Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل بات صراع القطبين يهدد وحدة إقليم كردستان العراق؟

حزب طالباني يقاطع جلسات الحكومة قائلاً إنه لا يمكن الاستمرار في هذا النهج

الخلافات بين الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان العراق تكاد تطيح بوحدته (أ ف ب)

على رغم طي الحزبين الكرديين الرئيسين صفحة خلافاتهما على المناصب الاتحادية بعد إعلان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، إلا أن علاقتهما تتجه نحو مزيد من التعقيد لتقوض مساعي استكمال خطواتهما المدعومة أميركياً لتوحيد حكومتهما المنقسمة في إقليم كردستان العراق، فيما يحذر مراقبون من تداعيات استمرار الشد والجذب القائم على صيغة إدارة الحكم في ظل سياسة فرض النفوذ وتقاسم الموارد على وحدة كيان الإقليم.
وأعلن حزب "الاتحاد الوطني" الكردستاني بزعامة بافل طالباني أخيراً تعليق حضور وزرائه اجتماعات مجلس وزراء الإقليم حتى إشعار آخر، باستثناء حضور وزيرين "بغية نقل اعتراضات الحزب إلى طاقم الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني الذي يقود الحكومة"، وفق بيان صدر إثر نشوب توتر أمني بين الحزبين.

توتر أمني

وكانت قوة عسكرية شوهدت قرب منزل نائب رئيس الحكومة عن "الاتحاد" قباد طالباني في أربيل بعد إقدام حزبه على مصادرة ممتلكات الرئيس السابق لجهاز استخبارات الحزب أجي أمين الذي انضم أخيراً إلى مجلس أمن الإقليم الذي يديره حزب بارزاني، على خلفية إعلان الأخير نتائج التحقيقات في قضية اغتيال الضابط السابق في جهاز مكافحة الإرهاب التابع لـ "الاتحاد" هاوكار جاف، مع إصدار قرار بفصل قائد الجهاز وهاب هلبجيي من منصبه، بعد أن اتهمه بالوقوف وراء العملية.
ويتبادل مسؤولو الحزبين الاتهامات حول تفاقم الأزمة المالية في محافظة السليمانية وتوابعها، إذ يلقي "الاتحاد" على نظيره "الديمقراطي" باللائمة في فرض الحصار على المحافظة، بينما يرجع مسؤولون في "الديمقراطي" الأزمة إلى "استيلاء بعض المتنفذين في حزب الاتحاد على إيرادات المحافظة"، وكذلك "التنصل من الإلتزام في تحويل الإيرادات الداخلية إلى الخزانة العامة".

حراك لاستمالة المواقف

وبدأ الحزبان بإجراء لقاءات مع القوى الكردية، إذ أكد "الاتحاد" أن وفداً من قادته أجرى اجتماعات مع عدد من الأحزاب "للتعبير عن الامتعاض من طريقة إدارة الحكم في الإقليم، إذ لا يمكن الاستمرار على هذا النهج"، وقال الحزب إن "الجبهة المضادة للتفرد بالقرار تزداد قوة".
موقع إعلام "حزب الاتحاد" عاد معلناً أنه "لن يسكت بعد الآن على الخطاب الهابط للحزب الديمقراطي وماكينة أكاذيب قادته"، قائلاً إن "حزبنا سيستبدل صبر أيوب بالصبر الثوري، وسيتم الرد على كل اتهام باطل بكشف مئات الحقائق بكل شفافية ووضوح".

وأردف، "من حيث الخطاب والآداب السياسية فإن الحزب الديمقراطي وبخاصة بعض القياديين، لم يتركوا حزباً أو شخصية وطنية في الإقليم من دون أن يتهموه ويسيئوا إلى سمعته ويصفوه بالعدو"، مشدداً على أن "هذا النوع من الأدب السياسي جرد العمل الحزبي المشترك ومبدأ التعددية من المعنى والجدوى، في حين أن جميع الأحزاب لها اعتبار وكرامة ويمكنها جيداً الدفاع عن نفسها، لكنها تمتنع من الدخول في هذه الأمور حفاظاً على سلام ومستقبل الإقليم".

رسائل تهدئة

من جهته أعلن فريق حزب بارزاني في الحكومة أنه باشر بعقد جولة محادثات مع القوى السياسية برئاسة وزير الأوقاف بشتيوان صادق الذي صرح للصحافيين بأن جولته "تهدف إلى تقديم الايضاحات حول موقف حزب الاتحاد من عمل الحكومة"، مستدركاً "لكن ذلك لا يعني أن هناك مشكلة داخل الحكومة الائتلافية، بل هي متلاحمة وموحدة وسنستمر في العمل معاً لأنه لا توجد خلافات معقدة مع الاتحاد وسيتم حلها بالحوار".
كما نقلت وسائل الإعلام التابعة لحزب بارزاني عن مصادر عليا في الوفد قولها إنه "تم التطرق خلال الاجتماع إلى أن امتعاض حزب الاتحاد نابع عن الكشف عن قتلة هاوكار جاف، على رغم أن حكومة الإقليم لم تتهم أية جهة سياسية سوى أنها طالبت بتسليم المتهمين". وأشارت إلى أن "الوفد أكد أن مجلس الوزراء بكل شفافية عقد أكثر من 80 اجتماعاً وكانت قراراته بالإجماع وبمشاركة وزراء حزب الاتحاد"، ولفتت المصادر ذاتها إلى أن "رئيس الحكومة ينظر بعين المساواة إلى كل المحافظات في مسألة الإيرادات الحكومية والرواتب، ويؤكد ضرورة أن تعاد مجمل العائدات إلى الخزانة العامة، وأنه لا يجوز أن تختفي في بعض المناطق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


شعارات مستهلكة

وفي السياق قالت النائبة عن كتلة "الديمقراطي" ليزا فلك الدين كاكيي إن "إلقاء بعض القوى السياسية اللوم على الحكومة بات عرفاً كلما تم إسدال الستار على فعل سياسي سيئ، تحت شعار نحن لسنا مع هذا النوع من الحكم ولا نستطيع الاستمرار، وسبق أن حصل هذا مع تنفيذ قرارات الإصلاح وجهود تنظيم عمل المنافذ الحدودية، لكن هذا الشعار أصبح متسهلكاً".

وأضافت، "من السهولة فهم قول هذه القوى إنها لا يمكن أن تنسجم مع حكم إصلاحي ضمن الأطر القانونية والإدارية، لأن مصالحها تكمن مع استمرار الفوضى في المنافذ بغية التهريب وأخذ الأتاوى".
وختمت كاكيي بالقول إن "حكمهم المنشود في منطقتهم (السليمانية) لم يحقق أي مكاسب سوى الإفلاس السياسي والإداري، وأوضح دليل على ذلك هو إفلاس 900 شركة من مجموع 1200 شركة في نطاق السليمانية".
من جانبه، تسائل المتحدث السابق باسم الحكومة جمال عبدالله في مقالة نشرتها وكالة "باس" المقربة من رئيس الحكومة مسرور بارزاني، عن "ما لا يعجب حزب الاتحاد في حكومة الإقليم؟"، وقال "هل الاتحاد ناقم على أنه لا يعلم شيئاً عن مصير عائدات المناطق الخاضعة لنفوذه منذ سنوات، أم أنه يريد احتكار إيراداتها لنفسه وفي الوقت ذاته أن تمنح له حصة من الخزانة العامة؟ وهل الاتحاد ناقم لأنه مطالب بوقف ظاهرة التهريب في المعابر؟ أم بالكف عن مضايقته للمستثمرين والتجار في السليمانية لكيلا يهرب مزيد من هؤلاء ومن أجل ألا يتدهور اقتصاد المدينة؟ أم أنه ناقم لأنه حول قوة مكافحة الإرهاب إلى قوة إرهابية لتصفية الأشخاص؟".

الانقسام بات واقعاً

المحلل السياسي عدنان عثمان علق على الأحداث وتداعياتها قائلاً "أخشى أن تكون خطوة حزب الاتحاد التي يمكن أن تفسر بكونها توجهاً لتقسيم البيت مع الحزب الديمقراطي، أي بمعنى التوجه نحو بغداد وأن يتحول الإقليم إلى إقليمين".

وتابع أن "حقبة هيمنة مؤسس الاتحاد جلال طالباني والسيد مسعود بارزاني سواء في الحرب ونصف الحرب، السلام ونصف السلام قد انتهت، وعقد الطرفان العزم على البقاء منقسمين".
وتابع عثمان أن "الحزبين بعد إخفاقهما في إعادة توحيد إدارتيهما في إطار حكومة وطنية بكل مؤسساتها العسكرية والمالية والقضائية، اضطرا إلى تقسيم السلطة وأصبحت بغداد من حصة الاتحاد عندما تولى الراحل جلال طالباني منصب رئاسة الجمهورية، فيما تولى بارزاني منصب رئاسة الإقليم حيث تمكن لاحقاً من فرض نفوذه". واستدرك، "لكننا الآن نعيش في عصر بافل طالباني ومسرور بارزاني، ومن الصعوبة على هاتين العقليتين العسكريتين والأمنيتين التحليق معاً كما كان يحصل في السابق، لذا فإنهما منشغلان اليوم بسيناريوهات أخرى ويدرسان حالياً الخيارات المتاحة".

حرب استقطاب

وما زاد المشهد تعقيداً هو دخول الحزببين في حرب استقطاب للشخصيات الأمنية والسياسية، فأعلن أجي أمين الذين كان انشق عن جهاز "المعلومات" التابع لحزب "الاتحاد" ويقيم حالياً في أربيل، انشقاق مزيد من أفراد الجهاز والتحاقهم به، ونشر في أحدث تدوينة له صورة تجمعه بأمانج ابن شوكت حاجي مشير الذي كان يشغل منصب مدير العلاقات العامة في جهاز المعلومات"، في إشارة إلى انضمام مشير إلى صفوفه، في وقت كشف إعلام "الاتحاد" عن لقاء جمع زعيمه بافل طالباني مع الشخصية السياسية أدهم بارزاني وهو ابن عم مسعود بارزاني، والذي كان استقال من رئاسة "المجلس القيادي للحزب الديمقراطي في السليمانية"، وعرف لاحقاً بانتقاداته اللاذعة لسياسة الحزب وحكومة الإقليم.
وبحسب بيان لـ "الاتحاد" فإن أدهم أبلغ طالباني نيته فتح مكتب في السليمانية بغية الاستمرار في مسيرته، فيما أعرب طالباني عن دعمه للخطوة قائلاً إن "السليمانية مدينة جميع الأصوات والألوان المختلفة، وعلى مر التاريخ كانت ملاذاً للفكر السياسي المختلف ورفضت التفرد بالقرار".

المزيد من تقارير