Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لم يسم البرهان حكومته منذ الانقلاب؟

الرهان على الزمن وغليان الشارع والضغط الدولي أبرز أسباب الفراغ التنفيذي في السودان

يعيش السودان منذ استلام قائد الجيش عبد الفتاح البرهان السلطة قبل عام من دون حكومة تنفيذية (إعلام مجلس السيادة السوداني)

بات السودان منذ انقلاب قائد الجيش عبدالفتاح البرهان على حكومة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك في الـ 25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، بتعطيله الشراكة مع المدنيين وإلغاء العمل بالوثيقة الدستورية الموقعة بين الشريكين (المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير) في الـ 17 من أغسطس (آب) 2019، من دون حكومة تنفيذية، مما أحدث فراغاً مدة عام كامل في أجهزة الحكم، فما سبب عدم تشكيل هذه الحكومة طوال هذه الفترة وأثرها في الأوضاع كافة؟

النفوذ الخارجي

يؤكد المتخصص في الدراسات الاستراتيجية محمد حسب الرسول أن "السبب الرئيس للفراغ التنفيذي الذي تشهده البلاد منذ نحو عام يعود لطريقة البرهان التي تتسم بالتردد ومحاولة استخدام عامل الزمن، كما يعود إلى سبب رئيس ثان هو زيادة النفوذ الخارجي في الشأن السوداني وإمساكه بالقرار الوطني، وبالتالي فإن العامل الذاتي المتصل بطبيعة رئيس مجلس السيادة والعامل الخارجي هما السبب وراء هذا الفراغ والغياب الواضح للجهاز التنفيذي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف حسب الرسول، "نجد أن الأوضاع لم تتغير كثيراً إذا ما قورنت بفترة حكم تحالف قوى الحرية والتغيير التي ترأس الحكومة فيها عبدالله حمدوك، والفترة التي تلتها بعد الطلاق الرجعي الذي حدث بين شريكي السلطة الانتقالية (المكون العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير)، فقد اتبعت حكومة حمدوك وصفة البنك الدولي التي ثبتت نجاعتها في تدمير الدول وحالات الانهيار الشامل التي ضربتها، إذ كانت حكومة حمدوك وتحالف الشريكين وفية جداً لمشروع إفقار المواطن وتفكيك الأسرة وتفتيت المجتمع الذي هو خلاصة مشروع الصناديق الدولية، وقد طبقته بحذافيره فرفعت الدعم عن الكهرباء والمياه والمحروقات والدواء والعلاج والغذاء، وأوقفت التعليم وبخاصة التعليم الجامعي مدة ثلاث سنوات، وفككت أجهزة الدولة المدنية والعسكرية ووضعت من السياسات العامة والاقتصادية مما أدى إلى التدهور المريع في أحوال البلد في جوانبه كافة".

ومضى قائلاً، "لهذا لا مجال للفصل بين مرحلة الشراكة التي استمرت نحو ثلاث سنوات وما بعدها، ونتيجة لذلك نجد أن البلاد تحصد الآن نتائج سياسات السلطة الانتقالية منذ تأسيسها في 2019، ولا سبيل إلى تدارك حال الانهيار التي كانت هدفاً من أهداف تلك السلطة إلا بالإقلاع عن تلك السياسات، وعبر سلطة انتقالية جديدة تعمل من خلال مسارين بالتوازي، الأول يركز على تغيير السياسات ووقف نزف مؤسسات الدولة وتداعيات ذلك على المجتمع، والمسار الثاني يتمثل في العمل على رد السلطة إلى الشعب عبر الانتخابات قبل خريف 2023".

وحمل المتخصص في الدراسات الاستراتيجية الأحزاب السياسية التي قبلت بالمشروع الغربي وبدأت تنفيذه في السودان مع شركائها من العسكر مسؤولية ما بلغت إليه أحوال البلاد خلال الفترة الانتقالية من ترد وانهيار شمل كل مناحي الحياة من دون استثناء.

غليان الشارع

وفي السياق أوضح أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعات السودانية الحاج حمد أنه "من الناحية العملية لم يكن بمقدور البرهان تشكيل حكومة بعد انقلابه، وليس فقط بسبب غليان الشارع المستمر منذ الـ 25 من أكتوبر، بل ولأن هناك مجموعة من المدنيين والعسكريين يدعمون هذا الانقلاب بموجب تحالف لديه مصلحة بأن تستمر الأوضاع هكذا".

وأردف حمد، "عقبة هذا الانقلاب أن الشارع السوداني أصبح مؤثراً للغاية بسبب قوته وتمرده على الأشكال القديمة، إذ ظل متمسكاً على رغم البطش والعنف المفرط من قبل الأجهزة الأمنية بثورته في مقابل قوى تريد اختطاف انتفاضته الشعبية، فالأزمة الحالية تتمثل في أن هناك من يفكر في الوظيفة السياسية كشكل من أشكال الترفيه، في حين يفكر الجيل الجديد الذي يقود حراك الشارع بطريقة مختلفة، لأنه تربى على التمرد ضد النظام السابق الذي كان يريده أن يطيع أوامره من دون اعتراض أو إبداء رأي".

وزاد أستاذ الاقتصاد السياسي أن "الوضع الطبيعي أن لا يخطو البرهان أية خطوة نحو تشكيل حكومة، لأن شروط المجتمع الدولي كانت واضحة بأن تكون الحكومة ذات صدقية لكي يتعامل معها ويقدم لها دعماً ومساعدات، وقد تابعنا زيارة وزير المالية جبريل إبراهيم إلى واشنطن لحضور اجتماعات صندوق النقد الدولي، والمحاولات البائسة للتواصل مع الصندوق ورفع تجميد علاقاته مع السودان، على رغم أن صيغة صندوق النقد والبنك الدوليين تهدف إلى إضعاف العملة المحلية، مما يحدث تضخماً عالياً جداً وشحاً في السلع، واتجاهاً لدى الحكومة لفرض زيادات كبيرة في الضرائب كما هو حادث في البلاد".

محاصرة الانقلاب

من جانبه، أشار القيادي في قوى الحرية والتغيير طارق عبدالقادر إلى أن "المكون العسكري عندما قام بانقلابه كان يعتقد أن الشعب السوداني سيقف إلى جانبه مؤيداً لهذا الانقلاب، لكن حدث العكس وتصدت الجماهير له منذ يومه الأول، واستمرت المقاومة ضده من قبل الشارع ممثلاً في لجان المقاومة والقوى السياسية والتجمعات المهنية المختلفة وغيرها حتى اليوم، وبالتالي تم عزله ورفضه ولم يجد القبول، وقد حاول المكون العسكري بشتى السبل اختيار رئيس وزراء، لكن غالبية من تمت مشاورتهم لهذا المنصب رفضوا لإدراكهم التام أن الانقلاب لا مستقبل له، وسيعيد البلاد للمربع الأول، وبالتالي فشل في تشكيل حكومة تنفيذية من الكفاءات المدنية".

وتابع عبدالقادر أنه "على رغم أن المجتمع الدولي وإلى حد ما الإقليمي كان لهما دور ورأي واضحين ضد الانقلاب، فضلاً عن محاصرته بوقف المساعدات وربط استئنافها بتشكيل حكومة مدنية ذات قبول، فإن موقف الشارع بالدرجة الأولى حسم هذه المعركة وحال دون اتجاه العسكر إلى تكوين حكومة تنفيذية كأمر واقع، وهذا ما تسبب في الضائقة المعيشية التي ألمت بالبلاد، فضلاً عن الانفلات الأمني والنزاعات القبلية في كل من دارفور والنيل الأزرق، وأصبح المواطن في حال من البؤس".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير