Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر "الدكتوراه لم تعد ورقية"

تقديم الأطروحات إلكترونياً هل يتعلق الأمر بالسرقات العلمية وغلاء الأسعار؟

وزير التعليم العالي كمال بداري  أعلن عن تعميم سياسة "صفر ورق" في مناقشات أطروحات الدكتوراه (مواقع التواصل الاجتماعي)

في خطوة نحو "الرقمنة"، أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر عن تعميم سياسة "صفر ورق" في مناقشات أطروحات الدكتوراه.

غير أن هناك من يرى في الخطوة حلاً لمشكلة ندرة وغلاء أسعار الورق، كما يعتبرها آخرون تندرج في سياق مواجهة السرقات العلمية.

قرار واستفهامات

على الرغم من أن الاعتماد على الرقمنة في تسيير مختلف القطاعات والمجالات يتحرك بوتيرة بطيئة مقارنة مع التطلعات التي استدعت إنشاء وزارة جديدة تحت عنوان "الرقمنة والإحصائيات"، لكن الوضع مع وزارة التعليم العالي يختلف، إذ تتجه نحو توسيع العملية بعد أن انطلقت منذ أشهر، ما يطرح استفهامات عديدة بين صدقية السلطات في تحقيق الرقمنة أم أن الأمر يرتبط بمواجهة السرقات العلمية أم يتعلق بمشكلة ورق.

الوزارة أعلنت عن تعميم سياسة "صفر ورق" في مناقشات أطروحات الدكتوراه من خلال إعفاء الطلبة من تقديم نسخ ورقية لأعمالهم البحثية.

وقالت في مراسلة إلى مديري مؤسسات التعليم العالي، إن أطروحات الدكتوراه يجب أن تودع وتوزع حصراً عبر دعامة رقمية في شكل قرص مضغوط، على أن تنشر لاحقاً في المنصة الرقمية الخاصة بكل مؤسسة.

ودعت الوزارة المسؤولين عن الجامعات والمعاهد إلى إيلاء أهمية قصوى لتطبيق فحوى هذا الإرسال وتبليغه إلى كل المصالح الإدارية والهيئات العلمية المعنية على مستوى مؤسساتهم.

التقليص من استعمال الورق

في حين ترى أطراف أن الخطوة تصنف في سياق مسايرة ما يحصل في العالم من تطور تكنولوجي ومعلوماتي، وتعتبر جهات أن الأمر مرتبط بوضع حد لفضائح السرقات العلمية التي باتت تؤرق الجامعة الجزائرية، وتطعن في مستوى المتخرجين.

تأتي تصريحات سابقة لرئيس جامعة "محمد بوضياف" بمحافظة المسيلة كمال بداري وزير التعليم العالي والبحث العلمي الحالي، لتكشف عن خفايا سياسة "صفر ورق"، إذ قال إن "مبدأ صفر ورق يعني التقليص شبه التام من استعمال الورق في التسيير، حيث ستكون كل الإعلانات الخاصة بالأساتذة والطلبة ومحاضر المداولات النهائية والتعليمات والتوجيهات وطلب الوثائق الإدارية إجبارياً باستخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما وجه تعليمات إلى عمداء جميع الكليات بعدم إلزام الطلبة المتخرجين في طوري الليسانس والماستر بتقديم نسخ ورقية من مذكرات تخرجهم والاكتفاء فقط بتقديم أعمالهم على شكل أقراص مضغوطة.

وهو الاتجاه نفسه الذي سار عليه نائب مدير العلاقات الخارجية والتعاون والاتصال بالجامعة ذاتها الهاشمي بلواضح حين أبرز أن الهدف من هذا الإجراء هو تسريع وصول المعلومة إلى الأستاذ والطالب باستخدام التكنولوجيات الجديدة، والاقتصاد في الورق الذي كان يكلف الجامعة سنوياً كثيراً.

السلوكيات تجاه البيئة

أستاذ الحقوق آدم مقراني قال لـ"اندبندنت عربية" إن سياسة "صفر ورق" المزمع اعتمادها في إيداع أطروحات الدكتوراه تشكل نقلة نوعية في السلوكيات الجزائرية تجاه البيئة، حيث تستهدف اقتصاد أطنان من الورق كانت تستعمل ثم يتخلص منها بعد المناقشة، ما يصنف في خانة التبذير وإنهاك القدرة الشرائية للباحث.

 وأوضح مقراني أن هذه الخطوة تدعم أيضاً سياسات التحول الرقمي في الجزائر حتى تتخلص الإدارة من آليات تقليدية مكبلة ومعرقلة، كما أنها تسهل عمليات مراقبة النزاهة العلمية للأعمال المقدمة بتشديد الخناق على السرقات العلمية، خصوصاً أن أطروحة الدكتوراه الجزائرية متهمة في أوساط أكاديمية أجنبية عدة بالسرقات العلمية، ما يهدد مصداقية الشهادة الجزائرية.

ويرى أنه بات من الضروري عصرنة أساليب العمل على مستوى الجامعات والمعاهد من أجل حماية سمعة الجامعة الجزائرية وصدقية شهاداتها، وليتم توجيه المصاريف المهدرة إلى مجالات أكثر مردودية.

سلبيات الخطوة

من جانبه، رحب منسق المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي عبد الحفيظ ميلاط بقرار التخلي عن الورق في أطروحات الدكتوراه.

وقال ميلاط إن نهاية أطروحة الدكتوراه ورسائل التخرج الورقية يعني اقتصاد أطنان من الأوراق، أضاف أن القرار سيؤدي إلى تراجع كبير على طلب حزم الأوراق والطابعات ومنه تهاوي الأسعار، على اعتبار أن الجامعة تعد أكبر مستهلك للورق وطنياً.

ويرى أن سياسة "صفر ورق" في ملفات مناقشة أطروحات الدكتوراه ستوفر مبالغ مالية كبيرة للطلبة كانت تصرف في الطباعة والتجليد، إضافة إلى أن القرار سينهي الضغوط الكبيرة على الجامعات بشأن تخزين النسخ الورقية وتعويضه بالتوثيق الرقمي.

ولم يتجاهل ميلاط سلبيات القرار، موضحاً أنه سيشكل ضغطاً كبيراً على الأساتذة المناقشين في تصحيح نسخ الدكتوراه، خصوصاً بالنسبة إلى كبار السن غير المعتادين على استعمال أجهزة الكمبيوتر.

ميزانية ضخمة

إلى ذلك، كشف رئيس التجمع الجزائري للمتعاملين الرقميين تاج الدين بشير أن البلاد استوردت خلال سنة نحو 1.2 مليون طن من الورق، وهو ما يعادل 450 مليون يورو.

وقال بشير إنها مبالغ ضخمة تثقل كاهل الخزينة العمومية، فضلاً عن الأضرار البيئية التي يخلفها الورق، وهو ما يستدعي الإسراع في رقمنة الإدارة، ووضع خريطة رقمية بهدف بلوغ "صفر ورق".

وأشار إلى أن إنتاج طن الورق يتطلب قطع 25 شجرة بارتفاع 12 متراً وقطر يتراوح بين 15 و20 سنتيمتراً.

المزيد من تقارير