Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأخطاء تغزو الكتب المدرسية في تونس

قيس سعيد عبر عن استيائه العميق وشدد على ضرورة إصلاح منظومة التعليم

وزارة التربية قالت إن الكتاب يتضمن جملة من الأخطاء وستصدر نسخة رقمية مصححة (أ ف ب)

تداول نشطاء التواصل الاجتماعي في تونس صوراً لأخطاء وصفوها بـ"الفضيحة" تضمنها كتاب اللغة الفرنسية للسنة الثالثة من التعليم الابتدائي. تلك الصور انتشرت كالنار في الهشيم وأثارت ضجة واسعة تبعها نقاش حول ضرورة إصلاح المنظومة التعليمية.

الرئيس قيس سعيد تفاعل مع الأزمة وعبر عن "استيائه العميق من تسرب أخطاء في الرسم واللغة عموماً في أحد الكتب المدرسية"، موضحاً إثر استقباله بقصر قرطاج وزير التربية فتحي السلاوتي، أنه من المفترض أن تتناول الاجتماعات المسائل التربوية لا الأخطاء النحوية.

وشدد سعيد على ضرورة تحميل المسؤولية لمن أعطى الإذن بالسحب والتوزيع من دون أن يكلف نفسه عناء المراجعة والتمحيص.

نسخة مصححة

بدورها، قالت وزارة التربية إن الكتاب المذكور يتضمن جملة من الأخطاء سيصدر في شأنها تصحيح يوجه إلى المؤسسات التربوية، لافتة إلى أنه ستصدر نسخة رقمية مصححة من هذا الكتاب. وأكدت أنه تم فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات المستوجبة.

ومنذ الاستقلال عن فرنسا في خمسينيات القرن الماضي تعتمد تونس اللغة الفرنسية لغة رسمية ثانية بعد العربية، ويتم تدريسها وجوباً في جميع مراحل التعليم من الابتدائية إلى الجامعية.

كما يتم تدريس المواد العلمية والتقنية والاقتصادية باللغة الفرنسية التي تعتمد مادة أساسية إجبارية في جميع اختبارات الشهادات الوطنية على غرار البكالوريا.

وتبدأ السنة الدراسية الجديدة في تونس منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، وسط دعوات متصاعدة لخفض أسعار المستلزمات المدرسية التي زادت تكلفتها بنحو 20 في المائة، وفقا لما أكده رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي في تصريحات صحافية.

مؤشر خطير

من جانبها، احتجت الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ على تسرب بعض الأخطاء إلى الكتب المدرسية المعتمدة في المناهج التعليمية الرسمية، معتبرة إياها ضرباً صارخاً للمنظمة التربوية وتشكيكاً في مصداقيتها.

وأضافت الجمعية أنه من غير الطبيعي أن تتضمن الكتب أخطاء، إذ كان من الواجب إعدادها من طرف متخصصين من ذوي الكفاءة العالية ولجان متخصصة تصادق على المحتوى بدقة.

وانتقد البيان سياسة البلاد في هذا المجال وغياب إرادة الإصلاح وما نتج عنهما من تراجع في النتائج وتقهقر المستوى بشكل خطير، بحسب تعبير الجمعية.

وقال رئيس الجمعية التونسية رضا الزهروني إن المنظومة التربوية قد تفقد مصداقيتها، وهو ما يعد مؤشراً خطيراً يدل على غياب أي إرادة للإصلاح.

من المسؤول؟

في السياق، حمل رئيس الغرفة الوطنية لصانعي الكتاب المدرسي سمير قرابة مسؤولية الأخطاء لإدارة النشر بالمركز الوطني البيداغوجي باعتباره المسؤول عن إعطاء الإذن بالسحب.

وقال قرابة إن وزارة التربية التونسية أعطت صفقة طبع الكتب المدرسية لهذا الموسم لشركة تركية، وهي سابقة يقع فيها طبع الكتب الرسمية الخاصة بالمدارس لشركة أجنبية، الأمر الذي خلف ضجة واسعة بين كل المتدخلين.

وأشار إلى أخطاء في كتابي التاريخ للسنتين الخامسة والثامنة واللذين يعود تاريخ نشرهما إلى أكثر من 20 عاماً، إذ تفطن بعض المتخصصين إلى الأخطاء التي تسربت للكتابين بعد مرور عقدين من الزمن وقد تداول على الوزارة نحو 15 وزيراً منذ ذلك الحين.

حملة ممنهجة

ولم يستبعد المحلل في الشأن العام إبراهيم الوسلاتي وجود حملة ممنهجة ضد وزارة التربية والوزير على خلفية الأخطاء، التي تسربت في كتاب اللغة الفرنسية للسنة الثالثة الابتدائية.

وأشار إلى أن بيان أعضاء اللجنة، التي صاغت الكتاب، يؤكد "أننا لم نر النسخة إلا بعد أن نزلت إلى الأسواق، وأن النسخة التي تم إرسالها إلى الإدارة العامة للبرامج ومنها المركز البيداغوجي خالية من هذا الكم من الأخطاء".

ولفت أعضاء اللجنة إلى أنه "تمت إعادة رقن النسخة بالمركز البيداغوجي، مما أنتج وجوباً هذه الأخطاء"، وقالوا إنه لم يتم إمدادهم "بنسخة ورقية أو رقمية للمراجعة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الوسلاتي إن "تأليف الكتاب المدرسي يخضع لمعايير علمية وتربوية ونفسية بالغة الدقة في صرامة الاختيار والتأليف والتصميم والتحقيق والتمحيص والتدقيق".

وأضاف أن ذلك "يتم بمقابل، وأن تأليف الكتب المدرسية تقوم به لجان متخصصة من بين مدرسي المادة ومتفقديها بمساعدة جامعيين متخصصين في المجال".

وأشار إلى أن "طباعة الكتب المدرسية تجارة مربحة تدر على أصحابها أموالاً كثيرة"، مضيفاً "من دون توجيه التهم جزافا لأي طرف كان، ومع تقديري للمجهودات الكبيرة التي تقوم بها هياكل الوزارة ومؤسساتها، فكل هذا يشير إلى أن ماكينة كاملة تحركت لضرب صدقية الوزارة والوزير".

والمطلوب من الوزارة، بحسب الوسلاتي، "نشر نتائج التحقيق الذي أذن بفتحه الوزير وتحديد المسؤوليات وتحميلها كاملة لكل من أخطأ وتواطأ وأطفأ الضوء على أخطاء كهذه، إنقاذاً لما تبقى من صدقية لمنظومة تربوية متهالكة".

جملة أخطاء

وكان المؤرخ وأستاذ التعليم العالي في تونس أحمد الباهي أشار إلى 13 خطأ في درسين من كتاب التاريخ للسنة الثامنة أساسي.

وأكد الباهي، في رسالة نشرها كاتب عام نقابة الثانوي لسعد اليعقوبي، الأحد 28 أغسطس (آب) 2022، أنه اكتشف الأخطاء بالصدفة، معلناً أن القائمة التي قدمها والتي تتضمن (13 خطأ)، تهم فقط الدرسين الأول والثاني وعنوانهما: محاولات توحيد بلاد المغرب والأندلس، ثم أفريقيا في العهد الحفصي.

ومن ضمن الأخطاء التي لفت إليها الباهي خريطة تشير إلى أن القيروان عاصمة لبني زيري، فيما كانت المنصوريّة هى العاصمة، وأن دولة بني زيري لم تسقط سنة 1100 بل سنة 1160، وكذلك لم تسقط دولة بني حمّاد سنة 1082 بل سنة 1152.

كما أشار الكتاب إلى دولة موريتانيا الحالية باسم "موريطانيا"، وذكر أن المرابطين اعتبروا ما سوى المذهب المالكي بدعة، وهذا غير صحيح، كما أشير إلى الشريف الغرياني صاحب كتاب المُشرق، والصحيح أنه الشريف الغرناطي، وغيرها من الأخطاء.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي