Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يستطيع جونسون الوفاء بوعد عدم دفع 39 مليار جنيه للاتحاد الأوروبي لقاء الخروج؟

تُعد تكلفة بريكست واحدة من أكثر الجوانب إثارة للجدال ولكن هناك العديد من المفاهيم الخاطئة حول مشروع قانون الطلاق

بوريس جونس يعد الأوفر حظا في خلافة تيريزا ماي رئيسا لحزب المحافظين (رويترز)

تشتمل خطة بوريس جونسون بشأن بريكست على التهديد بالامتناع عن سداد رسوم الخروج البالغة 39 مليار جنيه إسترليني التي تفاوضت عليها تيريزا ماي، وذلك للضغط على الاتحاد الأوروبي بهدف حمله على التوصل إلى صفقة أفضل معنا.

قال جونسون "أعتقد أنه يجب أن يكون هناك غموض خلّاق حول موعد دفع هذا المبلغ وكيفية تسديده "، وذلك في سياق مقابلة  اجرتها معه يوم الاثنين الماضي لورا كوينسبيرغ، محررة الشؤون السياسية في هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي).

يبدو أن هذا لن ينجح على الأرجح لأنه سيلغي نتائج المرحلة الأولى من مفاوضات بريكست، ومن المؤكد أنه لن يتم الاتفاق عليه بحلول 31 أكتوبر (تشرين الأول)، وهو الموعد الذي تعهد جونسون بأن تغادرفيه المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي مهما يكن الثمن.

لكن في الواقع يبدو ذلك المبلغ كبيراً. فقد قال دونالد ترمب، الذي يساوي المبلغ بالنسبة له 50 مليار دولار "لوكنت مكانهم لن أدفع 50 مليار دولار. هذا أنا. لن أدفع، هذا مبلغ هائل".

ويُشكل هذا الشعور عنصر دعم قوي للخروج من الاتحاد الأوروبي بدون صفقة. فلا عجب في أن كثيرين يعتقدون أنه ينبغي علينا ببساطة أن نمضي في حال سبيلنا غير عابئين، وليشرب الاتحاد الاوروبي البحر، كما قال جونسون عندما كان وزير للخارجية قبل عامين.

لكن بطبيعة الحال فإن الحياة أكثر تعقيدًا من ذلك. وإذا "انسحبت" المملكة المتحدة، سيتعين عليها التعامل تجارياً مع الاتحاد الأوروبي، وقد يكون ذلك وفق أسوأ الشروط الممكنة إذ سندفع الحد الأقصى للرسوم الجمركية المنصوص عنها في قواعد منظمة التجارة العالمية، أو سيتعين علينا التفاهم مع الاتحاد على شروط أفضل. وإذا أردنا التجارة بشروط أكثر ملاءمة سيترتب علينا التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي.

وفي اللحظة التي سيسعى فيها رئيس الوزراء جونسون للتفاوض على هذه الشروط، سيطلب الاتحاد الأوروبي تسديد فاتورة الخروج البالغة 39 مليار جنيه إسترليني.

هناك مفاهيم خاطئة عدة حول هذا المبلغ، أولها أنه ليس 39 مليار جنيه إسترليني. فطبقاً  لتقديرات مكتب مسؤولية الموازنة  في مارس (آذار) الماضي ، بلغت الفاتورة الاجمالية  41.8 مليار يورو، أي حوالي 37 مليار جنيه إسترليني، لأن اليورو انخفض مقابل الجنيه منذ التقدير الأصلي.

ومنذ أن مُدّدت عضويتنا في الاتحاد الأوروبي حتى شهر أكتوبر المقبل، تمّ خفض المبلغ إلى حوالي 32 مليار جنيه إسترليني، لأن الفترة الانتقالية، التي مازال مقرراً لها أن تنتهي في ديسمبر(كانون الأول) 2020، ستكون أقصر. تُعتبرهذه نقطة أساسية، لأن جزءاً كبيراً من فاتورة الخروج هو عبارة عن تعويض لمساهمة المملكة المتحدة الصافية في صناديق الاتحاد الأوروبي، وخلال الفترة الانتقالية سيُواصَل الاتحاد معاملتنا كعضو فيه يدفع كامل المساهمة المترتبة عليه وليس قيمتها الصافية فقط.

هذا هو المبلغ (32 مليار جنيه إسترليني) الذي كنا سندفعه على أي حال لو بقينا في الاتحاد الأوروبي، وفي الواقع هو المبلغ الذي سندفعه إذا لم نغادر في أكتوبر. وتصل قيمة الفاتورة المخصصة لتسوية ديوننا عند المغادرة إلى حوالي 22 مليار جنيه إسترليني، وهو المبلغ الذي يترتب علينا دفعه لصناديق المعاشات وبرامج الاتحاد الأوروبي التي نريد أن نبقى جزءا منها.

السؤال المطروح حول هذا المبلغ هو ما إذا كنا ملزمين قانونا بدفعه. الجواب، باختصار، هو  "لا،" لكن هذا التزام ينشأ عن الاتفاقيات الدولية وسيكون مسيئا لسمعة المملكة المتحدة أن تتراجع عنه. بمعنى آخر، ولماذا سترغب الدول الأخرى ،بما فيها تلك أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بتوقيع صفقات جديدة مع دولة تراجعت عن تعهداتها القديمة؟

يستشهد مؤيدو الخروج من دون صفقة، حتى في هذا الوقت، بتقرير قديم لمجلس اللوردات قال فيه لن تكون للاتحاد الأوروبي أي سلطة قانونية للمطالبة بالمبلغ إذا رفضنا السداد.  بيد أن هؤلاء لا يشيرون عادة إلى جزء معين من التقرير جاء فيه أن  "العواقب السياسية والاقتصادية لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون الاستجابة للمطالبات بموجب ميزانية الاتحاد الأوروبي ستكون عميقة على الأغلب. فإذا أرادت المملكة المتحدة علاقة تجارية تفضيلية مع الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ترتيب انتقالي، فالارجح أن يطالب شركاء الاتحاد الأوروبي بمساهمة مالية بعد خروج بريطانيا."

بالتالي فإن فكرة أننا قادرون على التنصل ببساطة من التزاماتنا تعد واحدة من المغالطات العديدة التي تتصل بالخروج الذي يسمى "انفصالًا تاماً."  يقول جونسون أيضا إنه بإمكاننا الاستمرار في التعامل التجاري مع الاتحاد الأوروبي دون رسوم جمركية، وذلك بموجب المادة 24 من الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (غات)، التي تسمح باستمرار شروط التعامل التجاري المواتية مؤقتًا أثناء التفاوض على صفقة تجارية.

لكن المادة 24 من اتفاقية غات تنطبق فقط في حال التوصل إلى اتفاق. وسيتعين على الاتحاد الأوروبي الموافقة على  التجارة معنا من دون رسوم جمركية، كما سيكون لزاماً عليه أن يضع الشروط ايضاً. وسيطلب الاتحاد عندها من المملكة المتحدة دفع فاتورة خروجها، وضمان الحدود المفتوحة مع إيرلندا والموافقة على جميع الشروط الأخرى لاتفاقية الانسحاب.

إن فكرة الانفصال التام عن الاقتصاد الاوروبي الهائل على مرمى حجر منا  هي فكرة خيالية، ولابد أن تٌقيم المملكة المتحدة علاقة مع هذا الاقتصاد يجب التفاوض بشأنها بتفصيل دقيق وباستفاضة كبيرة ومستمرة. أما جونسون فهو لا يتعهد إلا بأشياءٍ لا يستطيع تحقيقها.

© The Independent

المزيد من دوليات