Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هذه قصة الهجوم الغربي على "أوبك+": هل المشكلة سياسية بحتة؟

في أميركا هناك انتخابات نصفية وتخوف الديمقراطيين من الخسارة وأجندة يسارية قصيرة النظر

عقب قرار "أوبك+" بتخفيض إنتاج النفط بدأ الهجوم من الرئيس الأميركي جو بايدن الذي اعتبره قصير النظر (أ ف ب)

اشتد الهجوم الغربي على قرار تحالف "أوبك+" الأخير بخفض إنتاج النفط مليوني برميل يومياً بداية من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، قابله نفي قاطع من السعودية وأعضاء منظمة "أوبك" والتحالف، وتأكيد استقلالية التحالف واتخاذ قراراته بالإجماع بناءً على معطيات فنية واقتصادية استبقت حدوث ركود عالمي.

لكن القصة الحقيقية خلف الهجوم، بحسب أوساط متابعة لهذه القضية، تبدو أنها سياسية بحتة، بدأت من أزمة الديمقراطيين مع أسعار البنزين قبيل أسابيع قليلة من انتخابات التجديد النصفي لمجلس النواب، إضافة إلى نقص الاستثمارات في القطاع النفطي، المسيس أيضاً، بسبب أجندة يسارية قصيرة النظر أرادت التحول السريع للطاقة النظيفة من دون الأخذ في الاعتبار المرحلة الانتقالية.

الهجوم الغربي

وفعلياً عقب قرار "أوبك+" بدأ الهجوم من الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي اعتبر أن القرار قصير النظر، كما أعرب عن شعوره بخيبة أمل وكشف عن بحث الإدارة الأميركية عن بدائل للرد على القرار، ثم لحقته اتهامات أوروبية بتسييس سلعة استراتيجية مثل النفط، وسيطرة روسيا على القرار، واستخدامه سلاحاً مضاداً في ظل العقوبات التي تبحثها الدول الأوروبية لفرض أسعار على بيع النفط الروسي بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.

رد "أوبك"

وجاء الرد على لسان وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال مقابلة مع قناة "بلومبيرغ"، إذ أكد أن قرار "أوبك+" بخفض إنتاج النفط جاء بالإجماع، وأن التحالف لا يتكون من دولتين فقط بل من 23 دولة وجميعها وافقت على القرار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما علق الأمين العام لمنظمة "أوبك" هيثم الغيص في تصريحات تلفزيونية بأن أهداف خفض إنتاج النفط الذي اتفق عليه المنتجون في "أوبك+" توفر مزيداً من الإمدادات لضخها في حالة حدوث أي أزمات، وأن القرار فني وقائم على أرقام وحقائق ووقائع من مؤسسات دولية متعددة تتوقع حدوث ركود اقتصادي.

وأكد الغيص أن قرار "أوبك+" بخفض الإنتاج سيوفر الاستقرار للأسواق العالمية، مضيفاً أن أمن الطاقة له ثمن.

اتفاق الاقتصاديين

واتفق كبير المستشارين الاقتصاديين لمجموعة "أليانز" محمد العريان مع رأي الغيص، إذ اعتبر أن القرار فني واقتصادي متعلق بالعرض والطلب، وقال إن القرار لا ينبغي أن يكون مفاجئاً لأحد، لأن التحالف يتطلع إلى حماية أسعار النفط في ظل هبوط الطلب، فهذا عملهم وهذا ما يتم فعله دائماً. والعريان هو أكثر الاقتصاديين الذين يحظون بسمعة عالية في الأوساط الاقتصادية والسياسية الأميركية.

مشكلة سياسية

لكن في الواقع فإن خلفية اتهامات الغرب للتحالف بقيادة السعودية وروسيا بتسييس النفط هي رد فعل أميركي على أوضاع سياسية داخلية، بحسب "سيتي غروب".

فقد توقع محللو "سيتي غروب" في مذكرة بحثية قبل قرار خفض الإنتاج أن قراراً مشابهاً سوف يثير غضباً وردود فعل قوية من الولايات المتحدة. وأرجعت ذلك إلى تأثير القرار في رفع أسعار البنزين قبل أسابيع قليلة من انتخابات التجديد النصفي، وهو ما اتفق معه بنك "جي بي مورغان" أيضاً.

وهذا الأمر أكده أيضاً وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، "أعتقد أن تلك التصريحات العاطفية جزء من الانتخابات النصفية، فالسعودية لا تسيس النفط أو القرارات المتعلقة به".

مشكلة استثمارات لا نفط

وتطرق الجبير خلال مقابلته إلى القصة الحقيقية لما يجري في سوق النفط، التي يريد الغرب إخفاءها، فـ"السبب الرئيس في ارتفاع أسعار الوقود في الولايات المتحدة هو نقص طاقة التكرير وعدم الاستثمار في مصافي النفط على مدى أكثر من 20 عاماً".

ولهذا الأمر خلفيات سياسية أيضاً، فإن السعي وراء أجندة اليسار الأميركي والأوروبي دفع نحو التخلي سريعاً عن الوقود الأحفوري لمصلحة الطاقة النظيفة، فقد تم عبر السنوات الماضية وضع سياسات حكومية قصيرة النظر بتقليل الاستثمارات النفطية، من دون الأخذ في الاعتبار المرحلة الانتقالية للوصول إلى أهداف النظيفة (وهي أهداف تتفق عليها حتى الدول المنتجة للنفط).

ناقوس خطر

وكان هيثم الغيص أكد ذلك منذ أقل من شهرين بأن مشكلة ارتفاع أسعار النفط عالمياً ترجع في الأساس إلى نقص الاستثمارات. واعتبر أن نقص الاحتياطات الاستراتيجية يدق ناقوس خطر، إذ انخفضت الاستثمارات من 600 مليار دولار إلى 450 ملياراً.

كما يرى خبراء في مجال الطاقة أن المشكلة الرئيسة في القطاع تكمن في تراجع الاستثمارات العالمية التي انخفضت بداية من 2018 وشبه تلاشت في 2020.

وحتى رئيس شركة "تسلا" إيلون ماسك، الذي تعتبر شركته مشروعاً أخضر للتحول للسيارات الكهربائية، قال "إننا بحاجة إلى استخدام النفط والغاز على المدى القصير، وإلا فإن الحضارة ستنهار".

وشدد على أن العالم يجب أن يستمر في استخراج النفط والغاز من أجل الحفاظ على الحضارة، مع الاستمرار في تطوير مصادر الطاقة المستدامة، وأن الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة يستغرق عقوداً عدة.

المزيد من البترول والغاز