Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليونان تترك الباب مواربا أمام أردوغان رغم تعليقات "غير مقبولة"

رئيس وزراء أثينا يبدي استعداده للقاء الرئيس التركي بينما يتزايد التوتر بين البلدين الخصمين

رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس يبتسم خلال مؤتمر صحافي في معرض سالونيك الدولي (أ ف ب)

أبدى رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، الأحد الـ11 من سبتمبر (أيلول)، استعداده للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما يتزايد التوتر بين البلدين الخصمين.

تدور خلافات منذ أعوام بين البلدين الجارين اللذين يقيمان علاقات صعبة حول الحدود البحرية وحقوق استغلال الطاقة في مناطق متنازع عليها بجزر بحر إيجه وشرق المتوسط.

وتتهم أثينا أيضاً أنقرة بانتهاك المجال الجوي فوق الجزر اليونانية، فيما أثارت اتفاقات دفاعية يونانية في الآونة الأخيرة مع فرنسا والولايات المتحدة غضب تركيا.

لكن خلال مؤتمر صحافي ضمن معرض تيسالونيكي الدولي، أعلن ميتسوتاكيس أنه يبقى منفتحاً على لقاء مع أردوغان، لكن ليس بإمكانه فرض اجتماع، وقال "أعتبر التصريحات الأخيرة للرئيس التركي غير مقبولة، لكننا سنحاول على الدوام إبقاء قنوات الحوار مفتوحة"، وأضاف أن قمة غير رسمية للاتحاد الأوروبي في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) في براغ ربما تشكل فرصة لحصول هذا الأمر واتهم ميتسوتاكيس تركيا بتحريف الوقائع، إذ إن أردوغان اتهم اليونان تكراراً بـ"احتلال" جزر في بحر إيجه لم تتم تسوية وضعها في معاهدات ما بعد الحرب.

رد حاسم

ورداً على سؤال عما إذا كان يعتقد بأن تركيا ستثير نزاعاً عسكرياً في بحر إيجه، قال رئيس الوزراء اليوناني إنه لا يستطيع "حتى تخيل مواجهة عسكرية"، لكنه حذر من أنه في مثل هذا السيناريو سيصدر من القوات المسلحة اليونانية "رد حاسم".

وهذا الأسبوع، اشتكت أثينا رسمياً إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والأمم المتحدة بعدما حذر أردوغان في خطاب قائلاً "لدينا شيء واحد نقوله لليونان، تذكروا إزمير"، في إشارة إلى سقوط المدينة غرب تركيا عام 1922 الذي تلاه إحراقها ومذبحة بحق السكان اليونانيين.

الاتحاد الأوروبي قلق

وعبر الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي عن قلقه من تصريحات أردوغان وقال بيتر ستانو المتحدث باسم مسؤول السياسة الخارجية جوزيب بوريل في بيان إن "التصريحات العدائية المستمرة من جانب القيادة السياسية لتركيا ضد اليونان تثير مخاوف كبيرة وتتناقض تماماً مع جهود التهدئة التي تشتد الحاجة إليها في شرق البحر المتوسط"، وأضاف أن "التهديدات والخطابات العدوانية غير مقبولة ويجب أن تتوقف"، مشدداً على مطالب الاتحاد الأوروبي بتسوية الخلافات سلمياً وفي ظل الاحترام الكامل للقانون الدولي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار ستانو إلى أن "الاتحاد الأوروبي يكرر توقعاته أن تعمل تركيا بجد على تهدئة التوتر بطريقة مستدامة لمصلحة الاستقرار الإقليمي في شرق البحر المتوسط وأن تحترم بشكل كامل سيادة وسلامة أراضي جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".

وبحسب وكالة الأناضول للأنباء التركية الحكومية، بعثت أنقرة أيضاً رسائل إلى الاتحاد الأوروبي و"ناتو" والأمم المتحدة لتوضح موقفها من القضايا محل الخلاف بين البلدين.

تاريخ من الخلافات

عام 2020، انخرطت تركيا واليونان المنضويتان تحت حلف شمال الأطلسي في خلاف يعد الأشد بينهما بسبب موارد الطاقة في شرق المتوسط، لكن التوتر بين البلدين له جذور قديمة.

تختلف تركيا واليونان على الحدود البحرية منذ عقود، ويمكن إرجاع الجزء الأكبر من التوتر المرتبط بالمتوسط إلى نزاعهما بشأن قبرص التي اجتاحتها تركيا عام 1974 رداً على انقلاب رتبته أثينا في مسعى لتوحيد الجزيرة مع اليونان.

وبات الشطر الجنوبي من الجزيرة الناطق باليونانية، جمهورية قبرص التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004. أما الدويلة التركية غير المعترف بها الواقعة في الجزء الشمالي من الجزيرة، فهي مفصولة عن الجنوب بجدران وأسلاك شائكة وأكياس رملية.

وتسير قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص التي تعد بين أقدم قوات حفظ السلام الأممية دوريات على طول "الخط الأخضر" الفاصل بين الشطرين.

وتؤكد تركيا أنها مستعدة للتفاوض مع أي بلد، بما في ذلك اليونان، باستثناء جمهورية قبرص التي لا تعترف بها.

الحقوق في المياه والجو

اتسع نطاق النزاع بشأن قبرص ليشمل مسائل أخرى عدة، بما فيها الحقوق في مسطحات مائية متنازع عليها والمجال الجوي، وتصر اليونان على أن القانون الدولي يمنحها حق توسيع رقعة المساحات البحرية التابعة لها إلى 12 ميلاً بحرياً مقابل الأميال البحرية الستة التي تحظى بها الآن، لكن تركيا تخشى من أن ذلك قد يحرمها من الوصول إلى الجرف القاري في بحر إيجه ومن النفط والغاز الطبيعي.

ويتسم بحر إيجه بجغرافيا معقدة مع وجود شبكة تضم أكثر من ألفي جزيرة معظمها يونانية، وكاد البلدان يدخلان في حرب خلال تسعينيات القرن الماضي بشأن جزيرتي "إيميا" غير المأهولتين المعروفتين تركياً باسم "كارداك".

لكن نحيت هذه الخلافات جانباً من خلال ما أطلق عليها "دبلوماسية الزلزال" عام 1999 عندما استجابت اليونان لزلزال مدمر هز تركيا.

تدفق اللاجئين

أدت الحرب السورية إلى تدفق اللاجئين، خصوصاً إلى تركيا التي تعد نقطة عبور لعدد من الراغبين في الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي الغنية التي باتت تستضيف نحو أربعة ملايين لاجئ، معظمهم سوريون.

ووصل أكثر من مليون لاجئ إلى الاتحاد الأوروبي عام 2015 ووقعت أنقرة بعد عام اتفاقاً تاريخياً مع الاتحاد ينص على وقف تدفق المهاجرين مقابل الحصول على حوافز تشمل مساعدات مالية.

لكن أردوغان لطالما استخدم تهديد فتح حدود بلاده للمهاجرين باتجاه أوروبا في مسعى للحصول على تنازلات من بروكسل، وفي فبراير (شباط) 2020 سمح للاجئين بالعبور إلى اليونان، مما أسفر عن مناوشات على الحدود.

الإرث البيزنطي في تركيا

أعاد الخلاف بشأن طريقة التعامل مع الإرث البيزنطي في تركيا الانقسام التاريخي بين البلدين إلى الواجهة وتعمق القلق بعدما حولت أنقرة في شهر يوليو (تموز) 2020 موقع آيا صوفيا إلى مسجد، بعدما كان كنيسة حولت إلى متحف منذ ثلاثينيات القرن الماضي في إطار مساعي الجمهورية التركية لتبني مسار أكثر علمانية.

ونددت اليونان بخطوة أنقرة لإعادة فتح الموقع كمسجد، علماً أنه مدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) في خطوة اعتبر ميتسوتاكيس أنها تكشف عن "ضعف" تركيا.

وبات أردوغان يركز أكثر من أي وقت مضى على تنظيم احتفالات باذخة لإحياء ذكرى هزيمة البيزنطيين على أيدي العثمانيين وأمر في أغسطس (آب) 2020 بتحويل موقع أرثوذكسي تاريخي آخر إلى مسجد بعدما كان مسجداً في البداية وتحول لاحقاً إلى متحف.

الأقلية المسلمة في اليونان

تركيا من جهتها تتهم أثينا بالفشل في مراعاة حقوق أفراد الأقلية المسلمة في منطقة تراقيا الغربية وسط اليونان، بما في ذلك حقهم في التعليم، ولطالما اتهم أردوغان اليونان بإساءة معاملة الأقليات المسلمة وتلك الناطقة بالتركية على أراضيها، مشيراً إلى أن أثينا هي العاصمة الأوروبية الوحيدة التي لا تستضيف مسجداً رسمياً.

أثينا بدورها تضغط على تركيا لفتح مدرسة لرجال الدين الأرثوذكس في جزيرة قبالة إسطنبول، حيث ترفض أنقرة الاعتراف بسلطات البطريركية الأرثوذكسية اليونانية في المدينة.

انقلاب عام 2016

تحول فرار جنود أتراك بعد محاولة انقلاب فاشلة عام 2016 على حكومة أردوغان إلى مصدر توتر آخر بين البلدين، وفي2017 رفضت محكمة يونانية مطالب أنقرة بتسليم ثمانية ضباط سابقين في الجيش التركي.

وكان الضباط الثمانية فروا إلى اليونان على متن مروحية عسكرية ليلة الانقلاب الفاشل الذي تتهم أنقرة الداعية الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن بالتخطيط له.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات