Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سن التقاعد" يدفع ماكرون إلى معركة تحدد مصير مشروعه

بعدما خسر الرئيس الغالبية البرلمانية فرنسا على موعد مع إضراب عام

تعهد ماكرون رفع سن التقاعد بعدما كان تراجع عن الخطة (رويترز)

يلقى "المشروع الإصلاحي" للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ولايته الثانية معارضة واسعة. وبعدما خسر الرئيس الوسطي الغالبية البرلمانية في يونيو (حزيران)، بات يواجه صعوبات كثيرة في إصدار التشريعات، في وقت يلقي التضخم المتزايد بثقله على الجو العام.

وسط هذا، فرنسا على موعد هذا الأسبوع مع إضراب عام اعتراضاً على بعض بنود ذاك المشروع.

فقد تعهّد ماكرون (44 سنة) رفع سنّ التقاعد بعدما كان تراجع عن الخطة التي أثارت انتقادات واسعة خلال السنوات الخمس الأولى له على رأس فرنسا.

وعلى رغم التحذيرات التي تلقاها ماكرون من حلفائه، كلّف ماكرون حكومته رفع سنّ التقاعد من 62 إلى 64 أو 65 سنة، على أن يدخل التغيير حيز التنفيذ اعتباراً من العام المقبل.

وقال ماكرون، الخميس 22 سبتمبر (أيلول)، في مقابلة تلفزيونية مع قناة "بي أف أم" الإخبارية "لا أستبق ما ستفعله الحكومة والبرلمان، لكنني مقتنع بأنه ضرورة".

ومع ازدياد العجز وبلوغ الدين العام مستويات تاريخية، يعتبر ماكرون أن رفع سن التقاعد وتأمين وظائف لمزيد من الأشخاص هما الطريقتان الوحيدتان التي يمكن للدولة عبرهما أن تزيد إيراداتها من دون زيادة الضرائب.

تظاهرات

ونظّم الاتحاد العام للعمل، الخميس، مدعوماً من أحزاب يسارية، تظاهرات في مختلف أنحاء فرنسا، في حراك يتوقع أن يستمر أشهراً عدة.

هدفت التظاهرات إلى المطالبة برفع الأجور، غير أنها باتت تعبر عن معارضة واسعة لخطط الحكومة.

وقال رئيس الاتحاد العام للعمل فيليب مارتينيز الأسبوع الماضي لقناة "أل سي أي" التلفزيونية "نحن نعارض رفع سنّ التقاعد"، مضيفاً أن "الحجج التي تقدمها الحكومة غير منطقية".

من المرجح أن يكون موقف الرأي العام من إصلاح نظام التقاعد والإضرابات حاسماً في تحديد إذا ما كان ماكرون سينجح بالإصلاح الذي ألغاه في عام 2020 بعد احتجاجات وبدء انتشار "كوفيد-19".

وأشار استطلاع رأي نشره الأسبوع الماضي معهد "أودوكسا" المستقل للدراسات إلى أن 55 في المئة من المستطلعين لم يكونوا يريدون رفع سنّ التقاعد و67 في المئة قالوا إنهم مستعدون لدعم التظاهرات المناهضة له.

غير أن استطلاعاً آخر نشرته مجموعة "أيلاب" أظهر مشهدية مفصلة أكثر. فوجد أن 21 في المئة فقط من المستطلعين يؤيدون رفع سنّ التقاعد، لكن 56 في المئة من المستطلعين يرون أن النظام القائم حالياً لم يعد نافعاً و60 في المئة يعتبرون أنه غير مستدام من الناحية المالية.

وقال وزير مقرب من ماكرون فضل عدم الكشف عن هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية الأسبوع الماضي، "لا أعرف أحداً يريد العمل لفترة أطول، لكن لا أعرف أحداً يعتقد أنه لن يعمل لفترة أطول".

أضاف "ربما أكون مخطئاً، لكنني لست متأكداً من أن الإقبال (على التظاهرات) سيكون كبيراً كما تأمل النقابات وحزب فرنسا المتمردة" اليساري الذي يدعم التظاهرات.

الخيار الأسرع

وسيكون العامل الحاسم الثاني هو كيفية طرح الحكومة الإصلاح على البرلمان حيث يقل عدد مقاعد أنصار ماكرون بنحو 40 مقعداً عن الغالبية.

يفضل البعض إدخاله في مشروع قانون موازنة الضمان الاجتماعي الذي سيتم التصويت عليه في أكتوبر (تشرين الأول)، في خطوة ملتبسة سيعتبرها معارضون مخادعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتبر آخرون أنه ينبغي تخصيص مزيد من الوقت للتشاور مع النقابات العمالية وأحزاب المعارضة، على رغم رفضها جميعها أن تعمل مع الحكومة.

غير أن ماكرون يفضل الخيار الأسرع، بحسب ما قال مسؤول كبير فضل عدم الكشف عن هويته.

وفي الحالتيْن، يتوقع مراقبون أن تلجأ الحكومة إلى آلية دستورية مثيرة للجدل هي "المادة 49.3" التي تسمح للسلطة التنفيذية بإصدار التشريعات عبر الجمعية الوطنية من دون حصول تصويت.

وإذا اتحدت أحزاب المعارضة في مواجهة الإجراء أو طالبت بحجب الثقة عن الحكومة، فيمكنها إجراء انتخابات جديدة.

والإجراء الجديد "جريء لكن خطير"، بحسب ما قال حليف لماكرون لوسيلة إعلام فرنسية الأسبوع الماضي.

ويرى خبراء أن النجاح في إصلاح نظام التقاعد والتغييرات المنفصلة في نظام إعانات البطالة سيساعد الرئيس في إعادة الترويج لنفسه كمصلح.

جوهر الماكرونية

منذ فوزه التاريخي بولاية ثانية في أبريل (نيسان)، واجه تطور الأزمة الأوكرانية وسط تقارير مفادها أن التراجع الذي مني به في الانتخابات التشريعية في يونيو (حزيران) جعله مرتبكاً وحتى محبطاً.

وقال الباحث في جامعة "سيانس بو" الفرنسية برونو كوتر "لقد فقدنا قليلاً السردية الماكرونية".

واعتبر أن تحدي الماكرونية كان يكمن في "توجيه" الولاية الثانية وإظهار "كيفية البناء على نتائج الولاية الأولى".

وقال الأستاذ المحاضر في القانون العام في جامعة "باريس 2" بينجامن موريل "جوهر الماكرونية، التي لا عمق تاريخياً لها، يكمن في قائدها وبرنامجه".

ومنذ انتخابه كأصغر رئيس في تاريخ فرنسا في عام 2017، جعل ماكرون من إصلاح الضمان الاجتماعي وتنظيم العمل جزءاً من بصمته السياسية.

وتابع موريل "يصعب على ماكرون أن يتخلى عن الإصلاح، لأن دفن الإصلاح يشبه التنصل من نفسه".

المزيد من تقارير