أعلنت بريطانيا، اليوم الجمعة 23 سبتمبر (أيلول)، برنامجاً شاملاً للتخفيضات الضريبية وحوافز الاستثمار، في مسعى من رئيسة الوزراء ليز تراس إلى تعزيز النمو الاقتصادي المتعثر في البلاد.
وتعد التخفيضات الضريبية هي الأكبر في تاريخ البلاد منذ موازنة عام 1972، بحسب معهد الدراسات المالية في بريطانيا التي يذكر على نطاق واسع أنها انتهت بكارثة بسبب تأثيرها التضخمي.
وخلال استعراضه موازنة مصغرة أمام البرلمان أطلق وزير المالية البريطاني الجديد كواسي كوارتنغ العنان لتخفيضات ضريبية تاريخية وزيادات ضخمة في الاقتراض، في أجندة اقتصادية فاجأت الأسواق المالية.
وأشار كوارتنغ إلى أن الحكومة لن تمضي في خطة لزيادة ضريبة الشركات إلى 25 في المئة، وبدلاً من ذلك ستبقيها عند نسبة 19 في المئة، وهي أدنى نسبة بين دول مجموعة الـ20، وذلك في محاولة لتحفيز النمو الاقتصادي.
كان معدل ضريبة الشركات البريطاني البالغ 19 في المئة متوقعاً له أن يرتفع إلى 25 في المئة العام المقبل، بموجب الخطط التي أعلنها وزير المالية السابق ريشي سوناك العام الماضي.
توحيد شرائح الضرائب
وأضاف كوارتنغ أنه تقرر أيضاً توحيد شرائح الضرائب لمرتفعي الدخل عند 40 في المئة ابتداء من أبريل (نيسان) 2023، مع إلغاء المعدل الإضافي بنسبة 45 في المئة على الدخل الذي يزيد على 150 ألف جنيه إسترليني (168 ألف دولار).
وأعلن وزير المالية البريطاني أيضاً أنه سيخفض المعدل الأساسي لضريبة الدخل إلى 19 بنساً في أبريل 2023، أي قبل عام واحد من المتوقع.
وقال للبرلمان "هذا يعني خفض الضرائب على أكثر من 31 مليون شخص في غضون أشهر قليلة فقط، كما يعني أنه سيكون لدينا واحد من أكثر أنظمة ضرائب الدخل تنافسية ودعماً للنمو في العالم".
وأضاف أن الإجراءات الجديدة تشمل تخفيض رسوم الدمغة على مشتريات المنازل، وهو قرار أدى لارتفاع أسهم شركات بناء المساكن، وتخفيف العبء عن 200 ألف مشتر سنوياً، مع اتخاذ خطوات للحد من قيود التخطيط لاستخدام الأراضي، وإلغاء الحد الأقصى لمدفوعات المكافآت للمصرفيين، إلى جانب إنشاء "مناطق استثمارية" جديدة ذات متطلبات تنظيمية أقل لمؤسسي الأعمال، علاوة على إلغاء الزيادة المقررة في الرسوم على الخمور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب كوارتنغ، ستقدم بريطانيا خدمة التسوق المباشر من دون ضريبة القيمة المضافة للزوار من الخارج.
وقال وزير المالية إن خطة حكومة المملكة المتحدة لوضع سقف لفواتير الطاقة المرتفعة بالنسبة إلى العائلات والأعمال التجارية ستكلف نحو 60 مليار جنيه إسترليني (68 مليار دولار) خلال الأشهر الستة الأولى من بدء تطبيقها، مشيراً إلى أن كلفة التخفيضات الضريبية ستبلغ 45 مليار جنيه إسترليني (51 مليار دولار) أخرى. وأضاف "نتوقع بأن تنخفض الكلفة بينما نتفاوض على عقود طويلة الأمد للطاقة مع الموردين"، علماً أن خطة وضع سقف للفواتير ستدخل حيز التطبيق اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول).
الأولوية للنمو
وتابع كوارتنغ "لقد تعهدنا بإعطاء الأولوية للنمو، لقد وعدنا بنهج جديد لعصر جديد".
وأشار إلى أن الحكومة تستهدف نمو الاقتصاد البريطاني بنسبة 2.5 في المئة سنوياً على المدى المتوسط، وهو مستوى لم يتحقق منذ أكثر من عقد، مضيفاً أن "هذه هي الطريقة التي سنتنافس بها بنجاح مع الاقتصادات الديناميكية حول العالم. هذه هي الطريقة التي سنحول بها حلقة الركود المفرغة إلى دورة نمو محمودة".
وقال وزير المالية البريطاني "خطتنا هي توسيع جانب العرض بالاقتصاد عبر الحوافز الضريبية والإصلاح"، موضحاً "نعتقد أن الضرائب المرتفعة تقلل الحوافز على العمل، وتثبط الاستثمار وتعوق المشاريع".
وفي شهر مارس (آذار) الماضي، توقع مكتب مسؤولية الموازنة نمواً بـ3.8 في المئة للعام 2022 و1.8 في المئة للعام 2023، وبحسب وكالة "بلومبيرغ" فإن الإجراءات الجديدة تهدف إلى منع الركود، الذي يقول بنك إنجلترا إنه بدأ بالفعل، وزيادة الإنتاجية التي تراجعت عن مجموعة الدول السبع الأخرى.
ويقلق الاقتصاديين أن الحزمة لا يمكن تحملها، وستؤدي إلى أزمة عملة حيث يدرك المستثمرون أن عبء ديون الخزانة سيستمر في الارتفاع.
وتسير تحركات وزير المالية البريطاني الجديد على نهج موازنة نيغل لاوسون وزير الخزانة الأسبق في حكومة مارغريت تاتشر لعام 1988، إذ أدت إلى ارتفاع النشاط الاقتصادي وزيادة التضخم، مما دفع بنك إنجلترا إلى زيادة أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها عند 15 في المئة في عام 1989.
ركود محتمل
ويأتي ذلك بعد يوم من إعلان بنك إنجلترا أن الاقتصاد البريطاني من المرجح أن يكون دخل في خانة الركود في الربع الثالث من العام الحالي، ورفع البنك أمس الخميس معدلات الفائدة الرئيسة بمقدار 50 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي، لتصل إلى 2.25 في المئة، في خطوة تهدف إلى كبح التضخم المرتفع.
وهذه السلسلة من الارتفاعات في معدلات الفائدة لم تشهدها بريطانيا، منذ الأربعاء الأسود قبل 30 عاماً، إذ تعتبر الزيادة الأخيرة هي السابعة على التوالي منذ ديسمبر (كانون الثاني) الماضي.
وبحسب تقديرات بنك إنجلترا، فإن اقتصاد المملكة المتحدة سينكمش بنسبة 0.1 في المئة في الربع الثالث، ويرجع ذلك جزئياً إلى العطلة العامة الإضافية لجنازة الملكة إليزابيث، مع انخفاض الإنتاج في الربع الثاني من هذا العام.
ومع التحديث الذي أعلنه كوارتنغ في البرلمان، تراجع الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى جديد له في 37 عاماً في مقابل الدولار عند 1.1148 دولار.