Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البحرين تستقبل البابا فرنسيس تعزيزا لحوار الأديان

تستمر زيارته أربعة أيام يلقي فيها سبعة خطابات على هامش ملتقى "الشرق والغرب للتعايش الإنساني"

في زيارته الثانية لمنطقة الخليج العربي، وصل البابا فرنسيس الخميس، الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، إلى المنامة في زيارة نادرة من نوعها تستمر أربعة أيام، وذلك في سياق منتدى "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، إلا أن المنظمات اليسارية تحاول إحاطتها بهالة من الانتقادات الموجهة للدولة المستضيفة وسجلها الحقوقي، وسط تغاض عن الجانب الإيراني الذي ظل يستثمر منذ ما يسمى "الربيع العربي" في إحداث الشقاق بين مكونات الشعب والسلطة السياسية في الدولة الخليجية.

وغادر البابا الخميس متوجّهاً إلى البحرين، في زيارة سيجدد فيها إصراره على الحوار مع الإسلام. وغادرت طائرته مطار فيومتشينو قرابة الساعة 9:45 بالتوقيت المحلي، ومن المتوقع وصوله إلى البحرين في الساعة 16:45 بالتوقيت المحلي (13:45 بتوقيت غرينتش)، ثمّ يلتقي ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في قصر الصخير، حيث يلقي كلمته الأولى أمام السلطات وممثلين عن السلك الدبلوماسي.

وأقامت البحرين التي يبلغ تعداد سكانها 1.4 مليون نسمة، علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان في عام 2000. ويقطنها نحو 80 ألف مسيحي كاثوليكي، وفق الفاتيكان، يتحدرون بشكل رئيسي من جنوب شرق آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط ومن دول غربية.

وأكد الديوان الملكي البحريني في بيان الأربعاء أن بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر سيصلان البلاد الخميس إلى جانب عدد من الشخصيات الثقافية والدينية لإحياء فعاليات المنتدى، فيما قالت وكالة أنباء البحرين إن القصر "يغتنم هذه المناسبة ليرحب بضيفي البلاد الكريمين والوفد المرافق، متمنياً لهما طيب الإقامة ومقدراً جهودهما في تعزيز ثقافة الحوار والتعايش والتسامح ودعم الأخوة الإنسانية".

في غضون ذلك انطلقت أولى جلسات حوار ملتقى "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، الذي يقام تزامناً مع زيارة البابا، إذ أكد المتحدثون على ضرورة "تبني الممارسات الصحيحة والمسؤولة لمبدأ الأخوة الإنسانية كأسلوب حياة مستدام، للتغلب على الصراعات والنزاعات والتصدي للتحديات التي تواجه البشرية في مختلف بقاع الأرض".

كي لا تكرس الأديان الانقسام
 
 وفي مستهل الجلسة التي حملت عنوان "تجارب تعزيز التعايش العالمي والأخوة الإنسانية" أوضح محمدو إيسوفو، الرئيس السابق لجمهورية النيجر عضو مجلس حكماء المسلمين، وفقاً لـ "وكالة البحرين" أن ما يمر به العالم اليوم من صراعات وأزمات سياسية واقتصادية وأمنية إلى جانب قضايا الفقر والجوع والمناخ، وضعت الشعوب تحت ضغوط هائلة تستوجب التعاون والتقارب والالتقاء عبر حوارات الأديان للعبور بسفينة الإنسانية إلى بر السلام والأمان المنشود.

 من جانبه لفت الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك الكنيسة المارونية في لبنان، أن "التعايش الإنساني يتطلب التزاماً محلياً واقليمياً ودولياً لنبذ التطرف الديني واللعب على عامل الأديان والمعتقدات لتكريس الانقسام والتباعد والكراهية بدلاً من الوحدة بين أبناء الشعب الواحد وجميع شعوب الأرض".

ويتضمن جدول أعمال الزيارة إلقاء البابا (85 عاماً) الذي يستخدم في الوقت الراهن كرسياً متحركاً للتنقل، سبعة خطابات منها كلمة أمام أعضاء "مجلس حكماء المسلمين" في جامع قصر الصخير الملكي، كما يشمل برنامج زيارة المملكة الخليجية البالغ تعداد سكانها 1.4 مليون نسمة، لقاء مع شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي وقع معه في أبوظبي وثيقة تاريخية حول الأخوة الإنسانية.

ويتوقع أن يضاعف البابا الذي يعد مدافعاً بارزاً عن الحوار بين الأديان والتعايش السلمي بين المؤمنين، إشارات الانفتاح على الإسلام في البحرين، بعد ستة أسابيع من تحذيره من "استغلال" الدين خلال مؤتمر حوار عالمي بين الأديان في كازاخستان"، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية.

انتقادات منظمات حقوقية

وفي تغريدة الأربعاء، قال البابا، "أغادر غداً (الخميس) في رحلة رسولية إلى مملكة البحرين، رحلة تحت لواء الحوار. سأشارك في منتدى يركز على حاجة لا مفر منها للشرق والغرب من أجل التقارب بينهما لخير التعايش الإنساني".

وعلى رغم إصرار الفاتيكان على "رسالة السلام والوحدة" التي تتسم بها الزيارة، إلا أنها أثارت انتقاد منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان دعت البابا إلى التراجع عنها أو ممارسة الضغط على الحكومة البحرينية.

وقبل أسبوعين من بدء كأس العالم 2022 في قطر، يمكن للبابا فرنسيس أن يعرج في خطاباته على حقوق العمال المهاجرين والدفاع عن البيئة، وهما قضيتان يوليهما أهمية خاصة.

وبعد اختتامه يوم الجمعة "منتدى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل العيش الإنساني معاً"، يترأس الحبر الأعظم لقاء مسكونياً وصلاة من أجل السلام في كاتدرائية "سيدة العرب"، الكنيسة الكاثوليكية الأكبر في منطقة الخليج العربي والتي جرى افتتاحها نهاية العام 2021.

مسيحيو الخليج

وفي صباح السبت يترأس البابا القداس في ملعب البحرين الوطني، ومن المتوقع أن يحضره قرابة 28 ألف مسيحي، 20 ألفاً منهم من المقيمين في البحرين، وفق ما يقول كاهن الجالية العربية في البحرين الأب شربل فياض.

وتنتظر مشاركة مؤمنين مسيحيين مقيمين في دول الخليج المجاورة مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر وعمان في القداس، بحسب فياض. ويختتم البابا زيارته الأحد بصلاة مع رجال الدين الكاثوليك في كنيسة القلب الأقدس في المنامة.

ومنذ انتخابه على سدة الكرسي الرسولي عام 2013، زار البابا فرنسيس الأرجنتيني الجنسية أكثر من 10 دول ذات غالبية مسلمة، بينها الأردن وتركيا والبوسنة والهرسك ومصر وبنغلاديش والمغرب والعراق. ويعاني البابا من آلام في الركبة تعوق حركته، وقال في منتصف سبتمبر (أيلول) إنها لم تشف بعد، لكنه يواصل رحلاته الخارجية التي بلغ عددها أربعاً خلال العام 2022.

وتعتبر مملكة البحرين المحطة العربية السابعة والدولة الـ 58 في سلسلة زيارات الحبر الأعظم للخارج منذ توليه رئاسة الفاتيكان، إذ قام البابا فرنسيس على مدى تسع سنوات بزيارات بابوية مهمة إلى دول العالم، كان أكثرها تأثيراً وفق وكالة أنباء البحرين تلك التي قام بها إلى الدول العربية التي بث من عواصمها رسائل سلام ومحبة، ودعوات عالمية من أجل العيش المشترك ونبذ الصراعات والحروب والتطلع إلى مستقبل أفضل تسود فيه ثقافة الحوار والتعايش الإنساني الفاعل.

 وبدأ زعيم الفاتيكان أولى جولاته العربية بعد عام من توليه الكرسي الرسولي على رأس الكنيسة الكاثوليكية بزيارة الأردن في مايو 2014، وحملت الزيارة خلالها عدداً من رسائل الأمن والتعايش وهدفت إلى ترسيخ أواصر المحبة والتسامح والإخاء بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز رسالة السلام بين الأديان السماوية عامة، وسط اهتمام رسمي وجماهيري وإعلامي ضخم محلياً وعالمياً، كما شهدت الزيارة في ختامها قداساً جماهيرياً حاشداً قاده البابا فرنسيس في إستاد عمّان الدولي وجولات عدة لأماكن ومزارات دينية مسيحية تاريخية.

أواصر مع مهد المسيحية

وكانت دولة فلسطين المحطة العربية الثانية في إطار زيارة البابا للأردن، إذ زار مدينة بيت لحم التاريخية جنوب الضفة الغربية في رحلة حج وسلام للأراضي المقدسة ببيت لحم، كما ترأس قداساً حاشداً في ساحة كنيسة المهد، بعث خلاله من مهد المسيح عليه السلام لكل البشرية رسالة حب وسلام، ودعوات إلى مضاعفة الجهود والمبادرات لتحقيق السلام وإيجاد حل يصل فيه الجميع إلى حياة للعيش الآمن والكريم.

وفي أبريل (نيسان) 2017 قام بابا الفاتيكان بزيارة إلى مصر والتقى بابا الإسكندرية تواضروس وبطريرك الكرازة المرقسية في مصر بهدف تعزيز الحوار بين مسيحيي الشرق الأرثوذوكس، ومسيحيي الغرب الكاثوليك، إلى جانب لقائه شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي يصنف كرئيس لمجلس حكماء المسلمين، وحينها شارك البابا  في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، في إطار استئناف حلقات الحوار بين الشرق والغرب وبين الفاتيكان والأزهر من أجل نشر السلام والتعايش الإنساني والحوار بين الأديان "والتأكيد على أن الإيمان الحقيقي يعتمد على ثقافة الحوار والاحترام والأخوة".

كما قاد البابا فرنسيس قداساً جماهيرياً ضخماً في إستاد الدفاع الجوي في العاصمة المصرية القاهرة، دعا خلاله إلى نبذ العنف واحترام الأديان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعتبر الزيارة العربية الرابعة للحبر الأعظم بابا الفاتيكان تلك التي قام بها إلى دولة الإمارات في فبراير (شباط) 2019، وتضمنت توقيع وثيقة باعتماد يوم عالمي للأخوة الإنسانية برعاية الأمم المتحدة، كما مثلت زيارة البابا لدولة الإمارات تدشيناً لزياراته البابوية لمنطقة شبه الجزيرة العربية.

صلاة لكل الأديان

وأعقبت زيارة بابا الفاتيكان لدولة الإمارات بنحو شهر زيارة عربية خامسة إلى غرب الوطن العربي، إذ زار قداسته دولة المغرب في مارس (آذار) 2019، وهي الأولى بعد 34 عاماً تقريباً على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى المغرب عام 1985.

وتمحورت زيارة البابا فرنسيس حول الحوار بين الأديان وكيف يمكن لها أن تسهم في إشاعة قيم الأخوة والسلم والتسامح بين الشعوب والأمم، وتعزيز الحوار والتفاهم والتعايش بين مختلف الديانات.

وتعتبر زيارة بابا الفاتيكان إلى جمهورية العراق في مارس 2021 الزيارة العربية السادسة، إذ قام بزيارة مدن عراقية عدة أهمها العاصمة بغداد والنجف ومدينة "أور" الأثرية التاريخية ومسقط رأس نبي الله إبراهيم عليه السلام، وأقام هناك صلاة موحدة بين الأديان، كما زار مدينة الموصل شمالاً والتقى مسيحيي العراق في كنيسة الطاهرة، إحدى أقدم الكنائس بالمدينة.

كما شهدت زيارته الموصل إطلاقه "حمامة سلام" من أمام أنقاض كنيسة للسريان الكاثوليك تم هدمها على يد مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي في الموصل.

وأكد البابا آنذاك أن "الوئام والانسجام بين أتباع الديانات والتعايش المشترك هو السبيل الوحيد لنهوض البشرية وتقدمها، والطريقة المثلى لمواجهة التحديات المتسارعة التي يشهدها العالم".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات