Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كاتب سويسري يقص شعره تضامنا مع نساء إيران

روايته "السلالة" تفوز بجائزة الكتاب الألماني وتسرد العلاقة الشائكة بين البطل وجسده

الفائز بجائزة الكتاب الألماني يقص شعره تضامناً مع الإيرانيات في معرض فرانكفورت (خدمة الجائزة)

ما أن أعلنت لجنة تحكيم جائزة الكتاب الألماني، خلال معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، الذي افتتح أمس رسمياً، فوز رواية "كتاب السلالة" للكاتب السويسري كيم ديل هورايزن، في احتفال نقل على الهواء مباشرة، اعتلى هورايزن المنصة مندهشاً، بثيابه الغريبة النسوية شكلاً، وقال إنه لم يحضر كلمة لهذه المناسبة. وشكر والدته وهو يبكي متأثراً. وبعد ذلك غنى أغنية باللغة الإنجليزية للجمهور الحاضر احتفال إعلان الجائزة. لكن المفاجأة كانت في ظهورهورايزن في حفلة توزيع الجائزة الأشهر في الدول الناطقة بالألمانية، وهي ألمانيا وسويسرا والنمسا ولوكسمبورغ، الذي شكل صدمة للجمهور غير المطلع على تجربته وحياته الشخصية، فقد حضر كيم بقصة شعر نسائية، وقرطين كبيرين وفستان سهرة نسائي، مع شاربين خفيفين. وكأنه يريد القول إنه يتمثل بطل روايته الثنائي الجنس، الذي يحمل اسمه في الرواية. وأقدم هورايزن على قص شعره أمام الحاضرين والكاميرا، معلناً تضامنه مع النساء المناضلات في إيران من أجل الحصول على حقوقهن وحقوق المواطنين. وأعلن تأييده حركة التظاهر مستنكراً أحوال القمع والاضطهاد التي يتعرض لها المواطنون الإيرانيون.

وكانت تنافست 202 رواية، صدرت عن 124 دار نشر في الدول الناطقة بالألمانية، لنيل الجائزة السنوية التي تبلغ قيمتها 25 ألف يورو.خدمة

 

وقد أعلنت قبل أسابيع اللائحة القصيرة التي ضمت ست روايات بينها رواية "كتاب السلالة" الفائزة. ولعل ما جمع بين معظم  الروايات الست، في القائمة القصيرة، هو طرح سؤال الهوية مجدداً، من خلال البحث عن الجذر أو السلالة، أو من خلال العلاقة بين البشر وبين الفن والحياة، أو في معنى العودة لمسقط الرأس بعد غياب لعقود، أو البحث عن هوية الجسد / الجنس كما حال الرواية الفائزة لهذا العام. وكانت رواية "كتاب السلالة" مرشحة من النقاد بقوة، بسبب "الشكل الإبداعي المتحرك والمختلف لهذه الرواية، الذي يتنقل بين السرد القصصي القصير والطويل، وبين المونولوغ والمقالة"، بحسب لجنة تحكيم الجائزة. ورأت أيضاً بأن هناك "طاقة إبداعية" كانت ملهمة للجنة كما ستكون ملهمة للقارئ.

الجذر الجنسي

وعنوان رواية "كتاب السلالة" يمكن ترجمته حرفياً إلى "كتاب الدم"، في وقت يجد القارئ أن العمل يدور في فلك التساؤل الكبير حول حياة "ثنائيي الجنس". فالقارئ لا يكتشف بسهولة إن كان راوي العمل رجلاً أم امرأة. الراوي شخصية محورية عاشت في إحدى الضواحي السويسرية، ثم اضطرت للهرب إلى مدينة زيورخ، بسبب العقلية والمفاهيم الضيقة حول المثلية والتحول الجنسي وثنائيي الجنس.

 

تقوم الراوية، وهي جدة تعاني الخرف، بسرد حكايتها على الطفل "كيم". فتقوم باستعادة ماضيها الذي بدأ كطفلة تعاني لفهم جسدها. هل هي ذكر أم أنثى؟ وعندما كبرت بقيت تعاني لفهم جسدها، هل هي رجل أم امرأة؟ وخلال ذلك تبحث عن جذر جسدها. عن سلالة الجسد وسلالة الروح. ولكنها تجد حلاً في عيش الشخصيتين معاً، جسدياً وجنسياً وروحياً، ضد العقلية التي كانت تنظر إليها بعين الشك، وتلصق بها تهماً تصل إلى العار، أو مخالفة مشيئة الخالق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تطرح هذه الرواية أسئلة كثيرة تخص الجذر والهوية والأصل، ليس في ما يتعلق فقط بالإنسان، بل كذلك في ما يتعلق بالطبيعة والعلاقات بين البشر وأرواحهم. ويستخدم الكاتب سرداً قصصياً وشعرياً، معتمداً على مونولوغات طويلة تبدو كاعترافات في عيادة طبيب نفسي. إنها رواية تجريبية وجريئة، كما يقول تقرير لجنة التحكيم. ويعتبر أنها رواية تبدو فظة وفاحشة في لحظة ما، ثم رقيقة ومكثفة في اللحظة التالية، خصوصاً  في تنوع المستويات المختلفة والمدهشة في السرد، وكذلك في وجهات النظر.

 ولعل ما جمع بين معظم الروايات الست، التي وصلت هذا العام للقائمة القصيرة لهذه الجائزة، هو طرح سؤال الهوية مجدداً، من خلال البحث عن الجذر أو السلالة، أو من خلال العلاقة بين البشر وبين الفن والحياة، أو في معنى العودة لمسقط الرأس بعد غياب لعقود، أو البحث عن هوية الجسد / الجنس كما حال الرواية الفائزة لهذا العام.

دراسة السحر

درس كيم ديل هورايزن الأدب الألماني، وكذلك فنون السينما والمسرح، بل درس كذلك علم السحر والروحانيات. وربما يدل هذا الإقبال على دراسة اختصاصات متعددة، إلى جانب دراسته الغريبة للسحر، على التشظي الداخلي النفسي لدى كيم، وقد يعني توسيع معارفه لفهم دواخله المتعددة، ورسم حياته القادمة التي قد تكون على الضد من مفاهيم أوآراء الآخرين.

 بدأ كيم حياته الأدبية بكتابة الشعر والمسرح، وكذلك المقالات، ونال جوائز عدة في الشعر والمسرح، وصولاً إلى نيله جائزة الكتاب الألماني لهذا العام عن روايته الأولى هذه، التي تبحث في معنى الجسد والإحساس به، وكذلك عن معنى الخضوع لجسد ولد المرء به ولم يختره. بمعنى البحث عن إحساس المرأة التي ولدت بجسد امرأة بينما تشعر بأنها ذكورية، والعكس صحيح. وهناك السؤال الأكبر، وهو لماذا لا يمكن للشخص الواحد أن يعيش الجسدين / الجنسين معاً؟. أسئلة عميقة جعلت أجزاء من الرواية تنحو باتجاه الفلسفة والمونولوج وعلم النفس.

وكانت دار النشر دومونت نشرت الرواية في شهر يوليو (تموز) الماضي، وقدمت كاتب الرواية على أنه من مواليد عام 2666، في مدينة تم اختلاقها في رواية كلاسيكية! ولكن بالبحث يجد القارئ بأن كيم ديل هورايزن من مواليد التاسع من مايو (أيار) عام 1992، في ضاحية تابعة للعاصمة السويسرية بيرن. ويعتبر بذلك من أصغر الروائيين سناً فوزاً بهذه الجائزة.   

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة