Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أولاد القطار يعودون": يخلو من الكلام المفيد في مسألة التمييز العرقي

القصة صادقة ولكنها مبسطة وترقص بشكل خطير قريباً من أسلوب التنقيح التاريخي المحافظ الذي يبيض الماضي العنصري لبريطانيا

الأطفال في الفيلم يضعون قواعدهم الخاصة للأشياء ويؤلفون تجمعاتهم وحسهم الأخلاقي (أولاد القطار يعودون)

إنها سنة 1944، و"بوبي"، بطلة "أولاد القطار" The Railway Children (جيني أغوتير)، لم تتغير البتة طوال العقود التي مرت مذ رأيناها آخر مرة. غدت أكبر عمراً، نعم، لكنها ما زالت تعتمر قبعة صوف مثبتة بإحكام على رأسها والنار تتوهج من عينيها لتجعلك توقن أنها قادرة بمفردها على تحريك جبل وقلبه رأساً على عقب. وفي سنة 1905– كانت أغوتير لم تتجاوز بعد الثامنة عشرة من عمرها عندما أدت في سنة 1970 بطولة فيلم يستند إلى رواية أي نيسبت E Nesbit الشهيرة– كان قد جرى إرسال بوبي وأخويها، فيليس وبيتر، إلى ريف يوركشاير بعد أن اتهم والدهم بالتجسس. وهناك لم يضيع الأولاد وقتهم، فتصادقوا مع روائيين روس منفيين، وعملوا، عبر التلويح بأعلام كثيرة وإطلاق الصيحات، على تحذير القطارات من انهيارات أرضية وشيكة. اليوم بعد انتظار طويل وفي الجزء الجديد من الفيلم الذي عنون "أولاد القطار يعودون" The Railway Children Return، سئلت بوبي عن جميع تصرفاتها الغريبة القديمة. يأتي ردها الصارم: "ليست تصرفات غريبة"، "بل أفعال".

على أن براعة النص الروائي الأصلي الذي كتبته أي نيسبت لا تأتي فقط من الأجواء الإنجليزية– التلال الخضراء، والسترات الخشنة، وآداب التصرف– بل من الجدية التي تتناول من خلالها عالم الأطفال. فأولئك الأطفال (بوبي وأخواها)، المفصولون عن أهلهم، والمنهمكون جداً بهمومهم ومشاغلهم، يضعون قواعدهم الخاصة للأشياء ويؤلفون تجمعاتهم وحسهم الأخلاقي. ويبنون حياتهم كما يشاؤون. ومن المطمئن في مكان أن نرى ذاك النوع من الثقة قد انتقل بأمانة إلى الجيل الذي ولد بعدهم، بخاصة في عصر يبدو فيه جزء كبير من إعلامنا فاشلاً في احترام أبسط أسس الذكاء عند المشاهدين الشباب والصغار. ثمة مسحة من الحماقة بادية من دون شك في كيفية توهج ذاك الأمر في التاريخ، لكن الأمر يبقى أفضل وأكثر تطوراً من السائد الذي نعتاد عليه.

يمثل "أولاد القطار يعودون" تكملة جزئية للفيلم الأصلي، وإعادة إنتاج جزئية له، وفي جانب آخر مقاربة جديدة تتضمن استعادات خفيفة، مختارة بدقة، موجهة لعشاق الفيلم (يقوم الأطفال مرة أخرى، عبر الصياح والتلويح بالأيدي، بإيقاف قطار عابر). وقد صورت المشاهد أيضاً في بلدة ويست يوركشاير الواقعة قرب هاورث وأوكوارث. كل ما تبدل في الحقيقة يتمثل في تحول بسيط في المقاربة بغية التكيف مع الوعي الاجتماعي الحديث، كما يقدم الفيلم مجموعة جديدة من الأولاد – ليلي (بو غادسدون)، باتي (أيدين هاميلتون) وتيد (زاك كادبي)– يستقلون قطاراً متوجهاً من سالفورد إلى ريف يوركشاير. وهؤلاء ليسوا سوى ثلاثة من ملايين الأولاد الذين تم إجلاؤهم من المدن البريطانية خلال الحرب حين كانت القنابل تسقط فوق مناطق سكنهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحين تصل تلك المجموعة من الأولاد إلى محطة قطارات أوكورث، يكون أفرادها آخر من يدعون للالتحاق بدار رعاية، إذ إن مهمة إطعام ثلاثة أفواه جديدة جائعة لم تكن مهمة سهلة توكل لأناس يقومون سلفاً بتضحيات هائلة، بيد أن بوبي تصر على أخذهم كي يعيشوا مع ابنتها آني (شيريدان سميث)، وحفيدها توماس (أوستن هاينيس). ويعيش هؤلاء تحت شعار "حافظوا على الهدوء واستمروا في العمل"، لكن ليس وفق الطريقة التي باتت كلمات هذا الشعار اليوم تحور باتجاهها كي تعبر عن لا مبالاة وطنية. لا، إذ إن النساء الراعيات في الفيلم يبذلن جهدهن للحفاظ على جانب من السذاجة في الأولاد، فيتسنى لهم استمرار العيش كأولاد حتى لو كان العالم حولهم ينهار. ويجول كاتب الفيلم داني بروكلهيرست بحذاقة بين الظلام والبراءة، بين تذكر ليلي وداعها لأبيها وهو يغادر للقتال في الحرب، وتشكي الأولاد اللاجئين من رعاتهم الجدد الذين لا يتوانون عن مداعبة أصابع أقدامهم وإطلاق الريح بقوة ومن دون تحفظ.

وفي خضم مغامراتها، وعن طريق الصدفة، تلتقي مجموعة الأولاد الثلاثة الرئيسة في الفيلم بولد يدعى آيب (كينيث آيكنس). وهو جندي أميركي أسود التحق بالجيش في عمر الرابعة عشرة كي يتبع شقيقه إلى الحرب، لكنه ترك الجيش إثر هجوم عنصري من قبل الشرطة العسكرية لفوجه في حانة محلية. وتلك الحادثة كانت مستوحاة من "معركة جسر بامبر" التي وقعت سنة 1943 في لانكاشاير. على أن الاستقبال الحار في بريطانيا الذي حظي به الجنود الأميركيون السود، في المقابل، لم يسهم إلا في تسليط مزيد من الضوء على وحشية الفصل والتمييز العرقي. وذاك ساعد، على طريقته الخاصة، في حشد التأييد لحركة الحقوق المدنية.

لكن، يا ترى، هل يتضمن "أولاد القطار يعودون" أي مغزى ليقوله عن التمييز العرقي؟ الجواب، غير المفاجئ، هو لا. فالمرء يشعر بأن الحبكة المتعلقة بـآيب قدمت ببساطة كمحاولة للدفاع عن صوابية الاستمرار بهذا الفيلم وصنع جزء جديد منه، إذ من الصعب بعض الشيء ابتلاع فكرة أن الأولاد الثلاثة هؤلاء، القادمين من مدينة مرفأ رئيسة مثل مانشيستر، يجهلون تماماً وجود التمييز العرقي. والأسوأ من هذا حتى يأتي عندما يبدو جنرال بارز أسود مصدوماً تماماً من المعاملة التي يلقاها آيب. القصة هنا صادقة لا بد، لكنها مبسطة بطريقة تجعلها ترقص على نحو خطير قريباً من أسلوب التنقيح التاريخي المحافظ، الناشط لتبييض صفحة الماضي العنصري لبريطانيا. بالتأكيد، لا تشعر بأن طفلاً يشاهد "أولاد القطار يعودون" سيأخذ أي شيء من الفيلم غير دروس في اللطف والتسامح، ما يقلقني هنا هو الكبار.

يعرض فيلم "أولاد القطار يعودون" The Railway Children Return في صالات السينما ابتداءً من 15 يوليو (تموز)

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سينما