Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ما وراء أسطورة ماجيلان" إمبريالي فاشل أحرق القرى وأزهق الأرواح

كتاب جديد لمؤرخ بريطاني ينزع به أكاليل الغار عن الملاح البرتغالي الشهير ويكشف إخفاقه في حياته ورحلته

لوحة تظهر ماجلان بين بحارته (غيتي)

يفترض أن يشهد شهر سبتمبر (أيلول) المقبل اكتمال سبعة قرون على أول دوران ملاحي مسجل حول الأرض. ويفترض أن الفضل في ذلك الإنجاز الكبير منسوب إلى ماجيلان، الملاح البرتغالي الذي طبقت شهرته الآفاق، وعبرت سيرته بين الحقب. ويفترض من ثم أن يتجدد الاحتفال باسم ذلك المغامر الذي يحتل في تاريخ الحضارة الإنسانية مكانة تطاول أبطال الأساطير، لولا أن بعض ذلك لم يحدث، وبعضه لا ينبغي أن يحدث.

ففي كتاب حديث الصدور عنوانه "مضائق... ما وراء أسطورة ماجيلان"، يكرس المؤرخ البريطاني فيليبي فرناندز أرمستو جهده لتبديد كثير مما تقوم عليه أسطورة ماجيلان، ولنزع أكاليل الغار التي كرمه بها التاريخ على مدار القرون السبعة الماضية، ولزعزعة اسمه المحفور على جامعات وشركات ومشاريع وأوسمة وجوائز. والحق أننا لا نعدم، حتى على مواقع إنترنت في مستوى موثوقية "ويكيبديا"، من يصحح لنا الخطأ الشائع، فينفي عن ماجيلان أكذوبة أنه "أول من دار في رحلة بحرية حول كوكب الأرض"، لكننا لا نصادف كثيراً من يجرؤ أن يجهر مثل فرناندز أرمستو بقوله إن "كل ما نعرفه عن ماجيلان زائف" وإن ماجيلان "لم يكن يعرف أي شيء تقريباً عن الإبحار" وإن "رحلته وحياته كلتيهما كانتا فشلاً محققاً". فتلك ثقة لا تتأتى لكثيرين.

فيليبي فرناندز أرمستو كاتب تصدرت بعض كتبه قوائم الأكثر مبيعاً، وصحافي، وأستاذ كرسي وليام بي رينولدس للفنون والآداب في جامعة نوتردام، ومؤرخ وصفته "صنداي تايمز" بأنه "أحد أفضل المؤرخين الأحياء". من بين كتبه التي تربو على العشرين "ما قبل كولمبوس... الاستكشاف والاستعمار من حوض البحر الأبيض المتوسط إلى الأطلنطي 1229-1492" (1987)، و"كولمبوس" (1991) و"الحضارة" (2000)، و"تاريخ الغذاء... قرابة ألف مائدة" (2001) و"أفكار غيرت العالم" (2004)، و"موجز تاريخ الإنسانية" (2004)، و"1492... السنة التي بدأ فيها العالم" (2009)، وهو حاصل على عديد من الجوائز والتكريمات، منها وسام جون كارتر براون، ووسام كيرد من المتحف البحري الوطني في المملكة المتحدة، وجائزة الكتاب من الاتحاد العالمي للتاريخ، ووسام المئوية الثالثة من جمعية الآثار، فضلاً عن تكريم ملك إسبانيا له في عام 2017 لما قدمه من خدمات للعلوم والفنون.

في كتابه الأحدث "مضائق" (الصادر في ثلاثمئة وثمانين صفحة عن مطبعة جامعة كاليفورنيا)، يحاول فيليبي فرناندز أرمستو أن "يبدد الأساطير، وينفذ إلى الحقيقة" في ما يتعلق بمنجزات ماجيلان، وإخفاقاته، وأن يرسم صورة حقيقية لرجل ضمن مكاناً في الخيال والوعي الجمعي ربما يغنيه عن حقائق المؤرخين أو بالأحرى يعصمه منها.

قصة رحلة بحرية

يحكي الكتاب، كما يوجز ناشره، "قصة رحلة بحرية كانت في واقع الأمر من أشد الرحلات الاستكشافية كارثية في التاريخ البحري، لكنها تعد الآن من أعظم الانتصارات في ذلك التاريخ، وقصة رجل فشل في كل شيء شرع في القيام به تقريباً، لكنه الآن يعد من جملة أعظم أبطال الحداثة".

أما عن الرحلة البحرية، فخطوطها العامة وملامحها الأساسية معروفة... انطلق ماجيلان من إسبانيا، باتجاه الغرب، رغبة في الوصول إلى آسيا، وكان عليه من أجل ذلك أن يبحر حتى بتاغونيا في جنوب أميركا الجنوبية عسى أن يصادف ممراً من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، ليتقدم في سبيل وجهته التي لم يكن يعرف لها موقعاً دقيقاً هي الأخرى.

ولكن الرحلة الأخرى، أعني رحلة ماجيلان من الميلاد إلى الوفاة، فالمعلومات عنها شحيحة. ويعترف الكاتب بندرة ما يمكن الاعتماد عليه بقدر مقبول من اليقين، لكنه يرتب المتاح من الأدلة ويصنفه، ولا يتورع عن "اللجوء إلى الخيال المنضبط بالدليل"، ويتحصن بالاستناد إلى "دراسته الطويلة للموضوع"، إذ يتضح من عناوين بعض كتبه أنه يألف تماماً الإبحار في مياه تلك الحقبة من تاريخ العالم، وبخاصة إسبانيا والبرتغال، مضيفاً ذلك إلى درسه الشامل للمصادر حتى المكتوب منها بالإسبانية ليقدم ما يقول بثقة إنه "أكثر إظهاراً [من الكتب السالفة في الموضوع] لما كان عليه ماجيلان بحق" ربما لأنه أكثر إظهاراً لما كان عليه عصر ماجيلان سياسياً، وأكثر تمهلاً أمام دقائق رحلاته، بما جعل قراءة الكتاب في بعض المواضع عملاً غير يسير، مثلما تقول "آن سكي" في استعراضها للكتاب (في مجلة "نيوتن رفيو"، 24 مايو 2022).

على الرغم من كل ما حظي به ماجيلان من مجد على مدار القرون، تمثل في تسمية كثير من المؤسسات والأشياء باسمه (لدرجة أن تحمل اسمه فوهة بركانية على سطح القمر)، لكنه، كما يحرص كتاب "مضائق" أن يظهره، لم يكن المغامر البطل الذي نتصوره، فهو لم يقم بكثير مما ينسب إليه من إنجازات بحسب الشائع، لكنه بالأحرى كان شخصاً متهوراً، مشكوكاً في ولائه، ارتكب كثيراً من الأخطاء الفاحشة التي تتردى إلى حد القتل والنهب في حق سكان بعض البلاد التي قادته إليها رحلاته، وحتى الرحلة الكبرى التي حفرت اسمه في التاريخ كانت فشلاً ذريعاً، إذ خسر خلالها أغلب سفنه، ومات له بحارة، وهجره آخرون متمردين عليه ممتثلين لتحريض بعض قباطنته، ثم إن الرحلة في النهاية لم تكلل بالوصول إلى وجهتها التي خرجت من أجلها في المقام الأول، بل إن خسائر ماجيلان في رحلته تلك تمتد لتشمل حياته نفسها التي انتهت خلالها. وعلى الرغم من تلك الإخفاقات التي تصعب منازعتها، ينجح، أو ربما يفشل، فرناندز أرمستو فيرسم صورة لماجيلان تظهر جوهر الفروسية في نفسه.

ولد فرديناند ماجيلان في نحو عام 1480 على ساحل البرتغال الصخري لعائلة أرستقراطية، أنشأته منذ نعومة أظافره في بلاط الملك البرتغالي مانويل بلشبونة، وهناك تشرب روح الفروسية السائدة في عصره، وازداد امتلاءً بها من خلال ما قرأه من الحكايات الرائجة عن الفرسان الجوالين، فضلاً عن امتلائه بحماسة الإيمان بالمسيحية التي جعلته يشرع في تنصير سكان جزر الفيليبين على الرغم مما جره ذلك عليه من عواقب. غير أن صورة الفارس تلك يعتريها شيء من دون كيخوته بقول فرناندز أرمستو إن ماجيلان "نادراً ما أبدى الحكمة، لكنه لم تنقصه الشجاعة قط".

تبديل ولاء

انضم فرديناند ماجيلان اعتباراً من عام 1505، إلى حملات بلده في الهند وأفريقيا في ظل سعي البرتغال إلى الظفر بنصيب من تجارة التوابل المربحة آنذاك. ويبذل الكاتب جهداً كبيراً في وصف التعقيدات السياسية والاقتصادية في العالم الذي ولد فيه ماجيلان، وينجح في ملء فجوات بواكير حياته، وزواجه، ومغامراته التجارية، ثم يولي اهتماماً خاصاً لتجاربه الحربية في حملات البرتغال الاستعمارية على طول الساحل الشرقي لأفريقيا، ثم تخليه عن ولائه للملك البرتغالي اعتراضاً على عدم حصوله على ما كان يرى أنه جدير به من تقدير، فيستبدل بولائه للعاهل البرتغالي ولاء للملك الإسباني شارل الخامس، لكنه ولاء لم يمنعه أيضاً من الخروج على أوامره لاحقاً كما سنرى في السطور التالية.

في ذلك العصر، كانت إسبانيا والبرتغال، وهما القوتان العظميان في العالم، ملتزمتين بتقسيم بابوي كنسي لمحيطات العالم يرجع إلى القرن الخامس عشر، ويقوم على أساس المعلومات الجغرافية المستقرة آنذاك والتي كانت تعرف دوائر العرض، لكنها لم تعرف خطوط الطول بما فتح المجال أمام كثير من النزاعات. وبموجب ذلك التقسيم الجغرافي المشكوك في صحة ما استند إليه من معلومات، كانت جزر الملوك Moluccas، أو جزر مالوكوس أو مالوكو، أو جزر التوابل، تابعة للبرتغال وخاضعة لاحتلالها. وكانت أهمية تلك الجزر تتمثل في كونها مصدراً لبعض أهم التوابل المعروفة في العالم آنذاك، ومنها جوز الطيب والقرنفل، لكن ماجيلان استطاع أن يقنع شارل الخامس بأن جزر الملوك في الحقيقة أرض إسبانية لا برتغالية. فوافق شارل على تمويل حملة استكشافية للبحث عن طريق إليها لا يمر بطريق رأس الرجاء الصالح الذي كان يستعمله البرتغاليون ويسيطرون عليه عند طرف أفريقيا الجنوبي.

 

انطلق ماجيلان على رأس خمس سفن، تحمل على متنها مئتان وأربعة وثلاثون رجلاً. ويصف فرناندز أرمستو أهوال تلك الرحلة وصفاً يكاد معه القارئ يراها رأي العين على حد قول "آن سكي"، عبرت السفن، ابتداء، المحيط الأطلسي ميممة شطر الطرف الجنوبي الأقصى من أميركا الجنوبية بهدف البحث هناك عن ممر إلى المحيط الهادئ تبحر منه إلى المحيط الهندي وجزر التوابل. وبسبب الرياح المعاكسة والعواصف، أنهكت السفن، وندر الطعام، وبدأ الرجال يمرضون بالإسقربوط إلى درجة الهلاك، فقرر ماجيلان أن يرسو في سان جوليان بالأرجنتين إلى حين انتهاء فصل الشتاء واعتدال الطقس. شهدت تلك الإقامة في ساحل الأرجنتين تمرداً من بعض البحارة، وحالات إعدام، وقتل وخطف لأهل البلد وإحراق لقرى. وفي أبريل (نيسان)، بعث ماجيلان إحدى السفن للقيام بمغامرة استكشافية فعثرت على "مصب نهر جذاب" لكن عاصفة قضت على السفينة وألقت ببحارتها على الساحل. فتعين على اثنين من أولئك الناجين أن ينطلقا في مسيرة يومين عبر الجليد، إلى أن وصلا إلى ماجيلان فأرسل للباقين فريق إنقاذ. ولما عثر ماجيلان ورجاله أخيراً على المضيق الذي يصل بين المحيطين الكبيرين، تبين أنه طويل، ومتعرج، وأن عبوره مرهق، "ولم يترك إكمال الطريق إلى المحيط شكاً في أن المضيق يعد عقبة أكثر مما يعد ممراً"، وأن رحلة ماجيلان باءت بالفشل.

كان المضيق الواصل بين المحيطين شديد البعد عن إسبانيا، والطريق إليه شاقاً، والطقس قارس البرودة، والطعام نادراً وغير مفيد، والرياح معاكسة، والسواحل شديدة الخطورة. فما كان لطريق ماجيلان، حتى إذا ما أدى في نهاية المطاف إلى جزر التوابل، أن ينافس الطريق الأسرع الذي سيطر عليه البرتغاليون.

باتجاه الكارثة

قرب نهاية المضيق، الذي يحمل اليوم اسم ماجيلان، خالف المغامر نصائح ضباطه وقباطنته، ولم يرضخ لتوسلاتهم جميعاً بأن يكتفي بما حقق من عثور على ذلك المضيق، وينهي الحملة ويرجع إلى إسبانيا رحمة برجاله الذين أنهكهم ذلك الجزء الشاق من الرحلة، لكن ماجيلان على حد وصف فرناندز أرمستو كان "دائماً ما يلوذ بالعناد في مواجهة الانتكاسات، كأنه مقامر مدمن لا تردعه الخسارة الواضحة"، فأصر على ألا يتخلى عن المهمة، ورفض الرجوع إلى إسبانيا، فأبحرت السفن (إلا سفينة سان أنطونيو التي تمرد بحارتها وانفصلوا عن الحملة) إلى عرض المحيط الهادئ تدفعها "الريح المواتية أعمق فأعمق باتجاه الكارثة. ولو أن المحيط الأطلنطي كان قد زاد ماجيلان قسوة، فإن المحيط الهادئ زاده حماقة وسخفاً".

لم تكن لدى ماجيلان أدنى فكرة عن مدى اتساع المحيط الهادئ، فلم يكن هو ورجاله متأهبين لأشهر "المعاناة البدنية والذهنية" الأربعة التي انقضت قبل أن تقع أعين الأسطول على جزيرتي جوام وروتا، وفيهما اعتلى بعض سكان الجزيرتين السفن، وقد بدوا ودودين في أول الأمر، لكنهم سرعان ما شرعوا ينهبون كل ما تقع عليه أيديهم، ولما "أطلقت قلة [من البحارة] النار" لاذ أولئك الغزاة بالفرار، وأمر ماجيلان بغارة ثأرية، ثم هربت السفن، لا إلى جزر الملوك، وجهتها المحددة، وإنما إلى جزر الفيليبين، في ما يعده فرنادز أرمستو عصياناً من ماجيلان لأمر الملك الإسباني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يذهب الكاتب إلى أن ماجيلان، في ما يبدو، تعمد الخروج على أوامر شارل، لما بدا له أن الفيليبين بذهبها أقيم من الملوك وتوابلها. على الرغم من أن ماجيلان شرع فور وصوله إلى جزر الفيليبين في تنصير عديد من الجزر، وتعميد أبنائها، وإقامة القداسات، لكن الذهب لا التنصير هو ما يرجع إليه الكاتب خروج ماجيلان على أوامر ملكه. يقول فرناندز أرمستو إن ماجيلان أصبح وكأنه "طامح إلى القداسة" وعازم في الوقت نفسه على تحقيق السيادة على الأرض، أو كأنه، بعبارة أكثر ألفة، بات يطلب الآخرة والدنيا معاً. وما كان لذلك النشاط الديني الحساس أن يمر بلا عواقب.

تتضارب الأخبار القليلة في شأن المعركة التي خاضها ماجيلان مع أبناء جزيرة ماكتان الفيليبينية، والتي انتهت بمقتله هو نفسه. "سارع ماجيلان إلى المعركة ضد ماكتان في اندفاع غير عقلاني، كأنه في مبارزة بين فارسين يحاول كل منهما إسقاط منافسه برمحه عن جواده"، فـ"لم يكن معه غير حفنة من الرفاق"، أو ما بين ثمانية وثلاثين وستين في بعض الروايات، في مواجهة آلاف من أهل الجزيرة. في تلك المعركة لقي ماجيلان حتفه، فلم ينجُ حتى مقتله ذلك من تفنيد فرناندز أرمستو، إذ شكك في أنه قد يكون قتلاً مدبراً أراد به ماجيلان ميتة بطولية تطغى على فشل حملته.

بعد المعركة، وما تسببت فيه من وفيات بين رجال الحملة، لم تجد سفن الأسطول الثلاث الباقية من الرجال من يبحرون بها، فأبحرت منها اثنتان فقط هما "فيكتوريا" و"ترينيداد"، ولم يكن عليهما من يعرف الطريق إلى جزر الملوك. فمضت السفينتان تهيمان.

العواقب والتمجيد

يسرد الفصل الأخير من "المضائق" وعنوانه "العواقب والتمجيد" بقية القصة. كانت السفينتان في وضع يرثى له، فترينديداد يغمرها الدود ويتسرب إليها الماء بما أعجزها عن الاستمرار في رحلة الوصول إلى الوطن، ولم يكن من بديل أمامها إلا أن ترسو لتخضع للإصلاح، بينما انطلقت "فيكتوريا" إلى إسبانيا. وحتى في رحلة النكوص الخائب تلك، تعرضت السفينة لمزيد من المصاعب والكوارث ومزيد أيضاً من الوفيات، فمن ذلك ما نجم عن انجراف "فيكتوريا" إلى مياه برتغالية، ومنها ما يرجع إلى الحالة المتدهورة التي كانت عليها واشتداد الطقس وانتشار الإسقربوط ونقص إمدادات الغذاء، ولكن على أية حال، في سبتمبر من عام 1522، رست السفينة "فيكتوريا"، بقيادة القبطان خوان سيباستيان إلكانو، على ساحل إسبانيا. وهكذا، بعد ثلاث سنين، ومن بين السفن الخمسة التي بدأت تلك الرحلة الاستكشافية عظيمة الطموح عظيمة الفشل وعلى متنها من البحارة مئتان وأربعة وثلاثون، "لم يصل من بحارة (ترينيداد) إلى الوطن غير أربعة، بينما كان ثمانية عشرة بحاراً على متن (فيكتوريا) حينما رجعت إلى إشبيلية، وثلاثة عشر بحاراً أسرهم البرتغاليون أعيدوا إلى الوطن بعدها بوقت قصير".

ينهي فرناندز أرمستو كتابه بمناقشته مرة أخرى أساليب ماجيلان "الغازي الفاشل الذي أحرق القرى وطغى على الناس وأزهق الأرواح" مدهوشاً، أو مستاءً، من أنه لم يزل موضع إعجاب. يعترف الكاتب بأن لماجيلان خصالاً جديرة بالإعجاب، لكنه يتساءل كيف يتسنى له البقاء على عرشه الآن، وقد بات بعض الأمور التي قبلها الماضي، وشاعت فيه من قبيل "الإمبريالية والعبودية وسفك الدماء والتمييز الظالم" بمثابة الجرائم في عالمنا اليوم. ويناقش ذلك بشيء من الإسهاب قد ينم عن حيرة في أمره أكثر مما ينم عن موقف صلب منه. ولعله يرجو من كتابه أن يثير نقاشاً يرمي إلى زعزعة هذا الرأي الشائع في الملاح البرتغالي الشهير.

ولعل حيرته هذه تجاه ماجيلان تتضح في قوله أخيراً إن "روح المغامرة قد تفضي بأتباعها إلى الضلال، ولعلها تقودهم في كثير من الأحيان إلى الجشع والنهب، لكن أولئك [المغامرين] جديرون بأن تحسب لهم تلبيتهم لنداء تلك الروح، فأين كنا لنصبح الآن لولا ذلك؟ وأين كنا لنصبح لولا أولئك؟".

عنوان الكتاب: Straits: Beyond the Myth of Magellan 

تأليف: Felipe Fernandez-Armesto

الناشر: University of California Press

اقرأ المزيد

المزيد من كتب