Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جامعة "وهمية" في السودان عمرها 10 سنوات

طلاب يواجهون مصيراً مجهولاً بعد اكتشاف عدم قانونية شهاداتهم بسبب التزوير

مباحث إدارة العمليات الفيدرالية تمكنت من القبض على صاحب الجامعة وأوقفت 8 آخرين يعملون فيها (اندبندنت عربية- حسن حامد)

بين ليلة وضحاها تحولت الشهادات الجامعية لآلاف الطلاب والخريجين السودانيين إلى أوراق لا قيمة لها وربما تسبب لهم مشكلة جنائية في النيابة وأقسام الشرطة بعدما كشفت تقارير ومعلومات مؤكدة أن الجامعة التي حصلوا منها على الشهادات "مزورة" لم تسجل في دفاتر وزارة التعليم العالي.

عدد كبير من الذين تحولت شهاداتهم إلى هباء تخرجوا قبل سبعة أعوام ويعملون بالشهادة التي حصلوا عليها من "أكاديمية السودان للدراسات الطبية والتكنولوجية" أو الجامعة المزيفة، فما تفاصيل هذه الحادثة الفريدة التي شغلت المجتمع السوداني؟

مستقبل مغشوش

في إحدى بنايات وسط العاصمة الخرطوم مكتبان وضعت عليهما لافتة "أكاديمية السودان للدارسات الطبية والتكنولوجية"، غير أن أبوابها موصدة بأغفال غليظة، كل ذلك بسبب كشف مباحث العمليات الفيدرالية عن أن الجامعة "وهمية" ولا سجل لها في الوزارة، على رغم أنها تعمل منذ عام 2012 ومنحت آلاف الشهادات لطلابها الخريجين.

منذ يومها الأول حددت "أكاديمية السودان للدراسات الطبية والتكنولوجية" التي اتضح أنها "جامعة وهمية" تخصصات مرغوبة في السوق مثل كليات التمريض والصيدلة والمختبرات الطبية والكليات الهندسية والنظرية مقابل رسوم كبيرة وتقوم بتسليم طلابها شهادات موثقة من وزارة التعليم العالي ووزارة الخارجية، اتضح في ما بعد أنها مزورة.

توقيف متهمين

ووفقاً لوسائل إعلام سودانية، فإن مباحث إدارة العمليات الفيدرالية تمكنت من القبض على صاحب الجامعة وأوقفت ثمانية أشخاص آخرين يعملون فيها بينهم مسجلون كليات للفرع الرئيس في الخرطوم وفرع الجامعة بمدينة ود مدني بولاية الجزيرة جنوب العاصمة، إلى جانب توقيف محاضرين بالكلية واتخاذ إجراءات لتوقيف مسؤول بفرع الجامعة في مدني واتضح أنه نظامي وضابط برتبة مقدم ويتبع لإحدى القوات النظامية الرسمية.

مقر الجامعة الوهمية يخلو من أي شخص ذي علاقة بها من قريب أو بعيد، بينما يتردد عليه الطلاب بين الفينة والأخرى للسؤال عن مصيرهم بعد أن اكتشفوا الخدعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صاحب أحد المكاتب قال إنه "موجود إلى جوار الجامعة منذ فترة طويلة ويتابع حركة الطلاب بشكل اعتيادي من دون أن يلحظ أي أمر مثير للريبة أو الشك، لذلك تفاجأ بالحادثة".

وبحسب طلاب وأولياء أمور فإن السلطات داهمت مقر الجامعة وأوقفت مديرها وضبطت شهادات بكالوريوس ودبلومات موثقة من التعليم العالي ووزارة الخارجية صادرة منذ عام 2017، لطلاب تخرجوا في الجامعة ذاتها في كليات هندسة الاتصالات، واتضح من خلال التحريات أن الجامعة ليس لديها منهج أكاديمي وغير مسجلة ولا تملك وثائق رسمية تثبت إدراجها ضمن الكليات والجامعات المعروفة.

خارج السجلات

وفي تعليق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حول القضية قال مدير الإعلام والعلاقات العامة أسامة محمد العوض "هذه المؤسسة المذكورة ليست جامعة ولا كلية، وهي ليست موجودة في سجل مؤسسات التعليم العالي الحكومي وغير الحكومي، ولم تضمن في دليل القبول لمؤسسات التعليم العالي" وأوضح أنها "مركز تدريب فقط لا يمنح درجات علمية، بالتالي هذا الأمر لا يمت للوزارة بصلة، كما أن إجراءات التوثيق بالإدارة العامة للقبول وتقويم وتوثيق الشهادات تتم وفق ضوابط صارمة ترتبط بدخول الطالب وفق الرقم الجامعي المعتمد حتى نهاية دراسته واعتماده بقوائم الخريجين".

وأكد العوض أن الأكاديميات ليست لديها كليات وفقاً لعرف التعليم العالي وأن أي مؤسسة خارج سجلات التعليم العالي هو غير مسؤول عنها، مشيراً إلى أن الوزارة حريصة على متابعة جميع مهمات وعمل مؤسساتها التعليمية بصورة دائمة وتسعى إلى تجويد أدائها التعليمي باستمرار باعتبار أن التعليم العالي بمثابة أمن قومي.

مصير مجهول

الطالبة "س. م" قالت "أدرس أنا وشقيقتي في هذه الجامعة (كلية التمريض) فرع مدينة مدني، وتبقى لي شهر واحد للتخرج بعدما درست ثمانية أشهر، والكلية تمنح الطالب درجة الدبلوم ثلاث سنوات بعد إكمال التخرج بفترة تسعة أشهر تتضمن جانباً عملياً في ’Lab‘ الكلية، وهناك فترة تدريب عملي ثلاثة أشهر في أحد المستشفيات وأبرزها مستشفى مدني التعليمي والشرطة والمستشفى الصيني، إضافة إلى مستشفى الإصابات في حنتوب".

وأشارت إلى أن مقر الجامعة يقع في حي المنيرة بالقرب من مجمع البركات ويدرس في كلية التمريض 79 طالباً وطالبة.

وعن الرسوم الدراسية تؤكد الطالبة "تبلغ 250 ألف جنيه سوداني (400 دولار) على أن تدفع بالأقساط، وإلى جانب التمريض هناك تخصصات مختبرات طبية وصيدلة".

وحول وضعية الطلاب والطالبات في الوقت الحالي، قالت "كنا مستمرين في الدراسة وتفاجأنا الأسبوع الماضي بتأجيلها إلى أجل غير مسمى، وحالياً لا يوجد شخص من إدارة الجامعة لكي نستفسر منه عن وضعنا المستقبلي وجميع أرقام الإدارة مغلقة، وأصبح مصير عدد كبير من الطلاب والطالبات مجهولاً لأن بعضهم جاء إلى مدينة مدني من ولايات السودان المختلفة ويقطن كثيرون في داخليات على نفقتهم الخاصة".

سمعة التعليم

وتعليقاً على هذه الحادثة وأثرها على الوضع التعليمي في البلاد قال الأستاذ الجامعي والأكاديمي معتصم الزاكي "التجاوز الذي حدث يستهدف سمعة التعليم في السودان، خصوصاً تخصصات الطب والصيدلة والتمريض باعتبار أن عدداً كبيراً من السودانيين تخصصوا في هذه المجالات وآخرين تخرجوا ويعملون في دول الخليج وأوروبا، كما أنه يقدح في مصداقية مجمل الشهادات السودانية ويشوه صورة خريجي الجامعات".

وأشار الزاكي إلى أن التعليم العالي يقوم بزيارات تفتيش للجامعات المسجلة لديه وأغلق بعضها لعدم التزام المعايبر.

المزيد من العالم العربي