Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شجاعة النساء والطلبة تتحدى النظام المخيف الخائف

القتل والسجن والمحاكمات لم ترهب الجيل الجديد الذي يرفع شعار "امرأة، حياة، حرية" ويهتف "الموت للديكتاتور"

القمع عجز حتى اليوم عن إخماد ثورة النساء والطلبة في المدن الإيرانية (أ ف ب)

نظام الملالي في إيران مخيف وخائف معاً. مخيف للداخل والخارج. وخائف من شعبه ومن الغرب الأميركي والأوروبي والعرب.

وهو قلق ومطمئن في الوقت نفسه. قلق حيال ما يسميه "مؤامرات" الأعداء لإسقاطه. ومطمئن إلى أنه لا يمكن إسقاطه ولا إصلاحه ولا تغيير سلوكه. لا بالضغوط والعقوبات والحصار من الخارج، ولا بالتظاهرات في الداخل.

هو يفاخر بالصواريخ والمسيرات والبرنامج النووي والميليشيات المرتبطة به في العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن. والشعب يئن من أوضاع اقتصادية صعبة. والصورة كما يختصرها الخبير الأميركي من أصل إيراني كريم سادجادبور، هي "طموح الشعب لأن يكون مثل شعب كوريا الجنوبية ولديه المواهب والكفايات، والنظام يريد أن يحكمه مثل كوريا الشمالية". كوريا شمالية مسلحة مع نفط، لكن النظام الذي واجه وقمع أكثر من انتفاضة يواجه اليوم أقوى قوتين في المجتمع الإيراني وكل مجتمع: "ثورة" النساء والطلبة. كما يواجه تحرك المكونات المهمشة كالكرد وعرب الأحواز وأهل سيستان - بلوشستان. وليس لديه في المواجهة سوى سلاحين: القمع واتهام "الأعداء" بتحريض الناس على التظاهر. وقد بلغ السخف في إهانة الشعب عبر تصوير مئات آلاف منه كأدوات يحركها الغرب، إلى حد أن الرئيس السابق لاستخبارات الحرس الثوري حسين طالب ادعى أن "وفاة مهسا أميني مخطط لها" من الأعداء. حتى الفتيات اللاتي قتلن تحت التعذيب، فإن الأجهزة الرسمية ادعت أنهن انتحرن.

الواقع بصرف النظر عن الإحراج الذي دفع الغرب إلى الدعم الشكلي للثورة والدعوة إلى وقف العنف وتلبية المطالب، أن إدارة الرئيس جو بايدن هي أكبر داعم لنظام الملالي عبر الإصرار على العودة إلى الاتفاق النووي الذي خرج منه الرئيس السابق دونالد ترمب. فالاتفاق النووي يفتح الباب على مليارات الدولارات في يد الملالي. ولا قيمة اليوم لاعتراف الرئيس باراك أوباما بأنه أخطأ في الامتناع عن دعم "الحركة الخضراء" عام 2009. والسبب هو إعطاء الأولوية لمفاوضات الملف النووي، وترتيب دور إيراني في نظام إقليمي للشرق الأوسط يعطي واشنطن حرية أكبر في التوجه نحو الشرق الأقصى.

والواقع أيضاً أن نظام العمائم والصواريخ والمسيرات القائم على فكر غيبي مستعد للذهاب في سياسة القتل إلى النهاية بحجة أن من يعارضه مذنب في أي تمرد على "حكم إلهي". والضحايا حتى الآن نحو 300 قتيل وعدد كبير من الجرحى وآلاف المعتقلين من النشطاء والنساء والطلبة والصحافيين والفنانين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والمؤكد، كما يقول باتريك كلاوسون من"معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، إن النظام "المعتمد على ربع السكان مستعد لاستخدام القوة المميتة مهما يكن الثمن. أما بايدن في رأيه، فإنه "على خطأ في تجزئة المسألة النووية ومعالجتها بشكل منفصل" عن الثورة في الشارع. فالمشكلة أن "الحرس الثوري يسيطر على البرنامج النووي، وهو المسؤول عن القمع. وإذا ما ألغى بايدن العقوبات فسيساعد النظام بدل المحتجين".

لكن القمع عجز حتى اليوم عن إخماد ثورة النساء والطلبة. والقتل والسجن والمحاكمات لم ترهب الجيل الجديد الذي يرفع شعار "امرأة، حياة، حرية"، ويهتف "الموت للديكتاتور". فالنظام المخيف الخائف صار أكثر خوفاً وأقل قدرة على التخويف. والقتل المتعمد قاد إلى مزيد من التحدي، بحيث ارتفعت الأصوات في باحات الجامعات بالقول "سأقتل من قتل أختي". وإذا كان الصراع غير المعلن على وراثة المرشد الأعلى علي خامنئي بسبب سنه وما يتردد عن صحته يدفع قوى النظام إلى مزيد من التشدد، فإن المبالغة في التشدد والقمع والقتل ستقود إلى انفجار أكبر.

ومشكلة نظام الملالي مزدوجة. أولاً مع شعبه وجيل القرن الـ21 والتكنولوجيا الراغب في الحياة بدل ثقافة الموت. وثانياً مع البلدان العربية التي يتدخل في شؤونها الداخلية، ويفاخر بأنه يحكم حتى الآن أربعة بلدان منها، ويثير العصبيات المذهبية عبر التصرف على أساس أن المكون الشيعي في كل بلد عربي هو "وكيل له". أما مشكلاته مع الغرب، فإنها من النوع القابل للاحتواء، على رغم تكبير الحجر في طهران بالدعوات إلى مواجهة الإمبريالية.

في الأزمات يردد خامنئي قصيدة مفضلة لديه للشاعر الراحل محمد تقي بهار يقول فيها "صمود المسمار وثباته يستحق أن يصير عبرة للبشر. كلما حاولوا تحطيم رأسه بقي في مكانه واستقر". والمشكلة، كما كان يقول الرئيس إيزنهاو إن الحل عند من يرى كل أزمة مسماراً هو المطرقة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل