Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لَمّة لَمّ الشمل

التعليق على القمم العربية بشكل عام متروك للشعوب التي لم تعد تهتم لأخبارها

عقدت القمة العربية في الجزائر وسط خلافات وغيابات عربية لأسباب عديدة (أ ف ب)

بعد توقف استمر ثلاث سنوات - وربما تمنى البعض لو أنه طال أكثر من ذلك - عقدت القمة العربية في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية يوم الثلاثاء الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، وسط خلافات وغيابات عربية لأسباب عديدة. لعل التعليق على القمم العربية بشكل عام متروك للشعوب العربية التي لم تعد تهتم لأخبارها - مع الأسف الشديد - فهي تخرج بنهاية كل قمة ببيان ختامي "ماخوذ خيره" كما يقول المثل الشعبي الخليجي.

لكن ما يلفت النظر في القمة هذه المرة هو شعارها: قمة لم الشمل! كررها الرئيس التونسي قيس سعيد المنتهية رئاسته في الكلمة الافتتاحية خلال القمة الماضية التي سلم بها الرئاسة إلى الجزائر: "قمة لم الشمل، قمة لم الشمل، قمة لم الشمل". يذكر أن تونس تعيش حالة من التفكك والتشرذم السياسي والاحتجاجات ضد السيد قيس سعيد.

وقد علق أحد الأصدقاء على هذا العنوان - الشعار للقمة بقوله إن من اخترع هذا الشعار لا يخلو من الطرافة وخفة الدم. فأي شمل يلمّون؟ وأي لمٍّ سيشملون؟ وأضاف "شيلِمْهِنْ"؟ وهي عبارة كررها العراقيون أيام صدام حسين كناية عن كثرة صوره بطول البلاد وعرضها، يقولونها اليوم حين "يتسع الخرق على الراقع". ويرتبط اللم لغوياً بالضم، وهو العناق الحار وقد شهدت القمة كثيراً منه، كما غنى الفنان الكويتي المعروف عبدالله الرويشد أغنية شهيرة مطلعها:

لِمْني بشوق واحضني/ بعادك عني بعثرني

لكن اللّمَم يعني أيضاً قصر اللقاء، وقد كانت القمة قصيرة لم تستغرق أكثر من يوم واحد، ويقال ألَمّ به مرض شديد، وهو ما يعاني منه الصف العربي بما لا يحتاج إلى تفصيل، واللّمة هي الجمعة أو الاجتماع، وهي ما زالت حية بلهجات عربية مختلفة، فيمكن أن نقول عقدت القمة العربية أو عقدت اللمة العربية.

ومن مشتقات اللمم كلمة المُلِمّة وهي المصيبة، وما أكثر ملماتنا ومصائبنا في عالمنا العربي المنكوب، لكن اللم قد يحمل معنى معاكساً، فاللّم هو الجمع، وفي الدعاء: اللهم لمّ شعثنا، أي اللهم اجمعنا ولا تفرقنا.

وينادي المنادي: هلموا يا قوم! أي تعالوا وتقاربوا لنلتم ونجتمع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما الشمل فهو كلمة جميلة تعني الشمولية والكلية والجمعية، ومنها جاء معنى العناية والرعاية، فيقال "شملت الجزائر العزيزة قمة لم الشمل"، واسم شملان شائع في الخليج، ومدرسة شملان في لبنان كانت معهداً بريطانياً نقلته لندن من القدس إلى لبنان لتعليم دبلوماسييها اللغة العربية وشؤون الشرق الأوسط، واشتهرت بتخريجها جواسيس بريطانيا للمنطقة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

ويقال شمّل أي اتجه شمالاً، وقد "شرّق" الوفد المغربي بورقة عمل لإدانة الخطر الآتي من الشرق، وهو التهديد والتدخلات الإيرانية والحروب التي خلقتها من العراق شرقاً مروراً بسوريا ولبنان واليمن جنوباً وحتى المغرب غرباً، وتشير آخر التقارير الاستخبارية أن النظام الإيراني يمكن أن يلجأ إلى الاعتداء على السعودية ودول الخليج في محاولة لتخفيف ضغط الاحتجاجات الشعبية عليه وتصدير أزمته للخارج. لكن الجزائر اعترضت على الورقة وأرادت أن "تغرّب" تجاه المغرب الشقيق والجار، بدعم عصابات وميليشيات البوليساريو وتزويدها بالسلاح والمال والمسيّرات الإيرانية الصنع التي يدرب عناصرها عليها "حزب الله" الإيراني الموجود في لبنان - وذلك انطلاقاً من الأراضي الجزائرية - بحسب الرواية المغربية وتقارير مختلفة، بعضهم يعتقد أن الاعتراض الجزائري "بالتغريب" بدلاً من "التشريق" هو تأكيد للرواية المغربية! يذكر أن الجزائر - الدولة المضيفة لقمة لم الشمل - قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب وأوقفت تصدير الغاز عبر أراضيها إلى أوروبا.

ختاماً، لدي اقتراح للجامعة العربية الموقرة:

حين يأتي الدور على السودان أو الكويت لاستضافة القمة، فإنني أقترح تغيير اسمها إلى اللمّة العربية بدلاً من القمة العربية، فكلاهما بالمعنى نفسه تقريباً، والسبب أن السودانيين والكويتيين يقلبون الغين قافاً ويقلبون القاف غيناً، والأمر لكم.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء