Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

20 عاماً على مجموعة العشرين... هل من آلية جديدة؟

القمة تواجه تحدياً اقتصادياً جديداً... وأميركا الطرف الرئيس في جميع الفعاليات الثنائية

تضم قمة العشرين زعماء دول العالم التي تملك أكبر وأقوى اقتصاد (أ.ب)

تتطلع أنظار العالم إلى قمة (مجموعة العشرين) في أوساكا باليابان خلال عطلة نهاية الأسبوع، إذ يجتمع زعماء دول العالم التي تملك أكبر وأقوى اقتصاد، وضيف هذه القمة رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب هو نجم القمة المتوقّع، على الأقل حسب التغطية الإعلامية العالميّة، كما كان في قمتي 2017 بهامبورغ (ألمانيا)، و2018 ببوينس آيرس (الأرجنتين). ولا يقتصر الأمر على الجدل، الذي يثيره أينما حلّ وصرّح أو غرّد، إنما لأن القضية الرئيسيّة التي تواجه الاقتصاد العالمي الآن هي "الحرب التجارية"، التي أطلق لها العنان.

 

في مقدمة القضايا المختلفة التي تناقشها (قمة العشرين) بأوساكا الصراع التجاري بين أكبر وأقوى اقتصادين بالعالم: الأميركي والصيني. وإذا كان المراقبون لا يعلقون آمالاً كبيرة على آلية القمة لحل هذا الخلاف فإن تركيز الاهتمام الإعلامي هو على القمة (الأميركية - الصينية) بين الرئيس دونالد ترمب ونظيره شي جين بينغ.

وقبل التعرض إلى (قمة العشرين)، وما هو متوقّع منها في مواجهة الحرب التجارية العالميّة واحتمالات الركود الاقتصادي وقضايا المناخ وغيرها، ومدى فعالية تلك الآلية لضبط مسيرة الاقتصاد العالمي، نستعرض بسرعة ماهية تلك المجموعة.

تاريخ مجموعة العشرين
تشكَّلت مجموعة العشرين في عام 1999، أي قبل عقدين بالتمام والكمال، من دول السبع وعدد من الاقتصادات الصاعدة بالعالم، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي. وكان تشكيلها ضرورةً في أعقاب أزمة العملات الآسيوية عام 1997، التي كادت تهوي بالنظام المالي والاقتصادي العالمي.

وعلى مدى عامين، التقى وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية من الدول السبع نظراءهم من دول أخرى ينمو اقتصادها ويزداد قوةً لبحث الإجراءات الضرورية لإنقاذ النظام المالي والاقتصادي العالمي من تبعات أزمة العملات الآسيوية واتخاذ التدابير الكفيلة بالحيلولة من دون تكرارها.

وفي 1999 تشكَّلت المجموعة، التي ظلت سنوات منتدى لمحافظي البنوك المركزية ووزراء الماليّة، قبل أن تتحوّل إلى قمة لزعماء دول المجموعة في 2008 مع الأزمة المالية العالميّة الناجمة عن انهيار قطاع الرهن العقاري في الولايات المتحدة.

وتعتبر مجموعة العشرين أهم وأقوى آلية في العلاقات الاقتصادية الدولية، كما أصبحت في السنوات الأخيرة تتجاوز الاقتصاد إلى السياسة ومنظومة العلاقات الدولية عموماً في كل المجالات.

وإلى جانب القمة السنوية للمجموعة (G 20) هناك منتديات للدول العشرين تعمل بالتوازي منها: منتدى الأعمال B 20، ومنتدى المجتمع المدني C 20، ومنتدى سوق العمل  L 20، ومنتدى البحوث والدراسات  T 20، ومنتدى الشباب Y 20، كل منها عبارة عن تجمّع من الدول العشرين يعمل في مجاله.

توسّع الضرورة
في سبعينيات القرن الماضي، وبعد توقف "آلية الذهب" الناتجة عن اتفاقات بريتون وودز، تشكّلت مجموعة السبع (G 7) من دول الاقتصادات الرئيسية في العالم الرأسمالي لتدبّر استمرار النظام العالمي بعد نهاية ربط الدولار الأميركي بالذهب.

قاعدة الذهب تلك أطلقتها بريطانيا العظمى قبل ذلك بعقود في ظل بروز الدولار الأميركي عملةً احتياطيةً رئيسيةً في العالم ومخزن قيمة للثروات.

تشكّلت مجموعة السبع وقتذاك من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان وكندا وفرنسا وإيطاليا. وفي مرحلة لاحقة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وبروز روسيا كانت الاجتماعات لفترة تستضيف روسيا فيما عرف باسم "مجموعة الثماني" (G 8) أو مجموعة السبع زائد واحد (G 7 + 1).

مع بروز الاقتصادات الصاعدة، خصوصاً الدول الأربع المسماة مجموعة البريكس (BRICS)، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، كان من الضروري ضمها إلى المجموعة القائدة الاقتصاد العالمي. لكن الأزمة الآسيوية دفعت نحو توسيع "القيادة الاقتصادية والمالية" للعالم بضم بقية دول العشرين، وهي إضافة إلى دول مجموعة السبع ومجموعة بريكس: الأرجنتين وأستراليا وتركيا والسعودية والمكسيك وإندونيسيا وكوريا الجنوبية.

وهكذا تتكوّن مجموعة العشرين من الدول السبع (7)، وبريكس (5)، و7 اقتصادات صاعدة أخرى، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.

وجاءت الإضافة مع ترسّخ العولمة الاقتصادية والمالية وزيادة الاعتماد المتبادل ما بين اقتصادات الدول، باعتبارها "توسع ضرورة" لمواجهة تحديات الاقتصاد العالمي، والسعودية هي الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين، وشاركت في أول قمة لها في 2008 لمواجهة الأزمة المالية العالمية.

تحديات عالمية
تضم الدول العشرون التي تتشكّل منها المجموعة ثلثي سكان العالم، وما يصل إلى 85% من حجم الاقتصاد العالمي. وهذا كفيلٌ بجعل القمة آلية مهمة للتنسيق والاتفاق على ما يمكن عمله لضمان استقرار النظام الاقتصادي بالعالم. إلا أن السنوات الأخيرة، خصوصاً ما بعد الأزمة المالية العالمية السابقة، شهدت تراجعاً في فاعلية مجموعة العشرين كآلية لضبط وتطوير النظام الاقتصادي العالمي.

ولا تقتصر التحديات على السياسات الأميركية في العامين الأخيرين، كما يتصوّر كثيرٌ من المعلقين والمحللين الذين يتخذون موقفاً مسبقاً من الرئيس الأميركي دونالد ترمب وسياساته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رغم أن انسحاب أميركا من اتفاق باريس للمناخ لعام 2016 والحرب التجارية مع الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة وغيرها تؤثر بشدة في الاقتصاد العالمي وتحدّ من قدرة مجموعة العشرين على مواجهتها.

إنما يمكن القول إن التريليون دولار، التي اُتفق عليها في (قمة العشرين) خلال الأزمة المالية العالمية والمخصصة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لمساعدة الاقتصادات النامية على مواجهة الأزمة كي لا ينهار النظام، كانت آخر خطوة كبيرة للمجموعة.

أمَّا سياسات مواجهة الأزمة عبر السياسات النقدية، من خفض الفائدة وطبع النقد (التيسير الكمي) وشراء سندات الدين من قبل البنوك المركزية فكانت محل سياسات متباينة من الدول الأعضاء، وإن جاءت ضمن اتفاق عريض في إطار المجموعة على أنها الإجراءات اللازمة لنمو الاقتصاد.

ذلك التباين في السياسات النقدية والاقتصادية للدول الأعضاء يجعل من المجموعة مجرد "منتدى لتبادل الأفكار" أكثر منه آلية لاتخاذ إجراءات وخطوات ملزمة.

أضف إلى ذلك أن المجموعة ما زالت تتكوّن من عدة مجموعات، فمجموعة السبع تجتمع وحدها للتنسيق بشأن اقتصادات الدول الصناعية الرأسمالية الرئيسية. وكذلك بريكس مثلاً تجتمع وحدها أيضاً للتنسيق فيما بينها وبشأن قضايا الاقتصاد العالمي.

ثنائيات على حساب المجموعة
وبما أن المجموعة أصبحت أيضاً فرصة للقادة في قممهم السنوية لمناقشة مختلف قضايا العلاقات الدولية لا الاقتصادية والمالية منها فحسب، فإن ذلك أيضاً مثّل تحدياً لها كآلية لضبط الاقتصاد العالمي، وأصبحت اللقاءات الثنائية والقمم المصغرة على هامش قمة مجموعة العشرين أكثر أهمية من القمة الرئيسية نفسها.

فالقمتان (الأميركية - الصينية)، و(الأميركية - الروسية) في أوساكا تحظيان باهتمام إعلامي أكبر من قضايا جدول أعمال قمة العشرين. كذلك ستسعى اليابان وكوريا الجنوبية وبعض الأطراف الأوروبية الحاضرة القمة، إلى طرح أزمات مثل كوريا الشمالية وإيران والبريكست في لقاءات ثنائية أو متعددة الأطراف.

لكن تظل الولايات المتحدة الطرف الرئيس في كل الفاعليات الثنائية أو متعددة الأطراف لسببين: أولاً هي طرفٌ رئيسٌ في جميع الأزمات والتحديات، وثانياً الاقتصاد الأميركي يظل قاطرة الاقتصاد العالمي رغم التطور الهائل لنظيره الصيني.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد