Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتخلى ترمب عن حماية مضيق هرمز بسبب ثورة الصخري؟

من يسيطر في الخليج يسيطر على تدفق إمدادات النفط للدول المنافسة

تجاهل الرئيس الأميركي دونالد ترمب حقيقة مهمة أن بإمكان دول الخليج زيادة النفط بشكل كبير (رويترز)

ذكر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في خطاب له، ثم في سلسلة تغريدات أن مضيق هرمز لم يعد مهماً للولايات المتحدة التي أصبحت أكبر منتج للنفط في العالم.

عبارات ترمب هذه عبّرت عن جهله الشديد في السياسية الخارجية، وفي أسواق النفط، وفي تاريخ العلاقات الأميركية الخليجية، وفي الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة.

وفي ما يلي استعراض لأهم النقاط الأساسية التي فاتت ترمب والتي تثبت أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة ستتجاهل كلامه تماماً:

1- على مر التاريخ، حاولت الدول القوية السيطرة على خطوط التجارة الدولية، بما في ذلك البحرية، وقامت بحمايتها على حسابها، فإذا لا يريد ترمب أن يدفع تكاليف ذلك، فليتخلّ عن الخليج لروسيا أو الصين أو غيرهما لنرى الخطأ التاريخي الذي ارتكبه.

2- من يسيطر في الخليج يسيطر على تدفق إمدادات النفط للدول المنافسة، هناك المئات من البحوث والمقالات والمحاضرات من كبار الساسة وصناع القرار والمفكرين الأميركيين الذين ركزوا على ضرورة السيطرة الأميركية على المضائق المائية في العالم لحماية المصالح الأميركية من جهة، والتحكم بالدول الأخرى من جهة ثانية، خصوصاً الصين.

3- الاستقرار السياسي في المنطقة وضمان إمدادات النفط للعالم يعني نمو الاقتصاد العالمي، وبالتالي استمرار الاقتصاد الأميركي بالنمو. إن آخر شيء يريده ترمب هو انفجار المنطقة بصراعات مختلفة وارتفاع أسعار النفط بشكل يدمر الاقتصاد العالمي، ويؤدي إلى كساد في الولايات المتحدة قبل الانتخابات الأميركية المقبلة، التي ستقلل من فرص نجاحه لفترة ثانية، وهو الذي كان يقلق من ارتفاع بسيط في أسعار البنزين ويطالب دول "أوبك" بزيادة إنتاج النفط.

4- لم يدرك ترمب أن كون الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم لا يحميها من ارتفاع كبير في أسعار النفط نتيجة قلاقل سياسية في منطقة الخليج أو أي منطقة نفطية في العالم.

وهناك أدلة تاريخية عديدة تشير إلى أن ارتفاعاً عالمياً في أسعار النفط قد يؤدي إلى تصدير النفط الأميركي لبيعه في الأسواق العالمية بسعر أعلى، الأمر الذي يعني أن الولايات المتحدة قد تعاني من أزمة نفطية خانقة، على الرغم من أنها أكبر منتج للنفط في العالم.

ونظرة سريعة إلى التاريخ الأميركي توضح أنه لا يمكن استبعاد إصدار قرار رئاسي يمنع تصدير النفط الأميركي مرة أخرى لتجنب أي نقص في الإمدادات داخل الولايات المتحدة.

5- ومن الواضح أن الرئيس الأميركي وحكومته ليس لديهما أي علم بالأمور الفنية المتعلقة بالنفط، نعم، الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم، وتصدر أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً من النفط الخام، ولكنها ما زالت تستورد حوالى سبعة ملايين برميل يومياً، والسبب هو النوعية، وليس الكمية.

فالنفط الصخري خفيف وحلو، ولكن عدداً من المصافي الأميركية تحتاج النفط الأثقل والأكثر حموضة من الخليج.

والحقيقة أن الولايات المتحدة بأمس الحاجة الآن إلى نفط السعودية والإمارات والكويت والعراق من السابق بسبب العقوبات على فنزويلا وإيران، وعدم وجود أنابيب كافية لنقل النفط الكندي إلى الولايات المتحدة.

6- ترمب تحدث عن تكلفة حماية الخليج، وأنها تكلفة من دون منفعة لأن الدول الأخرى هي التي تستفيد من نفط دول الخليج، هذا المنطق غير صحيح لأن التكاليف يجب أن تقارن بما ستخسره الولايات المتحدة من مغادرة المنطقة وتركها للآخرين، وهذا أمر اتفق عليه الساسة والمفكرون الأميركيون منذ عقود... الخسائر من الانسحاب أكبر بكثير من تكلفة البقاء.

7- كما تجاهل ترمب حقيقة مهمة وهي أنه بإمكان دول الخليج زيادة النفط بشكل كبير، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار أسواق النفط والذي سينتج منه انخفاض إنتاج النفط الأميركي بأكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً، وإفلاس مئات الشركات النفطية الأميركية.

وستنتج من هذا زيادة اعتماد الولايات المتحدة على واردات النفط من الخليج.

والمثير هنا أنه إذا تركت الولايات المتحدة الخليج، ثم عادت إليه، ستجد أن منافسيها يتحكمون في إمدادات النفط إليها.

8- لا يمكن لأي قيادي عسكري أو مخطط استراتيجي أن يقبل بما قاله ترمب لجهة أن تحمي كل دولة ناقلاتها في الخليج لتخفيف التكاليف الأميركية، لأن وجود سفن حربية كثيرة في المنطقة سيؤدي إلى مشاكل لا يعرف أحد عقباها، كما أن مسألة التنسيق بينها في منطقة بحرية صغيرة مثل مضيق هرمز أمر أقرب إلى المستحيل.

9- أخيراً، لننظر إلى لائحة المستفيدين من الانسحاب الأميركي من حماية مضيق هرمز (إيران، وداعش، والقاعدة، وروسيا، والصين)، ولنرَ ما رأي قادة الجيش الأميركي والاستخبارات الأميركية في ذلك.

وخلاصة الأمر أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن حماية منطقة الخليج ومنطقة هرمز، ولن تدع الدول الأخرى تحمي سفنها في المنطقة.

المزيد من آراء