Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصانع الصين تتوقف بين مصراعي "الحر والطاقة"

قطاع العقارات "إلى القاع" مع تراجع المبيعات للشهر الـ14 و"صفر كورونا" تهدم ثقة أصحاب الأعمال

يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من تأثير ضربات "كوفيد-19" وأسوأ موجة حارة تشهدها البلاد (أ ف ب)

تتفاقم المشكلات الاقتصادية في الصين مع تعطل المصانع وتراجع العقارات، إذ أدى الطقس القاسي ونقص الطاقة إلى تراجع التصنيع، في حين انخفضت مبيعات المنازل للشهر الرابع عشر على التوالي، وتقلص نشاط المصانع الصينية وتراجعت مبيعات المنازل في أغسطس (آب).

ويكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من تأثير ضربات "كوفيد-19"، وأسوأ موجة حارة في ستة عقود، وتراجع متفاقم في قطاع العقارات.

وقال "المكتب الوطني الصيني للإحصاء"، الأربعاء الماضي، إن موجة الحر أدت إلى نقص الكهرباء وتعطل الإنتاج وانكماش نشاط التصنيع للشهر الثاني على التوالي، كما استمرت مبيعات المنازل بالانخفاض في يوليو (حزيران)، على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة لخفض حواجز الشراء ومساعدة المطورين على إكمال المشاريع، وفقاً لـ"مزود بيانات العقارات" الصيني.

ويعوق الضعف المطول في الاقتصاد الصيني محرك النمو العالمي، إذ تواجه الاقتصادات الرئيسة ضغوطاً من التضخم وتأثير حرب أوكرانيا، في حين يتسبب ضعف الطلب داخل الصين أيضاً في حدوث مشكلات للشركات متعددة الجنسيات مثل شركة "أبل إنك" و"ستاربكس كورب"، والتي تعتمد على شهية الصين لمجموعة من السلع بدءاً من المواد الخام إلى الهواتف الذكية والقهوة من أجل نمو الأرباح.

أزمة الطاقة والعقارات

وكانت الصين قد أظهرت علامات على انتعاش جديد في يونيو، بعد رفع قيود الوباء في المركز المالي لشنغهاي، لكن هذا التعافي فقد قوته في الأشهر التي تلت ذلك، إذ أدت عودة ظهور حالات كورونا الشهر الماضي إلى عمليات إغلاق جديدة في المدن الصينية.

وارتفع مؤشر "مديري المشتريات التصنيعي" الرسمي إلى 49.4 نقطة في أغسطس من 49 نقطة في يوليو (تموز)، بحسب ما قال "مكتب الإحصاء الوطني" الصيني، متجاوزاً متوسط ​​التوقعات عند 49.2 نقطة بين الاقتصاديين اللذين استطلعت "وول ستريت جورنال" مؤشراتهما. وتشير الدرجة التي تزيد على 50 نقطة إلى التوسع في قطاع التصنيع، وأقل من 50 نقطة إلى الانخفاض. وكتب الخبيران الاقتصاديان في بنك "باركليز" جيان تشانغ وويونغتشي تشو في مذكرة للعملاء بعد صدور بيانات الأربعاء الماضي "تعافي الصين لا يزال على أسس غير صلبة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأدت أزمة الطاقة الناجمة عن موجة الحر إلى انخفاض نشاط المصانع، وأجبرت الشركات المصنعة العالمية بما في ذلك مجموعة "فوكسكون" للتكنولوجيا وصانعي السيارات "تويوتا موتور كورب" و"فولكس فاغن" على وقف الإنتاج موقتاً.

وبشكل منفصل، أظهرت البيانات الجديدة الصادرة، الأربعاء، أن سوق العقارات لا يزال ينحدر إلى القاع، مع تراجع مبيعات المنازل للشهر الـ14 على التوالي، إذ هبطت المبيعات في أكبر 100 شركة تطوير عقاري في البلاد بأكثر من 30 في المئة عن الشهر نفسه من العام الماضي، إلى ما يعادل نحو 519 مليار يوان (75 مليار دولار)، وفقاً للبيانات الصادرة، الأربعاء، عن شركة "تشاينا ريل ستيت إنفورميشين كورب"، وهي مزود بيانات الصناعة. ومقارنة بشهر يوليو، تراجعت مبيعات أغسطس بنسبة 0.8 في المئة.

عدم اليقين وتراجع الثقة

كما خفضت بكين بشكل غير متوقع اثنين من أسعار الفائدة الرئيسة في منتصف أغسطس (آب)، وأعلن "مجلس الدولة" (مجلس الوزراء الصيني) عن حزمة تحفيز بقيمة 146 مليار دولار لدعم النمو.

مع ذلك، يتوقع عدد من الاقتصاديين أن يظل الاستثمار التجاري والإنفاق الاستهلاكي منخفضين، إذ تركز التحفيز الصيني إلى حد كبير على الإنفاق على البنية التحتية فيما لا تزال البلاد مترددة في التزحزح عن سياسة "صفر كوفيد"، مما أدى إلى تضخيم حال عدم اليقين بالنسبة إلى الشركات وإلحاق الضرر بثقة المستهلك.

وأشار القادة الصينيون في اجتماع سياسي رئيس في يوليو، إلى أنهم مستعدون لنمو أقل هذا العام. وتخلى صانعو السياسة الصينيون فعلياً عن هدف النمو بنحو 5.5 في المئة، الذي تم تحديده في وقت سابق من هذا العام.

وقال "مكتب الإحصاء" الصيني، الأربعاء، إن مؤشر "مديري المشتريات" غير التصنيعي في الصين انخفض إلى 52.6 نقطة في أغسطس من 53.8 نقطة في يوليو. وأضاف أن انتشار فيروس كورونا وسوء الأحوال الجوية أعاقا النمو في نشاط الخدمات والبناء في أغسطس.

وقال الاقتصاديون من بنك "أي أن زد" إن قطاع الخدمات مثل 53 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للصين عام 2021، والركود هناك لا يبشر بالخير بالنسبة إلى الاقتصاد.

كما خفض البنك نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني للعام بأكمله إلى ثلاثة في المئة من أربعة في المئة بعد صدور بيانات الأربعاء، مشيراً إلى ضعف الطلب في الداخل والخارج.

وتواصل استراتيجية الدولة المتمثلة في اللجوء إلى عمليات الإغلاق المفاجئ لاحتواء "كوفيد-19" إعاقة النمو. وفي الشهر الماضي، أدى انتشار "كوفيد" في عشرات المدن إلى إجراء اختبارات جماعية وإغلاق أماكن الترفيه والأعمال، حيث أغلقت السلطات "في شنتشن"، وهو مركز تكنولوجي ثري في جنوب الصين وموطن شركة "تينسينت هولدينغ"، كما أغلقت سوقاً لبيع الإلكترونيات بالجملة هذا الأسبوع في مدينة تيانجين الساحلية، وتراجعت المدارس عن إعادة الفتح بعد العطلة الصيفية، وطلبت السلطات المحلية من أكثر من 13 مليون شخص الخضوع لاختبارات جماعية بعد اكتشاف العشرات من حالات "كوفيد".

توابع "صفر كوفيد"

أثرت استراتيجية احتواء "كوفيد" أيضاً على الشركات متعددة الجنسيات، التي تم إجبار عدد منها على التوقف عن التصنيع في وقت سابق من العام.

وأظهر استطلاع حديث للشركات الأعضاء من قبل "مجلس الأعمال الأميركي - الصيني" أن ثقة الأعمال في الصين تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ أن بدأت مجموعة الأعمال الاستطلاع قبل أكثر من 16 عاماً، مدفوعة إلى حد كبير باستخدام بكين المستمر لعمليات الإغلاق المفاجئ لـ"كوفيد-19".

وقال اقتصاديون إنه على عكس التباطؤ السابق عندما ساعدت الصادرات الصينية في تخفيف حدة الاقتصاد الأضعف، فإن الصادرات ستوفر شريان حياة أقل هذه المرة.

وأضافوا أن التضخم المرتفع منذ عقود والسياسة النقدية المشددة في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة أديا إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي.

وقالت كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "نيتيكسس"، أليسيا غارسيا هيريرو، التي خفضت أخيراً توقعاتها للنمو الصيني للعام بأكمله إلى ثلاثة في المئة من 3.5 في المئة، "لا أستطيع التفكير في أي محرك للنمو في المستقبل".

كما انخفضت مستويات المياه في نهر "اليانغتسي" بالصين بسبب موجة الحر التي ضربت أجزاء من البلاد. واضطرت بعض المصانع في المحافظات المعتمدة على الطاقة الكهرومائية إلى تعليق عملياتها موقتاً لتقنين الكهرباء.

تضاؤل الطلب العالمي

هناك دلائل على أن الطلب العالمي على السلع الصينية آخذ في التضاؤل، إذ أظهرت بيانات، الأربعاء، أن مؤشراً فرعياً يتتبع طلبات التصدير الصينية الجديدة تقلص للشهر الـ16 على التوالي في أغسطس.

مع ذلك، يتوقع الاقتصاديون أن يكون الاضطراب في عمليات المصانع محدوداً، إذ بدأت درجات الحرارة في الانخفاض في مقاطعة سيتشوان بوسط الصين. وقالت وسائل الإعلام الحكومية الصينية، الأربعاء، إن معظم إمدادات الطاقة للاستخدام الصناعي والتجاري تمت استعادتها هذا الأسبوع.

وقال الاقتصاديون إن إجراءات التحفيز التي أعلنها صانعو السياسة الصينيون الأسبوع الماضي، والتي تشمل الائتمان المصرفي لإطلاق مشاريع البنية التحتية، يجب أن تدعم النمو الاقتصادي.

في غضون ذلك، تستمر سوق العقارات المتعثرة في الصين بالضغط على اقتصادها، إذ انخفض متوسط ​​أسعار المساكن في عشرات المدن منذ سبتمبر من العام الماضي من دون أية بوادر واضحة على التعافي.

ويوم الأربعاء، قال رئيس "تشاينا فانكي" وهي إحدى الشركات العقارية البارزة في البلاد، يو ليانغ، إن "ثورة الرهن العقاري خلال الصيف، إذ هدد عدد من مشتري الشقق غير المكتملة بالتوقف عن سداد قروض منازلهم، قد أضرت بالطلب على الإسكان".

وقال رئيس "فانكي"، في مؤتمر عبر الهاتف لمناقشة نتائج الشركة، إن حركة الاحتجاج كانت "ضربة لثقة المستهلكين". وأبلغ المطور، مثل عديد من نظرائه، عن انخفاض في المبيعات المتعاقد عليها هذا العام، لكنه تمكن من تسجيل زيادة في أرباح النصف الأول. وقال يو ليانغ إن سوق العقارات قد تقلصت لدرجة أن الانتعاش أمر لا مفر منه.

وفي اليوم السابق، سجلت "كاونتري غاردن هولدينغز"، وهي شركة تطوير صينية كبيرة أخرى، انخفاضاً حاداً في الأرباح. وقالت إن سوق العقارات في الصين "انزلقت بسرعة إلى ركود حاد".

ولا تزال مبيعات العقارات منخفضة وسط توقعات باستمرار انخفاض الأسعار، فضلاً عن المخاوف من فشل مزيد من المطورين الذين يعانون ضائقة مالية في استكمال بناء الشقق.

ويزيد التباطؤ العقاري المطول من مخاطر أن ينتقل الضعف في القطاع إلى الاقتصاد الأوسع، مما يضر بنمو الوظائف ويؤثر على استهلاك الأسر.

وقال كبير الاقتصاديين الصينيين في "مورغان ستانلي" روبن شينغ، في مذكرة للعملاء، الأسبوع الماضي، إن من المتوقع أن "تتعثر" سوق العقارات في الصين خلال النصف الثاني من هذا العام. وأضاف، "يبدو أن سوق الإسكان لا تزال محاصرة بين زيادة في سياسة التيسير وزخم الانكماش".

اقرأ المزيد