Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المملكة المتحدة أمام مفترق طرق طي صفحة الملكة

في العامين الماضيين، بدا أن وحدة المملكة المتحدة مهددة وقد ينفرط عقدها مع رجحان كفة الانفصاليين في اسكتلندا وتهديد بريكست السلام في إيرلندا الشمالية

الملكة الراحلة لعبت دوراً محورياً في بلادها (أ ف ب)

 ولدت في أوج عصر الإمبراطورية البريطانية وتوفيت في وقت تبدو بريطانيا نفسها في مهب الريح وصمودها مهدد على وقع عصف التضخم الاقتصادي بها وأزمة الغلاء المعيشي وتعثر عملية الانسحاب من أوروبا. وفي الأسابيع الأخيرة، أطلق الفرنسيون على بريطانيا لقب "رجل أوروبا المريض" على نحو ما عرفت الإمبراطورية العثمانية منذ نهاية القرن الـ19 إلى حين أفولها في مطلع القرن الـ20، جراء ضخ المياه المبتذلة في بحر الشمال. ونجمت هذه الفضيحة في جزء منها عن صيغة "بريكست" الجونسونية (نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون) وانعتاق لندن من القوانين الأوروبية الناظمة في مجال البيئة والزراعة وتربية الدواجن من جهة، ومن جهة أخرى تعود هذه الأزمة إلى سياسات "نيوليبرالبية" قدمت مصالح الشركات على المصلحة العامة.

  وفي العامين الماضيين، بدا أن وحدة المملكة المتحدة مهددة وقد ينفرط عقدها مع رجحان كفة الانفصاليين في اسكتلندا حين أبلت رئيسة الوزراء نيكولا ستورجن بلاء حسناً في التصدي لجائحة كورونا على نحو أفضل من تعثر لندن. ولكن المد الانفصالي هذا سرعان ما انحسر على هذه الجبهة، غير أن مثل هذا المد بدأ يبرز في إيرلندا الشمالية مع تهديد "بريكست" اتفاق الجمعة العظيمة الذي أرسى السلام في الإقليم، أو الأمة الإيرلندية على ما يقول البريطانيون. فصيغة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في عهد بوريس جونسون قضت بإرساء حدود ومعابر جمركية في شمال إيرلندا.

ويبدو أن إنقاذ المملكة المتحدة والحؤول دون انفراط عقدها ملقى على عاتقه، على نحو ما نبهت مجلة "ذا إيكونوميست". ولكن الشقاق في صفوف الأسرة المالكة كبير، في وقت ينأى الأمير هاري وميغان ماركل عنها بعدما أسرت الأخيرة لمقدمة البرامج الشهيرة أوبرا وينفري، بمواجهتها عنصرية في العائلة المالكة. واستهل الزوجان حياة في الولايات المتحدة غير بعيدة من عالم الأضواء. فهل يؤذن سلك الأمير هاري وميغان ماركل طريقاً خاصاً بهما بانفراط عقد العائلة المالكة؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدا أن الملكة إليزابيث الثانية كانت تشد أواصر المملكة المتحدة كلها وليس العائلة المالكة فحسب. فهي شأن إليزابيث الأولى والملكة فيكتوريا، أسهمت في دوران المملكة المتحدة على أمثل وجه. ولطالما لعبت نساء آل ويندسور دوراً راجحاً في ديمومة العائلة الحاكمة. ربما يجوز القول إن العاهلات البريطانيات أنقذن المملكة المتحدة من التحلل، على نحو ما يلاحظ مثلاً المؤرخ روبرت لايسي، أول من كتب سيرة غير رسمية لإليزابيث الثانية، وهو كان المستشار الرسمي لمسلسل "العرش" الذي بثته منصة "نتفليكس". وهي نفخت الروح في مشاعر الأمة البريطانية، على الرغم من أنها كانت قلما تلقي كلمة. ولكنها حين كانت تتحدث كانت تتردد أصداء ما تقوله في نفوس البريطانيين. فعلى سبيل المثل، في أول "إغلاق عام" جراء فيروس "كوفيد – 19"، ألقت كلمة متلفزة وعدت فيها البريطانيين بتجاوز المحنة قائلة "سنلتقي من جديد". ورفعت هذه العبارة على لوحة إعلانية إلكترونية ضخمة في ميدان بيكاديلي طوال ثلاثة أيام على التوالي. فكلماتها كانت أثيرة على قلوب البريطانيين أكثر بكثير مما قد يتفوه به أي رئيس وزراء كان.

وعلى خلاف والدته، يتكلم الملك تشارلز على سجيته من دون تحفظ دبلوماسي، وسبق أن وجهت إليه أصابع الاتهام بالتدخل السياسي في أعمال ويستمنستر. فشعبية الملك تشارلز الثالث لا ترقى إلى نسبة تأييد والدته. وهذه يعزى إليها الفضل في تماسك الكومنولث وانضواء 14 دولة تحت راية العرش البريطاني، من كندا إلى أستراليا. وعلى الرغم من أن 50 مستعمرة بريطانية استقلت عن المملكة المتحدة أثناء عهدها، أفلحت في نسج رابطة جديدة مع هذه الدول.

واليوم، يبدو مستقبل الكومنولث كذلك مهدداً. وسرعان ما لوحت أستراليا، على سبيل المثال، بالانسحاب من الكومنولث. فهل ينجح الملك تشارلز في الحفاظ على وحدة الكومنولث وبلاده؟ وهل يفاجئ المراقبون ويلعب دوراً وازناً في الداخل البريطاني وفي أوروبا والعالم؟ إن الغد لنظاهره قريب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل