الأسر الأكثر فقراً ستكون الأشد تضرراً بارتفاع أسعار الأغذية وفواتير الطاقة".

وتشير الأرقام التي أصدرها البنك إلى أن الأسرة المتوسطة ستشهد هبوطاً في دخلها الحقيقي بنحو 800 جنيه العام المقبل، بعد أخذ التضخم في الحسبان.

وقالت ريبيكا ماكدونالد، كبيرة خبراء الاقتصاد في مؤسسة "جوزيف راونتري" Joseph Rowntree Foundation ، وهي منظمة تنشط في مجال مكافحة الفقر، إن القلق الذي أثاره بيان لجنة السياسة النقدية جعل من "المهم" أن ينجز السيد هانت زيادة في مزايا الرعاية الاجتماعية بما يتناسب مع التضخم في بيانه الذي سيصدر في الـ 17 من الشهر الجاري.

وأضافت أن الزيادة في المعونات الحكومية التي وعد بها السيد سوناك عندما كان يشغل منصب وزير الخزانة في وقت سابق من هذا العام، يجب تقريب موعدها من أبريل (نيسان) المقبل لتوفير إغاثة فورية.

وإذ حذرت من "شتاء قلق تعقبه سنوات هزيلة للغاية بالنسبة إلى عديد من الناس ذوي المداخيل المنخفضة أو حتى المتوسطة"، قالت السيدة ماكدونالد إن توقعات بنك إنجلترا "تشير إلى فترة طويلة الأمد من التحديات مع أقل قدر من الإغاثة". وأضافت: "من الصعب للغاية بالنسبة إلى أصحاب المداخيل المنخفضة أن يخططوا لكيفية تجاوزهم هذه المرحلة، لكن الحكومة قادرة على منح بعض اليقين من خلال رفع قيمة المعونات الحكومية بما يتفق مع معدل التضخم".

وتوصل استطلاع أجري لصالح النقابة المهنية "يونايت" Unite قبل ساعات من إعلان بنك إنجلترا [عن رفع نسبة الفائدة]، إلى أن ما يزيد قليلاً على نصف المستجيبين للاستطلاع أبلغوا عن صعوبة في تسديد فواتير منازلهم، في حين أكد ثلث المستجيبين أنهم استدانوا بغرض تأمين الطعام، في حين اعترف واحد من كل سبعة منهم بأنه يعاني من الفقر الغذائي.

وقالت الأمينة العامة لـ"يونايت" شارون غراهام إن نسبة كبيرة من الطبقة العاملة تواجه "ضغوطاً مالية لا يمكن التغلب عليها"، وأضافت أن رفع معدلات الفائدة "سيقيد هؤلاء الناس بمزيد من الديون في حين تتضخم أرباح الشركات".

وبرفع الفائدة بنسبة 0.75 في المئة، تكون هذه الزيادة أقل مما توقعته الأسواق حتى وقت قريب بزيادة تبلغ نقطة مئوية كاملة، وتتماشى مع زيادات أقل من المتوقع في بلدان أخرى بما في ذلك كندا.

هذا وقد حدث انقسام ضمن لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي، حيث وافق سبعة أشخاص فيما عارضها شخصان، إذ فضل أحدهما زيادةً أكثر لطفاً تبلغ نحو 0.5 نقطة مئوية ومال آخر إلى 0.25 نقطة مئوية.

واعترف السيد بيلي بأن رفع معدلات الفائدة ثماني مرات منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي كان بمثابة "تغييرات كبرى، وهو يخلف أثراً حقيقياً في حياة الناس". لكنه حذر قائلاً: "إذا لم نتحرك بقوة الآن، سيكون الأمر أسوأ في وقت لاحق".

وقال السيد هانت: "إن التضخم هو العدو، وهو يلقي بثقله على الأسر، والمتقاعدين، والشركات في مختلف أنحاء البلاد. ولهذا السبب تتلخص الأولوية الأولى لهذه الحكومة في إحكام قبضتها على التضخم، واليوم اتخذ بنك إنجلترا التدابير اللازمة بما يتفق مع هدفه المتمثل في إعادة التضخم إلى معدله المستهدف".

وأضاف وزير الخزانة "ترتفع معدلات الفائدة في مختلف أنحاء العالم مع إدارة البلدان للأسعار المرتفعة المدفوعة إلى حد كبير بجائحة كوفيد-19 وغزو بوتين أوكرانيا".

لكن السير ستارمر قال لـ"تايمز راديو": "هناك أمور أخرى تدور في العالم، لكنها لا تشكل سوى جزء من القصة. لقد أصبحنا أكثر عرضة إلى الخطر في هذا البلد – نحن ندفع ثمناً أعلى في هذا البلد – بسبب الفشل الذي شهدته السنوات الـ12 الماضية. لدينا أسس ضعيفة لاقتصادنا، ولم نشهد أي نمو بمعدل قريب مما نحتاج إليه، ولذلك نحن أكثر عرضة إلى الخطر. وليس من الصواب أن تقترح الحكومة ببساطة أن المسؤولية تقع على العوامل الخارجية فقط. أخشى أن المسؤولية عن هذا الوضع تتحملها رئاسة الوزراء".

وقالت كايت بل، رئيسة قسم الاقتصاد في مؤتمر الاتحادات المهنية: "يدفع العاملون ثمناً باهظاً نتيجة ما قام به المحافظون من تدمير للاقتصاد. نحن بحاجة إلى خطة اقتصادية جديدة تتسم بأجور متزايدة وخدمات عامة قوية. ونحن في حاجة إلى انتخابات عامة الآن لإحلال حزب آخر محل الحزب الذي تسبب بهذه الأزمة".

ووصف السير إد دايفي، زعيم الديمقراطيين الليبراليين، توقعات بنك إنجلترا في شأن الركود بأنها "وصمة عار لريشي سوناك وهذه الحكومة المحافظة".

وقال دايفي: "عاثت أشهر من الفوضى وانعدام الكفاءة فساداً في اقتصادنا، ونتيجة لهذا يعاني الناس. لقد حان الوقت لفرض ضرائب على الأرباح غير المتوقعة على شركات النفط والغاز، وكذلك زيادة المعونات الحكومية ومعاشات التقاعد بما يتفق مع معدلات التضخم".

© The Independent