Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النقابات الأمنية التونسية تدخل في صراع مع قيس سعيد

رفضت اقتراحه اتحادها في جسم نقابي واحد في ظل مواقف سلبية ترى فيها "تهديداً للبلاد"

اعتبرت النقابة الأمنية أن الدعوة إلى توحيد النقابات الأمنية تذكر بمحاولة تركيع النقابات بضمهم إلى هيكل واحد (أ ف ب)

عبرت النقابة التونسية لقوات الأمن الداخلي عن رفضها دعوة الرئيس قيس سعيد إلى إنشاء هيكل نقابي موحد تحت اسم "الاتحاد العام التونسي لقوات الأمن الداخلي". وجاء اقتراح سعيد بعد دعوات حقوقيين في تونس إلى حل النقابات الأمنية بعد أحداث اعتبروا أن النقابات الأمنية تسببت فيها، وتمثلت في التدخل الأمني خلال عروض فنية والتهديد بالانسحاب من تأمينها.
المكسب النقابي
واستقبل الرئيس التونسي، الأربعاء 10 أغسطس (آب) الحالي بقصر قرطاج، وزير الداخلية توفيق شرف الدين وتناول معه الوضع العام في البلاد وضرورة تأمين المواطنين في كل مكان وتحت أي ظرف. وفي هذا الإطار، أكد قيس سعيد أن "الحق النقابي بالنسبة للأمنيين حق معترف به دستورياً، ولكن الدستور ذاته ينص على أن هذا الحق لا يشمل الإضراب، وأن عدم تأمين أي تظاهرة تحت أي ذريعة كانت هو إضراب مقنع وإخلال بالواجب المهني". ونوه الرئيس التونسي بالجهود التي تبذلها قوات الأمن للحفاظ على الأشخاص والممتلكات، والمحافظة أيضاً على حرية التعبير.
وجدد رئيس الدولة دعوته إلى "توحيد نقابات الأمن الداخلي في هيكل واحد يقوم على أساس الانتخاب ويقتصر على الجوانب الاجتماعية دون سواها". وذكر رئيس الجمهورية، في هذا السياق، بأنه كان قد تقدم بهذا المقترح منذ عام 2012 لإنشاء هيكل نقابي موحد هو "الاتحاد العام التونسي لقوات الأمن الداخلي"، إلا أن نقابات الأمن رفضت اقتراح سعيد، ونشرت نقابة قوات الأمن الداخلي موقفها في بيان على صفحتها الرسمية عبر موقع "فيسبوك"، جاء فيه أن "التعددية النقابية مكسب للجميع، فيها اختلاف في الرأي وفي المواقف كلها تصب في مصلحة الأمني وتبقى مكسباً لكل الأمنيين".
وتعتبر النقابة الأمنية أن الدعوة إلى توحيد النقابات الأمنية "تحيلنا إلى محاولة تركيع النقابات بضمهم لهيكل واحد". وأضافت نقابة قوات الأمن الداخلي في ذات البيان، "نحن نريد أن نكون أحراراً، لا ننضوي تحت أي كان، وليس من المفروض أن تدعو السلطة إلى توحيد النقابات، بل من المفروض أن نتوحد بنفس الموقف والرأي والتحركات".
كما ترى النقابة أن "المبادرة بتوحيد الهياكل النقابية يجب أن تصدر عن النقابات ولا يكون ذلك بإملاءات من السلطة". وأضافت، أن "التعددية النقابية موجودة في كل دول العالم، وتونس ليست استثناء".
ولم يفت النقابة تأكيد واجب أفرادها في فرض الأمن بالبلاد، لكنها هددت أي شخص يحاول أن يهدد المكسب النقابي الأمني، قائلة "نحن موجودون ولن نتهاون في إنجاح مكاسبنا".
دعوات إلى حل النقابات الأمنية
في المقابل، تعالت أصوات في الفترة الأخيرة خصوصاً من قبل أنصار الرئيس قيس سعيد وأيضاً من طرف حقوقيين، لحل النقابات الأمنية التي رأوا في وجودها تهديداً للبلاد.
وقال الناشط الحقوقي أبو لبابة مخلوف، إن "من الأولويات التي دعا لها داعمو مسار 25 يوليو (تموز)، ضرورة وضع بعض القوى في حجمها الحقيقي، لأن خطورتها بنفس خطورة حركة النهضة الإسلامية".
وأوضح مخلوف، أنه "مرحلياً، يجب الانخراط في كل المعارك التي تساعد على وقف مسلسل الإفلات من العقاب وحل النقابات الأمنية التي تكرس هذا التوجه، فاليوم وزارة الداخلية لم تعد تعمل لفائدة الأحزاب أي حزب التجمع قبل 14 يناير، والنهضة بعد الثورة بل أصبحت تعمل لصالحها الخاص، وذلك عبر النقابات الأمنية".

خيبة المسعى

من جهة ثانية، دعا الصحافي خليفة شوشان صراحة إلى "وضع حد لعربدة النقابات الأمنية"، مفسراً أن "هذا المطلب أصبح أكثر من ملح ولا يقبل التأجيل بأي تعليلات واهية تكتيكية سياسية". وأضاف أن "القانون يجب أن يطبق على الجميع وأولهم المؤتمنون على تطبيقه وإلا يا خيبة المسعى، وكأنك يا سعيد ما غزيت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وواصل شوشان، "تجربتنا المريرة مع هذه المركبات الأمنية تجعلنا لا نجامل في مثل هذه القضايا".

ويشار إلى أن "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" حذرت من "مخاطر تحول الجهاز الأمني المناط بعهدته تأمين العروض الفنية إلى هيئة رقابة... ليصبح وصياً على الذوق العام وعلى حرية الفن والإبداع بل وهيئة قضائية موازية".
يذكر أنه سمح بتكوين هذه النقابات الأمنية بمقتضى المرسوم رقم 42 لعام 2011 المؤرخ في 25 مايو (أيار) 2011، الذي حل محل القانون المتعلق بضبط القانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي، وهذا المرسوم هو نتاج عملية تفاوض بين الأمنيين المجتمعين في نقابات منذ يناير (كانون الثاني) 2011 من جهة، والإدارات العامة لوزارة الداخلية من جهة أخرى.

الغاية نبيلة والتحديات كبرى

من جهة تساند تعدد المشهد النقابي، رأى رجل القانون وليد الوقيني أن هذا التعدد "أسهم بشكل كبير في تحقيق مكتسبات عدة لأبناء المؤسسة الأمنية، كتحسين ظروفهم المهنية والمادية"، مضيفاً أنه "في الواقع إن هذه التعددية لم تمس بالمرة بوحدة المؤسسة الأمنية وصلابتها، بل على العكس، في أضعف الفترات التي عاشتها المؤسسة الأمنية خلال السنوات العشر الماضية وجدنا نقابات وقفت في وجه آلة اختراق المؤسسة الأمنية وكشفت حقائق ذات علاقة بعالم الإرهاب، حتى إن ماكينة الإرهاب والفساد وجدناها في السنوات الأخيرة تسعى جاهدة لضرب العمل النقابي الأمني بدعوى التوحيد والاكتفاء فقط بالجانب الاجتماعي".
وزاد الوقيني، "ربما الطرح اليوم مختلف، لكن في الواقع لن يكون حلاً، باعتبار أن هذا السلوك السياسي سيكون أول سلوك سياسي فيه خرق لدستور 2022 باعتبار أن عملية التوحيد على يد السلطة السياسية لا بإرادة نابعة من منتسبي المؤسسة الأمنية، يعد تعدياً على حرية العمل النقابي وحرية التنظيم وكذلك مثل هذا السلوك في هذا التوقيت بالذات سيعطي رؤية خاطئة لمسار 25 يوليو".
إلا أن الوقيني رأى أيضاً أن "الدعوة إلى توحيد النقابات غايتها نبيلة، فتوحيد العمل النقابي له إيجابيات مثلما له سلبيات، لكني أرى أن الواقع لم ينضج لتحقيق ذلك والحكمة والحنكة تقتضيان التريث في هذا الصدد، فالبلاد أمامها تحديات جمة تقتضي وحدة كل التونسيين حولها وأن يكونوا على قلب رجل واحد".

المزيد من العالم العربي