Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يعني الخفض المفاجئ لإنتاج "أوبك+"؟

وزير الطاقة السعودي: الاستباقية تؤكد يقظة التحالف لحفظ توازن السوق

"أوبك +" تسعى لتحقيق التوازن في سوق النفط عبر قرار خفض الإنتاج ( رويترز)

في الوقت الذي شهدت فيه أسعار النفط انخفاضاً قوياً في ظل شكوك حول الطلب في الأسواق، فاجأ تحالف "أوبك+" الأسواق بخفض بواقع 100 ألف برميل، وهو ما يراه محللون أنه إشارة إلى إمكانية التدخل مرات عديدة للإبقاء على الأسعار عند مستويات عادلة. وأقر تحالف "أوبك+" خفض إنتاج النفط بمقدار 100 ألف برميل يومياً خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بهدف تحقيق توازن في الأسواق، وسط مخاوف من ضعف الطلب على الخام جراء تباطؤ اقتصادي عالمي محتمل. وجاء القرار في أعقاب الاجتماع الوزاري الـ32 للتحالف الذي يضم الأعضاء الـ13 في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية والدول العشر المتحالفة معها ومن بينها روسيا، حيث عقد افتراضياً في فيينا مقر التحالف عبر الاتصال المرئي. وأكد الاجتماع الوزاري التأثير السلبي للتذبذب وانخفاض السيولة على سوق البترول في الوقت الراهن، والحاجة إلى دعم استقرار السوق وكفاءة تعاملاتها. وأشار الاجتماع إلى أن التذبذب الشديد وحال عدم اليقين المتزايدة يتطلبان تقييماً مستمراً لظروف السوق والاستعداد لإجراء تعديل فوري لمستويات الإنتاج بطرق مختلفة إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

مخاوف الطلب

ومن المؤكد أن أسواق العقود الآجلة للنفط تتطلع إلى استقرار فيما تعكس الأسعار المخاوف حول الطلب في المرحلة المقبلة. وبحسب ما ذكرته "بلومبيرغ" في تقرير لها فإن الأسواق تسعى لمواجهة الرياح المعاكسة من تباطؤ محتمل في الاستهلاك بسبب الركود في أوروبا وعزم الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الشديد على كبح التضخم والقيود الصارمة لمكافحة الفيروس التي تفرضها الصين. إلى ذلك يترقب المتخصصون ما تسفر عنه إجراءات تحديد سقف سعر الخام الروسي وما التداعيات التي ستنعكس على الأسواق وعلى روسيا، حيث يتوقع المحللون أن تضطر موسكو إلى بيع نفطها بأسعار منخفضة للغاية حتى يمكنها تحمل كلفة الحرب.

إجراءات استباقية

في تطور لافت قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان إن هذا يعد أول خفض لإمدادات النفط من التحالف منذ أكثر من عام، ويظهر أن التحالف جاد في شأن إدارة أسواق الخام العالمية وعلى استعداد لاتخاذ إجراءات استباقية. وقال الوزير في مقابلة مع "بلومبيرغ" إن "هذا القرار تعبير عن الإرادة بأننا سنستخدم كل الأدوات الموجودة في تحالفنا". وتابع الأمير عبدالعزيز "يظهر التعديل البسيط أننا سنكون منتبهين واستباقيين ونشطين في ما يتعلق بدعم الاستقرار والأداء الفعال للسوق لصالح المشاركين في السوق والصناعة".

من جهته وصف الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية" في لندن طارق الرفاعي خفض الإنتاج الجديد بأنه قرار منطقي، نظراً إلى أنه جاء على خلفية بعض ملامح انخفاض الطلب على النفط بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي من الصين لأوروبا وأميركا، كما يعزز هدف تحالف "أوبك+" بتحقيق توازن السوق من جانب العرض والطلب.

وأوضح الرفاعي أن "أوبك+" يواجه حالياً سوقاً بدأت فيها المخاوف في شأن قوة الطلب تفوق مخاوف العرض بسبب تهديد التباطؤ الاقتصادي العالمي. وتظهر الصين أكبر مستورد للنفط علامات تباطؤ اقتصادي "مقلق"، حيث انخفض الاستهلاك بصورة واضحة بنسبة 9.7 في المئة في يوليو (تموز) إلى أدنى مستوى في عامين وسط ضعف النشاط التجاري وقيود "كورونا" القاسية. في غضون ذلك أغفلت الولايات المتحدة مخاوف الركود واتبعت سياسة نقدية أكثر صرامة. وأضاف الرفاعي أن القرار يهدف إلى إرسال إشارة إلى الأسواق أن "أوبك+" عاد إلى وضع مراقبة الأسعار ويحاول مساندة السعر الحالي فوق مستوى 90 دولاراً للبرميل الذي يعتبر أقل مما كان من بداية الحرب الروسية - الأوكرانية. وأشار إلى أن أزمة الطاقة الراهنة أكثرها يأتي من حيث إنتاج الكهرباء وليس من الناحية النفطية، حيث تأتي بسبب السياسات الخاطئة للدول الأوروبية نتيجة اعتمادها الكبير على الغاز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى المحلل النفطي الكويتي خالد بودي أن قرار خفض الإنتاج يعد غير متوقع ويمثل مفاجأة لكثير من التجار الذين توقعوا أن تبقي منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وشركاؤها الإنتاج مستقراً، مما يشير إلى رغبة أعضاء "أوبك+" في الدفاع عن أسعار النفط للبقاء فوق مستوى 90 دولاراً للبرميل. وقال بودي "يبدو أن الهدف منه الحد من الانخفاض الذي حصل في أسعار الخام بعد أن حصل من تراجعات في الأسعار، وقد بدأت أسواق النفط بالتفاعل مع هذا القرار، حيث بدأت الأسعار ترتفع قرب 96 دولاراً، ومن المتوقع أن تستمر في الصعود لا سيما أن السوق ستصبح أكثر تشدداً في الأشهر المقبلة حيث يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الصادرات الروسية". وأضاف "بشكل عام ترتبط أسعار النفط في الفترة المقبلة بما قد يحصل من تطورات جيوسياسية في عالم مليء بالتوترات والاضطرابات، والأشهر الثلاثة المقبلة قد تكون حاسمة في ما يتعلق باستقرار الأوضاع السياسية أو تفاقمها، مما قد يقود تحالف (أوبك+) إلى حالة من الترقب والانتظار حتى تتضح الرؤية".

مستويات مستقرة

وقال محلل أسواق النفط العالمية أحمد حسن كرم إن تذبذبات أسعار النفط الأخيرة جراء التوترات الجيوسياسية الحاصلة بين روسيا -الدولة المنتجة للنفط- وأوكرانيا بجانب مشكلات العرض والطلب في الأسواق أدت إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل حاد حتى وصلت إلى أعلى مستوياتها، ولكن سرعان ما اتفق "أوبك+" على زيادة تدريجية بشأنها لتخفض الأسعار بحيث تستقر إلى مستويات يراها أعضاء التحالف مناسبة لهم. وأفاد كرم بأن القرار الأخير للتحالف بخفض الإنتاج النفطي بمقدار 100 ألف برميل يومياً ما هو إلا وسيلة لتثبيت الأسعار على مستوياتها الحالية، في ظل انخفاضها عن مستويات الـ100 دولار، مضيفا "من الواضح الآن بأن (أوبك+) يرغب بأسعار نفط تتراوح عند هذا الحد وهو السعر العادل من وجهة نظرهم، وهو ما يريده أغلب الدول الأعضاء التي تعتمد موازناتهم العامة على الإيرادات النفطية". وأشار كرم إلى أن هذا القرار ربما سيرفع أسعار النفط في الفترة المقبلة قليلاً ولكن سيراجع من قبل "أوبك+" في اجتماعاته المقبلة.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز