Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع الأسعار يغير نمط الاستهلاك في تونس

النساء يلجأن إلى التخزين على طريقة الأمهات والجدات ومتخصصون يرون أنها ثقافة تحتاج وقتاً لنشرها

غلاء الأسعار يجبر التونسيين على تقليص الاستهلاك (اندبندنت عربية)

تعيش تونس كمعظم بلدان العالم ارتفاعاً جنونياً في أسعار المواد وبخاصة الغذائية منها، بسبب زيادة نسبة التضخم الذي أسهم في ظهور تغيرات طاولت سلوك الاستهلاك لمعظم المواطنين، إما لضغط المصاريف أو عدم توافر بعض المواد الأساس.

وتقول ليلى وهي تقلب السلع وتتحقق من أسعارها في إحدى الأسواق الشعبية بالعاصمة، "المعيشة أصبحت لا تطاق بسبب زيادة الأسعار وأيضاً لغياب بعض المواد الأساس مثل الزيت المدعم والسكر والحليب".

وتضيف وهي أم لثلاثة أطفال، "بسبب غياب الحليب اضطررت إلى إعطاء أطفالي قهوة من دون حليب والجميع يعرف مدى خطورتها على الأطفال، وللأسف أصبحنا نشتري القليل ولم نعد نبحث عن الجودة أو مدى تأثير بعض المواد الغذائية في صحتنا، فهدفنا هو أن نشبع بطوننا بأقل الكلف".

حسن التدبير

أما منى فوجدت الحل في حسن التدبير إذ تقول، "حقيقة هذه الأزمة علمتني ألا أهدر المال في أغراض غير مفيدة وكذلك الطعام، كما أرجعتني إلى عادات أمهاتنا وجداتنا باتباع سلوك وعادات غذائية تعتمد على التخزين، فمثلاً في الصيف أحضر العولة"، وهي عادة يقوم بها التونسيون كل عام، إذ يحولون القمح إلى كسكسي أو محمص.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما تعتمد منى على تقديد اللحم وقصه على طريقة أشرطة وتمليحه جيداً وإصافة الزيت وبعض البهارات إليه ثم نشره في الشمس لمدة أيام خلال الصيف، ثم تخزينه واستعماله بكميات قليلة خلال الشتاء وبهذه الطريقة تستطيع التوفير.

من جانبه يفضل منير مقاطعة المواد التي زاد سعرها بصفة كبيرة على غرار لحم الدجاج أو بعض المواد الأخرى ومحاولة تعويضها بمواد أخرى.

نمط جديد

وتقول الصحافية المتخصصة في الشأن الاقتصادي إيمان الحامدي إنه "غالباً ما تؤثر أية أزمة اقتصادية في السلوك الاستهلاكي ويصبح الإنسان يميل إلى التقشف، وفي الحال التونسية كلنا نعرف أن معظم المواطنين مسرفون ومهدرون للغذاء، والأزمة التي نعيشها ستجعلهم يراجعون نمطهم الاستهلاكي الذي اكتسبوه خلال فترات الوفرة، فالأمر لا يرتبط بالقدرة المالية للإنفاق التي تراجعت بل أيضاً بعدم توفر السلع".

 


​​​​​​​وترى الحامدي أن "السلوك الاستهلاكي الجديد يظهر بعد فترة زمنية طويلة لأنه ثقافة بالأساس وتحتاج الشعوب حتى تكتسبها مدة زمنية طويلة"، مضيفة "عندما يكتسب التونسي اليوم ثقافة عدم الإهدار سترثها الأجيال المقبلة، ولن نرى إهدار الخبز بالشكل الذي كنا نراه، لأنه كان مرتبطاً بعامل الوفرة الذي أصبح يغيب شيئاً فشيئاً، وبذلك يبحث المواطن عن بدائل أخرى بسبب غياب بعض المواد الأساس أو ارتفاع ثمنها بصفة كبيرة، وهي بدائل غير مضمونة صحياً وتنعكس بعد مدة على الصحة، على غرار استهلاك الشحوم عوضاً عن الزيت النباتي أو البحث عن البدائل الرخيصة مثل استهلاك المعجنات للشعور بالشبع عوض اللحوم والخضراوات، وهذا السلوك الاستهلاكي له انعكاس خطر على الصحة وستكون له كلفة ثقيلة على المنظومة الصحية من أدوية وتأمين صحي بسبب انتشار الأمراض المزمنة الناتجة من استهلاك مواد ضارة".

ويشار إلى أن آخر تقرير يتعلق بإهدار الطعام في العالم نشره برنامج الأمم المتحدة البيئي الخاص بعام 2021، وأظهر أن "التقديرات المتعلقة بتونس تشير إلى أن نصيب الفرد في البلاد هو 91 كيلوغراماً من الطعام المهدر سنوياً".

ارتفاع مظاهر اللهفة

وفي السياق، يطلق طبيب القلب ذاكر الهذيبي صيحة فزع حول منوال التغذية بسبب فقدان بعض المواد، قائلاً إن "كارثة صحية ستعيشها تونس بعد سنوات قليلة تتمثل في غياب الزيوت النباتية، إذ يوجد بعض العائلات الفقيرة تعوضه بالشحوم الحيوانية، وهي من أخطر العادات الغذائية وأكثرها مضرة بالشرايين".

أما رئيس "منظمة إرشاد المستهلك" لطفي الرياحي فقال إن "كلفة عيش العائلات التونسية ارتفعت جداً في كل المجالات، فالعائلة التي تتكون من أربعة أفراد وتعيش في العاصمة من دون اعتبار الإيجار، تحتاج إلى 3448 ديناراً (1150 دولاراً)، وهو رقم نشره موقـع ’نامبيو‘ العالمي في عام 2020 لمؤشر كلفة العيش".

ويقول الرياحي لـ "اندبندنت عربية" إن "المواطن اليوم يحاول أن يحقق التوازن بين القدرة الشرائية وغلاء الأسعار، وتتحمل ربة البيت مسؤولية تدبير حاجات الأسرة بأقل كلفة". ودعا إلى أهمية ترشيد الاستهلاك في ظل ندرة المواد وغلاء الأسعار ليصبح ثقافة نمررها للأجيال المقبلة.

اقرأ المزيد