Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ثورة "بداية النهاية" لحجاب "العقل" قبل الرأس

"مشكلة نظام الخميني أنه قائم على أفكار من القرن السابع تستخدم لحكم شباب يحملون أفكار القرن الـ21"

عناصر من الحرس الثوري لدى مشاركتهم في مناورات عسكرية على الحدود مع أرمينيا وأذربيجان (أ ف ب)

روى هاشمي رفسنجاني أنه كان مع علي خامنئي في مكة لأداء العمرة عندما سمعا من الترانزيستور نبأ احتلال السفارة الأميركية لدى طهران واحتجاز الدبلوماسيين كرهائن. كان رد فعلهما الأولي هو القلق حيال مضاعفات حادثة إذلال لأميركا. وحين قابلا الإمام الخميني بعد عودتهما السريعة إلى إيران وجداه هادئاً مطمئناً وقال لهما: دعوا الطلاب بلا تدخل. وكان المعنى البسيط لذلك هو الحاجة إلى العداء لأميركا كواحد من أسس الثورة الإسلامية، لكن أميركا لم تحاول على مدى 40 عاماً إسقاط جمهورية الملالي بل التفاهم معها بداعي السعي إلى تغيير سلوك النظام. الرئيس ريغان أرسل إلى طهران وفداً حمل هدية وفتح أمامها باب الحصول على أسلحة من إسرائيل في الحرب مع العراق.

الرئيس أوباما "استقتل" للتوصل إلى الاتفاق النووي. حتى الرئيس ترمب الذي انسحب من الاتفاق ومارس "الضغط الأقصى"، فإن هدفه كان التوصل إلى اتفاق آخر. والعودة إلى الاتفاق أولوية لدى الرئيس بايدن فضلاً عن أن أميركا تعرف، كما يقول راي تقية وأريك أدلمان إنها "لا تستطيع إسقاط النظام الإسلامي، لكنها تستطيع المساهمة في الظروف التي تجعل التغيير ممكناً". والخطر على النظام، كما يقول كريم سادجادبور "ليس من أميركا وإسرائيل بل من الداخل، من الفقر وغضب الناس الذين يرفعون في الانتفاضة شعار: إنهم يكذبون بالقول أميركا عدونا، عدونا هنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وها هي الثورة المستمرة منذ شهر تحت شعار "امرأة، حياة، حرية" تصل إلى شعار "بداية النهاية". وليس لدى جمهورية الملالي منذ ولادتها حتى اليوم سوى سلاحين لمواجهة المطالب: القمع واتهام أميركا بتحريك الانتفاضات. وهذا اتهام مضحك، بصرف النظر عن كون الإدارة الأميركية تعمل لتأمين وسائل التواصل عبر الإنترنت. فالتظاهرات تعم كل المدن. والقمع الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "وحشي بلا هوادة" أوقع نحو مئتي قتيل وقاد إلى اعتقال آلاف ضاقت بهم السجون. وأكبر إهانة للنظام نفسه اتهام النساء وطلبة الجامعات والأساتذة والعمال والفنانين الذين يتظاهرون يومياً ويواجهون الرصاص والسجن بأن أميركا تحركهم. هم يقولون للأميركان: لا تدعمونا ولكن لا تنقذوا النظام.
ذلك أن مشكلة نظام الخميني أنه قائم على أفكار من القرن السابع تستخدم لحكم شباب يحملون أفكار القرن الـ21. وما بدأ ثورة على حجاب الرأس بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني التي اعتقلتها "شرطة الأخلاق" هو عملياً ثورة على "حجاب العقل". فحجاب الرأس أحد أسس الثورة الخمينية لأنه يتيح للنظام السيطرة على النساء. والأخطر هو حجاب العقل لمنع الأفكار الجديدة، فضلاً عن أن الجمهورية الإسلامية تميز بين المسلمين، كما بين الإثنيات والمناطق. فالسلطة للشيعة الاثني عشرية. والسنة محرومون. 10 ملايين كردي محرومون من ممارسة ثقافتهم وحقوقهم. سنة بلوشستان مضطهدون. عرب الأحواز مقموعون. والنساء مقموعات بالطبع، والتجارب مخيفة. في عام 1989 دعت طهران الأحزاب الكردية إلى حوار في فيينا ترأس الوفد الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني الدكتور عبدالرحمن قاسملو فاغتاله الفريق المفاوض على طاولة المفاوضات. في عام 1992 لبى خليفة قاسملو صادق شريف وثلاثة من مساعديه دعوة أخرى إلى الحوار فجرى اغتيالهم على الطاولة.
مفهوم أن مسار الثورة طويل ويحتاج إلى كثير من التضحيات والمواجهة وابتكار وسائل الاحتجاج ليلاً ونهاراً. ولا بد من تنظيم وقيادة ومشاريع بديلة، لكن الجمهورية التي يصف رئيسها إبراهيم رئيسي الرجال والنساء المتظاهرين بأنهم "ذباب"، والعاجزة عن إصلاح نفسها أو تغيير سلوكها ليست قوية كما تبدو. فهي مثل آلة ضخمة تعمل بنظام محدد، بحيث يقود نزع أي "برغي" منها إلى أن تتعطل تماماً. والثورة ليست محصورة في منطقة واحدة ولا مقتصرة على فريق واحد له مطلب محدد. هي شاملة جغرافياً واجتماعياً. والنظام في "بيت المرشد". والمعادلة كما وصفها أمير طاهري هي "قوة رأسية وهيكل أفقي". وأقوى ما في الثورة أنها "حركة لاستعادة الحياة" على حد التعبير الذي استخدمه أستاذ علم الاجتماع في جامعة إلينوي آصف بيات. ولا أحد يستطيع تجميد الحياة.

المزيد من تحلیل