Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عن خطر أغنية بيبي شارك على الانتخابات النصفية الأميركية

يحتمل أن تتسبب تقنية التزييف العميق التي يمكن أن يستخدمها أي شخص بنفسه أو برامج الذكاء الاصطناعي الجاهزة والموجودة في متناول الجميع، بخلل كبير في الانتخابات النصفية، كما يقول خبراء

من الفيديو المزيف الذي يظهر أن جو بايدن أدى أغنية أطفال شهيرة عوض نشيد بلاده (أ ب)

كلا، لم يغن جو بايدن أغنية "بيبي شارك".

لكن عقب انتشار فيديو صنع باستخدام تقنية التزييف العميق يظهر فيه الرئيس الأميركي وهو يردد أغنية الأطفال، اقتنع أشخاص كثيرون بأنه غناها حقاً.  

كما أن مشهد الطفل الذي يصرخ "اخرسي" في وجه السيدة الأولى جيل بايدن خلال حفل استقبال للاحتفال بعيد ديوالي لم يحدث أبداً. 

وقد شارك حساب مناصر لحركة "اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً" فيديو لهذه الواقعة على "تويتر"، حيث حصد أكثر من 600 ألف مشاهدة حتى يوم الخميس.

انتشر عدد من الفيديوهات التي تستخدم تقنية التزييف العميق وتستهدف الشخصيات السياسية، على نطاق واسع وهائل في الفترة السابقة للانتخابات النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما أثار القلق بأنها قد تؤثر في نتيجة السباقات المحتدمة.

تصنع الفيديوهات المزيفة باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي التي تعالج الفيديوهات الأصلية وتعدلها بشكل يحور تصرفات وكلام شخص معين.

كانت هذه العملية مكلفة كثيراً ومعقدة في السابق، ولكن أصبحت صناعة المحتوى الذي يبدو واقعياً بشكل مفرط في متناول مطوري البرامج الآن لقاء ثمن زهيد وبكل سهولة، على مواقع مثل جيت هاب (GitHub).

في زمن بلغت فيه الثقة بالإعلام أدنى مستوياتها على الإطلاق، وفقاً لشركة غالوب لأبحاث السوق، وخلقت الكذبة الكبيرة القائلة إن ترمب فاز بانتخابات عام 2020 ارتياباً عميقاً في [عملية] الانتخابات، أصبحت الفيديوهات المزيفة باستخدام هذه التقنية أحدث سلاح في حرب المعلومات.   

ويقول الخبراء لـ"اندبندنت" إنه مع تطور التكنولوجيا سوف يصبح من الأصعب تمييز الفيديوهات التي تستخدم تقنية التزييف العميق مما سيؤدي إلى تبدد ثقة الرأي العام أكثر بعد.  

لكنهم يعتقدون أن الخطر الحقيقي يكمن في قدرة الفيديوهات على الانتشار بسرعة كبيرة عبر الإنترنت وفي أن شركات التواصل الاجتماعي لا تحرك ساكناً لكي تكبح هذا الخطر.

وقال وائل عبدالمجيد، مدير مختبر تحليل الذكاء المرئي والوسائط المتعددة في جامعة جنوب كاليفورنيا University of Southern California  لـ"اندبندنت"، "إن فيديو واحداً يستخدم تقنية التزييف العميق لا يحمل أي أهمية تذكر، لكن الفيديو يصبح خطيراً عندما ينتشر بكثرة".

وفيما أصبحت هذه الفيديوهات المزيفة "منتشرة في كل مكان"، تتصرف شركات التواصل الاجتماعي بلا مبالاة إزاء المشكلة، كما قال الدكتور عبدالمجيد.

وقد طور مع طلابه في جامعة جنوب كاليفورنيا أدوات تسمح لشركات التواصل الاجتماعي بتمييز الفيديوهات المزيفة عن غيرها ووضع إشارة عليها، أو حتى منع نشر المحتوى المزيف كلياً.

وقال إنه عرض هذه الأدوات على شركات التواصل الاجتماعي مجاناً مناشداً إياها أن تستخدمها لوقف انتشار المعلومات المغلوطة لكنها قالت له بصريح العبارة "لا يهمنا ذلك".

"يمكنها أن تقوم بأمور كثيرة لكنها غير مهتمة ببذل أدنى جهد لوقف المعلومات المغلوطة. كل ما تريده هو زيادة تفاعل المستخدمين إلى أقصى الحدود، فكلما بقي الناس على المنصة، ازدادت نسب الأرباح التي تجنيها من الإعلانات". 

ويرى الدكتور عبدالمجيد عدم اكتراث منصات التواصل الاجتماعي بمنع انتشار الفيديوهات المزورة "صادماً ومرعباً".

وقال "لن تكون أي أداة مثالية، ولكن لو تمكنت من إيقاف خمسين أو ستين أو سبعين في المئة من هذه الفيديوهات المزيفة، هذا أفضل بكثير من لا شيء. والشركات لا تقدم على شيء الآن".

وقال الدكتور عبدالمجيد لـ"اندبندنت"، "نستمر في محو الحدود بين الحقيقي والمزيف، وفي مرحلة معينة، سيصبح كل شيء مزيفاً ولن نؤمن بأي شيء بعد ذلك. إن محاولتنا حماية هذه الحدود أمر بالغ الأهمية لكنهم غير مهتمين".  

"هذا أمر يسبب لي الأرق حقاً"

حذر تقرير أطلقته دائرة أبحاث الكونغرس في يونيو (حزيران) من أن انتشار تزوير الصور والتسجيلات الصوتية والفيديوهات بفضل الذكاء الاصطناعي قد يخلق "مشكلات للأمن القومي في السنوات المقبلة".

ووجد الباحثون أنه "يمكن لأعداء الدولة أو الأفراد الذين يملكون دوافع سياسية أن ينشروا فيديوهات مزيفة لمسؤولين منتخبين أو شخصيات عامة أخرى وهي تدلي بتصريحات تؤجج الفتن أو تتصرف بشكل غير لائق".

"قد يؤدي هذا الفعل بالتالي إلى تقويض ثقة الرأي العام، والتأثير سلباً في الخطاب العام أو حتى تغيير مسار انتخابات".

ويؤيد الدكتور عبدالمجيد فكرة سهولة استخدام الفيديو المزور للتلاعب بنتائج الانتخابات.

وعلى سبيل المثال، يمكن نشر فيديو مزور يزعم بأن الرئيس مصاب بمرض شديد ويحتضر، على وسائل التواصل الاجتماعي قبل ثلاث ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات نفسه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لو انتشر الفيديو، وبدأ الناس بتصديقه، سيتوقفون عن الذهاب إلى مراكز الاقتراع. وخلال الفترة التي يحتاج إليها البيت الأبيض لدحض الخبر، ربما يكون الناخبون قد فوتوا فعلاً فرصة الإدلاء بأصواتهم.

ويقول الدكتور عبدالمجيد لـ"اندبندنت"، "هذا أمر يؤرقني فعلاً".

"نشأنا على الاعتقاد أن نؤمن بما نراه بأعيننا، وحتى بعد أن يثبت أحد زيف ذلك، من الصعب جداً أن نتخلى عن هذا الاعتقاد".

وقال إن الحل قد يكمن في ضغط المشرعين على منصات التواصل الاجتماعي لكي تكبح سيل التزوير.

"كل هذه المنصات تختبئ وراء قولها بأنها مجرد منصة إخبارية وليست مسؤولة عن المحتوى على منصاتها، لكن عليها أن تقبل تحمل المسؤولية الأخلاقية في التصدي للتضليل المعلوماتي".

فصل الحقيقة عن الزيف

بعد أيام قليلة من غزو روسيا لأوكرانيا، انتشر فيديو لفولوديمير زيلينسكي وهو يدعو جنوده لإلقاء السلاح، بسرعة على الإنترنت. وتمكن القراصنة من بثه لفترة وجيزة على التلفزيون الأوكراني، قبل أن ينفيه المسؤولون الأوكرانيون.

أما اللقطة المصورة للسيد بايدن وهو يغني "بيبي شارك"، فقد أخذت [اقتطعت] من خطاب ألقاه في كلية إيرفاين فالي الأهلية في كاليفورنيا في 14 أكتوبر (تشرين الأول).

في الفيديو، يعلن الرئيس البدء بالنشيد الوطني، لكنه يستبدل بنشيد "الراية الموشحة بالنجوم"، المقطع الأول من أغنية "بيبي شارك" المألوفة والمزعجة.

حصد الفيديو الأساسي الذي نشر على "تيك توك" نصف مليون مشاهدة قبل إزالته، وسرعان ما انتشر على منصات أخرى للتواصل الاجتماعي.

صدق مئات المعلقين بأن الفيديو حقيقي.

وكتب أحدهم على "تيك توك"، "لقد فقد صوابه".

فيما كتب آخر "سيداتي وسادتي، هذا الشخص المسؤول عن قيادة هذه البلاد! كيف ذلك؟".

أثبت المسؤولون عن التدقيق في الحقائق في وكالة "أسوشيتد برس" الإخبارية زيف الفيديو لكن محاولاتهم للتخفيف من نيران التضليل لم تصل حتماً سوى إلى جمهور أصغر بكثير.

وقال علي الركابي، صانع الفيديو المزور بتقنية التزييف العميق، وهو موظف حكومي في المملكة المتحدة، لـ"أسوشيتد برس" إنه استخدم برنامجاً إلكترونياً ينسخ صوت الشخص لكي يجعل السيد بايدن يغني كلمات "بيبي شارك" وبرنامجاً يقلد حركة الشفاه لكي يجعل حركة شفتيه تحاكي الكلمات المسموعة.

وفي فيديو مزيف منفصل، خضعت لقطات مصورة لجيل بايدن وهي تصفق وتغني قبل انطلاق مباراة لفريق كرة القدم الأميركية، فيلادلفيا إيجلز لتعديل إلكتروني واستبدل بالتسجيل الصوتي الأصلي نشيد فظ معاد لبايدن.

وأفادت "رويترز" بأن تغريدة واحدة للفيديو المزيف حصدت آلاف المشاهدات قبل أن تزال.

وفي هذه الأثناء، كشف تحليل قامت به شركة الذكاء الاصطناعي، ديبترايس في 2020، عن وجود نحو 15 ألف فيديو مزيف، أي ضعف العدد الذي كان موجوداً قبل ذلك بتسعة أشهر. وكانت 96 في المئة من هذه الفيديوهات إباحية وغالبها يضع صور المشاهير على محتوى جنسي مصور.

من الصعب التوصل إلى الأرقام الدقيقة، ولكن الخبراء يعتقدون أن عدد الفيديوهات المزورة قد تضاعف مرات كثيرة منذ ذلك الوقت.

وتقع تحت خانة الفيديوهات المزورة فئة فرعية تحظى بشعبية كبيرة، تركب لقطات لممثلين معروفين على أدوار غير مألوفة، فتضع جيم كاري في فيلم ذا شاينينغ The Shining مثلاً أو جيري ساينفلد في بلب فيكشن Pulp Fiction.  

 

 

بعد وفاة الممثل بول ووكر خلال تصوير فيلم فاست أند فيوريوس 7 Fast and Furious في عام 2013، لجأت شركة ويتا ديجيتال إلى تقنيات التزييف العميق لوضع وجهه على جسمي شقيقيه، كودي وكايلب، من أجل استكمال الفيلم، لقاء ثمن باهظ.

كما يستخدم الذكاء الاصطناعي لبث حياة جديدة في تجسيد جيمس إيرل جونز شخصية دارث فيدر، بعد أن أعطى الممثل البالغ من العمر 91 سنة موافقته على استنساخ صوته وتسجيل عبارات جديدة يمكن استخدامها في أفلام ديزني المستقبلية.

أصبحت هذه التقنية نفسها متوافرة على مواقع مثل GitHub، ويمكن لأي أحد أن يستخدمها.

درس سيواي ليو، مدير مختبر التحليل الجنائي الإعلامي في جامعة بفالو، سلوك المستخدمين تجاه الفيديوهات المزيفة. وقال لـ"اندبندنت" إنه يجب بذل جهد أكبر في تثقيف مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال البروفيسور ليو "إن وسائل التواصل الاجتماعي منحازة جداً وفيها استقطاب شديد. ويعيش الناس في محيط يشبههم فقط. يميل الجميع إلى تأكيد تحيزهم، ونحن نحب أن نرى الإثباتات على صحة معتقداتنا".

"لو تمتع الجميع بوعي أكبر حول هذا النوع من التلاعب بوسائط الإعلام. ولو علموا بأن هذا مزيف، سيمنع ذلك الزيف من خلق هذا التأثير".

ويشارك مخاوفه في شأن انتشار الفيديوهات المزورة في يوم انتخابي، ويعتقد أن الخطر حقيقي فعلاً في شأن قلب الموازين في أي سباق محتدم.   

وقال البروفيسور ليو لـ"اندبندنت" إن بعض الخوارزميات التي يمكنها فضح معظم الفيديوهات المزيفة موجودة، ولكن صانعي الفيديوهات المزورة المتمرسين يمكنهم الالتفاف عليها.

وأضاف بأنه على مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي أن يتأكدوا من مصدر الفيديوهات ومن صحتها قبل أن يشاركوها مع أصدقائهم.

زود متحدث باسم "ميتا"، الشركة الأم التي تملك "فيسبوك" و"إنستغرام"، "اندبندنت" بسياسات الشركة المتعلقة بالوسائط الإعلامية المتلاعب بها.

وأعلنت "ميتا" أنها لا تقدر على تحديد ماهية المعلومات المضللة لأن "العالم دائم التغيير، والأمر الذي يصح الآن قد لا يعود صحيحاً بعد لحظة".

وتضيف بأنها تزيل منشورات تحض على العنف أو "يرجح أن تسهم بشكل مباشر في التشويش على سير العمليات السياسية".

لم تستجب "تيك توك" ولا "تويتر" لطلب التعليق [على ما تقدم].

وفي التعليقات التي نشرها على "تويتر" يوم الخميس، قال إيلون ماسك إنه لا يريد أن يرى تحول المنصة إلى "جحيم يستقبل الجميع"، بعد أن قال سابقاً إنه سيسمح بنشر أي محتوى لا ينتهك القوانين المحلية.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات