أصبحت ليز تراس ثالث امرأة تتولى رئاسة وزراء بريطانيا بعد مارغريت تاتشر وتيريزا ماي خلفاً لبوريس جونسون، لتقود مرحلة صعبة في بلادها على المستويات الاقتصادية، وقد تعهدت بوضع الاقتصاد على مسار تصاعدي بحلول موعد الانتخابات العامة المقبلة عام 2024.
وسبق لها أن صرحت "علينا أن نتفق مع الرأي العام البريطاني أن اقتصادنا لن يعود إلى المسار الصحيح بين عشية وضحاها، وهذه الفترة ستكون صعبة لكنني أعلم أنه يمكنني أن أوجه البلاد نحو مسار تصاعدي للتعافي والتحسن بحلول عام 2024".
ابنة أستاذ رياضيات وممرضة
ولدت ماري إليزابيث تراس بأكسفورد في الـ 26 من يوليو (تموز) 1975، وكان والدها اليساري جون كينيث تراس أستاذ مادة الرياضيات البحتة في جامعة ليدز، ووالدتها بريسيلا ماري ممرضة ومعلمة وعضواً في حملة نزع السلاح النووي.
طفولة في اسكتلندا
انتقلت العائلة إلى اسكتلندا عندما كانت تراس تبلغ من العمر أربع سنوات وذهبت إلى مدرسة ويست الابتدائية في بيزلي ورينفروشاير، ثم مدرسة راوندهاي، وهي مدرسة عامة في ليدز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أكسفورد والزواج من محاسب
في سن الـ 18 درست السياسة والفلسفة والاقتصاد في كلية ميرتون بأكسفورد، وكانت رئيسة حزب الليبراليين الديمقراطيين في جامعة أكسفورد، ثم غيرت ولاءها وانضمت إلى حزب المحافظين عام 1996، وهو العام ذاته الذي تخرجت فيه وأصبحت مديرة تجارية في شركة "شل".
ثم عملت لاحقاً كمدير اقتصادي لشركة اتصالات "كابل ووايرليس" لتصبح محاسبة إدارية مؤهلة، وتزوجت تراس من محاسب أيضاً هو هيو أوليري عام 2000 ولديهما ابنتان.
احتراف السياسة
دخلت السياسة بشكل احترافي عندما قدمت ترشيحها عن حزب المحافظين في جنوب غربي نورفولك بالانتخابات العامة عام 2010، وفازت بالمقعد وشغلته منذ ذلك الحين.
وفي ويستمنستر، مقر البرلمان والحكومة، شغلت وظائف عدة منها وكيلة وزارة الخارجية البرلمانية لرعاية الأطفال والتعليم ووزيرة الدولة للبيئة والغذاء والشؤون الريفية ووزيرة الدولة للعدل والمستشارة اللورد، ثم السكرتير الأول للخزانة، وهو المنصب الذي خلفها فيه ريشي سوناك، ووزيرة الدولة للتجارة الدولية ورئيسة مجلس التجارة.
القنبلة اليدوية البشرية
واكتسبت لقب "القنبلة اليدوية البشرية" بين العاملين في وايتهول، حيث تتركز المقار الحكومية بسبب عادتها في إفشال الأمور.
وقبل عام 2022 اشتهرت بالتشدق على نطاق واسع حول واردات الجبن البريطاني خلال مؤتمر حزب المحافظين عام 2014، ووعدت باستخدام الكلاب الخاصة لوقف نقل المخدرات إلى السجون بطائرات مسيرة.
كذلك عرفت بردها على هجمات الصحافة اليمينية الشرسة على قضاة المحكمة العليا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذين وصفتهم صحيفة "ديلي ميل" بـ "أعداء الشعب" في صفحتها الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
تصريحات لا تنسى
وعرفت تراس بعدد من التصريحات الشهيرة ومنها وصفها الدولة بـ "أمة تركب أوبر، وتأكل الطعام عبر خدمات التوصيل، ومناضلين من أجل الحرية الذين يستخدمون تطبيق ’إير بي أن بي‘".
وأصبحت ناشطة بشكل متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ وثقت رحلاتها الدبلوماسية حول العالم بشكل شامل ونشرت صوراً لها وهي توقع الاتفاقات وتلتقي بالمسؤولين.
ونشرت صوراً لها في دبابة تابعة للجيش في إيماءة مباشرة إلى مارغريت تاتشر، مما يؤشر إلى أنها تتخذها كقدوة يحتذى بها.
الحرب الروسية
تراس وجدت نفسها في مواجهة أزمة عسكرية حقيقية في فبراير (شباط) حين أصبحت الحرب الروسية في أوكرانيا حقيقة مرعبة، وسافرت إلى موسكو للقاء نظيرها في الكرملين سيرغي لافروف، آملة عبثاً في إقناعه بالانسحاب والابتعاد من الهاوية، ونشرت بعض الصور لنفسها في الساحة الحمراء وهي ترتدي قبعة من الفرو.
إداناتها المستمرة لأفعال فلاديمير بوتين أعطت زخماً لشعبيتها بين المحافظين لتماثل شعبية وزير الدفاع الصريح بن والاس الذي رفض الترشح لقيادة الحزب.
التحديات الاقتصادية
وعلى الرغم من خلفيتها، وهي كانت مناصرة لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بعد إجراء إصلاحات، تواجه تراس مهمة صعبة في إقناع حزبها بأنها الشخص الوحيد الذي يمكنه توجيه بريطانيا خلال الركود الاقتصادي واستخلاص النجاح أخيراً من "بريكست"، وليست فقط مرشحة لاستمرارية سياسة جونسون لكي ترضي أولئك الذين لا يزالون يحزنون على سقوطه.
وستحتاج المرأة التي غردت بوعدها أن "تعمل بسرعة وبجد" كرئيسة للوزراء أن تثبت ذلك على أرض الواقع، وعلى أي حال لا بد من أن تنسى أنها نشرت كتيباً واحداً فقط تناول موضوع الرياضيات البحتة أو أنها شاركت في تأليف كتب أخرى عن السياسة، فالتحدي الآن سيكون قيادة البلد إلى الخروج من الوضع المتأزم اقتصادياً.