Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متى يعثر "سلام الأحباش" الضائع على موطئ قدم؟

متمردو تيغراي يطالبون بهدنة وأديس أبابا تتحفظ والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي يرحبان

كانت جبهة تحرير تيغراي أعلنت استعدادها لتنفيذ وقف نار فوري من أجل توفير أجواء ملائمة لعملية السلام (أ ف ب)

في وقت اتهمت جهات حكومية إثيوبية جبهة تحرير تيغراي بتدمير عدد من المدارس والمراكز الصحية أثناء هجماتها المتكررة على عدد من المناطق، وفي بلدة زقوالا خلال هجومها الأخير على منطقة واغهمرا بإقليم أمهرا، توكد مصادر أن غارات جوية جديدة شنت صباح الثلاثاء، الـ 13 من سبتمبر (أيلول)، بطائرات مسيرة استهدفت عدداً من الأماكن بما فيها جامعة مقلي وبعض الأماكن الحيوية بإقليم تيغراي.

دعم دولي

وكانت جهات دولية أيدت دعوة السلام التي أطلقتها "جبهة تحرير تيغراي" أخيراً، ورحبت الولايات المتحدة بالخطوة وقالت إنها تعمل إلى جانب شركاء دوليين من أجل الوصول إلى تسوية سلمية بين الحكومة الإثيوبية والجبهة المتمردة وتحقيق سلام في إثيوبيا.

ودعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن القادة الإثيوبيين إلى هدف السلام والعمل لنقل البلاد إلى طريق ينهي المعاناة عبر التفاوض والجهود السلمية، وأكد تطلع واشنطن إلى العودة لشراكة حقيقية مع إثيوبيا، مشيراً إلى وقوف بلاده إلى جانب شعبها وتحقيق رغبته في السلام والاستقرار.

من جانبها، وصفت الأمم المتحدة المبادرة السلمية بأنها فرصة حقيقية للسلام، ودعا الأمين العام أنطونيو غوتيريش طرفي الصراع إلى الحوار، وقال بيان أممي إن "على الأطراف اغتنام فرصة السلام واتخاذ خطوات لإنهاء العنف بشكل نهائي، واختيار التفاوض للوصول إلى حل يحقن الدماء"، وأكد بيان الأمم المتحدة استعدادها لدعم عملية السلام تحت قيادة الاتحاد الأفريقي.

بدوره رحب الاتحاد بإعلان جبهة تحرير تيغراي هدنة السلام، ودعا إلى الانخراط في مفاوضات فورية معتبراً الخطوة فرصة فريدة.

وأشاد رئيس مفوضية الاتحاد موسى فقي محمد بإعلان حكومة تيغراي الإقليمية التزامها الحل السلمي للنزاع ورغبتها في المشاركة بعملية سلام يقودها الاتحاد الأفريقي، واصفاً التطور بالإيجابي لاستعادة السلام في جمهورية إثيوبيا.

وكانت جبهة تحرير تيغراي أعلنت الأحد (11 سبتمبر) استعدادها لتنفيذ وقف نار فوري مع الحكومة الإثيوبية إلى جانب وقف للأعمال العدائية من أجل توفير أجواء ملائمة لعملية السلام، وقال بيان للجبهة إن سلطات إقليم تيغراي مستعدة للانخراط في مفاوضات سلام فورية مع الحكومة الإثيوبية بدعم دولي وتحت قيادة الاتحاد الأفريقي من أجل إنهاء الصراع شمال البلاد.

أجواء الدبلوماسية

وضمن تأييده مبادرة السلام التي تقدمت بها جبهة تيغراي دعا السكرتير التنفيذي للهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا (إيغاد)، طرفي الصراع إلى اغتنام الفرصة من أجل التوصل إلى سلام دائم للصراع الدائر شمال البلاد.

وأوضح بيان الهيئة أن "سكرتيرها التنفيذي ورقينة غبيو يتابع باهتمام شديد الوضع في إثيوبيا، ويسعده أن يرى أطراف النزاع يظهرون استعداداً قوياً للحوار بالعودة لطاولة المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بهدف إيجاد حل دائم للصراع".

وفي وقت لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة الإثيوبية على إعلان الجبهة، تشير الدلائل إلى أن بيان سلام الجبهة يجيء ضمن أجواء اللقاءات الدبلوماسية التي ظل يعقدها المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي مايك هامر أثناء زياراته إلى المنطقة، وعقب لقاءات تمت بينه ومفوضية الاتحاد الأفريقي خلال سبتمبر الحالي إلى جانب زيارته الأخيرة لإثيوبيا التي شملت إقليم تيغراي.

كما يربط بعضهم بين دعوة الحركة إلى السلام ومناسبة قدوم السنة الإثيوبية الجديدة التي يجيء تاريخ إطلاقها مواكباً للـ 11 من سبتمبر، وهو تاريخ المناسبة الدينية التي تحتفل بها كل القوميات الإثيوبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويفسر آخرون التوجه المبادر للسلام من طرف الحركة بمحاولة كسب تعاطف شعبي في ظل اتهامات ظلت توجهها الحكومة إليها بارتكاب أعمال غير إنسانية ضد المدنيين في عدد من المناطق التي تسيطر عليها.

وكانت الهدنة التي أعلنتها الحكومة الإثيوبية في مارس (آذار) الماضي تعرضت لنقض تبعته اتهامات متبادلة بين الحكومة والجبهة، وتطورت المعارك في أغسطس (آب) الماضي لتشمل محاور عدة تنذر بتوسع إقليمي ضمن اتهامات متجددة للحكومة الإريترية بمشاركة جيشها للمرة الثانية في الصراع وتوسيع رقعته.

وقالت الجهات الحكومية إن جبهة تيغراي مارست قتل وتشريد المدنيين والأبرياء وحرق مواشيهم ومزارعهم في القرى المجاورة لبلدة زقوالا، وصرح رئيس مكتب الصحة في مدينة سقوطا أسمروم غدامو بـ "أن الجماعة الإرهابية قامت بنهب وتدمير 10 من المراكز الصحية في المنطقة منذ الـ 24 من أغسطس الحالي".

وأشار المسؤول الحكومي إلى أن "الجبهة تثبت عدوانيتها للشعب بمثل هذه الأفعال غير السلمية من نهب وتدمير وسرقة للممتلكات العامة والخاصة"، وقدمت قوات الدفاع الوطني أدلة على أن الجبهة قامت بقتل الأبرياء خلال مهاجمة بلدة قداميت بمنطقة واغهمرا، وفي حين لم يصدر أي رد من الجبهة على هذه الاتهامات لا تزال كثير من الحقائق غائبة نتيجة الظروف الأمنية غير المواتية في كثير من المناطق.

وكانت إثيوبيا أعربت رفضها أية محاولات لتسييس قضايا حقوق الإنسان وإخراجها من محفلها الطبيعي، مؤكدة رفضها الكامل "المزاعم التي لا أساس لها" في تقرير حقوق الإنسان الصادر عن "اللجنة الدولية لخبراء حقوق الإنسان".

ووفق ما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية (فانا) الجمعة، فقد وصف بيان لوزارة الخارجية الإثيوبية تلك المزاعم بأنها مؤسفة، مشيراً إلى أن "اللجنة ليس لديها اختصاص أو تقدير مناسب للصراع الذي أثارته جبهة تغراي في انتهاك للهدنة الإنسانية، ولا يمكن لها أن تعطي لنفسها تفويضاً بالبت في الأمور المتعلقة بتهديد السلام والأمن". وأضافت الوزارة أن "دعوة اللجنة المتجاوزة بشكل صارخ لسلطاتها إلى اتخاذ إجراء ضد إثيوبيا من قبل مجلس الأمن تظهر فقط السلوك المتهور لها، كما تثبت تأكيد الحكومة على أن قرار إنشاء اللجنة له دوافع سياسية".

تحفظ وتأييد

في مساندته دعوة الحركة للسلام حث بيان الاتحاد الأفريقي الجانبين على العمل بصورة عاجلة من أجل التوصل إلى هدنة فورية، ودعاهما إلى الانخراط ضمن محادثات مباشرة في إطار عملية يقودها الاتحاد وتشمل الشركاء الدوليين المتفق عليهم.

وكان الاتحاد الأفريقي أعلن تمديد تفويض مبعوثه الخاص للقرن الأفريقي الرئيس النيجيري السابق أولسون أوباسانجو في رعايته لمحادثات سلام بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي.

لكن الحركة الشعبية لتحرير تيغراي تحفظت خلال الأشهر الماضية على مباشرة الاتحاد الأفريقي عملية الإشراف على محادثات السلام مع الحكومة، متهمة مبعوثه الخاص للقرن الأفريقي بالانحياز إلى جانب الحكومة الإثيوبية، ومشترطة مشاركة جهات دولية في الإشراف على أية مفاوضات مرتقبة قبل إطلاق مبادرتها للسلام، وتعديل موقفها الذي أصبح مؤيداً لإشراف الاتحاد الأفريقي ومبعوثه أوباسنجو.

المزيد من تقارير